فيما نفت قيادة العمليات المشتركة ما وصفته مزاعم باختطاف 50 جندياً من قوات الجيش العراقي وحرس الحدود فإن الأجهزة الأمنية العراقية تعلن يومياً عن كشفها «مضافات» لتنظيم داعش، وهي أحدث الطرق التي بات التنظيم يستخدمها لأغراض التخفي وتنفيذ عمليات ضد القوات الأمنية والمدنيين.
وقال مركز الإعلام الأمني، في بيان: إن «قناة (الاتجاه) الفضائية نشرت خبراً كاذباً عن اختطاف 50 منتسباً من قوات حرس الحدود والجيش على الطريق الدولي بمحافظة الأنبار، وهنا نؤكد أن قيادة العمليات المشتركة ستتخذ الإجراءات القانونية بشأن هذا الموضوع بالتنسيق مع هيئة الإعلام والاتصالات».
في سياق ذلك كشف عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ديالى عبد الخالق العزاوي أن «العمليات العسكرية الأخيرة التي جرت في حمرين وقطاع شمال المقدادية كشفت عن لجوء تنظيم داعش إلى أسلوب جديد في بناء مضافاته والتي تسمى (الكوخ)، وهي عبارة عن قضبان حديدية يوضع فوقها جادر ثم سعف من النخيل لإخفائها عن أي رصد جوي». وأضاف العزاوي: «لجوء (داعش) إلى مضافات الأكواخ جاء بسبب فقدانه مضافاته التقليدية والتي هي عبارة عن غرف طينية أو منازل أو جحور تحت الأرض نتيجة العمليات العسكرية المستمرة في تعقب خلاياه».
وأعلنت قوة أمنية الكشف عن 4 مضافات لتنظيم داعش في إحدى مناطق محافظة ديالي بداخلها ملابس عسكرية قديمة، وقذائف هاون عيار 120 ملم، وحاويات وقود، وعبوة ناسفة، و3 زوارق، وفُرُش، وأواني طبخ. وفي هذا الصدد يقول صفاء التميمي، الناطق الرسمي باسم «سرايا السلام» التي تمسك قطاع سامراء، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «مضافات (داعش) هي عبارة عن نشاط فردي متحرك ومحاولة من هذا التنظيم لخلق حالة من الإرباك في أوساط القوات الأمنية من خلال القيام بعمليات عسكرية يقوم بها الانتحاريون والانغماسيون»، مبيناً أن «هذه المضافات قد لا تلفت النظر، مثل بيت يتم اختياره بعناية أو مقلع حصو أو محل حلاقة أو معمل ثلج وما إلى ذلك من أماكن يتجمع فيها الانتحاريون والانغماسيون ويتم تجهيزهم فيها بما يحتاجون إليه من مستلزمات لتنفيذ عملياتهم عن طريق ما يسمى (الناقل) وهو الشخص الذي ينقلهم إلى الهدف المطلوب».
ويقارن التميمي بين الانتحاري والانغماسي، قائلاً: إن «الانتحاري هو الذي يحمل حزاماً ناسفاً يفجره في المكان المحدد، بينما الانغماسي يحمل عدة أنواع من الأسلحة يقاتل بها جميعاً وحين تنفد كل هذه الأسلحة لن يبقى لديه سوى الحزام الناسف فيفجره وينتحر». ويرى التميمي أن «تنظيم داعش يحاول استغلال الجو الانتخابي لصالحه وذلك لجهة الانشغال بالانتخابات مستفيداً من التراخي الأمني الذي لا بد لنا أن نشخصه بشجاعة»، مشيراً إلى أن «الجندي يمسك السلاح بيده وقد قاتل وهزم الإرهاب ولكن الأمني والاستخباري لن تتوقف جهوده، وبالتالي حين يحصل نوع من الاسترخاء في الجانب الأمني والاستخباري فإن هذا ينسحب على الجندي».
ويتابع التميمي أن «تنظيم داعش موجود كخلايا نائمة في العديد من المناطق، وإذا تحدثنا عن المنطقة التي تشكل جزءاً من نطاق عملنا في قطاع سامراء فهناك مثلاً منطقة مطيبيجة التي هي نقطة تقاطع 3 عمليات: دجلة، وصلاح الدين، وسامراء، بينما هذه المنطقة تبدو منطقة فراغ يستغلها (داعش) ليلاً للقيام بعمليات عسكرية بينما لا يستطيع الوجود نهاراً»، مؤكداً أنه «مع كل ما تقوم به الأجهزة العسكرية من عمليات لطرد (داعش) فإن الأمر لا يزال يحتاج إلى إمساك الأرض حتى لا يستطيع العدو العودة، مستغلاً الظلام».
إلى ذلك، يرى محمد الكريولي، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «أهم مسألة ينبغي تأشيرها هو أن هناك تهاوناً أمنياً واضحاً لدى جميع الأجهزة بعد أن احتفلت بالنصر، بينما تنظيم داعش وإنْ انهزم عسكرياً لكنه بقي يحاول العودة بشتى الأساليب والطرق»، مبيناً أنه «سبق أن حذرت من دخول المقاتلين من سوريا إلى العراق لا سيما في مناطق راوة وعانة، ومن ثمّ التسلل، لكن لا أحد سمع ذلك».
بدوره، أرجع محافظ كركوك راكان سعيد الجبوري، استمرار تهديد «داعش» للأمن والاستقرار في محافظته إلى ما وصفه بـ«عملية التحرير السريعة لكركوك». وشدد على أنه رغم النجاحات التي تحققها القوات الأمنية فإن استكمال تطهير المحافظة لن يكون سهلاً وسيحتاج إلى وقت. وأوضح الجبوري، لوكالة الأنباء الألمانية: «خلال عملية تحرير كركوك (250 كلم شمال بغداد)، التي كانت سريعة، نجح عناصر التنظيم في الاختباء، وساعدهم على ذلك ما يتوافر بكركوك من تضاريس ومناطق جبلية، وهذا برأيي ما سهّل ظهورهم وتهديدهم لكركوك مجدداً، ونتيجة لاختبائهم طيلة الوقت لا يمكن إعطاء تقدير ولو نسبياً لعددهم في المحافظة». واستطرد قائلاً: «معظم عمليات (داعش) حالياً، وتحديداً التي يتم فيها اصطياد عناصر أمنية من خلال نصب الكمائن والسيطرة الوهمية، تتم في مناطق حدودية بين كركوك ومحافظات أخرى، وأكثرها يقع في مناطق تتبع بالأساس محافظة صلاح الدين كمنطقة قضاء الطوز، ولكن يتم نسبها خطأ إلى محافظة كركوك».
«المضافات»... أسلوب جديد لـ«داعش» لخداع الأجهزة الأمنية العراقية
يختار أماكن لا تلفت النظر لتخطيط العمليات وتوزيع المهام
«المضافات»... أسلوب جديد لـ«داعش» لخداع الأجهزة الأمنية العراقية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة