علماء دين ينوهون بقرار قيادة المرأة للسيارة... ويؤكدون أن الأصل الإباحة

أمين «كبار العلماء» لـ «الشرق الأوسط» : الأحكام الاجتهادية لا يُنكر تغيرها بتغير الزمان والأوضاع

صورة أرشيفية لسعودية توقف إحدى سيارات الإجرة عند خروجها مع أطفالها (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية لسعودية توقف إحدى سيارات الإجرة عند خروجها مع أطفالها (الشرق الأوسط)
TT

علماء دين ينوهون بقرار قيادة المرأة للسيارة... ويؤكدون أن الأصل الإباحة

صورة أرشيفية لسعودية توقف إحدى سيارات الإجرة عند خروجها مع أطفالها (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية لسعودية توقف إحدى سيارات الإجرة عند خروجها مع أطفالها (الشرق الأوسط)

أكدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالسعودية أن غالبية أعضاء هيئة كبار العلماء لا يَرون مانعاً من السماح لها بقيادة المركبة، في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية للحفاظ على صيانة المرأة واحترامها.
وأضافت في بيان أصدرته، أمس، بعد الأمر السامي المتعلق باعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية - بما فيها إصدار رخص القيادة - على الذكور والإناث على حد سواء، أن ولي الأمر أشار إلى ما يترتب من سلبيات من عدم السماح للمرأة بقيادة المركبة، وارتأى بعد ما اطلع على ما رآه أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء من أن الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة.
ونوّهت بأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز توخى مصلحة بلاده وشعبه في ضوء ما قررته الشريعة الإسلامية.
وتطرقت إلى أن الملك سلمان بن عبد العزيز بما قلّده الله من مسؤوليات في رعاية مصالح بلاده وشعبه، وحراسة قيمه الإسلامية، ومصالحه الشرعية والوطنية، لا يتوانى في اتخاذ ما من شأنه تحقيق مصلحة بلاده وشعبه في أمر دينهم ودنياهم.
وقالت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، إن «علماء الشريعة كافة قرروا أن تصرُّف الراعي على الرعية منوط بالمصلحة، وعلى ذلك يكون الغرض من تصرفات ولي الأمر الاجتهادية تحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، وعلى ذلك أيضاً فإن ولي الأمر يختار في كل قراراته، الأصلح والأنفع والأيسر».
وذكرت أن فتاوى العلماء كافة، فيما يتعلق بقيادة المرأة للمركبة، انصبت على المصالح والمفاسد، ولم تتعرض للقيادة ذاتها التي لا يحرمها أحد لذات القيادة، ومن ثَمَّ فإن ولي الأمر عليه أن ينظر في المصالح والمفاسد في هذا الموضوع، بحكم ولايته العامة، واطلاعه على نواحي الموضوع من جهاته كافة، بما قلّده الله من مسؤوليات، وبما يطلع عليه من تقارير. وتابعت أن ولي الأمر أشار إلى ما يترتب من سلبيات من عدم السماح للمرأة بقيادة المركبة، وارتأى بعد ما اطلع على ما رَآه أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء من أن الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة، وأنهم لا يرون مانعاً من السماح لها بقيادة المركبة في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية للحفاظ على صيانة المرأة واحترامها.
إلى ذلك، أكد الدكتور فهد الماجد الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالسعودية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أمس، عدم وجود فتاوى سابقة أصدرتها الهيئة تتعلق بتحريم قيادة المرأة للمركبة، مشيراً إلى أن القرار الذي اتخذته الهيئة المتعلق بالسماح بقيادة المرأة للمركبات أتى بأغلبية الأعضاء.
وأضاف الماجد أنه لا يجوز إصدار فتاوى من قبل بعض الدعاة، إذ إن الجهة المخولة بإصدار الفتوى في الأمور العامة هي هيئة كبار العلماء بالسعودية، منوها بعدم جواز أن يُفتَأَت عليها في ذلك. ولفت إلى أن الأحكام الاجتهادية المتعلقة بتحقيق المصالح والمفاسد لا يُنكر تغيرها بتغير الزمان والمكان والعادات والأوضاع.
المنيع: لا نص شرعياً يمنع قيادة المرأة
وأوضح الشيخ عبد الله المنيع عضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي، أن الأصل في قيادة المرأة للسيارة الإباحة لانتفاء النص الشرعي المانع لها. وقال في تصريح صحافي إن لولي الأمر اختيار ما فيه الخير للمجتمع وما تقتضيه المصلحة العامة، مشيراً إلى أنه يشترط في ضوابط قيادة المرأة في السيارة أن تقضي على السلبيات المحتملة في ذلك.
وأكد المنيع أن ولي الأمر يستشعر بأن مجتمعه أمانة في عنقه فيحرص على كل ما من شأنه أن يكون سبباً في راحة وتنمية المجتمع.
التركي: وفق الضوابط الشرعية
وقال الشيخ عبد الله التركي عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية، إن دستور السعودية هو القرآن والسنة، وقرار السماح بقيادة المرأة للسيارة لا يتعارض معهما، إذ إنه وفق الضوابط الشرعية. وأضاف التركي أن السعودية لم تسمح منذُ تأسيسها على يد المؤسس الملك عبد العزيز بالفساد والأمور اللاأخلاقية، والقيادة حريصة على الخير وتنمية المجتمع، مع صيانة الدين الإسلامي الذي هو دستورها، لافتاً إلى أن الدراسات الاجتماعية أثبتت عدم الضرر في السماح للمرأة بالقيادة، وأن في القرار خيراً كثيراً، وسيعالج سلبيات كثيرة.
المطلق: قيادة المرأة مباحة
إلى ذلك، بيّن الشيخ الدكتور عبد الله المطلق عضو هيئة كبار العلماء والمستشار في الديوان الملكي، أن الأمر الملكي بالسماح للمرأة بالقيادة هو من الأمور المباحة. وتابع: «كانت المرأة تركب البعير، وتسافر، ونحن الآن نرى في الأرياف والبادية النساء يقدن السيارة، ولا أحد يقول إن قيادة المرأة للسيارة في الصحراء وفي الأرياف لا تجوز».
وأضاف المطلق أن تكوين لجنة عالية المستوى لدراسة الموضوع عالج الأمر، وأوجد الضمانات الشرعية والنظامية للحفاظ على صيانة المرأة واحترامها، ووضع الضوابط الشرعية المنظمة له، وتابع: «لا نزال نرى نساء من هذا البلد يقدن السيارات خارج البلد ملتزمات بالحشمة ومراعيات للآداب العامة، وهن محل الثقة والاحترام».
رابطة العالم الإسلامي: تأسس على أصول شرعية
وذكر الشيخ الدكتور محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وعضو هيئة كبار العلماء بالسعودية، أن صدور الأمر السامي بتطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية - بما فيها إصدار رخص القيادة - على الذكور والإناث على حد سواء، تأسس على أصول شرعية وضعت الأمور في نصابها الصحيح.
وتابع في تصريح صحافي، أن المرأة كغيرها في هذا الشأن مثلما كانت على نظيره في امتداد زمني من رعيلنا الأول حتى اليوم، ولا يتَأتَّى في النظر الصحيح حرمان الجميع من حق شرعي لذرائع إن صحت فهي في فئة معزولة لا يجوز تحميل العموم جريرتها وإلا لحُرِمَ الناس من عموم الوسائل المباحة خشية توظيفها سلباً من قبل قلة هي في جميع أحوالها في نطاق الأخذ عليها، ولم يكن الإجماع الإسلامي والعالمي مبارِكاً خطوة بحجم مباركته هذا القرار الذي أنصف أحكام الشريعة في قيم مساواة عدالتها الحقوقية قبل أن يُنصف المرأة في جزئية السماح لها بقيادة مركبتها أسوة بغيرها، حاملاً في مضامينه سعة أفق تجاوزت إطاره الخاص.
ونوّه بأن «المُصِرّ على التحفظ فيه بعد ضماناته إنما يشكك في قيم الأفراد وقدرة المؤسسات، وهو ظن السوء الذي نُهينا عنه، كما أنه يَنْقل حكماً خطأً يتوجس حصولَهُ من البعض إلى الجميع، وهي معادلة مرفوضة شرعاً ومنطقاً، ولا يمكن الحكم بالمنع في هذا سداً للذريعة إلا إذا كانت راجحة، ولا يمكن حصول ذلك إلا في حال اليقين أو غلبة الظن بفساد قيم الأفراد، وهي جُرأة ومجازفة في منتهى الخطورة».
وقال العيسى: «السياق الكريم أوضح أن تحفظ بعض العلماء على ذلك لم يكن في أصل الحكم، وإنما طلباً للضمانات اللازمة لسد الذرائع، ولو في أبعد احتمالاتها، وشأن ذلك لولي الأمر، وأتمه حسب تراتيب الأمر الكريم بدلالة عدم فورية نفاذه بل بعد وقت كافٍ لضمان إحكام تلك التراتيب»، مشدداً على أن أهل العلم بينوا أن تقدير الذرائع وسدها لولي الأمر وليس لغيره، وهو مضمون إيضاح كبار العلماء عندما بينوا أن الأمر في ذاته على أصل الجواز، ولا يخفى أن الدولة من قبل ومن بعد هي أحرص ما تكون على تعزيز القيم التي تأسس عليها كيانها وضمنت حراستها.
إلى ذلك، أكد الدكتور سليمان أبا الخيل عضو هيئة كبار العلماء مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن الأمر السامي المتعلق برخص القيادة للرجال والنساء على حد سواء فيه مصالح كبيرة وظاهرة، ودرء مفاسد متعددة دينية واجتماعية وسلوكية وأخلاقية لا تخفى على كل متابع ومباشر لما يتعلق بوجود السائق الأجنبي.
وأشار إلى أهمية أن يدرك الجميع أن الفتوى تتغير بتغير الأزمنة والعوائد والنيات والأحوال والأماكن والأشخاص، منوها بأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، ينطلقان في قراراتهما وأوامرهما وتوجيهاتهما وكل أعمالهما وأقوالهما مما تقرره مبادئ وقواعد وأصول وثوابت الشريعة الإسلامية السمحة وما يُستمَد منها من أحكام ومبادئ، وما تدعو إليه من منهج وأخلاق وآداب وسلوكيات وعلاقات وتعاملات، وما جاءت به من الصلاح والإصلاح والصلاحية لكل زمان ومكان وأمة.
«حقوق الإنسان»: قرار تاريخي
وشدد الدكتور مفلح القحطاني رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، على أن الأمر الملكي قرار التاريخي بكل المقاييس وعامل فارق في مسيرة تطور حقوق المرأة في المملكة.
وقال القحطاني إن «القيادة قالت كلمتها في تسهيل الحق في التنقل للجميع وعلى الجهات التنفيذية واجب تنظيم تطبيق هذا القرار بما يعزز إيجابياته الاقتصادية والاجتماعية والأسرية». وأضاف أن موضوع قيادة المرأة للسيارة كان على الدوام من الموضوعات التي تُثار بهدف النيل من سمعة البلاد في التقارير والمحافل الدولية الحقوقية، والأمر السامي سيضع حداً لذلك، مشيراً إلى أهمية تطبيق هذا القرار بشكل صحيح وفق الضوابط الشرعية وبما يحول دون حدوث أي سلبيات في الواقع العملي.


مقالات ذات صلة

اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

الخليج ناصر بوريطة مستقبلاً جاسم البديوي في الرباط (مجلس التعاون)

اجتماع خليجي - مغربي لتعزيز الشراكة مارس المقبل

وجّهت أمانة «مجلس التعاون» دعوة إلى وزير الخارجية المغربي لحضور اجتماع مع نظرائه الخليجيين يوم 6 مارس (آذار) 2025 في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الخليج وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي بعد اجتماعهم في الكويت (كونا)

وزراء الخارجية لتوحيد الموقف الخليجي من القضايا الإقليمية والدولية في «قمة الكويت»

بحث وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، اليوم (الخميس)، التطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية.

ميرزا الخويلدي (الرياض)
رياضة سعودية إيكامبي نجم الاتفاق الكاميروني يحتفل بأحد هدفيه في مرمى العربي (الشرق الأوسط)

«أبطال الخليج»: الاتفاق يضرب العربي بثنائية ويواصل انطلاقته المثالية

واصل الاتفاق السعودي انطلاقته المثالية في المجموعة الثانية من مرحلة المجموعات ببطولة دوري أبطال الخليج لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

السعودية تدين قصف إسرائيل مخيم النصيرات وسط غزة

فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)
فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)
TT

السعودية تدين قصف إسرائيل مخيم النصيرات وسط غزة

فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)
فلسطينية تسير بين أنقاض مبانٍ دمرتها الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات (إ.ب.أ)

أعربت السعودية، الجمعة، عن إدانتها واستنكارها قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية لمخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

وأكدت في بيان لوزارة خارجيتها، أن إمعان قوات الاحتلال في انتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي والإنساني، واستهدافاتها المستمرة للمدنيين الأبرياء «ما هي إلا نتيجة حتمية لغياب تفعيل آليات المحاسبة الدولية».

وجدّدت السعودية مطالبتها للمجتمع الدولي بضرورة التحرك الجاد والفعّال لوضع حد لهذه الانتهاكات الصارخة والمتكررة «حفاظاً على أرواح المدنيين، وما تبقى من مصداقية الشرعية الدولية».