«الشرق الأوسط» في مهرجان القاهرة السينمائي (3)‬: ماجدة واصف تكشف لـ«الشرق الأوسط»: قدمت استقالتي وهذه ستكون دورتي الأخيرة

ماجدة واصف
ماجدة واصف
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان القاهرة السينمائي (3)‬: ماجدة واصف تكشف لـ«الشرق الأوسط»: قدمت استقالتي وهذه ستكون دورتي الأخيرة

ماجدة واصف
ماجدة واصف

صباح يوم أمس (السبت)، جلست مع رئيسة مهرجان القاهرة السينمائي على الإفطار من دون موعد مسبق. كل منّا نظر للآخر بحثاً عن نقطة انطلاق لحديث سيتناول وضع المهرجان الحالي. والنقطة لم تكن سوى سؤال واحد طرحته من باب التحية:
«كيفك؟».
الجواب كان حديثاً مطولاً لم أكن بحاجة فيه لطرح أسئلة كثيرة أخرى.
ماجدة واصف في الأصل ناقدة سينمائية جادة وجيدة لعبت دوراً مهماً أيام هجرة الصحافة العربية إلى باريس خلال الحرب الأهلية في لبنان. بعد ذلك تسلمت إدارة مهرجان «معهد العالم العربي» في باريس، وأنجزت دورات ناجحة جمعت شمل السينما العربية من كل أقطارها في حدث تكرر مرة كل عامين وسبق المهرجانات العربية الأخرى التي أقيمت في عواصم غربية.
قبل ثلاث سنوات، وكانت عادت إلى القاهرة، عُينت رئيسة المهرجان المصري العريق. تفتح بعض صفحات ذلك التاريخ وتقول: «كان سمير فريد قد استقال من الدورة السابقة وأوعز لوزير الثقافة حينها (جابر عصفور) بتسليمه إلى الزميل يوسف شريف رزق الله (المدير الفني الحالي)، لكن يوسف لم يشأ تحمّل هذه المسؤولية واقترح علي أن أقوم بها لكني تمنعت، فاقترح أن ألتقي بالسيد الوزير لإبداء أسباب تمنعي بعدما طلبني الوزير للقاء».
نتيجة ذلك اللقاء هي أنّه عوض أن تقنع الوزير بصرف النظر عنها، أقنعها بتولي المسؤولية. وعدها بالحرية الكاملة وانطلقت للعمل على هذا الأساس.
«المشكلة هي أنني ورثت المهرجان من رئيسه السابق (سمير فريد الذي يقام باسمه معرض تابع للمهرجان هذه السنة)، الذي كانت له وجهة نظر مختلفة. أنا بطبعي أحب أن يستقل هذا الكيان عن الإدارات الرسمية قدر الإمكان. لكن سمير فريد ألقى بالمهرجان في حضن الوزارة على نحو كامل وأنت تعلم ما كانت نتيجة ذلك وكيف عومل».
وعد لم يُنفذ
أدار الناقد الراحل سمير فريد دورة واحدة أتت عليه بكثير من الأزمات وحسب صديقه الزميل إبراهيم العريس أدت إلى وفاته بسبب الإرهاق النفسي الذي واكب تلك الفترة. المؤكد أن فريد طمح إلى وجهة جديدة كلياً، لكن الإدارات الرسمية لم تلبِ طلبه، خصوصاً وأن الميزانية كانت ولا تزال، محدودة ومرتبطة بمسؤولين يغرفون قراراتهم من القوانين والنصوص الرسمية.
تضيف: «سمير فريد ترك المهرجان من دون أن يتمكن من سداد كل الفواتير. كانت هناك ديون يرزح المهرجان تحتها وكان علي انتظار اعتماد الميزانية لكي أسدّدها».
هذا الظرف المادي الصعب لا يزال تركيبة تبحث عن حل:
«في العام الماضي، مع نهاية الدورة 38، وجدت نفسي في أزمة اقتصادية كبيرة. كانت وزارة الشباب ووزارة السياحة وعدتا بالإسهام في تمويل ميزانية الدورة، لكنّهما لم تفيا بهذا الوعد حتى الآن. دفعت من جيبي لكي يستمر العمل من دون توقف».
تتحدث عن مصاعب أخرى كبيرة:
«في الأساس هناك الوضع الأمني غير الثابت. صحيح أن القاهرة آمنة، لكن قبل عامين وقعت حادثة الطائرة الروسية قبل عشرة أيام من بداية الدورة، مما نتج عنه إلغاء حضور النجوم المدعوين للمشاركة. ويوم أمس (الجمعة)، وقع الحادث الإرهابي في سيناء. أشعر دوماً بأنّني في حالة ترميم للأوضاع في كل مرة، لأن هناك منظومة كاملة يتبعها المهرجان بالضرورة».
وتضيف ماجدة واصف أنّ العبء بات أكثر ممّا تستطيع تحمله وبات الوضع من السوء بحيث إن أي موظف من أي جهة مشاركة في المهرجان يمكن له أن يتصل بها لكي تغير موعد عرض فيلم ما، بينما جدولة البرامج هي من شأن الطاقم المسؤول في المهرجان.
مشكلة أخرى تواجهها مرّة بعد مرّة ومرتبطة بما سبق، وهي أنّها كانت ترى ولا تزال، أنّ المهرجان سينجح أكثر بكثير وسيحقق خطوات كبيرة إلى الأمام لو سُلّمت القيادة لها بالفعل: «كنت أطمح لأن يكون المهرجان أكثر استقلالية. صحيح أنّنا نعتمد على دعم الوزارة، لكن الحرية التي منحها لي الوزير الأسبق لم تعد موجودة. لقد تعاملت مع ثلاث وزراء ثقافة، والوزيران الأخيران تمتعا بالرغبة في إنجاح هذا الحدث، لكن التطبيق غير الرغبات».
«بعد ثورات الربيع في مصر حسبنا جميعاً أنّه بات بالإمكان الانطلاق في دروب جديدة تتحرر ولو على نحو مقبول من البروتوكولات الرسمية. لكن هذا لم يحدث وأجد نفسي اليوم مضطرة للاستقالة».
ثلاثة نجوم
أسألها إذا ما قدمتها بالفعل فتجيب: «نعم. بعثت بها فعلاً. كل ما أريده الآن هو أن أسلّم لوريثي هذه التركة وأن تنتهي هذه الدورة بنقلة إلى الأمام وأعتقد أنّني أستطيع ذلك على الرغم من كل شيء. وجود تلفزيون dmc كان ضرورياً ومريحاً لأنّنا استطعنا توظيف الميزانية المتوفرة لسد الديون والاحتياجات الأخرى. لكن الميزانية لا تكفي لإصلاح كل شيء».
تحدد ما تعنيه بقولها: «خذ مثلاً صالات السينما. أحدث واحدة وأفضلها هي صالة الزمالك (حديثة)، لكنّنا نعتمد على صالات باتت قديمة وبحاجة إلى صيانة وتحديث. كل سنة أطالب بذلك، لكن المطلوب بالطبع حل جذري». وتضيف: «اشتراك dmc في التمويل الذي لم نتقاضاه مباشرة ضروري جداً. لقد أقامت حفلاً كبيراً وناجحاً إعلامياً على الأقل. وما زال لديها حفل الختام الذي سيستقبل ثلاث نجوم كبار هم نيكولاس كايج، وهيلاري سوانك وأدريان برودي».
طوال سنوات، حتى من قبل تسلم ماجدة واصف مهامها، بل من قبل تسلم سمير فريد مهامه أيضاً، كتبنا عن الضروريات الحاسمة التي على المهرجان القيام بها لأجل أن يستمر بنجاح. وكيف أنّ الاستمرار بحد ذاته ليس ابتكاراً ولا نتيجة، بل على المهرجان (أي مهرجان) أن يعرف كيف يرتفع سنة بعد سنة.
الحاجة اليوم ماسة وعلى أعتاب الدورة المقبلة التي ستحمل الرقم 40. وهذه تقتضي ما كان عليه أن يحدث قبل زمن بعيد: إدارة مستقلة وجديدة. طموح عال. تغيير مناهج وبرامج بالية. الإتيان بأخرى جديدة ومواكبة حاسمة من قبل الرسميين بإيمان حقيقي بأهمية المهرجان في مواجهة الإرهاب والتخلف والعوائق الاجتماعية والثقافية:
«الشعب المصري يحب السينما وأحد طموحاتي كان توسيع رقعة العروض. لكن في الواقع لا تستطيع أن تقيم مهرجاناً ناجحاً من دون التغلب على مسألة الميزانية المحدودة. عبرها تستطيع جلب المتخصصين والمواهب السينمائية الشابة. نعم أدخلت بعضها، لكن هناك الكثير ممّا هو مطلوب لاستكمال هذا المشوار».
في هذا الإطار يجيء حديث الممثل حسين فهمي مكملاً وليس مناقضاً.
إذ جلسنا قبل أيام نتداول الواقع الحالي للمهرجان (بعد أن تحدثنا طويلاً عن علاقة وطيدة لنا منذ بضعة عقود)، كشف أن البعض اقترح عليه عودته إلى رئاسة هذا المهرجان. قال: «هناك من طلب مني أن أرأس هذا المهرجان الذي كان لي شرف رئاسته سابقاً، لكنّني لا أعتقد أني أريد أن أفعل ذلك».
السبب في عزوفه متعدد الرؤوس:
«هي مسؤولية كبيرة ضمن الواقع الحاضر. مهرجان كهذا يحتاج إلى تغيير كبير من الجذور. تغيير يشمل الكثير من عناصر التنفيذ التي عليها أن تتوقف لتحل مكانها عناصر حديثة ومنظمة. وبالطبع فإنّ هذا مكلف ولا يمكن، وأنت تعلم ذلك جيداً، تطوير هذا المهرجان من دون الميزانية الكبيرة التي يستحقها».
وأضاف: «هذا المهرجان استمر بسبب المؤمنين به من الأساس. كل الرؤساء الذين تناوبوا عليه كانوا مؤمنين به ولو أنّ كلا منهم كان لديه أسلوبه في التعامل».
بالنسبة للممثل فإن منهجه كان استقطاب رجال الأعمال وهذا ما قد يتبلور عنه الوضع إذا ما تسلم مهامه من جديد وهذا، إلى الآن، احتمال مستبعد.
حسين فهمي موجود في حضرة هذا المهرجان هذه السنة، كونه رئيس لجنة التحكيم الرسمية. ويستطيع المرء مشاهدته بديناميكية وحيوية نشطة وهو يلتقي بأركان لجنته كل صباح استعداداً ليوم عمل طويل.


مقالات ذات صلة

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.