الجيش الليبي: مهلة التدخل العسكري ما زالت قائمة

حكومة الوفاق تستغرب استباق فرنسا لتحقيقات حول «سوق العبيد»

ليبيون يشاركون في مظاهرة احتجاجاً على زيارة السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر ميليت إلى بنغازي أمس (أ.ف.ب)
ليبيون يشاركون في مظاهرة احتجاجاً على زيارة السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر ميليت إلى بنغازي أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الليبي: مهلة التدخل العسكري ما زالت قائمة

ليبيون يشاركون في مظاهرة احتجاجاً على زيارة السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر ميليت إلى بنغازي أمس (أ.ف.ب)
ليبيون يشاركون في مظاهرة احتجاجاً على زيارة السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر ميليت إلى بنغازي أمس (أ.ف.ب)

رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بموافقة البرلمان، الذي انعقد أول من أمس بمقره في مدينة طبرق، على قبول الصيغة التوافقية لتعديل الاتفاق السياسي، التي قدمتها البعثة لمجلس النواب وللمجلس الأعلى للدولة، والمستندة على مداولات لجنة الصياغة المشتركة في تونس. وفي غضون ذلك، بدا أن تهديدات قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر بالتدخل عسكرياً في حال إخفاق المفاوضات، الرامية إلى توقيع اتفاق سلام جديد بحلول الـ17 من الشهر الحالي، ما زالت موجودة.
وأبلغ العميد أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني الليبي، «الشرق الأوسط» أن «المهلة التي حددها حفتر ما زالت قائمة»، لكنه امتنع عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل. وكشف المسماري في مؤتمر صحافي عقده أمس في بنغازي، النقاب عن أن الضباط والعسكريين الذين اجتمعوا مؤخراً بالقاهرة، توصلوا إلى اتفاق يقضي بأن يكون رئيس الدولة هو «القائد الأعلى للقوات المسلحة».
وتنص المقترحات التي قدمها غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، والتي وافق عليها مجلس النواب الليبي أول من أمس، على إسناد صفة القائد الأعلى للجيش إلى رئيس السلطة التنفيذية الجديد.وأوضح المسماري أن الضباط اتفقوا بالإجماع خلال حوار القاهرة على أن يحظى رئيس الدولة بهذه الصفة، لافتاً إلى أن هذا الاتفاق هو نتاج جولات الحوار الماضية بين العسكريين، وكشف أيضاً النقاب عن ترتيبات لعقد اجتماع رابع بين ضباط الجيش في العاصمة المصرية، لكنه لم يحدد موعده، وقال المسماري: إن «الشعب يعاني من المؤسسات المدمرة، ونحن نقول له إن المؤسسة العسكرية ستتوحد لأجل مصلحة الوطن، ويجب عدم تحميل أي طرف مسؤولية الإخفاق على تدخل الجيش في علمية الحوار السياسي».
وتتضمن الصيغة الموحدة التي أقرها البرلمان الليبي 12 بنداً خاصاً بتعديل مواد في اتفاق الصخيرات، تتعلق بالسلطة التنفيذية، التي ستتكون من مجلس رئاسة الدولة (الرئاسة) ومجلس الوزراء (الحكومة).
من جهة ثانية، أعلن عقيلة صالح عيسى، رئيس مجلس النواب، أن ما وصفه بالأعمال المُشينة غير الأخلاقية التي طالت مهاجرين غير شرعيين قرب العاصمة طرابلس (سوق العبيد)، وقعت داخل المناطق الخارجة عن السلطات الشرعية وقوات الجيش، مشيراً إلى أنها جرت في المناطق التي تتواجد بها حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراح والميليشيات المسلحة الخارجة عن السلطات الشرعية. وقال صالح في بيان، أول من أمس، إنه كلف لجنة الدفاع والأمن القومي بمتابعة الموضوع مع القيادة العامة للجيش الوطني، كما طالب دول العالم ودول الجوار بالوقوف مع بلاده لمكافحة ظاهـرة الهجرة غير الشرعية، التي قال: «إن ليبيا تتحمل النصيب الأكبر من أعبائها على المستـوى الأمني والاقتصادي والاجتماعي».
ومن المقرر أن يلتقي زعماء أفارقة وأوروبيون الأسبوع المقبل في مدينة أبيدجان في ساحل العاج، حيث ستتصدر جدول أعمال المناقشات قضية الهجرة، وجهود أوروبا للتعامل معها بالتعاون مع ليبيا. من جهتها، استغربت حكومة الوفاق الوطني، دعوة فرنسا إلى اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، وقالت: «إنه رغم قيام الحكومة بفتح تحقيقات حول ما تردد عن وجود (سوق للرقيق) في البلاد، فإن فرنسا سارعت بالدعوة إلى اجتماع مجلس الأمن والتلويح بعقوبات».
ونقلت وكالة «رويترز» أمس عن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، أن بلاده دعت لاجتماع مجلس الأمن لبحث معاملة المهاجرين في ليبيا: «وسوف تطلب فرض عقوبات إذا لم تتحرك السلطات الليبية بهذا الشأن»، مضيفاً أنه «يريد من المنظمة الدولية للهجرة ووكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة نشر التفاصيل بخصوص تهريب المهاجرين في ليبيا».
وتابع لو دريان في جلسة للجمعية الوطنية الفرنسية: «لقد قررت السلطات الليبية فتح تحقيق لتحري الوقائع بعدما جرى تنبيهها مرات عدة، بما في ذلك من جانبي، حيث كنت هناك في سبتمبر (أيلول) الماضي... وإذا لم يكن نظام العدالة الليبي قادراً على المضي في هذا الإجراء فينبغي لنا عندئذ فتح الباب أمام عقوبات دولية».
ورد محمد الطاهر سيالة، المفوض بوزارة الخارجية في حكومة الوفاق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» موضحاً أنه «يجري الآن التحقيق من قبل الأجهزة المعنية في ملابسات هذه الأخبار التي تم تداولها على نطاق واسع دون تأكيد». وأضاف سيالة مستغرباً مما أسماه «التسارع والاستباق» للتحقيقات الجارية، متسائلاً: «هل حققت لجنة محايدة في القضية وخرجت بنتيجة كي تلجأ فرنسا إلى هذا الإجراء؟».
وسبق أن أعلن نائب رئيس حكومة الوفاق، أحمد معيتيق، أن طرابلس فتحت تحقيقاً في التقرير الذي بثته شبكة «سي إن إن» الأميركية الأسبوع الماضي، وعبّر في بيان عن «استيائه من التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام حول انتعاش تجارة الرقيق في ضواحي مدينة طرابلس».
في السياق ذاته، أكدت فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: «ضرورة حشد الجهود الدولية لإنقاذ المهاجرين المعرضين للخطر في ليبيا»، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يضغط على السلطات الليبية لتسهيل عمليات دخول الفرق الدولية إلى مراكز احتجاز المهاجرين، وتدارس كيفية اتخاذ إجراءات مشتركة مع الاتحاد الأفريقي لوقف الانتهاكات غير المقبولة التي رأيناها».
في غضون ذلك، بحث محمد الطاهر سيالة، خلال لقائه مساء أول من أمس، مع رئيس مجلس إدارة مفوضية المجتمع المدني، الآليات والضوابط المنظمة لعمل المنظمات الدولية في ليبيا. وقال المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية في بيان أمس: «إن سيالة ناقش مع مجلس إدارة مفوضية المجتمع المدني الموقف من المنظمات الدولية العاملة في ليبيا، وكيفية تفعيل التعاون الدولي والثنائي بين مؤسسات المجتمع المدني الليبية ونظرائها في دول العالم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».