«إبيس مارين».. مغامرة إنسانية بين عطار وشيف

دار «هيرميس» الفرنسية تقطع الخيوط الفاصلة بين الشم والتذوق في عطرها الرجالي الجديد

«إبيس مارين».. مغامرة إنسانية بين عطار وشيف
TT

«إبيس مارين».. مغامرة إنسانية بين عطار وشيف

«إبيس مارين».. مغامرة إنسانية بين عطار وشيف

ليس هناك أكثر ما يحرك العواطف والحواس مثل الطعام والروائح الزكية. فالأول يمنحنا شعورا بالسعادة بمجرد التفكير فيه أو شم رائحته، والثاني يحسن المزاج ويأخذنا إلى عوالم بعيدة ودائما سعيدة، أيضا بمجرد شمه. وفي هذا، لا يختلف الشخص البالغ عن الطفل حديث الولادة، لأن حاستي الشم والتذوق في جميع مراحل العمر مهمتان في حياة الإنسان، من ناحية أنهما يتحولان إلى أداة من أدوات التواصل الإنساني والعاطفي. فإذا كان الطريق إلى قلب الرجل معدته، كما يقول المثل الشعبي، فإن الرائحة أيضا يمكن أن تكون عامل جذب قويا في أي علاقة حسب الكثير من الدراسات.
لهذا عندما تلتقي الحاستان وتنصهران بعضهما مع بعض، فإن النتيجة حتما تكون منتجا تتوافر فيه كل عناصر المتعة، وهذا ما يمكن إسقاطه على التجربة التي خاضها كل من أنف دار «هيرميس»، وجون كلود إلينا، والشيف الفرنسي المتقاعد والحائز ثلاث نجمات ميشلين، أوليفييه رولانجر.
جون كلود إلينا، أشهر من نار على علم في عالم العطور، ومنذ أن انضم إلى «هيرميس» في عام 2004 كعطارها الخاص وهو يبدع لها عطورا ناجحة على كل المستويات، نذكر منها «تير ديرميس» (Terre d›Hermès) في عام 2006، و«كيلي كاليش» (Kelly Calèche) في عام 2007، و«فواياج ديرميس» (Voyage d›Hermès) في عام 2010... وهلم جرا.
من جهته، يعد أولييفيه رولانجر، الملقب بـ«الطباخ القرصان»، واحدا من أهم الطباخين في فرنسا. اكتسب شهرته ولقبه عن جدارة، ليس فقط لمهارته في مزج البهارات المختلفة والغريبة في أطباقه الشهية، بل لجذوره التاريخية في قرية كانكال الواقعة بمنطقة «بريتاني» الفرنسية، وهي المنطقة التي كانت ميناء كبيرا يتوقف فيه التجار، كما القراصنة، للتخلص من بضائعهم النفيسة التي كانت تشمل التوابل والشاي وغيرها من المنتجات التي كانوا يجلبونها من أماكن بعيدة.
وعندما تلقينا خبر تعاون عطار بحجم إلينا و«شيف» بمهارة رولانجر، تجمعهما حاستا الشم والتذوق وعشق المغامرة والاستكشاف، عرفنا مباشرة أننا على موعد مع منتج خاص جدا انضم هذا الشتاء لعائلة: «هيرميسونس» (Hermessence)، مجموعة العطور النخبوية والمتخصصة التي تتحفنا بها «هيرميس».
عندما تقابلهما أول مرة، أو تراقبهما من كثب وهما يتحدثان بعضهما مع بعض، تشعر كما لو أنهما يقربان بعضهما بعضا، أو على الأقل يعرف بعضهما بعضا منذ الطفولة، مما أدى إلى نمو هذا التشابه بينهما. هذا الإحساس لا يعود فحسب إلى تقاربهما الفكري وطريقتهما في الحديث والحركات وكيف يلتقط الواحد خيوط الحديث من الآخر بسلاسة ليكمل جملته، بل أيضا إلى تشابههما الجسماني. عندما أشرت إلى هذا التشابه والتوافق العجيب بينهما، رد جون كلود إلينا ضاحكا بلكنته الفرنسية الجنوبية وبأسلوب فلسفي: «إنه نوع من توافق الأفكار يؤدي أحيانا إلى خلق هذا التشابه». ثم استطرد: «اللقاءات المهمة في الحياة تكون في الغالب وليدة الصدفة، ولحسن الحظ أنها في هذه الحالة فتحت أمامنا آفاقا واسعة للاستكشاف ورغبة ملحة في تعاون مثير».
يتذكر إلينا أن أول لقاء جرى بينه وبين رولانجر كان منذ ثلاث سنوات تقريبا عندما دعيا للمشاركة في برنامج إذاعي في باريس. لم يصدقا كيف كانت أفكارهما متشابهة وكيف كانت آراؤهما تتوالى على الموجة نفسها. بعد فترة قصيرة، دعي الشيف المتقاعد عطار «هيرميس» إلى مأدبة غذاء في مسقط رأسه، حرص فيها على تحضير كل الأطباق بنفسه. فرغم تقاعده الطوعي، لم يفقد متعة الطبخ ولا قدرته على إبهار ضيوفه بأطباقه المميزة. ناهيك بقصص بيت العائلة الكبير الذي احتضن مطعمه الشهير سابقا ويبيع فيه حاليا التوابل المعلبة، التي لا تزال تطحن بواسطة طاحونة يدوية قديمة، من حبوب الهيل والكمون المحمص إلى الفلفل الأخضر وغيرها. يعلق رولانجر: «التوابل جزء من البيت الذي عشت فيه، فرائحتها تفوح من كل جدرانه وكل ركن فيه».
أقل ما يمكن أن يقال إن إلينا خرج من التجربة منبهرا بطريقة رولانجر في التعامل مع التوابل والأعشاب، التي يزرعها في بيته المطل على البحر في منطقة تغلفها ستارة كثيفة من الضباب أغلب أيام السنة، وألهمت برماديتها الكثير من الفنانين منهم الفنان «جي إم دبليو تيرنر» الذي خلدها في لوحات رائعة. المنظر يوحي بالكثير من الغموض الذي تؤججه قصص القراصنة الذين توقفوا في «بريتاني» جالبين معهم كنوزا متنوعة. كان المنظر بالنسبة لجون كلود إلينا مختلفا عما تعوده. فهو يعيش في عاصمة صناعة العطور الفرنسية غراس، بالقرب من البحر المتوسطي بسمائه الزرقاء في أغلب الأوقات. لكن لحسن الحظ، لم يقف اختلاف الصورة والألوان وبعد الجغرافيا، عائقا أمام تعاونهما بعد اكتشافهما تلك اللغة الشاعرية المشتركة بينهما وما يمكن أن تؤدي إليه.
يشير جون كلود إلينا، إلى أن النية من هذا اللقاء في البداية لم تكن عملا مشتركا بقدر ما كان غذاء تعارف. لكن في ذلك اليوم، وبعد أن جرب مهارة رولانجر في الطبخ وقدرته العجيبة على مزج وشم كل المكونات بشكل فطري، أخذ الحديث منحى جديدا وبدأت فكرة التعاون تنمو في خياله. فقد تأكد حينها كم هو الخيط رفيعا بين حاستي الشم والتذوق، وكيف أن المتعة التي يحصل عليها الإنسان من العطر توازي تلك التي يحصل عليها من طبق شهي. كان ذلك اليوم أيضا هو اليوم الذي توطدت فيه صداقتهما الفكرية والإنسانية.
عندما عاد جون كلود إلينا إلى مدينة غراس، أرسل له رولانجر كيلوغراما من الكمون المحمص قام بتقطيره لاستخراج زيته، ولدهشته انبعثت من زيته رائحة جذابة ولذيذة هي خليط من روائح الخبز المحمص والبندق والسمسم، مما جعله يطلب كمية أكبر، هذه المرة 50 كيلوغراما ليبدأ العمل جديا.
يقول كلود إنه ظل على اتصال مع رولانجر لمدة ثمانية أشهر، تبادلا فيها الرسائل والأفكار وأيضا الكثير من العينات التي أرسلها طالبا من الشيف رأيه فيها. «فهذا العطر»، كما يؤكد، «لم يولد في المختبرات، بل هو نتاج مغامرة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى بين رجلين يتذوقان ما تجود به الطبيعة». في هذه اللحظة، يضحك وهو ينظر إلى رولانجر ليذكره بالرسالة التي توصل بها في إحدى المرات، وقد كتب فيها هذا الأخير معلقا على عينة: «ينقصها شيء مهم.. رائحة الضباب». يرد عليه رولانج مبتسما: «نعم أتذكر، وعندما سألتني عنها أجبتك بأن رائحة الضباب بالنسبة لي مثل زهر الزعرور أو عصيدة الحنطة الدافئة، وأضفت أنها يمكن أن تكون أيضا بطعم معدني يشبه طعم الحصى الرطب أو رائحة المطر وهو يتساقط على البحر أو على الرمل».
ولا شك في أن شم رائحة الضباب التي يتكلم عنها رولانج بحماس كانت وراء قرار دار «هيرميس»، أن يكون مسقط رأسه، المكان الذي تكشف فيه الستار عن ثمرة هذا التعاون المتمثل في عطرها الرجالي الجديد «إيبيس مارين» (Epice Marine)، الرقم الـ11 في مجموعة «هيرميسونس». فبالإضافة إلى أن المنطقة هي مسقط رأس رولانجر، فهي أيضا المكان الذي شهد على الكثير من التجارب وأخذ منه عطارها الكثير من المكونات. عندما وصلت قافلة الضيوف، من محررات الموضة والجمال، إلى القرية الراقدة على أقدام الأطلنطي، بمراكبها ويخوتها الراسية على شاطئها، لم يكن يتخلل هدوء المكان سوى صوت الريح الآتي من بعيد. بدت القرية كبطاقة بريد حالمة، تغلفها ستارة كثيفة من الضباب تستحضر أساطير قراصنتها القادمين من عوالم بعيدة، محملين بكل ما استطاعوا حمله من بهارات وتوابل وشاي وكنوز مماثلة.
في المساء، دعت الدار الفرنسية ضيوفها إلى مطعم «لوكوكياج» (Le Coquillage) في رحلة استكشاف، أو على الأصح لعبة لا تختلف عن لعبة «الغميضة» سوى أنها تعتمد على الأنف والتذوق بدل النظر. في المطعم الذي يشكل جزءا من فندق «ريشو» المطل على خليج «مونت سان ميشيل»، حضر الشيف رولانجر أطباقا غنية بالألغاز حتى يختبر مدى قدرتنا على التعرف عليها. أطباق شملت المحار والكابوريا والبوظة، كان القاسم المشترك بينها كلها نغمات قوية من الفلفل أو الكمون أو الفانيلا أو الهيل والليمون.
كان رولانجر كمن يحضر حواسنا لما سيكشف عنه الستار في صباح اليوم التالي. وبالفعل في الصباح، استقبلنا في بيت عائلته المعروف باسم «بيت المسافرين» (لاميزون دي فواياجور) وهو بيت كبير يعود إلى القرن الثامن عشر، كان يستعمل مخزنا للتوابل قبل أن يتحول إلى بيت العائلة. يشرح الشيف المتقاعد بفخر وهو يأخذنا من غرفة إلى أخرى: «إنه البيت الذي ولدت فيه وشهد على الكثير من الأحداث». نظرا لتواضعه الشديد، لم يطاوعه لسانه أن يقول إنه كان منذ بضع سنوات فقط مطعم «لوروليه غورمان» (Le Relais Gourmand) الذي شهد الكثير من إنجازاته وعلقت على بابه ثلاث نجمات ميشيلين، اختار التنازل عنها في عام 2008 لأسباب صحية. يشرح: «لم يعد بوسع رجلي أن تحملاني أو تتحملا الوقوف طويلا»، وبما أنه كان رافضا مبدأ تسليم المشعل لطباخ آخر يعمل باسمه، فقد كان الحل الوحيد أمامه أن يغلق أبوابه ويتفرغ للتوابل بافتتاح مركز متخصص في خلطات نادرة وغريبة منها.
مثل مساء الليلة الماضية، كان الصباح رماديا، لكن الأمطار الخفيفة والمتساقطة من دون توقف أضفت عليه صبغة رومانسية مثيرة. ومن الداخل، كانت تنبعث روائح دافئة مصدرها مشروب ساخن مكون من التفاح والقرفة حضره الشيف لاستقبال ضيوفه، قبل أن يأخذهم إلى قاعة واسعة تطل على حديقة غناء، ويطلب منهم الجلوس حول طاولات وضعت فوقها قنينات زجاجية متعددة تحتضن كل واحدة منها بهارا مختلفا، لكي يحدسوا ماهيته. أما جون كلود إلينا، فقد جلس إلى جانبه وهو يراقب اللعبة بابتسامة تتراقص على شفتيه وتزيد اتساعا كلما أصاب أحدنا في تخمين نوع البهار. ولا شك في أن السؤال الذي كان يدور بخلد كل منهما هو ما إذا كانا قد نجحا في ابتكار عطر يتغلغل في الحواس ويقطع ذلك الخيط الرفيع الرابط بين حاستي الشم والتذوق. عندما رش جون كلود إلينا العطر في نهاية الرحلة الاستكشافية، فاحت في الغرفة رائحة تشبه الإيودين، سرعان ما تبخرت لتحل محلها نغمات من القرفة والهيل والبرغموت والنعناع والكمون المحمص. هذا الأخير، كما شرح جون كلود إلينا هو الذي يضفي على العطر وجها إنسانيا حسيا. ثم يلتقط أوليفييه رولانجر الخيط وهو يشم العطر مضيفا: «طبعا، هناك أيضا نغمات من رائحة الطحالب ومياه المحيطات.. إنه يذكرني بأعماق البحر ونكهة التوابل حين يتناثرها الهواء».



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.