عندما تلقت جولي شلومر أخيراً نبأ حملها وهي في الثالثة والأربعين، سرعان ما تحول تفكيرها باتجاه الأمهات الأخريات؛ كنّ ثلاثاً وجميعهن غريبات تماماً، لكن ربطت بينهن صلة استثنائية بفضل التقدم الطبي وجهود التسويق في القرن الحادي والعشرين... كانت السيدات يحملن جميعاً «نصف أشقاء».
في ظل برنامج يرمي لترشيد التكاليف أطلقه مركز «شيدي غروف للتخصيب»، في روكفيل، تشاركت السيدات في 21 بويضة جرى الحصول عليها من متبرعة واحدة زرقاء العينين وداكنة الشعر وتحمل شهادة ماجستير بمجال التدريس. وجرى تخصيب كل بويضة بحيوانات منوية تخص زوج كل واحدة منهن، ثم نقلت إلى أرحامهن.
وبالفعل، أنجبت شلومر توأماً (ولد وبنت) يبلغ الآن 3 سنوات. وتأمل في أن يتمكن طفلاها يوماً ما من التواصل مع أشقائهما الجينيين.
وقالت شلومر: «أود لو أرى صوراً للأطفال الآخرين، وأن أتحدث إليهم».
الملاحظ أن ثمة ازدهارا في صناعة التخصيب التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، مع تجريب نماذج أعمال تحدث تغييرات على صعيد الأسر الأميركية على نحو جديد وغير متوقع.
من جانبهم، أصبح باستطاعة الأزواج الراغبين في الإنجاب والساعين نحو الحصول على بويضات وحيوانات منوية من متبرعين، الاختيار من بين قائمة طويلة من مجموعات سمات بدنية وذهنية. وتعرض العيادات الطبية حالياً تخفيضات كبيرة وعروضا خاصة وضمانات بنسبة مائة في المائة فيما يخص الإنجاب، الأمر الذي يثير بدوره تساؤلات أخلاقية وقانونية معقدة.
وتبعاً لما كشفته مراكز مكافحة الأمراض واتقائها، فإن 12 في المائة من الأميركيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 15 و55 عاماً (7.3 مليون نسمة) حصلن على خدمة ما بمجال التخصيب. كما تضاعف معدل الاستعانة بالتقنيات المعاونة على الإنجاب خلال العقد الماضي. عام 2015، أثمرت هذه التقنيات عما يقرب من 73 ألف طفل (ما يعادل 1.6 في المائة من إجمالي المواليد الأميركيين)، ويرتفع هذا المعدل في بعض الدول الأخرى، مثل اليابان (5 في المائة) والدنمارك (10 في المائة).
ويعتمد معظم الأزواج على بويضات وحيوانات منوية خاصة بهم، ويلجأون إلى الأطباء لتيسير الحمل من خلال تقنيات مثل التلقيح الصناعي. إلا أن ثمة ازديادا ملحوظا في الاعتماد على البويضات والحيوانات المنوية الآتية من متبرعين. واللافت أن صناعة التبرع بالبويضات والحيوانات المنوية على وجه التحديد شهدت انطلاقة على مدار العقد الماضي مع تطور آليات آمنة لتجميد البويضات. وبالفعل، ارتفعت أعداد محاولات إحداث الحمل بالاعتماد على بويضات من متبرعات من 1.800 عام 1992 إلى نحو 21.200 عام 2015.
إلا أنه داخل الولايات المتحدة، لا تزال الصناعة في الجزء الأكبر منها تتولى تنظيم ذاتها بذاتها. وثمة علامات استفهام كثيرة حول أساليب تجنيد المتبرعين والجوانب الأخلاقية لإجراءات مسح واختيار الأجنة لسمات بدنية معينة، وامتلاك عينات من بويضات وحيوانات منوية بقيمة تقدر بمئات الملايين من الدولارات، والقدرة المتنامية على التدخل في الأجنة عبر أداة «كريسبر» للتنقيح الجيني.
وفي وقت سابق من العام الحالي، وثقت مجموعة من البالغين الذين ولدوا بالاعتماد على بويضات وحيوانات منوية من متبرعين، كثيرا من السقطات الأخلاقية داخل الصناعة، منها كذب بعض المتبرعين على الآباء والأمهات بخصوص تاريخهم الصحي ومؤهلات أخرى، وادعاء بعض العيادات أن لديها تبرعات محدودة من بعض الأفراد، بينما سمحت في واقع الأمر لهؤلاء الأفراد بتقديم المئات من العينات. ودعت المجموعة «إدارة الغذاء والدواء» إلى ممارسة دور رقابي أكبر على «بنوك الحيوانات المنوية» التي تجمع وتخزن وتبيع السلعتين الأهم في إطار هذه الصناعة؛ الحيوانات المنوية والبويضات.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»