يواجه جمال ولد عباس، أمين عام حزب الأغلبية بالجزائر «جبهة التحرير الوطني»، عزلة كبيرة في حزبه وضع نفسه فيها، بسبب خصومات شديدة أحدثها مع كل قيادي يمارس مسؤولية كبيرة وصغيرة في الحزب، صدر عنه تصريح، أو تصرف يعتقد ولد عباس أنه «مخالف لتوجهات الحزب».
ويرى مراقبون لشؤون الحزب أن ولد عباس يغتاظ كثيرا عندما يسمع أو يقرأ لقيادي في «الجبهة» يمدح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي هو رئيس الحزب، أو يناشده الترشح لولاية خامسة بمناسبة رئاسية 2019 المرتقبة. وقد جرب البرلماني ورجل الأعمال بهاء الدين طليبة «حظه» بهذا الخصوص، وأطلق «تنسيقية» خاصة ببوتفليقة، سماها «تنسيقية دعم الولاية الخامسة»، لكن مباشرة بعد ذلك وجد نفسه محالا على هيئة التأديب التابعة للحزب بقرار من ولد عباس (83 سنة)، الذي هدد كل «من تسول له نفسه الحديث عن مستقبل بوتفليقة في الحكم، بذريعة أن صاحب الشأن لم يفصل في مصيره السياسي، أولا. وثانيا لأن الحزب هو من سيخوض في القضية «عندما يحين وقتها»، بحسب الأمين العام لـ«الجبهة». وقد فهم من كلام ولد عباس أنه هو أول من سيتعاطى مع موضوع «الولاية الخامسة» عندما تصله إشارة من رئاسة الجمهورية بذلك.
ومعروف في الأوساط السياسية أن الرئاسة هي من قررت أن يتولى ولد عباس قيادة الحزب عام 2016، إثر استقالة الأمين العام عمار سعداني، الذي كان من أشد الموالين لبوتفليقة، وخاض حربا كبيرة ضد مدير المخابرات سابقا، الجنرال محمد مدين، خصم بوتفليقة السياسي الذي أحيل على التقاعد في سبتمبر (أيلول) 2015، وأشيع بأن مدين عارض ترشح بوتفليقة لولاية رابعة عام 2014، وكان أحد ركائز نظام بوتفليقة في الـ15 سنة الأخيرة.
وقبل فترة قصيرة أمر ولد عباس بمثول عبد الوهاب بن زعيم، عضو «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، أمام «لجنة الانضباط»، بعد أن اتهمه في الإعلام بـ«التدخل في صلاحيات رئيس الجمهورية»، حيث طالب بإقالة وزيرة التعليم نورية بن غبريط، بحجة أنها «فشلت في تسيير قطاعها»، على خلفية صراع حاد مع نقابات التعليم المستقلة، التي شنت إضرابا دام شهرين كاملين. وفصلت الوزيرة مئات الأساتذة المضربين، ما دفع بن زعيم إلى المطالبة بإبعادها من الحكومة.
وقال ولد عباس لـ«الشرق الأوسط» إن «تعيين الوزراء وعزلهم من صلاحيات رئيس الجمهورية، منحها له الدستور وحده، فيما تصرف برلماني الحزب السيد بن زعيم وكأنه وصي على الرئيس. لقد انحرف هذا الشخص ويجب أن يعاقب. وأنا أحذر كل المناضلين بأن يلزموا حدودهم، وألا يخوضوا في القضايا الهامة حتى يصدر فيها الحزب رأيا أو موقفا».
في المقابل، قال بن زعيم لصحافيين إن ولد عباس «يريد أن يحرم البرلمانيين من أهم صلاحية أعطاها لهم الدستور، وهي مراقبة عمل الوزراء ومساءلتهم وانتقادهم إذا لزم الأمر. والسيدة وزيرة التعليم أدخلت قطاعها، الذي يضم 8 ملايين تلميذ وعشرات الآلاف من الأساتذة، في اضطرابات خطيرة بسبب سوء تسيير القطاع، وقد أعطيت رأيي فيها وصرحت بأنها لا تصلح لهذه الوزارة، وينبغي إبعادها من الشأن الحكومي، ولم أقل أبدا بأن الرئيس مطالب بإقالتها. صراحة لا أفهم ماذا أصاب ولد عباس».
كما أثار ولد عباس جدلا حاد مؤخرا، عندما انتقد رئيس البرلمان وقيادي الحزب سعيد بوحجة، لأنه أطلق وساطة بين نقابة الأطباء المضربين ووزارة الصحة. وذكر ولد عباس أن بوحجة «أقحم نفسه في شأن يخص الحكومة». وقبل أشهر، عزل ولد عباس القيادي والناطق باسم الحزب حسين خلدون، بذريعة أنه «كثير الثرثرة في الإعلام»، وبأنه يدلي بتصريحات تلزم الحزب، من دون العودة إلى قيادته. وعين مكان خلدون الصادق بوقطاية، الذي استوعب الدرس جيدا، ولم يغامر أبدا بالتصريح للصحافة في أي شيء.
وعلاوة على ذلك، أغلق ولد عباس الباب في وجوه قياديين بارزين، كانوا خصوما للأمين العام السابق، ومنعهم من العودة إلى صفوف «جبهة التحرير»، مبديا خوفا من منازعته في القيادة. وأبرز هؤلاء الوزير السابق عبد الرحمن بلعياط، ورئيس البرلمان سابقا عبد العزيز زياري.
أزمات تعصف بحزب بوتفليقة بسبب «تسلط» أمينه العام
أزمات تعصف بحزب بوتفليقة بسبب «تسلط» أمينه العام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة