أعطت تركيا مؤشراً على عدم رغبتها في تصعيد الأزمة الدبلوماسية مع هولندا عقب قرار سحب سفيرها لدى أنقرة، في الوقت الذي تسعى فيه لترميم علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي التي تضررت بشدة بسبب «حملة التطهير» التي أطلقتها السلطات التركية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو (تموز) 2015، والتي لا تزال مستمرة. وأعلنت تركيا استعدادها للنظر في علاقاتها مع هولندا حال أظهرت من جانبها الإرادة لاتخاذ الخطوات الملموسة المطلوبة في طريق تطبيع العلاقات الثنائية.
وذكر بيان الخارجية التركية الذي صدر تعليقاً على إعلان هولندا، أول من أمس، سحب سفيرها لدى أنقرة، كورنيليس فان ري، الذي كان قد غادرها في مارس (آذار) العام الماضي، أن تركيا طالبت بعدم عودته على خلفية التوتر الشديد الذي نجم عن منع أمستردام وزيري الخارجية والأسرة التركيين من لقاء المواطنين الأتراك في هولندا لحثهما على تأييد التعديلات الدستورية. وقال المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أكصوي، إن ما تنتظره بلاده معروف من أجل تطبيع العلاقات مع هولندا، عقب الأزمة التي تفجرت بين البلدين في مارس 2017.
ووقعت الأزمة مع عرقلة السلطات الهولندية لقاء وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ووزيرة الأسرة والسياسات الاجتماعية فاطمة بتول صايان كايا، مع أبناء الجالية التركية في هولندا، وعلى أثرها اتهم إردوغان هولندا وباقي دول الاتحاد الأوروبي التي حذت حذو هولندا، مثل ألمانيا والنمسا، بأنها من بقايا النازية والفاشية، وهاجم الاتحاد الأوروبي مراراً، ووصفه بأنه نادٍ مسيحي يرفض انضمام بلاده إلى عضويته، ورفضت هولندا تصريحات إردوغان، وطالبت تركيا بالاعتذار.
ولفت أكصوي إلى أن السلطات الهولندية تعلم بعدم رغبة تركيا في عودة السفير الهولندي الموجود في بلاده منذ عام تقريباً. وقالت مصادر دبلوماسية تركية إن أنقرة قدمت للجانب الهولندي بعض الشروط (لم تكشف عنها) من أجل تجاوز الأزمة، إلا أن الأخيرة لم تقْدم على أي خطوة من أجل تطبيع العلاقات. وكان نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ، قد علق في تصريحات مساء أول من أمس، عقب اجتماع مجلس الوزراء، على إعلان هولندا سحب سفيرها من أنقرة، قائلاً: «في الأصل هولندا لم يكن لها سفير في أنقرة خلال الأشهر الاثني عشر الأخيرة، وأعلنت سحب سفيرها سابقاً». وأكد أن «هذا القرار يعد إعلاناً لما هو معلوم، وأن العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وهولندا لم تنقطع». وحالياً يتم تسيير العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وهولندا على مستوى القائم بالأعمال.
وبدأت تركيا مساعي مكثفة في الأشهر الأخيرة لمحاولة ترميم العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والعديد من دوله وفي مقدمتها ألمانيا. ويرى الاتحاد الأوروبي أن الرئيس رجب طيب إردوغان يستخدم حملة تجري في ظل حالة الطوارئ المعلنة في البلاد، والتي شملت حبس أكثر من 60 ألفاً وفصل أو وقف أكثر من 160 ألفاً آخرين عن العمل بتهمة الارتباط بحركة «الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن، والتي تتهمها أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب، للتضييق على معارضيه. في سياق متصل، رفضت المحكمة الدستورية العليا في تركيا طلب الإفراج عن الكاتبين الصحافيين محمد ألطان وشاهين ألباي، على الرغم من قرارها السابق التي أعلنت فيه أن حقوقهما انتُهكت.
وقالت صحيفة «جمهوريت» التركية، إن محاميي الصحافيين ألطان وألباي، المسجونَين منذ أكثر من عام، طالبا عقب إعلان المحكمة الدستورية في 11 يناير (كانون الثاني) الماضي بأن حقوقهما انتُهكت، بالإفراج عن موكليهما، لكن المحكمة الدستورية رفضت الطلب.
وردت المحكمة الدستورية على الطلب المقدم من المحاميين بأن هذا الطلب لا يمكن الموافقة عليه إلا عندما يكون هناك تهديد خطير للحق في الحياة أو في السلامة المادية أو المعنوية. ووصف أرججين جينام، محامي الصحافي محمد ألطان، قرار المحكمة رفض الإفراج عن الصحافيين بـ«غير القانوني». واعتُقل ألطان وألباي في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة، ولا يزالان في السجن لمدة زادت على العام، وذلك بتهمَتي الانتماء إلى «منظمات إرهابية» و«محاولة الإطاحة بالحكومة».
على صعيد آخر، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن تركيا لن تشتري أنظمة دفاع أو برامج كومبيوتر أو منتجات دفاعية من الخارج إلا للضرورة، متعهداً بتطوير تصميمات وأنظمة عسكرية محلية. وأكد إردوغان، في اجتماع لكتلة حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان أمس، أن بلاده مستعدة للتعاون مع شركات دفاع أجنبية تقبل شروط أنقرة، ولكن هذا لن يؤدي إلى صفقات أنظمة جاهزة.
وأضاف: «لن نشتري من الخارج أياً من المنتجات والأنظمة والبرمجيات الدفاعية الممكن تصميمها وإنتاجها وتطويرها في بلادنا، باستثناء الحالات الطارئة، وإذا اقتضت الضرورة سنبذل المزيد من الوقت والمال لتطوير تصاميمنا ومنتجاتنا ونظمنا وبرمجياتنا الخاصة».
وتابع: «نصنع الآن طائرات من دون طيار مسلحة وغير مسلحة، وأصبحنا نصنع جميع ذخائرنا، لم يعد بإمكان أي دولة أو مؤسسة اختبار قوة تركيا أو عزمها».
وأبرمت تركيا مؤخراً صفقة مع روسيا لشراء منظومات صواريخ «إس 400» للدفاع الجوي، لكن روسيا لم تقبل بمبدأ التصنيع المشترك، كما أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) اشترط على تركيا عدم إدماج الصواريخ الروسية في منظومته. وأعلنت تركيا أنها ستعمل على اقتناء منظومتها الخاصة للدفاع الجوي من خلال التعاون في التصنيع مع دول أعضاء في «ناتو» مثل إيطاليا وفرنسا، وناقش إردوغان هذا الموضوع مع نظيره الإيطالي ومع وزير خارجية إيطاليا خلال زيارته لها، أول من أمس.
تركيا تعلن رغبتها في إنهاء الأزمة الدبلوماسية مع هولندا
إردوغان: لن نستورد أنظمة دفاعية من الخارج بعد الآن
تركيا تعلن رغبتها في إنهاء الأزمة الدبلوماسية مع هولندا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة