فضائح التحرش تطيح بسياسيين جدد... وهؤلاء أبرز المتورطين

هاشتاغ «أنا أيضا» لعب دورا كبيرا في كشفها

باتريك براون المستقيل من زعامة الحزب التقدمي المحافظ المعارض الكندي (رويترز)
باتريك براون المستقيل من زعامة الحزب التقدمي المحافظ المعارض الكندي (رويترز)
TT

فضائح التحرش تطيح بسياسيين جدد... وهؤلاء أبرز المتورطين

باتريك براون المستقيل من زعامة الحزب التقدمي المحافظ المعارض الكندي (رويترز)
باتريك براون المستقيل من زعامة الحزب التقدمي المحافظ المعارض الكندي (رويترز)

يبدو أن عام 2017 كان مجرد بداية لزمن كشف الفضائح ومواقف التحرش حول العالم. فبعد فضيحة هارفي واينستين الجنسية وانتشار هاشتاغ «أنا أيضا» المناهض للتحرش، وأخبار الفضائح تنتشر في كل مكان. فأعطت هذه الحملة آلاف النساء دافعا قويا لكسر حاجز الخوف والصمت، واستطاعت الإطاحة بالكثير من الفنانين والسياسيين لممارستهم تصرفات مخلة بالآداب.
وفي الوقت الذي يزداد فيه تأثير حركة «أنا أيضا» على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن سياسيان كنديان بارزان استقالتهما من منصبهما إثر اتهامات بفعل سلوك غير أخلاقي. وأكد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أمس (الخميس) أن وزير الرياضة وذوي الاحتياجات الخاصة كنت بهر (48 عاما) استقال من منصبه بينما تحقق الحكومة في مزاعم بشأن توجيه تعليقات غير لائقة لنساء.
وجاء الإعلان بعد استقالة باتريك براون من زعامة الحزب التقدمي المحافظ المعارض في أونتاريو.
واستقال براون أمس أيضا إثر اتهامات بأنه قام بإيماءات جنسية غير مقبولة تجاه امرأتين. ونفى براون بشدة هذه الاتهامات التي وردت مساء الأربعاء في تقرير لشبكة (سي.تي.في نيوز).
- «أنا أيضا»
انطلقت الحملة من الولايات المتحدة وتسببت في إقصاء أو استقالة عدد من المشاهير في قطاع الترفيه والسياسة والإعلام، واكتسبت زخما في كندا في الأسابيع الأخيرة وتأثر بها مدرب للفريق الوطني للجمباز والمدير الفني لفرقة مسرحية بارزة في تورونتو.
وانتشر هاشتاغ «أنا أيضا» بصورة كبيرة وواسعة على وسائل التواصل الاجتماعي حول العالم خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2017، بهدف إدانة واستنكار الاعتداء والتحرش الجنسي وذلك على خلفية اتهامات الاعتداء والتحرش والاغتصاب التي وجهتها عشرات النساء لمنتج أفلام هوليوود البارز هارفي واينستين.
ويعود أصل استخدام العبارة في اللغة الإنجليزية إلى الناشطة تارانا بيرك، وحصل الوسم على شعبية كبيرة عالمياً بعدما استخدمته الممثلة أليسا ميلانو، ما شجع كثير من النساء على التغريد به لأجل التحدث عما تعرضن له من انتهاك ولإظهار مدى انتشار طبيعة السلوك المهين للمرأة.

فمن هم أبرز السياسيين الذين أطاحت بهم هذه الحملة؟
بهر وبراون هما أشهر سياسيين يفقدان منصبهما جراء مزاعم بفعل تصرفات مخلة بالآداب منذ أن أطلق ضحايا التحرش الجنسي حملة «أنا أيضا» العام الماضي، ولكنهما ليسا الوحيدين.
- زعيم الحزب التقدمي المحافظ في نوفاسكوشيا
أقدم جامي بيلي زعيم الحزب التقدمي المحافظ في نوفاسكوشيا على الاستقالة الأربعاء بعد أن توصل تحقيق إلى أنه انتهك سياسة عدم التحرش في مكان العمل.
- وزير الدفاع البريطاني
استقال مايكل فالون وزير الدفاع البريطاني من منصبه العام الفائت عقب مزاعم تتعلق بسلوكيات في الماضي. وقال فالون آنذاك: «أقر بأن سلوكي في الماضي كان أدنى من المعايير العليا التي تتطلبها القوات المسلحة التي لي شرف تمثيلها».
- أعضاء من البرلمان البريطاني
رافق استقالة فالون إيقاف عدد من أعضاء البرلمان البريطاني من «المحافظين» و«العمال». فعُلّقت عضوية نائب بريطاني في حزب العمال في إطار الفضيحة التي بدأت تهز الطبقة السياسية في بريطانيا، كما تم تعليق عضوية النائب كلفن هوبكنز (76 عاماً) على خلفية اتهامات قدمتها شابة ناشطة في الحزب وجه إليها رسائل نصية تتضمن إيحاءات جنسية.
وطالت اتهامات التحرش كذلك عضوين في الحكومة، هما نائب رئيس مجلس الوزراء داميان غرين ووزير الدولة للتجارة الدولية مارك غارنييه، والنائب المحافظ تشارلي إلفيك.
- أعضاء الكونغرس الأميركي
استقال عضو الكونغرس الأميركي، ترينت فرانكس في ديسمبر (كانون الأول) بعدما قالت لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب إنها تحقق معه في ادعاءات بالتحرش الجنسي، ليصبح ثالث مشرع أميركي يستقيل في الشهر نفسه بسبب مزاعم التحرش.
وقدم السيناتور أل فرنكين، وهو ديمقراطي، استقالته من مجلس الشيوخ وسط ادعاءات بسوء السلوك، كما كان عضو الكونغرس جون كونيرز، أطول عضو في مجلس النواب الأميركي من حيث مدة الخدمة، أعلن، تقاعده فورا بعد اتهامه من قبل موظفات سابقات بالتحرش.
- التحرش بـ600 سيدة في آيسلندا
تفجرت فضيحة تحرش هزت آيسلندا بعدما أعلنت 600 سيدة يعملن في مجال السياسة عن تعرضهن للتحرش. واستخدم الضحايا الـ600، هاشتاغ «أنا أيضا» لفضح المتحرشين والمغتصبين من رجال السلطة.
وكانت السياسية هيدا هيلميسدوتر أنشأت صفحة مغلقة على «فيسبوك» لتتشارك فيها السياسيات قصصهن حول التحرش بهن من زملائهن، وكانت المفاجأة هي العدد الضخم ما يشير إلى أن الأمر ليس حادثاً عارضاً بل ثقافة عامة.
- فضائح أهل الفن
الاتهامات بالتحرش التي تطال المخرجين والمنتجين والفنانين لا تعد ولا تحصى. وفي آخر الأخبار المتعلقة بهذا الموضوع، انسحاب الممثل الأميركي كيسي أفليك، الذي اتهمته اثنتان من فريق عمل أحد أفلامه بالتحرش الجنسي، من المشاركة في تقديم حفل الجوائز هذا العام. وكان من المتوقع أن يقدم أفليك (42 عاما) جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة لهذا العام.
كما استبعد النجم الأميركي الشهير جيمس فرانكو من الترشيح لجائزة الأوسكار لهذا العام، بسبب اتهامه بالتحرش الجنسي بعدة نساء، وذلك وفقا لما أكدته مواقع أميركية عدة.



معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
TT

معرض «المجهول» للتشكيلي المصري أحمد مناويشي يُسقط الأقنعة

الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)
الرسام أحمد مناويشي أمام لوحات معرضه «المجهول» (الشرق الأوسط)

ما إنْ تدخُل معرض «المجهول» للفنان التشكيلي المصري أحمد مناويشي، حتى تستوقفك وجوه لوحاته، بريشة حرّة تستكشف ملامحَ وأحداثاً غامضة. أعماله تبحث عن مشاعر عميقة وعلامات استفهام تحضّك على التحليل وفكّ الألغاز.

ينقسم معرض مناويشي في غاليري «آرت ديستريكت» بمنطقة الجميزة البيروتية إلى قسمين، من بينها ما يروي حكايات أشخاص اختبأت مشاعرهم تحت الأقنعة الواقية من جائحة «كورونا»، وأخرى رسمها حديثاً لمَن عاشوا الحرب الأخيرة في لبنان.

يركُن مناويشي إلى نقل مشاعر أشخاص يعيشون المجهول (الشرق الأوسط)

مع هذا المعرض، يستعيد غاليري «آرت ديستريكت» عافيته. فالحرب منعته قسرياً من إقامة نشاطات ثقافية. ومن خلال «المجهول»، يعلن صاحبه المصوّر الشهير ماهر عطّار انطلاق الموسم الفنّي في الغاليري.

في الجزء الأول من مجموعة أحمد منشاوي، تصطفُّ سلسلة لوحات صغيرة، تصوِّر جميعها وجوهاً يعتريها القلق. فالفنان المصري لفتته ملامح الإنسانية في زمن «كورونا». كان يرى الإنسان يمشي مرتدياً القناع خوفاً من الإصابة بالعدوى. وهو ما حضَّه، خلال إقامته في بروكسل، على تخيّل ملامحه الأصلية. وفي 30 لوحة يئنُّ أصحابها تحت وطأة أحاسيسهم، يُترجم أفكاره. مجموعة من النساء والرجال تصرخ بصمت، فتُخرج غضبها وقلقها وحزنها عابسةً في معظم الوقت.

تقنيته المرتكزة على الأكليريك تتدخَّل فيها أحياناً أنامل الفنان بعيداً عن ريشته (الشرق الأوسط)

يوضح مناويشي لـ«الشرق الأوسط»: «بدأتِ التجربة عندما كنتُ في بروكسل عام 2021. كانت مفاعيل الجائحة لا تزال تسيطر على حياتنا. جميعنا اعتقدنا بأنّ هذه الحقبة أبدية، كأنَّ سوادها لا حدود له. فرحتُ أتخيّل الناس الذين أراهم كأنهم خلعوا أقنعة الوقاية ورسموها. جميعهم كانوا مجهولين بالنسبة إليّ، ولا تربطني بهم أي علاقة. عندما عدتُ إلى لبنان، انتابتني الأحاسيس عينها. كانت الحرب محتدمة، وكان الناس قلقين، لا يعرفون مصيرهم. فرأيتُ بوضوح المجهول الذين يتخبَّطون فيه. حالة الترقب هذه حرّضت ريشتي على التحرُّك من جديد. ومن خلال تلك الحالتين، تناولتُ موضوع (المجهول)، إنْ من ناحية المشاعر أو المصير».

الإحساس بالتأرجُح في طريق لا رؤية واضحة لنهايتها، يُترجمه أحمد مناويشي. ويعترف من خلال ريشته بأنّ الانتظار مخيف، فكيف إذا كانت الأجواء التي يعيشها الناس غامضة؟

تحمل وجوه لوحات مناويشي أسئلة مختلفة تتعلّق بقلق المصير (الشرق الأوسط)

في واحدة من لوحاته، يشير إلى شخصيات مجموعة «أنونيموس» العاملة في مجال «النضال» عبر الاختراق البرمجي. راجت أعمالها المثيرة للجدل عام 2003، فمثَّلت مفهوماً لمستخدمي الإنترنت المجهولين. حينها، عَبَروا من العالم الواقعي إلى الوهمي في أعمال تتعارض مع الرقابة. اخترقوا مواقع حكومية عدّة، وأنظمة كومبيوتر أهم شركات الحماية. وولَّدوا «بلبلة» على أصعدة مختلفة، وهم يرتدون أقنعة تُعرَف بـ«جاي فوكس».

يتابع الرسام المصري: «قناع (الأنونيموس) كان الأشهر في القرن الحالي، فرغبتُ بالربط بينه وبين عنوان معرضي، لتُولد هذه اللوحة الوحيدة عن تلك المجموعة. مبدأ هؤلاء يرتكز على الثورة ورفض حُكم الدولة العميقة والسلطات العليا».

لم يعنون مناويشي لوحاته بأسماء معيّنة، فتركها مجهولةً. يقول: «رغبتُ في أن يسمّيها ناظرها كما يشتهي. أرنو إلى هذا التفاعل المباشر بين المُشاهد واللوحة». وهو يميل إلى المدرسة التعبيرية في الفنّ التشكيلي: «أحبُّ حالة الحركة في لمسات اللوحة وموضوعها، وأرغب في التواصل معها القائم على الشعور بأنها حيّة، فلا تكون باهتة تمرّ من دون تَرْك أثرها على ناظرها. لذلك، تسير ريشتي بشكل غير مُنتظم باحثةً عن نَفَس لا ينقطع؛ ومرات تتدخَّل أناملي مباشرة، فأبتعدُ عن ريشتي لتخرُج أعمالي من رتابتها، وتكسر تلك القدرة على التحكُّم التقليدي بمشاعر مُشاهدها».

تؤلّف الألوان التي يستعملها مناويشي حالةً بذاتها. فهو جريء باختيارها زاهيةً مرّات؛ ودافئة أخرى. يُحدِث زوبعة بألوان تبدو ثائرة، فتُعبّر عن الظلم والقلق والعنف: «مشاعر الإنسانية لا يمكن حصرها في بوتقة واحدة. وهذه الألوان تعبّر عن المشهدية المدفونة في أعماقنا، فتُبرز التنوّع في أحاسيس تنتابنا وفيها كلّ الاحتمالات. وهنا يأتي دور المتلقّي الذي يرى اللوحة من وُجهة نظره، ويُلاقي ما يمثّل تفكيره ومشاعره في أحد هذه الألوان».

ينقسم «المجهول» إلى قسمين من الأعمال التعبيرية (الشرق الأوسط)

في قسم لوحات الحرب، تأخُذ أعمال الرسام أحمد مناويشي منحى آخر، فيكبُر حجمها بشكل ملحوظ لتضع تفاصيل الوجه تحت المجهر. يعلّق: «هذه المساحات الكبيرة تزوّدنا بفرصة للتوضيح بشكل أفضل. فالعبور من زمن (كورونا) إلى زمن الحرب، كان لا بدَّ أن يحمل التطوّر. واعتمدتُ هذا التغيير؛ لئلا أقع في التكرار والتشابُه».

وأنت تتجوَّل بين أقسام معرض «المجهول»، تستوقفك ملامح وجه رجل حائر، ووجه امرأة تنظر إلى الغد بعتب. وأحياناً تلمس صلابة وجه آخر على شفير هاوية. وفي أخرى، تحملك ملامح رجل تلقّى صفعات الحياة بعينين حزينتين. لكنَّ جميع الشخصيات لا تبدو مستسلمة لقدرها، كأنها تقول: «وماذا بعد؟» على طريقتها.

يبرُز العنصر الأنثوي بوضوح في مجموعة «المجهول». وهنا كان لا بدَّ للرسام التشكيلي أن يعترف: «النساء لا يعرفن إخفاء أحاسيسهن ببراعة. مشاعرهن تخرج بقوة. لذلك نكتشفها بصورة أسهل من تلك الموجودة عند الرجل. فالأخير يحاول أن يُظهر صموداً تجاه مشاعره. ويفضّل ألا تُقرأ بسهولة».

يؤكد أحمد مناويشي أنه لا يحبّ تقييد نفسه بأسلوب رسم واحد. ويختم: «أفضّل التنويع دائماً، وعدم طَبْع لوحاتي بهوية واحدة كما يحبّ بعضهم. أُشبّه نفسي بروائي يؤلّف القصص ليستمتع بها القارئ، فلا يكرّر نفسه أو يقدّم ما يتشابه. ما أنجزه اليوم في عالم فنّ (البورتريه)، لم أقاربه مِن قبل. هو نافذة للتعبير. وهذا الاختلاف في الأسلوب يُحفزّني على دخول مدارس فنّية مختلفة. ما يهمّني هو تقديمي للناس أعمالاً يستمتعون بها فتولّد عندهم حبَّ الاكتشاف».