«الأجندة الدوارة» مصطلح ظهر أخيراً، يشير إلى مجموعات تبادل أرقام هواتف المصادر المعلوماتية بين الصحافيين. المجموعات منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و«واتساب». أثارت «الأجندة الدوارة» الجدل بين الصحافيين والإعلاميين، بعضهم اعتبرها وسيلة لمساعدتهم في البحث عن المصادر، بينما قلل آخرون من قيمتها، وقالوا إنها تساعد الصحافي على «الكسل» وتقتل روح الإبداع والابتكار لديه.
أتاحت صفحة «قهوة الصحافيين» إمكانية الحصول على أرقام المصادر في مختلف المجالات، وذلك من خلال طلب رقم المصدر الذي يبحث عنه في تدوينة قصيرة على المجموعة، ليحصل على الرقم الذي يريده على الفور.
عن ذلك، يقول الصحافي جيلاني كساب، مسؤول العضوية والنشر بـ«قهوة الصحافيين»، إن «القهوة» إحدى أبرز المجموعات على «فيسبوك»، وتم إنشاؤها منذ ست سنوات، ووصل عدد أعضائها إلى 33 ألف صحافي، يتعاونون بشكل يومي لتبادل أرقام المصادر، ويمكن لأي صحافي يعمل في صحيفة أو موقع إلكتروني، أو طالب يدرس بإحدى كليات الإعلام، الانضمام للمجموعة، وطلب رقم المصدر الذي يريده، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن القهوة تقدم خدماتها مجاناً للأعضاء، إلى جانب تزويدهم بأخبار الفعاليات والمؤتمرات في جميع المجالات، كما تضم المجموعة في عضويتها صحافيين من «السعودية والإمارات وأذربيجان والبحرين والكويت وجنوب أفريقيا».
وقال إسماعيل الأشول، أحد الصحافيين المستفيدين من «قهوة الصحافيين» لـ«الشرق الأوسط»، إن الصفحة تساعد في أرشفة وتحديث أرقام المصادر الصحافية باستمرار، وتعميم المعرفة في أوساط الصحافيين دون احتكار، وذلك على عكس ما كان يجري في السابق؛ حيث أصبح بإمكان الصحافي الآن مهما قلت سنوات خبرته تكوين مصادر والوصول إليها بسهولة.
في المقابل، رصد محمد عبد الرحمن، رئيس تحرير موقع «إعلام دوت أورغ» أبرز الأخطاء التي ارتكبها المحررون على «قهوة الصحافيين»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «يقوم بعض المحررين بالكشف عن تفاصيل العمل الصحافي من دون داع، وذلك من خلال قيام بعض المحررين بشرح سبب حاجتهم لرقم المصدر، وذكر تفاصيل الموضوع الذي يقومون بإعداده، مما يؤثر على طبيعة مهنة الصحافة التي تقوم على التنافس والتعاون بين الزملاء، فضلاً عن وجود كثير من الأرقام دون ذكر اسم المصدر، والعشوائية في كتابة المسميات الوظيفية».
وأبدى طلعت إسماعيل، مدير تحرير صحيفة «الشروق» انزعاجه من ظاهرة «أجندة المصادر الدوارة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يقتصر دور الصحافيين على تبادل أرقام المصادر فقط، لكن يقوم بعضهم بدور (المستشار الخفي) لعدد من المصادر، لتعميم بياناتهم الصحافية على نطاق واسع، الأمر الذي يؤدي إلى تشابه المحتوى في غالبية وسائل الإعلام».
في السياق ذاته، يعلق الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، على هذه الظاهرة قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «أدت أجندة المصادر الدوارة إلى المساواة بين الصحافي المتميز والكسول الذي لا يعلم جدوى موضوعه أو مصادر موضوعه، فيحصل على المعلومات بطريقة سهلة بمعاونة زملائه، مما انعكس بدوره على نمطية وتشابه المطبوعات الصحافية، التي تتناول نفس المعالجات الصحافية بالمصادر نفسها، وهو ما أدى إلى قتل روح الإبداع والابتكار لدى الصحافيين، كما أن المصدر لن يبدع في مضمون المادة التي يقدمها حتى إذا كان متخصصاً فيها، وبالتالي يجب على الإعلاميين التفكير جيداً في نوعية المصادر المعلوماتية، التي تصلح للتغطية الإخبارية والاستقصائية والتحليلية».
أما الدكتور شريف درويش اللبان، أستاذ الصحافة ووكيل كلية الإعلام بجامعة القاهرة، فيقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك كثيرًا من المظاهر السلبية التي سببتها مجموعات تبادل المصادر، وهي أن بعض المصادر التي يتكرر ظهورها في الوسائل الإعلامية تقوم بتبديل مواقفها وفقاً للظروف السياسية في البلاد، كما أنه يجب على الصحافيين حماية خصوصية أرقام المصادر التي يتعاملون معها، من خلال عدم طرحها على المشاع بين أبناء المهنة في مجموعات تبادل أرقام المصادر».
«الأجندة الدوارة»... طوق نجاة إلكتروني لإنقاذ «الصحافي الكسول»
«الأجندة الدوارة»... طوق نجاة إلكتروني لإنقاذ «الصحافي الكسول»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة