موسكو تصرّ على {تحقيق جوهري» وترفض «تجاهل أسئلتها» في تسميم الجاسوس

محطات التلفزيون الروسية تبث اتصالاً هاتفياً تقول إنه لابنة سكريبال

لافروف خلال الاجتماع أمس (ا.ب)
لافروف خلال الاجتماع أمس (ا.ب)
TT

موسكو تصرّ على {تحقيق جوهري» وترفض «تجاهل أسئلتها» في تسميم الجاسوس

لافروف خلال الاجتماع أمس (ا.ب)
لافروف خلال الاجتماع أمس (ا.ب)

انتقلت موسكو من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم منذ إعلان رئيس مركز الأبحاث العسكرية البريطاني الثلاثاء الماضي أنه غير قادر حتى الآن على تأكيد أن غاز الأعصاب المخصص للأغراض العسكرية الذي استخدم على الأراضي البريطانية في هجوم على العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال وابنته الشهر الماضي أنتج في روسيا. وبدأت موسكو حملة دولية ضد بريطانيا بتوجهها أولا إلى المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي تطالب بتحقيق دولي تكون حاضرة فيه. وفي الأمس حذرت لندن من أنه لا يمكنها تجاهل «أسئلتها المشروعة»، وذلك قبل ساعات من اجتماع مجلس الأمن الدولي لمناقشة هذه القضية التي تسبب توترا بدرجة غير مسبوقة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع حول الأمن في موسكو «نصرّ على إجراء تحقيق جوهري ومسؤول». وأضاف: «لن يكون ممكنا تجاهل الأسئلة المشروعة التي نطرحها، كما أكدت المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية في الاجتماع الذي دعت إليه روسيا». وتابع لافروف «منذ فترة طويلة لم نر جهلا كهذا بالمبادئ الأخلاقية الدبلوماسية، وبالقانون الدولي»، مؤكدا «سنواصل الرد بطريقة مناسبة على الهجمات المعادية، لكننا نريد أيضا كشف الحقيقة».
وأدى تسميم الجاسوس الروسي السابق وابنته يوليا في الرابع من مارس (آذار) على الأرض البريطانية، إلى سلسلة من إجراءات الطرد المتبادلة بين روسيا ودول غربية، شملت حتى الآن نحو 300 دبلوماسي. وغادر الدبلوماسيون الأميركيون الستون وعائلاتهم في وقت مبكر من الخميس مبنى السفارة في موسكو.
ودعت موسكو الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي إلى عقد اجتماع لكنها لم تتمكن من إقناعها بإشراك روسيا في التحقيق. وقال السفير الروسي في المنظمة ألكسندر شولغين أن «الأقنعة سقطت»، مشيرا إلى أن لندن وواشنطن صوتتا ضد الاقتراح الروسي وكذلك و«بانقياد ووفق ضوابط الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي»، الدول الأعضاء في التكتلين «وبعض حلفاء الولايات المتحدة في آسيا». ست دول صوتت مع الاقتراح الروسي و15 ضده بينما امتنعت 17 دولة عن التصويت. والأربعاء أعلن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن روسيا طلبت عقد اجتماع لمجلس الأمن. وقال إن روسيا ترغب في أن يتناول الاجتماع بالتحديد «رسالة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي» التي تتهم روسيا بتسميم سكريبال وابنته يوليا. ورفض الوفد البريطاني أساساً الاقتراح الروسي الذي قدم بشكل مشترك مع إيران والصين: «محاولة لتحويل الانتباه».
وكان المختبر البريطاني الذي يقع في بورتن داون بالقرب من سالزبري في جنوب غربي إنجلترا أكد أنها مادة «نوفيتشوك» التي تضر بالأعصاب وهي عسكرية ومن صنع سوفياتي. لكنه اعترف بأنه لا يملك الدليل على أن هذه المادة صنعت في روسيا، ما يناقض تصريحات أدلى بها وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في هذا الشأن.
وتصر موسكو على أن مادة مثل تلك التي تم تسميم سكريبال بها يمكن إنتاجها في «نحو عشرين بلدا في العالم». وما زال سكريبال (66 عاما) وابنته يوليا (33 عاما) في المستشفى. وقال المستشفى إن وضع الابنة «يتحسن بسرعة (...) ولم تعد في حالة حرجة»، خلافا لحالة والدها «المستقرة».
وقالت يوليا أمس الخميس، إنها في طريقها للتعافي في أول تصريح لها منذ الحادث. وقالت في بيان صدر من شرطة لندن: «أفقت منذ أسبوع وصحتي تتحسن يوميا». وقالت: «هناك الكثير الذين لهم الفضل في شفائي وأود أن أشكر خصوصا شعب سالزبري الذي قدم لي المساعدة، عندما كنت أنا ووالدي غير قادرين على الحركة».
وقال التلفزيون الروسي الرسمي ووكالة إنترفاكس الروسية للأنباء أمس الخميس إن يوليا سكريبال تحدثت هاتفيا مع ابنة عمها في روسيا وقالت إنهما يتعافيان وإنها تتوقع مغادرة المستشفى قريبا. وأورد التلفزيون الرسمي نبأ المحادثة وقال إنه تسلم تسجيلا بالمحادثة من فيكتوريا سكريبال ابنة عم يوليا، لكنه لا يستطيع الجزم بمصداقية التسجيل. التسجيل يزعم أن يوليا تحدثت هاتفيا مساء الأربعاء مع فيكتوريا وقالت لها: «كل شيء على ما يرام. كل شيء قابل للإصلاح... كلانا يتحسن وعلى قيد الحياة». ولدى سؤالها عن حالة أبيها قالت يوليا وفقا للتسجيل: «كل شيء على ما يرام. يأخذ قسطا من الراحة الآن. هو نائم. صحتنا جيدة ولا نشكو من أي مشكلة.. سأخرج (من المستشفى) قريبا». وقالت فيكتوريا إنها تعتزم السفر إلى إنجلترا لمحاولة اصطحاب يوليا إلى روسيا.
قريبة يوليا ظهرت في برامج حوارية مرات عدة بعد حادث التسميم. وظهرت الأربعاء مع أندري لوغوفوي وديمتري كوفتون المشتبه به الرئيسي في مقتل العميل السابق الكسندر ليتفينينكو في بريطانيا في 2006، وقالت للصحف الروسية خلال الأسبوع الجاري أنه لا يمكن لسكريبال وابنته أن يكونا قد تسمما في منزلهما كما تقول الشرطة البريطانية لأن حيواناتهما الأليفة كانت ستصاب أيضا في هذه الحالة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».