أحيت الأقصر المصرية مع شروق شمس أمس، الاحتفال بتعامد الشمس على تمثال آمون وسط معبد الكرنك الشهير جنوب البلاد، في احتفالية سياحية وفنية شارك فيها محمد بدر محافظ الأقصر، وعدد من علماء المصريات والسياح الذين يزورون الأقصر في هذه الفترة.
وقال محافظ الأقصر، إن «ظاهرة تعامد الشمس تُعدّ من أهم الأحداث التي تسعى المحافظة لاستغلالها في تنشيط السياحة والتعريف بالحضارة المصرية القديمة وزيادة المناسبات على أجندة السياحة، لأنّ مثل ذلك الحدث دليل على ريادة قدماء المصريين لعلم الفلك في العالم أجمع».
وتعامدت الشمس في تمام الساعة السادسة و42 دقيقة صباحاً واستمر تعامدها لمدة 20 دقيقة، متجهة غرباً إلى معبد حتشبسوت الذي يقع على امتداد الكرنك في البر الغربي. وظهر قرص الشمس وهو يتوسط البوابة الشرقية للمعبد التي تقع على المحور الرئيسي له، ويمثل أقصى الجنوب الشرقي للأفق الذي تشرق منه الشمس، والذي يحدد فلكياً بيوم الانقلاب الشتوي، ثم تعامدت الشمس على الأماكن المقدسة في المعبد (الفناء المفتوح وصالة الأعمدة وقدس الأقداس)، وانتشرت بداخلها عند منتصف النهار في نحو الساعة 12 ظهراً، وتمت رؤية قرص الشمس وأشعتها التي انتشرت في جميع أرجاء المعبد.
وقال الدكتور أحمد عوض، رئيس الفريق البحثي المصري المتخصص في رصد وتوثيق الظواهر الفلكية بمعابد مصر القديمة، إن «تعامد الشمس على قدس أقداس الكرنك، يأتي في اليوم نفسه من كل عام، إيذانا ببدء فصل الشتاء في مصر القديمة».
من جهته، أكد الدكتور مصطفى وزيري، مدير آثار الأقصر، أن «تعامد الشمس على المعابد المصرية القديمة، لم يكن محض صدفة، كما أن طرق بناء واجهات المعابد والمقاصير المصرية القديمة، أنشئت على مفاهيم معمارية ودلالات دينية كانت سائدة في مصر الفرعونية، وطرق البناء توضح أن المصري القديم أنشأ معابده الدينية من وجهة نظر لاهوتية، إذ أنشأها ودشنها كبرزخ سماوي يسلكه قرص الشمس مع معبوده ورفقته المقدسيين في ترحالهم ما بين العالمين السفلي والمرئي».
وأوضح وزيري أن «كل المعابد الدينية التي أنشأها الفراعنة تتوجه قبلتها نحو مواطن شروق أو ظهيرة أو غروب قرص الشمس سواء بصورة فلكية مباشرة في أيام أعياد بعينها، أو بصورة رمزية طبقا لما ورد في النصوص الدينية، وعلى هذا يتبين صدق مقصد المصري القديم في تدشين ظاهرة تعامد أشعة الشمس على معابده ومقصوراته المقدسة، إبان شروق أيام بعينها وهو أمر تؤكده الدلالات اللاهوتية لأشعة الشمس».
تعتبر معابد الكرنك من أهم المعالم الأثرية في الأقصر، وتبعد المسافة بين الأقصر والكرنك 3 كلم، يتخللها على جانبي الطريق عدد كبير من تماثيل أبو الهول الصغيرة، أو ما يعرف بطريق الكباش. وتعد معابد الكرنك متحفا مفتوحا لحضارة وتاريخ قدماء المصريين، فهي تضمّ خليطاً من الطرز المعمارية المختلفة المشيدة لملوك مصر، الذي يرجع تاريخها من الأسرة الثانية عشرة حتى العصر اليوناني الروماني.
في السياق نفسه، تعامدت الشمس على معبد قصر قارون بالفيوم، حيث أشرقت على قدس أقداس المعبد، الذي كرس لعبادة الإله سوبك «الإله ذو رأس التمساح»، ويقع جنوب غربي بحيرة قارون ويبعد عن مدينة الفيوم بنحو 50 كلم، ويرجع تاريخه إلى العصر البطلمي، ويقع ضمن مدينة «ديونيسوس» التي تأسست في القرن الثالث قبل الميلاد.
وقال سيد الشورى، مدير آثار الفيوم، إن «الشمس تعامدت أمس على قدس الأقداس بالمعبد في هذا التوقيت من كل عام، واستمر التعامد نحو 25 دقيقة».
الشمس تجدّد تعامدها على تمثال آمون في معبد الكرنك بالأقصر
إيذاناً ببدء فصل الشتاء
الشمس تجدّد تعامدها على تمثال آمون في معبد الكرنك بالأقصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة