إسرائيل تستهدف موقعاً لـ«حماس» بعد إطلاق صاروخ

خلافات في تل أبيب حول جدوى عملية عسكرية في قطاع غزة

TT

إسرائيل تستهدف موقعاً لـ«حماس» بعد إطلاق صاروخ

شنت طائرات مروحية إسرائيلية فجر أمس، هجوماً على موقع عسكري لقوات كوماندوز بحرية تابعة لـ«كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة حماس، في غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ما تسبب في وقوع أضرار بالغة في الموقع، وذلك بعد ساعات قليلة من سقوط صاروخ أطلق من شرق المدينة عينها تجاه مجمع مستوطنات أشكول في جنوب إسرائيل.
وقالت مصادر فلسطينية، إن طائرات أباتشي أطلقت ثلاثة صواريخ باتجاه الموقع المجاور لميناء خان يونس، التي بدأ العمل على إنشائه قبل أشهر، ويتوقع أن يصبح جاهزاً للعمل في غضون الأشهر الخمسة المقبلة، مشيرةً إلى أن أضراراً كبيرة لحقت بالمكان المستهدف، وأن قوات أمنية كبيرة من «حماس» عملت على حمايته، ومنع وصول مدنيين خشية من تكرار استهدافه.
وكرر الجيش الإسرائيلي، خلال الأسابيع الأخيرة، استهدافه مواقع قوات الكوماندوز التابعة لـ«كتائب القسام»، في مناطق عدة من قطاع غزة، فيما يبدو أنها محاولة لتدمير معدات عسكرية.
وحمل ناطق عسكري إسرائيلي، حركة حماس، المسؤولية عن الأحداث الأمنية في قطاع غزة واستمرار إطلاق الصواريخ خلال الشهر الماضي، باعتبارها لا تزال تبسط سيطرتها الأمنية على القطاع، مشيراً إلى أن الغارة جاءت رداً على إطلاق صاروخ باتجاه مجمع مستوطنات أشكول، ما لم تعلن أي جهة فلسطينية المسؤولية عنه، كما جرت العادة في الأسابيع الأخيرة بعد إطلاق كل صاروخ.
من جهتها، نددت حركة حماس بالغارات الإسرائيلية المتكررة، وحملت إسرائيل المسؤولية عن التوتر الميداني. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن الناطق باسم الحركة، عبد اللطيف القانوع، قوله إن إسرائيل «تستهدف كسر إرادة الشعب الفلسطيني وتقويض انتفاضته المتصاعدة دفاعاً عن مقدساته وحقوقه». وأضاف القانوع أن إسرائيل «تصعد حملة الاعتقالات في الضفة الغربية، وشن الغارات على قطاع غزة، لكنها لن تنجح في فرض معادلة جديدة» علينا.
وتأتي الاتهامات المتبادلة بين إسرائيل و«حماس»، على وقع جدال إسرائيلي داخلي، حول جدوى عملية عسكرية في غزة، بعد مطالبة قيادات في المعارضة الإسرائيلية بتشديد الضربات ضد حركة حماس، واللجوء لسياسة أكثر حزماً، لمنع استمرار إطلاق الصواريخ، كما هو جار فعلاً منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن القدس.
وقد اتهم أفيغدور ليبرمان، وزير الجيش الإسرائيلي، أمس، بعض زعماء المعارضة الإسرائيلية بمحاولة جر الجيش إلى مواجهة جديدة مع «حماس»، التي قال إن لا مصلحة لديها، حالياً، في التصعيد أو الدخول في معركة مع إسرائيل، مشيراً إلى أن منظمات سلفية جهادية تقف خلف إطلاق الصواريخ، وتحاول جر إسرائيل إلى مواجهة مع «حماس»، في تقاطع للرغبات بينهم وبين بعض قادة المعارضة.
كما اتهم ليبرمان الفصائل الفلسطينية في غزة، بالعمل بأوامر إيرانية وبدعم كامل من طهران، مشيراً إلى أن العديد من التنظيمات تلقت معدات عسكرية وقذائف هاون وصواريخ مصنعة في إيران عام 2008، مشدداً على ضرورة معالجة هذه المسألة بصورة كاملة.
كما انتقد غادي آيزنكوت، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الدعوات حول الرد بقوة وشن معركة في غزة لمنع إطلاق الصواريخ، واعتبرها غير مسؤولة، مشيراً إلى أن «حماس» تعمل للحفاظ على الهدوء في غزة، وليست معنية بالتصعيد، ولكنها تحاول تنفيذ هجمات انطلاقاً من الضفة الغربية.
وأشار آيزنكوت إلى أن الجيش يبذل جهوداً سرية وعلنية لمحاربة الأنفاق وتحديد أماكنها، مشيراً إلى أن الوضع الأمني على الحدود مع غزة أصبح أفضل بعد حرب 2014 رغم التصعيد الأخير قبل شهر.
وقال: «منذ ثلاثة أعوام ونصف العام لم يصب أي إسرائيلي عند حدود غزة، وهناك ازدهار في المستوطنات المجاورة للقطاع، ونعمل جاهدين لأن يستمر وقف إطلاق النار»، مضيفاً: «نحن نحاول الحفاظ على الهدوء الذي كان موجوداً قبل شهر. نريد وقف إطلاق الصواريخ وحفر الأنفاق ونعمل بقوة لمنع ذلك».
وكان كل من آفي غاباي، زعيم المعارضة الإسرائيلية، ووزير الجيش السابق موشيه يعلون، قد اتهم كلاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير جيشه الحالي أفيغدور ليبرمان، بالعجز أمام حركة حماس، وعدم القدرة على توجيه ضربات لها، ما دفعها للاستمرار في إطلاق الصواريخ من غزة.
وتشير مصادر إسرائيلية إلى أن نحو 35 قذيفة صاروخية أطلقت من قطاع غزة خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة، منها 18 قذيفة عبرت السياج الفاصل مع إسرائيل، والباقي سقط داخل القطاع.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».