الهجرة في إيطاليا... بين الأفكار الجاهزة والواقع

تنظيم مسيرات في ميلانو وروما قبل الانتخابات البرلمانية

متظاهرون يحتجون في باليرمو أمس ضد العنصرية الفاشية والأحزاب اليمينية المتطرفة (إ.ب.أ)
متظاهرون يحتجون في باليرمو أمس ضد العنصرية الفاشية والأحزاب اليمينية المتطرفة (إ.ب.أ)
TT

الهجرة في إيطاليا... بين الأفكار الجاهزة والواقع

متظاهرون يحتجون في باليرمو أمس ضد العنصرية الفاشية والأحزاب اليمينية المتطرفة (إ.ب.أ)
متظاهرون يحتجون في باليرمو أمس ضد العنصرية الفاشية والأحزاب اليمينية المتطرفة (إ.ب.أ)

يفيد مركز إيدوس لدراسات الهجرة في إيطاليا، بأن المهاجرين يؤمنون ما بين 2.1 و2.8 مليار يورو إضافية، أي أكثر مما يكلفون الخزينة العامة. فنظرا لأن عمرهم أقل من متوسط عمر الإيطاليين، فإنهم يساهمون بمبلغ أكبر في صندوق الضمان الاجتماعي مما يحصلون عليه، فيما يتعلق بمعاشات التقاعد أو التعويضات الصحية. وتهيمن مسألة الهجرة على حملة الانتخابات البرلمانية الإيطالية المقررة في الرابع من مارس (آذار) من خلال بعض الأفكار والمفاهيم المبالغ بها. إلا أن 30 في المائة من الإيطاليين يعرفون أن ثمة نحو 8 في المائة فقط من الأجانب في بلادهم. وجميع الآخرين يقول إن العدد أكثر، وحتى أكثر بكثير. وأدى إسهاب وسائل الإعلام في الحديث عن أعمال شائنة متفرقة منسوبة إلى أجانب، إلى إعادة طرح الأسئلة حول العلاقة بين الهجرة وانعدام الأمن، لكن وزارة الداخلية تقول إن الجرائم والجنح تراجعت في إيطاليا منذ 10 سنوات، فيما استمر عدد الأجانب في الارتفاع.
ولا يزال من الممكن أن تنظم الأحزاب المتنافسة فعاليات لحملات انتخابية حتى الجمعة المقبل. وفي الرابع من مارس (آذار)، يتوجه نحو 51 مليون إيطالي للإدلاء بأصواتهم لاختيار برلمان جديد. ووضعت استطلاعات الرأي في الصدارة التحالف المنتمي لليمين الوسط المؤلف من حزب «رابطة الشمال» بقيادة ماتيو سالفيني وحزب «فورزا إيطاليا» بقيادة رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني وأحزاب يمينية أصغر أخرى. وفي الوقت نفسه، يتعرض الحزب «الديمقراطي» الحاكم لخطر مواجهة هزيمة مريرة. ويتوقع أن يدلي العديد من الإيطاليين بأصواتهم لحزب «حركة النجوم الخمسة» المناهض للمؤسسة، الذي يتجه إلى أن يكون أكبر حزب في البرلمان.
ومع اقتراب موعد الانتخابات دعت أحزاب سياسية متنافسة وجماعات أخرى إلى تنظيم مسيرات حاشدة في مختلف المدن الإيطالية أمس السبت، حيث دخلت الحملة الانتخابية في البلاد مراحلها النهائية. وتوقع حزب «رابطة الشمال» الشعبوي اليميني مشاركة 500 ألف شخص في مسيرة السبت، بقيادة زعيم الحزب ماتيو سالفيني في ميدان الكاتدرائية وسط ميلانو. وفي روما، خرجت جماعات يسارية والحزب «الديمقراطي الاشتراكي» إلى الشوارع في مسيرة ضد العنصرية، وفي الأسابيع الأخيرة، أدت المظاهرات إلى اشتباكات متكررة بين مناهضين للفاشية وقوات الأمن، حيث وردت أنباء عن العديد من الاعتقالات والإصابات. ويعد مرشحو اليمين واليمين المتطرف و«حركة النجوم الخمسة» أيضا بوقف تدفق الواصلين وبإعادة مئات آلاف المهاجرين غير القانونيين إلى بلدانهم. في 2013، كان عدد طالبي اللجوء في مراكز الاستقبال 22 ألف شخص. وفي أواخر يناير (كانون الثاني)، ارتفع العدد إلى 182 ألفا بفضل نشوء جمعيات ومراكز خاصة في 40 في المائة من المدن والبلدات، تدفع لها الدولة 35 يورو عن كل شخص يوميا. لكن تدفق المهاجرين من ليبيا مرهون في المقام الأول باستقرار ذاك البلد واستمرار الاتفاقات المثيرة للجدل التي عقدتها روما مع السلطات والفصائل الليبية، وأتاحت خفض عمليات الوصول بنسبة 70 في المائة منذ صيف 2017.
الواصلون من ليبيا كلفوا الدولة أكثر من 4.2 مليار يورو في 2017. كما تقول الحكومة، إن 18 في المائة لعمليات الإغاثة في البحر، و13 في المائة للمساعدة الصحية، و65 في المائة للاهتمام بطالبي اللجوء. يختلف استقبال طالبي اللجوء كثيرا بين هيئة وأخرى. فالبعض منها يقدم دروس اللغة الإيطالية والدعم النفسي المطلوب، وينظم مباريات في كرة القدم، وأعمال تطوع وتدريبات... وتتيح هذه الأنشطة ازدهار المجتمعات الريفية التي تستفيد منها. لكن جمعيات أخرى تتقشف من أجل خفض التكاليف، وتكدس مئات الأشخاص الذين يموتون ضجرا في انتظار قرار حول وضعهم، وهذا ما يمكن أن يستغرق سنتين، فيتزايد الغضب والارتياب بين المهاجرين وكذلك بين السكان. وقال موسى بامبا (32 عاما) من ساحل العاج الذي أمضى بضعة أشهر في أحد هذه المراكز «يصبح الناس مجانين هنا»، مضيفا في تصريحات نقلتها الوكالة الألمانية: «ثمة عدد كبير من الشبان الذين لا تعود بهم طاقة للاحتمال بعد بضعة أشهر». المعتقلون الأجانب يشكلون في الوقت الراهن 16 في المائة من السجناء في إيطاليا، أي ضعف نسبتهم بين السكان، كما تقول وزارة العدل. ويفيد عدد كبير من التقارير الأخيرة بأن نسبة الجريمة في أوساط الأجانب المقيمين في وضع قانوني، شبيهة بنسبة الجريمة في أوساط الإيطاليين، لكنها ترتفع كثيرا بين المقيمين غير الشرعيين.
> يفيد معهد الإحصاءات الإيطالي (إيستات) بأن عدد الأجانب المقيمين بصورة قانونية يبلغ 5 ملايين، أي ما يعادل 8.3 في المائة من التعداد السكاني العام الذي يبلغ 60.5 مليون نسمة. أتى منهم 23 في المائة من رومانيا، و9 في المائة من ألبانيا، و8 في المائة من المغرب، و5.5 في المائة من الصين، و4.5 في المائة من أوكرانيا، و3.3 في المائة من الفلبين، و3 في المائة من الهند، ويؤدون أعمالا تجارية صغيرة، أو يعملون في المنازل أو في الزراعة. لكن وصل أكثر من 690 ألف شخص معظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء منذ 2013، ولا يزال كثيرون منهم في البلاد، سواء حصلوا أم لا على أوراق إقامة قانونية. وتفيد التقديرات بأن عدد المهاجرين غير الشرعيين يناهز 500 ألف ليس لهم الحق في طلب اللجوء أو وصلوا حاملين تأشيرة دخول انتهت مدة صلاحيتها.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.