قصة أخرى من أميركا…!

قصة أخرى من أميركا…!
TT

قصة أخرى من أميركا…!

قصة أخرى من أميركا…!

توفيت قبل يومين ليندا براون، رمز مكافحة الفصل العنصري في المدارس الأميركية، عن عمر ناهز 76 عاماً، وهي واحدة من الحلقات البارزة في الكفاح المرير ضد التمييز العنصري في الولايات المتحدة، ولعلها من أكثر التجارب إلهاماً في هذا الطريق.
بدأت قصة ليندا براون في أوائل الخمسينات 1950 عندما حاول والدها أوليفر براون تسجيلها في مدرسة بيضاء بالكامل بالقرب من منزل العائلة في توبيكا، بولاية كانساس، ولكن المدرسة رفضت انضمامها وطلبت تسجيلها في مدرسة مخصصة للسود تبعد عن محل إقامتها، هنا تصدرت براون الجهد القانوني التاريخي وخاضت مع عائلتها، وانضم إليهم آخرون، معركة حامية ضد مجلس التعليم في توبيكا، وفي 17 مايو (أيار) 1954، حكمت المحكمة العليا بالإجماع على أن الفصل العنصري في نظام التعليم غير دستوري.
فتحت فصول المحاكمة السجال القانوني: هل الحق في التعليم والمساواة يتعارض مع كوّن التعليم يقوم على الفصل العنصري؟ في البدء قالت المحكمة إن مرافق التعليم «منفصلة ولكن متساوية»، أي أن الفصل لا يتعارض مع مبدأ المساواة، حتى قررت قضية براون وبعد معركة طويلة، وبقرار رئيس المحكمة العليا أن: «مرافق التعليم المنفصلة غير متساوية بطبيعتها»، وقالت أيضاً إن هذا النمط التعليمي القائم على تمييز الناس على أساس عنصري ينتهك شرط الحماية المتساوية كما ينص عليه الدستور، ونُقل عن رئيس المحكمة القول: «إن فصل الأطفال في المدارس على أسس عنصرية يولِّد شعوراً بالدونية قد يؤثر على وضعهم في المجتمع وعلى قلوبهم وعقولهم بطريقة يصعب التراجع عنها».
كان قرار المحكمة الأميركية العليا بشأن قضية براون ضد مجلس التعليم في 1954 لحظة أساسية في الحركة لإنهاء الممارسات التمييزية واسعة النطاق ضد السود في الولايات المتحدة. نجحت هذه الفتاة في الفوز ببيئة تعليمية آمنة وعادلة ولا تتصف بالظلم... مصدر الإلهام في قصة ليندا براون أن التغيير يمكن أن يصنعه ويقوده أفراد عاديون، وأن تفكيك حلقات التمييز يبدأ حلقة حلقة، حتى يفقد قوته الجائرة.
نتذكر أيضاً الشابة السوداء روزا باركس التي أطلقت شرارة مكافحة التمييز العنصري حين رفضت التخلي عن مقعدها في حافلة عمومية لشخص أبيض؟ لقد أدت بسالة هذه الطالبة إلى خروج الصامتين عن صمتهم والصراخ بـ«كفى» في وجه سياسة التمييز المجحفة، ونشطت حركات الحقوق المدنية، التي قاد واحدة منها القس مارتن لوثر كينغ صاحب نداء «لديّ حلم» الشهير، إلى أن أسفرت في النهاية عن صدور قانون الحريات المدنية عام 1964 الذي يحرّم التمييز على أساس العرق في أميركا.
مثل ليندا براون وروزا باركس اللتين ساهمتا فعلياً في تحطيم جدار الكراهية وإسقاط التمييز العنصري وساهمتا في بناء مستقبل أكثر تسامحاً وعدالة واحتراماً للقانون... مثلهما هناك الملايين الذين لا يشعرون بقدرتهم على العمل، ولا بإرادتهم في صنع التغيير، ولا حتى -ربما- بحقهم في العدالة والمساواة، ودائماً ينتظرون الفرسان لكي يصنعوا لهم مستقبلهم الذي يحلمون به... التغيير يصنعه الفرد المؤمن بإنسانيته وكرامته واحترامه لذاته، وحقه في العدالة والمساواة.


مقالات ذات صلة

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
رياضة عالمية رودريغو بنتانكور (إ.ب.أ)

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، اليوم الاثنين، إيقاف رودريغو بنتانكور، لاعب وسط توتنهام هوتسبير، 7 مباريات، بعد ملاحظة عنصرية من اللاعب القادم من أوروغواي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

يواصل ائتلاف اليمين في الكنيست سن تشريعات ضد المواطنين العرب في إسرائيل بهدف ترهيبهم واضطهادهم... فما أبرز تطورات تلك الحملة المتواصلة لشرعنة التمييز ضدهم؟

نظير مجلي (تل أبيب)
رياضة عالمية فينيسيوس غاضب جداً بسبب خسارة الجائزة (أ.ف.ب)

بعد زلزال الجائزة الذهبية... مَن الذين يخافون من وجود ريال مدريد؟

بعد أقل من 24 ساعة على الضربة القاسية التي تلقاها ريال مدريد بخسارة الكلاسيكو 4 - 0 أمام برشلونة في البرنابيو، الأحد، حدث تحول آخر مزلزل في ريال مدريد.

The Athletic (باريس)
رياضة عالمية لامين يامال يحتفل بتسجيل الهدف الثالث لبرشلونة (أ.ف.ب)

كلاسيكو العالم: الريال يحقق في تعرض يامال لإساءات عنصرية

ذكرت تقارير إعلامية إسبانية أن لامين يامال، نجم فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم، تعرض لإساءات عنصرية في مباراة الكلاسيكو التي فاز بها فريقه على ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (برلين)

العثور على مبلّغ عن مخالفات «أوبن إيه آي» ميتاً في شقته

شعار شركة «أوبن إيه آي»  (رويترز)
شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)
TT

العثور على مبلّغ عن مخالفات «أوبن إيه آي» ميتاً في شقته

شعار شركة «أوبن إيه آي»  (رويترز)
شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

تم العثور على أحد المبلِّغين عن مخالفات شركة «أوبن إيه آي» ميتاً في شقته بسان فرانسيسكو.

ووفقاً لشبكة «سي إن بي سي»، فقد أمضى الباحث سوشير بالاجي (26 عاماً)، 4 سنوات في العمل لدى شركة الذكاء الاصطناعي حتى وقت سابق من هذا العام، عندما أثار علناً مخاوف من أن الشركة انتهكت قانون حقوق النشر الأميركي.

وتم العثور على بالاجي ميتاً في شقته بشارع بوكانان سان فرانسيسكو بعد ظهر يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني).

وقالت الشرطة إنها لم تكتشف «أي دليل على وجود جريمة» في تحقيقاتها الأولية.

ومن جهته، قال ديفيد سيرانو سويل، المدير التنفيذي لمكتب كبير الأطباء الشرعيين في سان فرانسيسكو، لشبكة «سي إن بي سي»: «لقد تم تحديد طريقة الوفاة على أنها انتحار». وأكدت «أوبن إيه آي» وفاة بالاجي.

وقال متحدث باسم الشركة: «لقد صُدِمنا لمعرفة هذه الأخبار الحزينة للغاية اليوم، وقلوبنا مع أحباء بالاجي خلال هذا الوقت العصيب».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد نشرت قصة عن مخاوف بالاجي بشأن «أوبن إيه آي» في أكتوبر (تشرين الأول)؛ حيث قال للصحيفة في ذلك الوقت: «إذا كان أي شخص يؤمن بما أومن به، فسيغادر الشركة بكل تأكيد».

وقال للصحيفة إن «تشات جي بي تي» وروبوتات الدردشة المماثلة الأخرى ستجعل من المستحيل على العديد من الأشخاص والمنظمات البقاء والاستمرار في العمل، إذا تم استخدام محتواها لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي.

وواجهت «أوبن إيه آي» عدة دعاوى قضائية تتعلَّق باستخدامها محتوى من منشورات وكتب مختلفة لتدريب نماذجها اللغوية الكبيرة، دون إذن صريح أو تعويض مالي مناسب، فيما اعتبره البعض انتهاكاً لقانون حقوق النشر الأميركي.