أنقرة متمسكة بإزالة «الخطر الكردي» في عفرين

تزامناً مع بحث المسار السياسي في قمة سوتشي

TT

أنقرة متمسكة بإزالة «الخطر الكردي» في عفرين

جددت تركيا تلميحاتها إلى عملية عسكرية محتملة في عفرين التي تشكل جيبا كرديا يثير القلق من احتمال نشوء كيان كردي على حدودها الجنوبية.
وقال وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي: «يوجد خطر حقيقي في منطقة عفرين السورية ولا بد من إزالته». وأضاف جانيكلي أمام البرلمان التركي، أمس (الأربعاء)، خلال مناقشة ميزانية وزارة الدفاع لعام 2018 أن القوات المسلحة التركية استكملت إقامة ثالث نقطة مراقبة لها في محافظة إدلب السورية.
ودخلت قوات تركية إلى إدلب في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في إطار اتفاق منطقة خفض التصعيد في إدلب الذي تم التوصل إليه خلال محادثات آستانة بين كل من روسيا وتركيا وإيران كدول ضامنة لاتفاق وقف إطلاق في سوريا.
وأنشأت القوات التركية نقاط المراقبة الثلاث من أصل 12 نقطة مراقبة تعمل على إنشائها داخل إدلب، على بعد نحو 4 كيلومترات فقط من نقاط تمركز عناصر وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين.
وتبادلت تركيا ووحدات حماية الشعب الكردية قبل يومين قصف مواقع كل منهما الأخرى في محيط إدلب وعفرين.
وبحسب مصادر تركية، ناقش طرح إردوغان موضوع عفرين خلال القمة الذي جمعته أمس مع كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني في مدينة سوتشي الروسية أمس.
وأكد إردوغان مرارا أهمية عفرين الكبيرة بالنسبة لتركيا والحاجة إلى تطهيرها من «الوحدات» الكردية.
وبعد تواتر الكثير من التقارير في وسائل الإعلام التركية حول عملية على غرار درع الفرات تشارك فيها قوات تركية مع فصائل من الجيش السوري الحر باسم «سيف الفرات»، وكذلك عن اتفاق على إقامة منطقة خفض تصعيد باتفاق ثلاثي تركي - إيراني - روسي على غرار المناطق الأخرى في سوريا، قال الرئيس إردوغان السبت الماضي إنه «يتعين علينا تطهير مدينة عفرين من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي». وشدد على أن بلاده ستواصل مكافحة الإرهاب حتى الاستسلام أو القضاء على آخر إرهابي، وشدد على أنهم لن يشفقوا على من يوجه السلاح إلى تركيا أو قواتها المسلحة.
وقال إن تركيا «شعرت بخيبة أمل إزاء عدم وفاء الولايات المتحدة بوعودها منذ اندلاع الأزمة السورية» (في إشارة إلى عدم إخراج عناصر وحدات حماية الشعب الكردية في منبج إلى شرق الفرات والاستمرار في دعمها بالسلاح)، مضيفاً أنه «لا يريد أن يحدث الشيء نفسه في عفرين».
وأضاف «علينا أن نكون مهيمنين على نقاط المراقبة في إدلب... إذا لم نفعل ذلك فإن مجموعات إرهابية مختلفة ستحاول غزو تلك المناطق».
وتصاعدت التحذيرات التركية في الأيام الأخيرة من «خطر توسع» قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركيا وسعيها لتغيير ديموغرافية مناطق شمال سوريا.
وحشدت تركيا قوات كثيفة في مناطق الحدود مع سوريا المتاخمة لعفرين للرد على أي هجوم محتمل من جانب وحدات حماية الشعب الكردية لكن مراقبين يؤكدون أنها ترغب في الإبقاء على جاهزيتها واستعدادها للتدخل في عفرين بعد تمهيد سياسي ودبلوماسي للقيام بعملية أوسع من درع الفرات لإبعاد خطر الميليشيات الكردية وقطع الصلة بين مناطق سيطرتها في سوريا وكذلك صلتها مع أكراد العراق عبر عفرين.
وقال وزير الدفاع التركي أمام البرلمان أمس: «كل مكان يوجد فيه حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية والعمال الكردستاني هو هدف لنا، ونشدد على استخدام حقنا في التدخل بموجب القانون الدولي».
في السياق ذاته، ذكرت مصادر عسكرية تركية أن الولايات المتحدة أرسلت 120 عربة مصفحة لحزب الاتحاد الديمقراطي دخلت عبر الأراضي العراقية الأسبوع الماضي.
وأضافت المصادر، أن العربات المصفحة التي تم إرسالها لوحدات حماية الشعب الكردية الذراع العسكرية للحزب سيتم توزيعها في عفرين المحاذية لولاية هطاي جنوب تركيا.
ولفتت المصادر إلى أن العربات المصفحة دخلت عبر الممرات الواقعة تحت سيطرة قوات النظام السوري، ومقاتلي إيران.
وقالت أنقرة إن واشنطن أرسلت خلال الأشهر الماضية أكثر من ألف شاحنة محملة بالسلاح إلى حزب الاتحاد الديمقراطي بذريعة محاربة تنظيم داعش في الرقة.
من جانبه، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن إردوغان بحث مسار آستانة مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني في القمة الثلاثية لاتخاذ القرارات اللازمة للانتقال إلى محادثات جنيف.
وأضاف في كلمة خلال مأدبة غداء أقامها على شرف المشاركين في الجمعية العامة العاشرة لـ«الجمعية البرلمانية الآسيوية»، التي انطلقت أمس في إسطنبول إن الغرض من مسار «آستانة»، هو إنهاء الحرب الدائرة في سوريا وتحقيق السلام والاستقرار الدائمين، مؤكدا أن تركيا، وروسيا، وإيران تلعب دورا فعالا بهذا الصدد.
والتقى يلدريم على هامش أعمال الجمعية العامة مع رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني وتم بحث العلاقات بين البلدين وتطورات الأزمة السورية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.