تاتيانا مرعب لـ«الشرق الأوسط»: الحظ يلعب دوره في مهنتنا

لولا الدراما المعربة ربما عانى الممثلون من البطالة

تجسد دور الطبيبة جومانا في «الخائن» (حساب الفنانة في «إنستغرام»)
تجسد دور الطبيبة جومانا في «الخائن» (حساب الفنانة في «إنستغرام»)
TT

تاتيانا مرعب لـ«الشرق الأوسط»: الحظ يلعب دوره في مهنتنا

تجسد دور الطبيبة جومانا في «الخائن» (حساب الفنانة في «إنستغرام»)
تجسد دور الطبيبة جومانا في «الخائن» (حساب الفنانة في «إنستغرام»)

تغيب الممثلة اللبنانية تاتيانا مرعب لتعود بأسلوب تتجدد معه دائماً. ففي العام الماضي أطلت علينا بالبرنامج التلفزيوني «فتنا بالحيط»، فشكلت ثنائياً خفيف الظل مع الممثل فادي شربل تابعه المشاهد عبر محطة «الجديد». وشاركت في مسلسل «عنبر 6» في جزئه الأول ضمن تجربة دراما مشتركة مشوقة. مؤخراً انتهت من تصوير مسلسل جديد من إنتاج «غولدن فيلم» بعنوان «نزيف» من إخراج إيلي رموز. ومن المتوقع أن يعرض قريباً على الشاشات وهو من بطولة إسماعيل تامر وماريتا الحلاني.

وها هي حالياً تحصد شعبية كبيرة من خلال دورها (جومانا) في مسلسل «الخائن»، بتجسيدها شخصية الطبيبة العازبة التي تجاري نزوات صديق لها تجاه زوجته التي يخونها. ولكن تاتيانا تدافع عن (جومانا) لـ«الشرق الأوسط»: «إنها ليست امرأة لعوب أو شريرة أبداً. إنما صاحبة قلب طيب، تقف أمام أزمة زوجية لا تعرف كيفية التعامل معها. ولكن في الحلقات المقبلة سيشهد دوري تطوراً ملحوظاً، يشوّق المشاهد في خضم أحداث كثيرة تخلط الأمور وتحمل المفاجآت».

تجربة مرعب في «الخائن» ولّدت لديها صداقات متينة تقول: «كنا بمثابة عائلة واحدة وقد عشنا معاً كفريق عمل لمدة عام كامل. صرنا أعز الأصحاب ولا نزال نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى اليوم».

ترى في الدراما المعربة فرص عمل جديدة للممثلين (حساب الفنانة في «إنستغرام»)

وتؤكد تاتيانا أن العلاقة التي كانت تجمعهم فترة التمثيل سادها الكثير من الانسجام. «جميعهم رائعون من قيس الشيخ نجيب وسلافة معمار وصولاً إلى مرام علي وإيلي متري وغيرهم. فمعاً استطعنا أن نتجاوز مشكلة الوقت الطويل والهجرة إلى بلد غريب. وكنا متعاطفين جداً مع بعضنا ومهتمين لأي أمر يواجهنا. بالفعل كنا نشكل عائلة واحدة جميلة».

يندرج مسلسل «الخائن» على لائحة الأعمال التركية المعربة. فهو يلتحق بسابقيه «الثمن» و«كريستال». فما رأي تاتيانا في هذه الظاهرة الدرامية الرائجة حالياً؟ ترد لـ«الشرق الأوسط»: «لولا الدراما المعربة هذه كان الممثلون ربما سيعانون من البطالة. الأعمال هذه حركت عجلة التمثيل وفتحت الفرص أمام كثيرين منهم. والأهم أن هذه الأعمال تحصد نسب مشاهدة عالية جداً. و(الخائن) يتربع على المرتبة الأولى فيها. فما دام الناس يحبون هذا النوع من الأعمال، ستبقى الظاهرة تكمل طريقها إلى حين ولادة (تريند) آخر».

دورها في «الخائن» أحبته وحضرت له بشغف وتعلق: «لم تعذبني أبداً شخصية جومانا التي تقمصتها. فمنذ البداية لفتني الدور وأحببته، وإلا ما استطعت إقناع المشاهد كي يتفاعل معي. فحالة التشويق التي تلف حبكة العمل ألقت بظلها إيجابياً على جميع الأدوار فيه».

يلعب الحظ في رأي مرعب دوره بالنجومية (حساب الفنانة في «إنستغرام»)

شريحة من المشاهدين تساءلت عما يمكن أن يحمل «الخائن» من أحداث بعد. فمنذ حلقاته الأولى اعتبروا أن عقدته الأساسية كُشف عنها. والزوجة صارت تعرف بخيانة زوجها لها. وكان أول مشهد من المسلسل قد أثار الجدل حوله إذ اعتبره البعض النهاية المعدة له. فالأحداث التي تتبعه توضح خيوط قصة الخيانة بين الزوج والزوجة (سلافة معمار وقيس الشيخ نجيب).

ترفض تاتيانا هذا الاستنتاج: «ما تابعه المشاهد حتى اليوم ليس سوى البداية لسلسلة أحداث مشوقة. فهناك تطورات كثيرة ستحدث خلال عرض حلقاته الـ90 كاملة. وما على المشاهد إلا أن يبقي عينه على المسلسل حتى يدرك بأن النهاية لا تزال بعيدة. وأعده بأنه ستبقى أعصابه مشدودة طيلة حلقات العمل».

لا تنكر تاتيانا أن بعض الممثلين مغيبون عن الساحة. فلكل ممثل برأيها سببه الخاص الذي يبقيه على مسافة من أعمال درامية عدة. «بالنسبة لي أتلقى عروضاً كثيرة ولكن قلة منها تقنعني. فحب الظهور والبقاء على الشاشة لا يهمني. فإذا لم يكن العرض مناسباً لي من نواحٍ عدة أرفضه بكل بساطة».

هل تفكر بينها وبين نفسها لماذا لم توكل إليها بطولة بعد؟ توضح لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن الحظ يلعب دوره في هذا الموضوع وعلى الرغم من ذلك فقد لعبت أدوار بطولة. فأحياناً الجهد لا يكفي بسبب غياب شركة منتجة تساند الممثل. بعضهم لديهم علاقات وطيدة مع هذه الشركة أو تلك، فيكون التفكير بهم قبل غيرهم. هذه العلاقات المتينة بين الممثل والمخرج والمنتج تؤثر من دون شك على مسيرة الفنان». وتشرح مرعب: «هناك ممثلون يُساندون بشكل كبير فيُدعمون ويُركّز عليهم بهدف إنجاحهم. حتى أن بعض هؤلاء هم بمثابة وجوه جديدة لا تتمتع بمسيرة درامية غنية. وعلى الرغم من ذلك نجدهم في الطليعة لأن هناك من يساندهم».

مع زميلتيها في «الخائن» ريتا حرب وجينا أبو زيد (حساب الفنانة في «إنستغرام»)

لا تعارض تاتيانا دخول وجوه جديدة على الساحة، لا بل تحبذ إعطاء الفرص. «النجومية أيضاً يمكن أن تتجدد مع الوقت، فتكون الوجوه الجديدة مطلوبة. هذا ليس أمراً سيئاً لأن البحث عن إطلالة ووجه جديدين أمر ضروري في مهنتنا».

وعن الوجوه التمثيلية الجديدة التي لفتتها مؤخراً، تقول: «خالد شباط»، فهي تصفه بالممثل المبدع، الذي ترفع له القبعة لأدائه الاحترافي اللافت. «بعض الممثلين يتركون بأثرهم ويطبعون ذاكرة المشاهد حتى لو كنا نراهم للمرة الأولى. وهي حالة شباط الذي أتابعه في (كريستال)، فاكتشفت جدارته الكبيرة بالتمثيل. والأمر نفسه لمسته أيضاً في دوره في مسلسل (الخائن). وهو من الممثلين الشباب الذين ينتظرهم غد مشرق».

وعن مشاريعها المستقبلية تختم لـ«الشرق الأوسط»: «أحضر حالياً لمسلسل مشترك سيُصوّر قريباً، وهو من إنتاج سوري. لا أستطيع التحدث عنه والإفصاح عن دوري فيه، وأجهل إذا ما سيكون لموسم رمضان أو لا. ولكنني أتمنى أن يحبه الناس ويلقى إعجابهم».


مقالات ذات صلة

«البلاط العتيق» حرفة فنّية لبنانية تُعاند شكل الزمن

يوميات الشرق حكاية بلاطات غسان فياض لها رائحة حنين (حسابه الشخصي)

«البلاط العتيق» حرفة فنّية لبنانية تُعاند شكل الزمن

المشتري أو المتفرِّج ليس محصوراً في الخيارات المتاحة ضمن كُتيّب ولا يملك قراراً خارجها، وإنما هو «سيدّ التصميم»؛ وما يَدَا المهندس سوى مساهمتَين في العملية.

فاطمة عبد الله (بيروت)
صحتك النسيان قد يكون أمراً عادياً في بعض الأحيان (أ.ف.ب)

متى يكون النسيان مقلقاً؟ طبيب يجيب

على الرغم من أن النسيان قد يشير إلى معاناة الشخص من مشاكل خطيرة في الذاكرة، فإنه قد يكون أمراً عادياً في بعض الأحيان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق حين يتوه العنوان (صور كيث جورجيو)

رسالة تصل إلى العنوان الخطأ على بُعد 10 آلاف ميل

أُصيب رجل بالحيرة بعد وصول رسالة إلى بابه كان يُفترض تسليمها على مسافة أكثر من 10 آلاف و500 ميل إلى عنوان في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تاريخ على شكل منارة (أ.ب)

منارة أميركية عمرها 150 عاماً ستُولد من جديد

سيبدأ مهندسون فيدراليون عملية الحفاظ على منارة عمرها 150 عاماً تعمل بشكل غير مستقرّ على مسطَّح طينيّ في منتصف نهر هدسون بمدينة نيويورك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق أوليفيا تُعدّ رسمياً أغنى قطة في العالم («إنستغرام» تايلور سويفت)

أغنى قطة في العالم... ثروتها ضعف ثروة توم هولاند

أصبحت أوليفيا بينسون قطة مشهورة ليس فقط لاعتمادها على مالكتها الشهيرة ذائعة الصيت بل لأنها القطة الأغنى في العالم لامتلاكها ثروة تقدر بنحو 77 مليون جنيه إسترليني بمجهودها

«الشرق الأوسط» (لندن)

من «الأطلال» إلى «واللهِ أبداً»... جواهر اللغة العربية بأصوات أجيالٍ من المطربين

من «الأطلال» إلى «واللهِ أبداً»... جواهر اللغة العربية بأصوات أجيالٍ من المطربين
TT

من «الأطلال» إلى «واللهِ أبداً»... جواهر اللغة العربية بأصوات أجيالٍ من المطربين

من «الأطلال» إلى «واللهِ أبداً»... جواهر اللغة العربية بأصوات أجيالٍ من المطربين

كُتب مجد اللغة العربية الفصحى في دواوين الشعر على مدى قرون، إلى أن جاءت الموسيقى لتنسكب فوقها وتزيدَها ألَقاً. هذه اللغة التي تصنَّف من بين أصعب 10 لغات في العالم، تلألأت بأصوات نجوم الأغنية الذين ساهموا في نشرِها ونَشر قصائدها، وبالتالي إيصالها إلى الأجيال العربية الصاعدة، وجعلها أكثر سلاسة على آذانهم.

الكوكب والموسيقار

يعود أوَّل الفضل في تحويل الفصحى إلى أغنياتٍ خالدة، لصوتَين هما من أعمدة الموسيقى العربية. عام 1924، وبينما كانت بعدُ فنانة مبتدئة، استعارت أم كلثوم من شعر أحمد رامي وغنَّت «الصبُّ تفضحه عيونه»، لتليها بعد سنتَين إحدى أصعب قصائد اللغة العربية «أراك عصي الدمع» لأبي فراس الحمداني، والتي نظمها في مديح سيف الدولة في القرن العاشر.

وازنت «السِّت» ما بين الأعمال الناطقة باللهجة المصرية والفصحى على امتداد مسيرتها. قدَّمت عشرات القصائد أكثر ما خُلِّد من بينها «الأطلال» (1965) التي كتبها الشاعر المصري إبراهيم ناجي، ولحَّنها رياض السنباطي. تميَّزت كذلك «هذه ليلتي» الصادرة عام 1968، وهي من شعر الأديب اللبناني جورج جرداق، ولحن محمد عبد الوهاب. والأخير لحَّن لها كذلك «أغداً ألقاك» التي ألَّفها الشاعر السوداني الهادي آدم.

لم يقتصر تكريم محمد عبد الوهاب للُّغة العربية الفصحى على تلحينها لـ«كوكب الشرق»، فقد وضع عليها نغماته ليغنِّيها بنفسه مستقياً من كبار الكلمة. عام 1928، أنشدَ عبد الوهاب لبنان عبر قصيدة «يا جارة الوادي» لأحمد شوقي، والتي نظمها الشاعر المصري غزلاً بمدينة زحلة. ومن المعلوم أن فيروز عادت وقدَّمت تلك الأغنية، من ضمن مجموعة من الألحان التي ألَّفها لها «موسيقار الأجيال».

من بين النصوص الكثيرة التي غنَّاها عبد الوهاب للشاعر اللبناني بشارة الخوري، قدَّم عام 1933 «جفنه علَّم الغزل» والتي تُعدُّ من بين أكثر أغانيه شهرة. وكما زميلتُه في الطرب والالتزام الفني أم كلثوم، وازنَ عبد الوهاب بين النصوص المَحكيَّة والقصائد العربية، محافظاً على لفظ حرف «الجيم» على الطريقة المصرية، حتى عندما كان يغنِّي بالفصحى.

تُذكر من بين أشهر أغانيه كذلك: «مضناك جفاه مرقده» عام 1938 التي نظمها أحمد شوقي، و«النهر الخالد» لمحمود حسن إسماعيل عام 1954، وهي بمثابة تكريم للنيل بضفافه ونخيله وملَّاحيه. أما سنة 1960، فلحَّن «أيظنُّ» من شعر نزار قباني، وهي أولى قصائد الشاعر الدمشقي التي جرى تلحينها وغناؤها، وقد حققت شهرة واسعة بصوتَي كلٍّ من نجاة الصغيرة وعبد الوهاب.

حليم بالفصحى

الباحث في مكتبة عبد الحليم حافظ الموسيقية، لا بد من أن يخرج مذهولاً. فكيف لفنانٍ عاش 48 سنة فقط، وأمضى معظمها مريضاً، أن يسجِّل أغنياتٍ لا تُحصى بقيت عالقة في الأذهان والحناجر. صحيح أن غالبية تلك الأعمال هي باللهجة المصرية، إلا أن بعض القصائد سطعت من بينها، ليتبيَّن أنّ إبداع عبد الحليم بالعربيَّة الفصحى لا يختلف عن إبداعه بالمصرية.

بعد عبد الوهاب، كان «العندليب الأسمر» ثاني مَن يغنِّي شعر نزار قباني، في «رسالة من تحت الماء» عام 1973، و«قارئة الفنجان» في 1976، وكلتاهما من تلحين محمد الموجي. في مطلع السبعينات كذلك، قدَّم عبد الحليم أغنية «يا مالكاً قلبي» وهي من شعر الأمير عبد الله الفيصل بن عبد العزيز آل سعود، وألحان الموجي. وبعد أن غيَّبه الموت بأربعة أعوام، صدرت في 1981 «حبيبتي من تكون»، وهي القصيدة التي نظمها الأمير خالد بن سعود، ولحَّنها بليغ حمدي.

ناظم الغزالي وصباح فخري

لا يمكن المرور على الأغنية العربية الفصحى من دون ذكر البصمة التي تركها عليها الفنان العراقي ناظم الغزالي. استقى الغزالي من الشعر القديم فقدَّم أغنياتٍ اشتُهرت، من بينها «قل للمليحة» التي كتبها ربيعة بن عامر التميمي في العصر الأموي، و«عيَّرتني بالشيب» من كلمات الخليفة العبَّاسي المستنجد بالله، إضافة إلى «أقول وقد ناحت قربي حمامة» من شعر أبي فراس الحمداني، و«أي شيء في العيد أهدي إليك» لإيليا أبو ماضي.

حرصَ على تقديم هذا النمط كذلك الفنان السوري صباح فخري الذي أغنى المكتبة الموسيقية العربية بالقصائد المغنَّاة، كما بالقدود الحلبيَّة.

فصحى الخليج

من المشرق العربي إلى الخليج؛ حيث كانت للأغنية الفصحى صولاتٌ وجولات. البداية مع الفنان السعودي طلال مدَّاح الذي غنَّى «تعلَّق قلبي» من شعر امرئ القيس، ولحن مطلق الذيابي. ومن بين أكثر ما انتشر له بالفصحى: «ماذا أقول» التي جمعته تلحيناً بمحمد عبد الوهاب، أما الكلمات فلشاعر معروف بـ«فتى الشاطئ». وفي مكتبة مدَّاح كذلك: «يا موقد النار» من كلمات سعيد الهندي، و«جاءت تمشي باستحياء» من التراث السعودي.

كرَّم محمد عبده بِعُودِه وصوتِه القصيدة العربية الفصحى، فغنَّى الفنان السعودي من شعر نزار قباني «القرار»، و«أحلى خبر»، و«في المقهى». كما انتشرت من بين أغانيه «أنشودة المطر» لبدر شاكر السياب، و«على البال» للشاعر الملقَّب بـ«أسير الشوق».

فيروزةٌ على جبين الفصحى

من بين الفنانين الذين كرَّموا اللغة العربية الفصحى بأصواتهم، تبقى الصدارة لفيروز التي سجَّلت عشرات القصائد. فكانت لها محطات مأثورة مع عظماء الكلمة، من جبران خليل جبران، إلى سعيد عقل، مروراً بنزار قباني، وبشارة الخوري، وجوزيف حرب، وليس انتهاءً بالأخوين رحباني.

حتى عندما دخلت فيروز مرحلة غنائية جديدة إلى جانب ابنها زياد الرحباني، عادت لتستقي من شعر القدامى، أمثال قيس بن الملوَّح، ولسان الدين بن الخطيب، وجميل بثينة، وأبي العتاهية.

العربيَّة بأصوات الجيل الثاني

من الجيل المؤسس في الموسيقى العربية انتقلت الشعلة إلى الجيل الثاني الذي حرص على الحفاظ على اللغة غناءً. هكذا فعل الفنان اللبناني مارسيل خليفة الذي صار سفير قصيدة محمود درويش، ولم يقتصر غناؤه الفصحى على نصوص الشاعر الفلسطيني؛ بل انسحب على شعراء آخرين، مثل الحلَّاج، وأدونيس، وخليل حاوي، وشوقي بزيع، وعلي فودة، وغيرهم.

أما الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي، فقد افتتحت مسيرتها بألبوماتٍ زاخرة بالقصائد. دخلت ماجدة الرومي التاريخ الموسيقي العربي من الباب العريض، مع أغنيات مثل «كلمات» من شعر نزار قباني وألحان إحسان المنذر، و«كن صديقي» لسعاد الصباح، والتي لحَّنها عبدو منذر، و«شعوب من العشاق» لأنسي الحاج، من ألحان جوزيف خليفة. كما اتَّسعت المروَحة لتشمل قصائد نظمَها أدباء وشعراء، مثل: سعيد عقل، ومحمود درويش، وغسان تويني، وحبيب يونس.

سفير الفصحى

إذا كان من سفيرٍ للأغنية العربية الفصحى، أضاف إليها رونقاً خاصاً، ولعب دوراً كبيراً في نقلها إلى الأجيال العربية الشابة، فهو حتماً كاظم الساهر. دخل الفنان العراقي المشهد الموسيقي العربي كإعصار، محمَّلاً بأجمل قصائد نزار قباني. عام 1997، أحدثت «زيديني عشقاً» ثورة غنائية، وكرَّت السبحة مع «مدرسة الحب»، و«إلا أنتِ»، و«قولي أحبك»، و«صباحك سكَّر»، و«أحبِّيني بلا عُقَد»، وغيرها كثير من شعر قباني. كما تعاون الساهر مع شعراء آخرين، نظموا له الأغاني بالفصحى، من بينهم كريم العراقي ومانع العتيبة.

إرثٌ لا ينطفئ

رغم وصفها بأنها صعبة وغير مرغوبة من الجيل الجديد، فإنه جرى تناقُل اللغة العربية الفصحى عبر أجيال متعاقبة من الفنانين. من بين هؤلاء -على سبيل المثال- المطربة اللبنانية جاهدة وهبي التي تستحق عن جدارة لقب «شاعرة الأغنية»، لفرط ما غنَّت ولحَّنت أعمق النصوص وأجملها لكبار الأدباء.

كذلك فعل الفنان السعودي عبد الرحمن محمد الذي كانت له اليد الطولى في إضافة الألق إلى نصوصٍ كانت لتبقى حبراً على ورق، لولا صوته وموسيقى مهاب عمر.

لم يَحُل أي شيء دون أن تتجمَّل الأغاني بالفصحى، وها إن الجيل الثالث يتولَّى الشعلة، من كارول سماحة، وهبة طوجي، إلى نانسي عجرم، وناصيف زيتون. حتى أن الفصحى سلكت طريقها إلى الموسيقى الإلكترونية، على يد عمرو دياب وعزيز الشافعي، اللذَين قدَّما نسخة معاصرة جداً من شعر ابن زيدون في «والله أبداً».