«دار الباشا» بمراكش من عجائب المعمار المغربي

دار الباشا مثال نموذجي للرياض بحديقته المستطيلة
دار الباشا مثال نموذجي للرياض بحديقته المستطيلة
TT

«دار الباشا» بمراكش من عجائب المعمار المغربي

دار الباشا مثال نموذجي للرياض بحديقته المستطيلة
دار الباشا مثال نموذجي للرياض بحديقته المستطيلة

فتحت دار الباشا التي تعد من مفاخر العمارة والتراث المادي المغربي في المدينة العتيقة لمراكش، أبوابها للزوار أخيراً، بعد ترميمها وتحويلها إلى منشأة متحفية، تحت مسمى «دار الباشا متحف الروافد».
وتعتبر الدار واحدة من مساكن التهامي الكلاوي، باشا مراكش الشهير. وتعد المثال النموذجي للرياض في حديقته المستطيلة التي تحيط بجهاتها الأربع ست غرف في تصميم دقيق، فيما يتكون المبنى من مجموعة من الملحقات: الحمام التقليدي؛ والدويرية التي هي مكان مخصص لخدم القصر، والمكتبة، وكذا فضاء خاص بحريم الباشا.
وتجمع دار الباشا بين براعة الصانع التقليدي المغربي من جهة، وانفتاح الباشا الكلاوي على طرق الديكور الغربي من جهة ثانية، وهو شيء تشهد عليه واجهات الأبواب والنوافذ الخشبية المطلة على الرياض المقتبسة من أوروبا، خصوصاً إيطاليا، والتدفئة المركزية التي نجدها في غرف الجناح الخاص بالحريم.
تتميز زخرفة البناية برقة وانسجام نادرين، حيث يدل الزليج والأسقف الخشبية المنقوشة على غنى ودقة النمط الزخرفي المغربي، كما يظهر نظام التزويد بالمياه وصرفها ونظام التسخين في الحمام التقليدي براعة وحنكة الحرفي المغربي.
في ذلك، قال جعفر الكنسوسي، الباحث في قضايا التراث والثقافة المغربية ورئيس جمعية منية مراكش، إن دار الباشا التي يبقى لها تاريخ على مستوى العمل الثقافي في المدينة الحمراء، خصوصاً منذ تسعينات القرن الماضي، «تعيدنا إلى لحظة تأسيسها في بدايات القرن الماضي، من طرف آل المزواري، الذين كان لهم طراز معماري متميز في وقته، علاوة على أنّنا يمكن أن نقارن تشييد هذه الدار بكل ما بنته شخصيات مغربية أخرى في مراكش نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، التي ظلت وفية للعهود المغربية الأندلسية القديمة، من حيث محاورة مراكش السعدية والموحدية وقرطبة وغرناطة أكثر من محاورة الحداثة الغربية الوافدة، على عكس ما حصل في الجزائر وتونس ومصر وسوريا وتركيا، على الرغم من وجود بعض التأثير الإيطالي وغيره».
يقرأ الراغب في زيارة دار الباشا في لوحة تعريفية على بعد خطوات من مدخلها: «يسمونني دار الباشا لأنّني من آثار باشا مراكش الشهير التهامي الكلاوي (1878 - 1956). وقد أمر ببنائي في العشرينات من القرن الماضي على شاكلة الصروح المماثلة المشيدة في نهاية القرن التاسع عشر، مثل دار السي سعيد وقصر الباهية ودار المنبهي. وعندما أصبح القصر في ملك الدولة غداة الاستقلال، أصبح يتكون من جزأين: الستينية المرتبطة بالمجال الملكي ودار الباشا بحصر المعنى التي تقوم وزارة الثقافة بتدبيرها. ودار الباشا هي المثال النموذجي عن صنف الرياض بحديقته الوسطى المغروسة بأشجار البرتقال وبأشجار مثمرة أخرى، وهي من عجائب المعمار المغربي، تقدم أمثلة عن مهارة صناعه التقليديين: طرق جديدة في التزيين مثل واجهات الأبواب والنوافذ الخشبية المقتبسة من أوروبا والمطلة على الرياض الكبير، والتدفئة المركزية المطمورة في غرف الرياض الصغير والأثاث الفاخر الذي ضاع اليوم مثلما ضاعت تحف أخرى. ويتميز تزيين البناية بانسجام ورقة نادرين، فالزليج أدخل أشكالاً وألواناً جديدة (الأصفر، مثلاً)، وألواح الجبس المنقوش تحتل جدراناً بأكملها، والأخشاب المنقوشة أو المصبوغة تكاد تبلغ مستوى الكمال، ونظام التزويد بالمياه وصرفها غاية في الإتقان».
ومنذ أصبحت دار الباشا تحت وصاية المؤسسة الوطنية للمتاحف، في يوليو (تموز) 2015، حوّلت إلى «متحف الروافد»، وذلك من أجل التعريف بالموروث الثقافي والتراثي المادي واللامادي للهوية المغربية، وإبراز الطابع الاستثنائي والمتميز للمغرب وغنى وتنوع مكونات هويته، حيث اشتمل مشروع الترميم والتأهيل الذي أشرفت على إنجازه المؤسسة الوطنية للمتاحف، على فضاء للعرض مخصص للفن الإسلامي، تعرض به كتابات ولوحات وأدوات مختلفة تتعلق بالعلوم والمعارف الإسلامية، وفضاء مخصص لمجموعة أعمال فنية عالمية تعود لباتي كادبي بيرش، التي تمثل القارات الأربع، وفضاء دائم للعرض يتضمن معطيات تاريخية وأركيولوجية تبرز مختلف أوجه الثقافة المغربية، وآخر مخصص للمعارض المؤقتة.


مقالات ذات صلة

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق معرض يحكي قصة العطور في مصر القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض أثري يتتبع «مسيرة العطور» في مصر القديمة

يستعيد المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) سيرة العطر في الحضارة المصرية القديمة عبر معرض مؤقت يلقي الضوء على صناعة العطور في مصر القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الفيلا تدلّ على «أسلوب حياة فاخر» (تيفونت أركيولوجي)

اكتشاف آثار فيلا رومانية فاخرة على الأرض البريطانية

اكتشف علماء آثار و60 متطوّعاً فيلا رومانية تدلّ على «أسلوب حياة فاخر»، وذلك في مقاطعة يلتشاير البريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة «اليونيسكو»، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء» تراثاً ثقافياً لا مادياً.


«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.