وفد من «حماس» في القاهرة لدفع جهود استكمال المصالحة

مصادر رجحت وصول قيادات من «فتح» لبحث الخلافات

TT

وفد من «حماس» في القاهرة لدفع جهود استكمال المصالحة

غادر وفد من المكتب السياسي لحركة حماس، أمس، قطاع غزة عبر معبر رفح البري باتجاه العاصمة المصرية القاهرة، في زيارة أعلن مسبقاً عن التخطيط لها بين قيادة الحركة وجهاز المخابرات المصرية بهدف بحث عدد من الملفات الخاصة بالقضية الفلسطينية، أبرزها ملف المصالحة مع حركة فتح، والخطوات البطيئة جداً التي تسير بها، وتبادل الاتهامات بين الجانبين حول تطبيق ما تم الاتفاق عليه بينهما في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بالقاهرة.
وترأس الوفد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، وخليل الحية وروحي مشتهى الذي عينته حماس كجهة اتصال دائمة وممثل لها لدى مصر، بالإضافة إلى فتحي حماد الذي يغادر لأول مرة قطاع غزة منذ عام 2012 بعد عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، حيث كان يتهم من النظام المصري بالوقوف خلف بعض الأحداث الأمنية، وينسق مع جماعة الإخوان المسلمين هجمات ضد مسؤولين مصريين، ضمن الاتهامات التي كانت توجه مسبقاً لحركة حماس قبل تطوير العلاقات من جديد بين الحركة والنظام المصري.
وهذه هي الزيارة الثانية لإسماعيل هنية إلى مصر منذ توليه رئاسة المكتب السياسي للحركة، حيث سبق أن غادر إليها في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي للقاء المسؤولين في جهاز المخابرات المصرية، وبحث بعض الملفات، وهو ما تمخض عنه فيما بعد اتفاق المصالحة الجديد.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة أتت بعد تنسيق بين إسماعيل هنية وموسى أبو مرزوق مع قيادة جهاز المخابرات المصرية، مشيرةً إلى أن أبو مرزوق قد يصل قادماً من قطر في وقت لاحق للانضمام لوفد حماس، برفقة قيادات أخرى من الحركة، حيث كان قد زار القاهرة أخيراً ليومين، أجرى خلالهما لقاءات سريعة.
وبحسب المصادر، فإن هذه الزيارة تم التنسيق لإتمامها منذ أكثر من شهر، موضحة أن السلطات المصرية كانت تنتظر فتح معبر رفح البري بسبب الظروف الأمنية في شبه جزيرة سيناء المجاورة لقطاع غزة. كما أن جهاز المخابرات المصرية كان يشهد تغييرات في بعض المناصب في انتظار الانتهاء منها حتى يتم استقبال الوفد لاستكمال الملفات المشتركة بين الجانبين.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن «حماس» ستبحث مع المسؤولين في جهاز المخابرات المصرية ملف التعاون الأمني المشترك بينهما، وكذلك بعض الملفات المتعلقة بالحدود وسيناء وغيرها، مشيرة إلى أن وفد حماس غادر قطاع غزة تحت حماية أمنية مشددة من قبل الجيش والأمن المصري، وأن زيارته تزامنت مع بدء عملية عسكرية مصرية واسعة ضد أوكار الجماعات الإرهابية في سيناء.
ورجحت المصادر أن يصل وفد خلال الساعات أو الأيام المقبلة من حركة فتح، برئاسة عزام الأحمد مسؤول ملف المصالحة بالحركة، إلى القاهرة لعقد لقاءات مع الجانب المصري، وربما أخرى مع وفد حركة حماس لبحث موضع الخلافات بشأن بعض خطوات المصالحة، خصوصاً ما يتعلق بتمكين الحكومة من أداء مهامها بغزة.
وقال فوزي برهوم، الناطق باسم الحركة، في تصريح صحافي له، إن الزيارة تأتي ضمن ترتيبات مسبقة، وفي إطار جهود الحركة للتشاور مع مصر للتخفيف عن سكان قطاع غزة، وفك أزماته المختلفة التي أوصلت القطاع إلى حافة الهاوية، حسب تعبيره، مضيفاً أنها «ستبحث أيضاً استكمال تنفيذ اتفاق المصالحة على أساس اتفاق 2011 و2017، ولدفع الجهود المصرية لإتمامها، كما تأتي أيضاً ضمن الجهود التي تبذلها الحركة لحماية القضية الفلسطينية، ومواجهة القرار الأميركي الأخير بشأن القدس، ومواجهة الاستيطان».
ويعاني قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني نسمة، أوضاعاً معيشية متردية جراء الحصار الإسرائيلي المستمر منذ نحو 12 عاماً. وفي أكتوبر الماضي، وقعت حركتا «فتح» و«حماس» على اتفاق للمصالحة في القاهرة، لكن تطبيقه تعثر وسط خلافات بين الحركتين بخصوص بعض الملفات.
كان ممثلو الفصائل والقوى الفلسطينية المشاركة في اجتماع المصالحة الموسعة بالقاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قد قرروا العودة إلى جولة جديدة من المفاوضات بشأن المصالحة في فبراير (شباط) الحالي، بعدما اتفقوا على 6 بنود رئيسية، أبرزها النص على أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين، وضرورة ممارسة الحكومة مهام عملها كاملة في قطاع غزة. كما تطرق المجتمعون حينها إلى إدانة القرار الأميركي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».