السعودية والعراق... مرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية

TT

السعودية والعراق... مرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية

أصبحت العلاقات الاقتصادية بين السعودية والعراق، أمام مرحلة تاريخية جديدة، من شأنها تحفيز حجم التبادل التجاري، وضخ مزيدًا من رؤوس الأموال الاستثمارية، بما يلبي تطلعات حكومتي وشعبي البلدين.
وتأتي هذه التطورات، في الوقت الذي عقد فيه مجلس التنسيق السعودي العراقي اجتماعه الأول بالرياض يوم أمس، برئاسة وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي، من الجانب السعودي، ومن الجانب العراقي وزير التخطيط ووزير التجارة بالوكالة الدكتور سليمان الجميلي. ويأتي عقد هذا الاجتماع في وقت من المتوقع أن تشهد فيه العلاقات الاقتصادية بين السعودية والعرق نموًا إيجابيًا للغاية، حيث من المنتظر أن تنمو عمليات التبادل التجاري بين البلدين بنسبة لا تقل عن الـ100 في المائة خلال العام 2018، في ظل إعادة الحيوية للمنافذ البرية، مقارنة بمستويات عام 2016.
وفي إطار ذي صلة، أكد وزير التجارة والاستثمار السعودي الدكتور ماجد القصبي أن رعاية خادم الحرمين الشريفين، وحضور دولة رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي، يؤكدان الرغبة الجادة لدى قيادة البلدين للارتقاء بالعلاقات الثنائية وتعزيز سبل التعاون في جميع المجالات بما يخدم تطلعات حكومتي وشعبي البلدين، مبينًا أن الآمال والتطلعات كبيرة، وما تواجهه المنطقة والعالم من تحديات يحتم تظافر الجهود المشتركة لتحقيق أهداف هذا المجلس المهم.
فيما أوضح وزير التخطيط ووزير التجارة العراقي بالوكالة أن مجلس التنسيق سيكون بداية انطلاق لمؤسسة العمل الجاد بين البلدين، مؤكداً أن الجانب العراقي حريص وجاد لتلبية كل ما يسهم وينفع البلدين، منوهاً بانطلاق المرحلة الجديدة من العلاقات بينهما التي ستعزز التعاون الاقتصادي والتجاري والسلم والأمن والاستقرار في المنطقة. وفي هذا السياق، تشير التقديرات الاقتصادية إلى أن حجم التبادل التجاري بين السعودية والعراق بلغ نحو 23 مليار ريال (6.1 مليار دولار) خلال السنوات الـ10 الماضية، فيما من المتوقع أن ترتفع معدلات التبادل التجاري إلى مستويات قياسية جديدة خلال السنوات القليلة المقبلة.
وتحمل هذه التحركات إنعكاسات إيجابية للغاية على اقتصاد البلدين، مثل: توفر السلع في كلا الأسواق، وزيادة حركة قطاع النقل، وتكوين قنوات استثمارية جديدة جاذبة لرؤوس الأموال، هذا بالإضافة إلى إمكانية تعزيز التعاون على مستوى قطاع الطاقة، وخلق مزيدًا من فرص العمل.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي أكد فيه مدير عام الشركة العامة للمعارض والخدمات التجارية العراقية المهندس هاشم حاتم، أن إقامة معرض بغداد الدولي بدورته 44 الذي تشارك فيه 18دولة و688 شركة تأتي في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها العراق لمد جسور التعاون والتبادل العملي والثقافي مع دول العالم انطلاقا من رغبتها الجادة لتحقيق نهضة شاملة للبلاد وعلى مختلف الأصعدة. وقال حاتم في هذا الخصوص :»هذا العام شهد المعرض مشاركة رسمية لـ17 دولة عربية وأجنبية تميزت فيها مشاركة المملكة العربية السعودية بجناح رسمي ضخم ضم أكثر من 60 شركة في مختلف الاختصاصات بعد انقطاع طويل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».