أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن إيران هي أكبر تحدي يواجه منطقة الشرق الأوسط باعتبارها دولة راعية للإرهاب وتتدخل في شؤون الدول الأخرى وتنتهك القرارات الدولية فيما يتعلق بالصواريخ البالستية.
وأوضح الجبير خلال ندوة بمعهد بروكنغز في واشنطن مساء أمس الخميس أن كافة الرؤساء الأميركيين التزموا بضمان أمن المملكة العربية السعودية وشهدت العلاقات بين الدولتين عدم التوافق على بعض القضايا مثل قضية التعامل مع إيران وقضية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مشيرا إلى أنه عدم التوافق أمر عادي.
وأضاف الوزير أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تؤمن بضرورة كبح جماح إيران ومكافحة التشدد والإرهاب وهو نفس ما تؤمن به المملكة وهو ما يجعل العلاقات الثنائية جيدة ودافئة.
وشدد الجبير على مد المملكة العربية السعودية يد المساعدة والمبادرة على مدي ثلاثة عقود إلى إيران، فلم تجد سوي الأعمال العدائية مثل اغتيال الدبلوماسيين وتفجير السفارات وهي أمور غير مقبولة، وطالب بضرورة محاسبة إيران.
وقال الجبير إن طهران لا تلتزم بقرارات وميثاق الأمم المتحدة في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى بصورة سلبية تضر بمصالح هذه الدول وتؤدي إلي زعزعة الاستقرار بها، مشيرا إلي أن هذه التصرفات تقوم بها إيران منذ اندلاع الثورة الإسلامية فيها عام ١٩٧٩ عندما قدمت إيران نفسها كقائد لجميع الشيعة في العالم.
وأضاف أن إيران عليها أن تحدد إذا كانت تريد أن تصبح دولة أم أن تكون ثورة، وإذا أرادت أن تكون دولة فعليها التوقف عن ممارساتها.
غروب الشمس
وفي أسئلة الندوة التي أدارها بروس ألن نائب الرئيس لبرنامج السياسة الخارجية بمعهد بروكنغز، أوضح وزير الخارجية السعودي في إجابته على مصير الاتفاق النووي الإيراني أن المملكة العربية السعودية تعتقد أن الاتفاق به الكثير من الشوائب منها عدم تقييده لما يسمي "غروب الشمس" وهو قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم في خلال 8 سنوات من الآن وبالتالي القدرة على صنع قنبلة نووية خلال أسابيع.
ولفت الجبير الانتباه إلى ضرورة فرض آلية للتفتيش على كافة المناطق العسكرية وغير العسكرية دون أي عوائق، مضيفا أن الاتفاق النووي لا يعالج مشكلة استخدام إيران للصواريخ البالستية وتهريبها لميليشيات عسكرية في المنطقة.
وقال وزير الخارجية السعودية "لابد من محاسبة إيران على مساندتها للإرهاب ولو تم معالجة هذه القضايا الثانية سيكون لدينا خطة لمواجهة إيران".
وأضاف "إيران تتبني رؤية سوداء وهي إشعال الطائفية ومساندة الميليشيات العسكرية، وهذه الرؤية لا يمكن أن تسيطر".
وفي إجابته حول الظروف والاشتراطات التي يمكن للمملكة أن تتعامل فيها مع إيران قال الجبير"حينما تغير إيران سياستها يمكن أن نتعامل معها، لكن الأمر ليس بهذه السهولة فنحن لا يمكمن أن نتعامل مع دولة تغتال الدبلوماسيين وتطلق الصواريخ البالستية، وهذه تصرفات دولة لا تريد أن تكون لها علاقات جيدة مع جيرانها".
وحول تصريحات ولي العهد السعودي بسعي بلاده للحصول على سلاح نووي في حال نجاح إيران في تحقيق الأمر ذاته، قال الجبير "ماذا ستفعل إذا وجدت عدوك يحصل على قنبلة نووية؟، وقد قلنا دوما إننا نريد شرق أوسط خالي من أسلحة الدمار الشامل ولا نريد لأحد الحصول على قنبلة نووية".
وأضاف "الأمر يعتمد على إيران وليس السعودية في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وآمل أن تتمكن الولايات المتحدة في مناقشاتها مع الشركاء الاوربيين من التوصل إلي حلول".
صواريخ الحوثيين
وحول الوضع في اليمن وكيفية التوصل إلي حل ينهي معاناة اليمنيين، قال الجبير "هذا يتوقف على الحوثيين الذي يوافقون على مبادرات ثم يعاودون الاعتراض عليها وطلب تغييرها ويطلقون الصواريخ على الأراضي السعودية".
وأشار وزير الخارجية السعودي إلى أن الوضع في اليمن يمكن حله سلميا من خلال البناء على مخرجات الحوار الوطني لكنه أشار الي عدم التزام الحوثي بأي عروض أو حلول سلمية قدمتها الأطراف المعنية مع استمرار إيران في تهريب الأسلحة إليهم في اليمن واستمرارهم في إطلاق الصواريخ تجاه المملكة.
وأكد الجبير أن جماعة الحوثي أصبحت معزولة وفي موقف الدفاع وتسيطر على 15% فقط من الأراضي، مشيرا إلى أن الصراع في اليمن تم فرضه على المملكة ودول التحالف.
وأشار الوزير إلي انعقاد حوار وطني بين اليمنيين لكتابة دستور لبلادهم لكن جماعة الحوثي طاردت الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي إلي عدن، وطلب الرئيس مساعدتنا واستجبنا بموجب القرار2216 للأمم المتحدة، وشدد على أن التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية سيستمر في الضغط العسكري على الحوثيين حتى يقبلون بالحل السياسي.
وسرد الجبير جرائم الحوثيين من سرقة لقوافل المساعدات الإنسانية وبيعها ومحاصرة المدن اليمنية وتجويع الأهالي وتهريب الغاز من الحديدة وإعادة بيعه في صنعاء إضافة الي استغلال الأطفال وتجنيدهم، واستنكر تعامل المجتمع الدولي مع الحوثيين كأبرياء بالرغم من جرائمهم.
وشدد وزير الخارجية السعودي على ضرورة دفع الحوثيين لقبول الحل السياسي من خلال إصرار المجتمع الدولي وإحكام عزلتهم لدفعهم إلى الحل و والتحول باليمن الي مسار إعادة الاعمار.
وعلى جانب آخر، أكد الجبير تسهيل السعودية دخول المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين، وصول إجمالي قيمة المساعدات الانسانية التي خصصتها الرياض لليمن حوالي ١.٢ مليار دولار، وتوفير جسر جوي لتوصيل المساعدات إلى اليمنين، كما تم تخصيص عشرة مليارات دولار لإعادة بناء اليمن بمجرد انتهاء القتال، وتهدف السعودية إلي زيادة المخصصات من خلال تعاون الحلفاء الدوليين.
القضية الفلسطينية
وفي سؤال حول القضية السلام الإسرائيلي الفلسطيني أوضح الجبير أن المملكة العربية السعودية قدمت المبادرة العربية، وقدمت النصح إلى إدارات أميركية متعاقبة في عهود بوش وأوباما وترمب حول قضايا مثل الحل النهائي والمستوطنات، وشدد على أن الموقف العربي يصر على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وتبادل الأراضي بنفس القيمة وأن تكون القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين.
وأكد الجبير أن المملكة انتقدت قرار ترمب بإعلانه القدس عاصمة لإسرائيل واعتبرتها خطوة للوراء.
تعاون في العراق وسوريا
وشدد الوزير على أن العلاقات السعودية الأمريكية ترجع إلى عقود طويلة، مشيرا إلى أن الرياض وواشنطن تعاونتا خلال خمسينات القرن الماضي لمواجهة الحركات الراديكالية والوقوف أمام التمدد السوفييتي.
وتعاونت البلدان في حل أزمة الكويت بعد الغزو العراقي لها في التسعينات من خلال تحالف دولي يضم أكثر من ثلاثين دولة، بالإضافة إلى تعاون كبير في الوقت الحالي بين الرياض واشنطن لمساعدة العراق على إعادة بناء اقتصادها واستعادة وحدتها الوطنية بعد سنوات من الدمار، مشيرا إلي أن التعاون المستمر بين الحكومتين السعودية والأمريكية لمواجهة ممارسات إيران واحتوائها.
وأعادت السعودية فتح سفارتها في العراق وتم استئناف الطيران بين الدولتين، وزيادة الزيارات المشتركة بين المسؤولين في البلدين فضلا عن مساهمة الرياض في مؤتمر إعادة إعمار العراق الذي عقد في الكويت مؤخرا.
وأضاف الجبير أن الوضع في سوريا يمثل مأساة كبيرة وهناك ما يقرب من نصف مليون مواطن قتلوا منذ اندلاع الأزمة، كما تم تشريد حوالي 12 مليون شخص. وهناك ملايين اللاجئين السوريين في الدول المجاورة لها.
وأكد وزير الخارجية ضرورة التوصل إلى حل سياسي في سوريا في إطار قرارات الأمم المتحدة، وإعلان جنيف لضمان وضع دستور وإجراء انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة تمثل جميع طوائف الشعب السوري، وأضاف أن تحقيق ذلك يمثل تحديا كبير خاصة أن هناك عاملين خارجيين في سوريا وهي إيران ونفوذها الطائفي، فضلا عن انتشار التطرّف والارهاب.
وأضاف الجبير أن السعودية مستمرة في محاولة التوصل لحل سياسي في سوريا وأن الرياض كانت من أولي الدول المشاركة في التحالف الدولي لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية وأن الطيران السعودي قام بأكبر عدد من الضربات لمحاربة داعش بعد الولايات المتحدة.