معركة الرقة الكبرى تقترب من نهايتها

ازدياد حدة المعارك وقصف التحالف الدولي تسببا بمقتل مزيد من المدنيين

مقاتل في «قوات سوريا الديمقراطية» ينظر إلى مدينة الرقة من نافذة مبنى تأثر بفعل المعارك مع «داعش» (أ.ف.ب)
مقاتل في «قوات سوريا الديمقراطية» ينظر إلى مدينة الرقة من نافذة مبنى تأثر بفعل المعارك مع «داعش» (أ.ف.ب)
TT

معركة الرقة الكبرى تقترب من نهايتها

مقاتل في «قوات سوريا الديمقراطية» ينظر إلى مدينة الرقة من نافذة مبنى تأثر بفعل المعارك مع «داعش» (أ.ف.ب)
مقاتل في «قوات سوريا الديمقراطية» ينظر إلى مدينة الرقة من نافذة مبنى تأثر بفعل المعارك مع «داعش» (أ.ف.ب)

أظهرت لقطات فيديو نُشرت على الإنترنت تقدم قوات الجيش السوري داخل مدينة الرقة في معاركه ضد تنظيم داعش أول من أمس، فيما اعتبر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن مدينة الرقة التي كانت تعد معقل التنظيم، باتت اليوم على مشارف انتهاء آخر فصول عملية «غضب الفرات» التي انطلقت في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016.
وبيّنت اللقطات مواجهة بين قوات الجيش السوري والمتشددين عبر ثقوب في جدران أحد المنازل. كما أظهرت رفع علم التنظيم في شرفة أحد المباني، ثم حمْل مقاتلين راية كُتب عليها المجلس العسكري - منبج.
وسيطرت قوات سوريا الديمقراطية، على مساحات واسعة من ريف دير الزور الغربي وكامل الريف الشمالي وأجزاء واسعة من الريف الشرقي وعلى أكثر من ثلثي مدينة الرقة، حيث تتواصل المعارك العنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية المدعمة بالقوات الخاصة الأميركية من جانب، وعناصر التنظيم من جانب آخر، على محاور في وسط مدينة الرقة ومحيط مركزها.
وأبلغت مصادر موثوقة المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن تنظيم داعش الذي لم يتبقَّ من عناصره سوى 300 أو 400 مقاتل في المدينة بعد مقتل المئات من عناصره خلال الأسابيع الماضية، لم يعد قادراً على الصمود لفترة أطول في مدينة الرقة نتيجة بدء نفاد مخزونه من المعدات العسكرية والأسلحة والنقص المتزايد في المواد الغذائية المخزنة لدى التنظيم. وأكدت مصادر للمرصد أن التنظيم يعمد في بعض حالاته إلى تنفيذ عمليات تسلل إلى مواقع لقوات سوريا الديمقراطية بغية الحصول على مياه أو طعام، كما أبلغت المصادر المرصد السوري أن ما يؤخر سيطرة قوات عملية «غضب الفرات» على مدينة الرقة، كثافة الألغام التي زرعها التنظيم، وتأخر قرار التحالف الدولي بالسيطرة على المدينة، إضافة لوجود آلاف المدنيين المستخدمين دروعاً بشرية من قبل التنظيم.
وكانت مصادر تحدثت للمرصد السوري عن قيام عناصر من التنظيم بتفجير أنفسهم بأحزمة ناسفة حتى قبيل وصول قوات سوريا الديمقراطية والقوات الخاصة الأميركية إلى مناطق قريبة منهم، وعزا بعض الأهالي السبب إلى الحالة النفسية والضغط الذي عانى منه مواطنون بعد تضييق الخناق عليهم، وعدم وجود مفر لهم للخروج من المدينة.
وتسبب ازدياد حدة المعارك والهجمات المتعاكسة بين قوات سوريا الديمقراطية المدعمة بالقوات الخاصة الأميركية من جهة، وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى، في تصاعد قصف التحالف الدولي الذي وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان جراءه، مقتل مزيد من المدنيين في مدينة الرقة، حيث ارتفع إلى 1059 بينهم ناشط في المرصد السوري لحقوق الإنسان، و247 طفلاً و176 مواطنة، عدد الضحايا المدنيين الذين وثقهم المرصد السوري في مدينة الرقة وريفها، وذلك منذ 5 يونيو (حزيران) عام 2016 وحتى 17 من سبتمبر (أيلول) الحالي (أمس). والضحايا هم 1043 مدنياً بينهم ما لا يقل عن 244 طفلاً دون سن الثامنة عشرة، و172 مواطنة فوق سن 18، قتلوا في مدينة الرقة، بالإضافة إلى 16 مدنياً بينهم 3 أطفال و4 مواطنات استشهدوا في غارات على قرية زور شمر ومنطقة أخرى عند الضفاف الجنوبي لنهر الفرات بريف الرقة الشرقي، كما تسبب القصف الجوي بإصابة مئات المواطنين بجراح متفاوتة الخطورة، وبعضهم تعرض لبتر أطراف ولإعاقات دائمة، بينما لا يزال بعضهم بحالات خطرة، ما قد يرشح عدد الضحايا للارتفاع، كما دمِرت عشرات المنازل والمرافق الخدمية في المدينة، نتيجة هذا القصف المكثف، الذي استهدف مدينة الرقة ومحيطها وأطرافها.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».