التوجه الحالي في صناعة السيارات في ألمانيا هو العربات الكهربائية، الذي يأتي مدفوعاً بهدف الحفاظ على البيئة ومحاربة التلوث، إلا أن هذا الحل ليس بالأمر السهل بالنسبة للمنتجين وحتى لصناعي القرار السياسي، خصوصاً أن هذه الصناعة بالتحديد تحتاج في إنتاجها إلى نوع معين من المعادن، وهو معدن النيكل الذي تشهد أسعاره ارتفاعاً مستمراً في ظل الطلب القوي عليه.
وتكفي مراقبة سوق المعادن اللندنية «لندن ميتال إكسشنج»، وهي الأكبر عالمياً في مجال تداول جميع أنواع المعادن، ليستنتج المحللون أن سعر طن النيكل يتخطى بسهولة أحياناً 14 ألف دولار، وهذا سقف تاريخي لم يراه العالم منذ أكثر من عامين.
وتقول إيتسير فيلدمان، الخبيرة الألمانية في أسواق المعادن، إن الاستعمال المتعاظم لبطاريات النيكل أعطى زخماً قوياً لهذا المعدن الذي قفز سعره أكثر من 10 في المائة بصورة ثابتة منذ مطلع العام الحالي، وفي بعض الأوقات كان يرتفع بما يتراوح بين 3 و5 في المائة إضافية يومياً اعتماداً على حجم العروض والطلبات.
وتضيف الخبيرة أن أسعار المعادن غير الحديدية الأخرى تواجه بدورها انتعاشاً منذ بداية الشهر الحالي، وهو ما جعل أعداداً كبيرة من المستثمرين الألمان والأوروبيين تهرب مؤقتاً من أسواق الأسهم وتلجأ لأسواق معادن مثل النيكل والنحاس، حيث وصل سعر الأخير منذ مطلع العام إلى 7200 دولار للطن أي بزيادة 7 في المائة، ما يجعل أداءه الأفضل منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016، كذلك الزنك الذي وصل سعره إلى 3600 دولار، وذلك بسبب تراجع كمياته بحدة في سوق لندن إلى ما دون المستويات في هذا العام.
من جانبه، يقول فينسنت جيناريني، خبير أسواق المعادن في فرانكفورت، إن سوق لندن للتجارة بالمعادن عانت خلال الشهور الـ12 الأخيرة من نقص بمعدل 10 في المائة في كميات النيكل، وتراجعت إلى ما دون 340 ألف طن. في حين تدهور مخزون النيكل في بورصة شنغهاي 40 في المائة إلى ما دون 56 ألف طن. ويرجح جيناريني أن يكون قسم من النيكل تم تخزينه في مستودعات عدة خارج البورصات بانتظار ارتفاع أسعاره.
كما يشير الخبير أيضاً إلى استنزاف النيكل في عملية تصنيع الفولاذ وهو ما يؤثر أيضاً على عرضه في الأسواق، حيث يتم تخصيص نحو 70 في المائة من ناتج النيكل في إنتاج الفولاذ المقاوم للصدأ، وفي الشهور التسعة الأولى من العام الماضي، نما إنتاج الفولاذ 7.4 في المائة ليصل إلى 36 مليون طن، وفي الولايات المتحدة الأميركية وحدها قفز الإنتاج بنحو 15 في المائة.
وتشير معلومات لخبراء في شركة الاستشارات المتخصصة «روزكيل» إلى أن تزايد الطلب على النيكل لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية الأميركية «تيسلا» سيكون سبباً مهمّاً لتعزيز طلبات شراء هذا المعدن بكميات ضخمة. وفي الوقت الحالي يتم تخصيص 4 في المائة من ناتج النيكل لبطاريات السيارات الكهربائية، لكن من المتوقع خلال الأعوام العشرة المقبلة أن تقفز نسبة إنتاج هذه السيارات بنسبة 15 أو 20 في المائة، ما يعني أن أكثر من 60 ألف طن من النيكل ستلتهمه صناعة العربات الكهربائية تدريجياً سنوياً في الأعوام العشرة المقبلة.
وهذا ما ينوه به يوزف بيرغمان، المحلل المالي في برلين، محذراً من أن المضاربين الألمان بدأوا يشمّون رائحة ربح طيبة من المضاربة على النيكل. كما أن توغل فكرة قيادة سيارة كهربائية في المجتمع الصناعي الألماني سمحت لشركة التعدين الألمانية فالي» بأن تلعب دوراً في إطلاق ماراثون أسعار النيكل في نهاية العام الماضي.
وخلال العام الحالي ستخفض «فالي» إنتاجها للنيكل 15 في المائة أي (263 ألف طن فقط) مترقبة ازدهار مبيعات السيارات الكهربائية حول العالم كي تعيد النظر في سياستها الإنتاجية من هذا المعدن، مع ذلك من غير المتوقع أن يواجه العالم نقصاً في إنتاج للنيكل على المدى المتوسط.
العربات الكهربائية تشعل أسعار معدن النيكل
سيزيد إنتاجها 20% خلال 10 سنوات
العربات الكهربائية تشعل أسعار معدن النيكل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة