العلا تجمع علماء الآثار في قمتها العالمية

نخبة من المختصين لمناقشة مستقبل القطاع وتوفير الحلول

سيبحث المشاركون كيفية استلهام رمزية الماضي لدراسة الحاضر (الهيئة الملكية للعلا)
سيبحث المشاركون كيفية استلهام رمزية الماضي لدراسة الحاضر (الهيئة الملكية للعلا)
TT

العلا تجمع علماء الآثار في قمتها العالمية

سيبحث المشاركون كيفية استلهام رمزية الماضي لدراسة الحاضر (الهيئة الملكية للعلا)
سيبحث المشاركون كيفية استلهام رمزية الماضي لدراسة الحاضر (الهيئة الملكية للعلا)

أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا عن قائمة المتحدثين والمشاركين، من السعودية ومختلف أنحاء العالم، في الدورة الأولى من «قمة العلا العالمية للآثار» التي ستقام خلال الفترة من 13 إلى 15 سبتمبر (أيلول) المقبل في قاعة مرايا، وستجمع نخبة من المختصين في مجال علم الآثار والمجالات الأخرى، بهدف تعزيز النقاش العابر للثقافات والحوارات الهادفة بين مختلف القطاعات.

الارتقاء بعلم الآثار

تأتي القمة للارتقاء بعلم الآثار والتراث الثقافي والترويج له أمام جماهير متنوعة وتحفيز المبادرات النوعية لصياغة حلول تراثية تعاونية لتحديات العصر الحديث، من خلال 4 موضوعات رئيسية، تشمل «الهوية» التي سيتم من خلالها مناقشة استكشاف العلاقة التي تربط المجتمع بالتراث، إضافة إلى ذلك ستناقش القمة موضوع «مواقع الآثار» التي تهدف لإيجاد العلاقة بين المكان والبيئة الطبيعية الثقافية لفهم الأثر والتراث.

كما سيبحث المشاركون خلال القمة كيفية استلهام رمزية الماضي لدراسة الحاضر، وتجاوز التحديات، تحت عنوان «المرونة»، إضافة إلى نقاش موضوع «إمكانية الوصول» التي تعنى بإتاحة المجال لاستكشافات التراث ومناقشة حقوله المعرفية لصياغة حلول مشتركة.

تأتي القمة بمشاركة أكثر من 300 خبير ومهتم في قطاع الآثار والتراث الثقافي (الهيئة الملكية للعلا)

قمة علماء الآثار

وسيشارك في جلسات وحوارات القمة أكثر من 300 خبير ومهتم في قطاع الآثار والتراث الثقافي، إضافة إلى 80 متحدثاً، وسيوجد في هذا الحدث عشرات المعنيين بالقطاع من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الدولية ووسائل الإعلام. وتركز القمة خلال اجتماعاتها وجلساتها الحوارية على تطوير علم الآثار، بما يسهم في زيادة الاكتشافات الأثرية وتفعيلها في جميع أنحاء العالم.

ومن المقرر أن يشارك المتحدثون والمشاركون في رحلات استكشافية إلى المواقع التراثية الرئيسية في العلا، التي ستوفر في الواقع منصة عالمية للنقاش العلمي والتعاون والابتكار بين علوم الآثار والقضايا العالمية المعاصرة في القطاع، للتوصل إلى رؤى مشتركة وحلولٍ مستمدة من التراث الثقافي.

وتستقطب القمة نخبة من الخبراء من الأوساط الأكاديمية والحكومية والمؤسسات غير الحكومية والشباب الذين يمثلون الجيل القادم من علماء الآثار، ولا تقتصر أهدافها على إثراء المجتمع الأثري والمساعدة في حماية التاريخ المشترك فحسب، بل تفتح الآفاق أمام مزيد من المعرفة في علوم الآثار والتراث الثقافي بصورة أشمل والمساهمة بإحداث تغييرات تحوُّلية في المجتمع وبحث سبل تطويره.

تأتي القمة لفتح الآفاق أمام مزيد من المعرفة في علوم الآثار (الهيئة الملكية للعلا)

العلا وجهة عالمية للتراث

تشكّل القمة إحدى مبادرات الهيئة الملكية لمحافظة العلا، التي تقود عملية التطوير الشامل للعلا كوجهة عالمية رائدة للتراث الثقافي والطبيعي، وتعمل القمة على توظيف الرؤى المكتسبة من التراث الثقافي والتقدم العلمي لما يحقق النفع للإنسانية، ما يسهم في تحقيق مستهدفات «رؤية السعودية 2030».

وتهدف الهيئة من خلال القمة إلى تعزيز مختلف عوامل الجذب التاريخي والجغرافي والتراثي، وتنظيم المؤتمرات ذات الصلة التي تؤكد حضور العلا ضمن خريطة أهم المواقع التاريخية في العالم، وكذلك تفعيل الشراكات مع المنظمات الدولية، حيث تعد من أهم الأماكن الأثرية في العالم التي تحكي معالمها تاريخ الحضارات الإنسانية.


مقالات ذات صلة

سباق درب العُلا... فرصة رياضية لاكتشاف الطبيعة في المدينة التاريخية

رياضة سعودية تنظم لحظات العُلا مجموعة من المهرجانات الجديدة والفعاليات التي تحتفي بتاريخ العُلا

سباق درب العُلا... فرصة رياضية لاكتشاف الطبيعة في المدينة التاريخية

يشهد عالم الرياضة والمغامرة حدثاً استثنائياً مع قرب انطلاق فعاليات سباق درب العُلا 2025. يجمع هذا السباق بين تحديات الجري الممتعة واكتشاف كنوز الطبيعة والتاريخ.

«الشرق الأوسط» (العُلا)
رياضة سعودية تستضيف العُلا مجدداً بطولة ريتشارد ميل العُلا أول بطولة بولو تُقام على رمال الصحراء (الهيئة الملكية لمحافظة العُلا)

العُلا تستضيف بطولة ريتشارد ميل لبولو الصحراء الشهر المقبل

تستضيف العُلا مجدداً بطولة ريتشارد ميل العُلا لبولو الصحراء، أول بطولة بولو تُقام على رمال الصحراء، وذلك يومي 17 و18 يناير 2025.

«الشرق الأوسط» (العلا)
الخليج محمد بن سلمان يزور مشروع منتجع «شرعان» في العلا

محمد بن سلمان يزور مشروع منتجع «شرعان» في العلا

زار الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الثلاثاء، مشروع منتجع «شرعان» في محافظة العلا (شمال غربي السعودية)، والتقى بالعاملين فيه.

«الشرق الأوسط» (العلا)
الخليج صورة من اللقاء نشرها بدر العساكر على حسابه في منصة «إكس»

لقاء ودي بين محمد بن سلمان ومنصور بن زايد في العلا

جمع لقاء ودي أخوي، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والشيخ منصور بن زايد نائب رئيس دولة الإمارات، وذلك في المخيم الشتوي بمحافظة العلا.

«الشرق الأوسط» (العلا)
رياضة سعودية سيعمل النادي على استقطاب عدد من الرياضيات للمشاركة في المنافسات الرياضية بالعلا (الهيئة الملكية لمحافظة العُلا)

الهيئة الملكية لمحافظة العُلا تطلق مشروع كرة القدم النسائية

أطلقت الهيئة الملكية لمحافظة العُلا مشروع تطوير كرة القدم النسائية في المحافظة الذي يهدف إلى تعزيز حضورها من خلال توفير فرص رياضية مختلفة للمدربات

«الشرق الأوسط» (العُلا)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)
الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)
TT

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)
الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

كان كلّما سُئل عن أقصى أحلامه، يجيب شارل أزنافور: «أن أغنّي على المسرح حتى عمر الـ100». رحل قبل 6 سنوات من تحقيق الحلم، لكنّه أبى إلا أن يطلّ على الجمهور في مئويّته من خلال فيلم «Monsieur Aznavour» (السيّد أزنافور) الذي بدأ عرضُه في الصالات العربية في ديسمبر (كانون الأول)، بعد أن كانت الانطلاقة في فرنسا في أكتوبر (تشرين الأول) 2024.

ليس من الممكن اختصار عملاق الأغنية الفرنسية بساعتَين سينمائيتَين، غير أنّ الفيلم الذي يتّخذ شكل سيرة ذاتية، على قدرٍ عالٍ من الطموح والإتقان. يسرد بسلاسةٍ وبساطة، ومن دون تبجيل، المراحل الأساسية من حياة الفنان الفرنسي الذي لم يتخلّ يوماً عن أصوله الأرمنية.

هو شارل أزنافوريان، الطفل الدائم الابتسامة، الذي نراه في بداية الفيلم وسط عائلته المهاجرة إلى باريس. أبٌ وأمٌ وولدان يحترفون الغناء والرقص والفرح، رغم الفقر وضيق العيش والاحتلال النازيّ إبّان الحرب العالمية الثانية. كبر شارل في غرفةٍ صغيرة لم تتّسع سوى للأحلام والموسيقى، فكان لا بدّ للطريق من أن يرتسم واضحاً أمامه: الفن وخشبة المسرح.

يسلك الفيلم خطاً تاريخياً تصاعدياً، فلا يتضمّن فقرات استرجاع زمني، ولا يخلط مراحل السيرة. أما الإخراج فليس مدّعياً ولا فضفاضاً، رغم ميزانيةٍ تخطّت الـ25 مليون يورو. هذه المعالجة الزمنية الكلاسيكية اعتمدها الكاتبان والمخرجان مهدي إيدير وفابيان مارسو المعروف بـ(Grand Corps Malade)، في مسعىً منهما إلى الإخلاص قدر المستطاع لتاريخ أزنافور الحافل.

مخرجا وكاتبا «Monsieur Aznavour» مهدي إيدير وفابيان مارسو (باتيه فيلم)

اللافت أن أزنافور، ولدى استشارته قبل وفاته في إمكانية تصوير فيلم عن حياته، كان قد منحَ بركتَه لإيدير ومارسو، معبّراً عن إعجابه بأعمالٍ سابقة لهما. ثم أتى الإنتاج ليغلّف الفيلم بمعطفٍ عائليّ، إذ تولّى العملية الإنتاجية صهر أزنافور جان رشيد قالوش. وحتى تكتمل البصمة العربية، بما أنّ قالوش وإيدير من أصول جزائرية، جرى اختيار الممثل طاهر رحيم لأداء دور البطولة، وهو أيضاً جزائريّ الأصل.

لا بدّ من الاعتراف لرحيم بمجهوده الهائل في تجسيد الشخصية الاستثنائية. الممثل البالغ 43 عاماً أدّى مراحل حياة أزنافور كلّها، مع العلم بأنّ التركيز انصبّ على الفترة الممتدّة ما بين البدايات الفنية في سنّ الـ20، وأولى سنوات المجد وما بعدها، أي حتى سنّ الـ50.

بذل طاهر رحيم مجهوداً هائلاً في تجسيد شخصية أزنافور (باتيه فيلم)

وفق حوارات صحافية أجريت معه، فقد تدرّب رحيم 6 أشهر على تقمّص شخصية أزنافور. خلال نصف سنة، اقتصرت مشاهداتُه على أرشيف الفنان الخاص والعام، كما التقى مطوّلاً أفراد عائلته للتعرّف أكثر إلى وجهه الآخر. لم يقف الممثل عند هذا الحدّ من أجل تركيب الشخصية، بل أصرّ على أداء أغاني الفيلم بصوته بعد أن خضع لتدريبٍ طويلٍ وقاسٍ. بدا التشابه صادماً في أغنيات مثل «Emmenez-Moi»، و«La Boheme»، و«Les Comediens»، مما دفع ببعض النقّاد إلى القول إنّه جرى دمج صوتَي أزنافور ورحيم بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ وهو أمرٌ غير مستبعَد.

أغاني أزنافور هي زينة الفيلم وقد أصرّ رحيم على أدائها بصوته (باتيه فيلم)

إذا كان في الغناء بعض الاستنساخ، فإنّ أداء السيناريو هو بصوت رحيم الأصليّ، وهنا يبرز المجهود الحقيقي؛ فعندما يتكلّم الممثل يظنّ السامع أنها نبرة أزنافور نفسه. كما تلعب الحركة الجسمانية والإيماءات الخاصة دوراً إضافياً في الإقناع.

على الرغم من الماكياج والمؤثرات التي كان يستغرق تنفيذها 4 ساعات خلال كل يوم تصوير، لم يتحقّق هدف التشابه في الملامح. لكن ليس بالشبَه وحدَه تحيا أفلام السيرة، فرحيم يملأ موقعه ولا يُفقد الشخصية بريقَها، وذلك من دون أن يقع في فخّ التقليد.

مشهد اللقاء الأول بين أزنافور وزوجته الثالثة أوللا تورسيل (باتيه فيلم)

يسير «Monsieur Aznavour» على إيقاع أبرز أغنيات الفنان وهي زينةُ الفيلم. يُقسم العمل إلى 5 فصول؛ على خلفيّة «Les Deux Guitares» (القيثارتان) ذات النغمات الأرمنية، ينطلق مسترجعاً طفولة المغنّي المحفوفة بذكريات الإبادة الأرمنية والهجرة الصعبة إلى فرنسا. أما الفصل الثاني فمخصّص لأولى سنوات شبابه «Sa Jeunesse»، وبداياته في عالم الكتابة والغناء. قد تُوقِعُ هذه السرديّة الكلاسيكية العمل في الرتابة، لكن سرعان ما يحلّ الفصل الثالث بعنوان «La Boheme» ليبثّ الحياة في الفيلم، لا سيّما مع دخول شخصية المغنية إديث بياف والتي تؤدّيها ببراعة الممثلة ماري جولي باوب.

شكّلت بياف نقطة تحوّل في مسيرة أزنافور، فهي التي وضعته في واجهة حفلاتها ليفتتحها بصوته، وهي التي شجّعته على الخضوع لجراحة تجميلية للأنف. وضمن إطار صداقتهما الاستثنائية، حثّته على سلوك طريقٍ فني منفرد بعد أن استمرت شراكته الغنائية مع بيار روش (تمثيل باستيان بويون) لسنوات.

لم تلعب بياف دوراً محورياً في حياة أزنافور فحسب، بل هي أحد القلوب النابضة للفيلم، كما أنها تستحق كل مشهدٍ خُصِص لها فيه، حتى وإن بدا طويلاً؛ كل ذلك بفَضل موهبة الممثلة الآسرة.

إديث بياف... نقطة تحوّل في مسيرة أزنافور وأحد القلوب النابضة للفيلم (باتيه فيلم)

لعلّ أجمل ما يصوّره الفيلم هو صعود أزنافور، القصير القامة والعاديّ الملامح وصاحب الصوت المجروح، من مغنٍ منبوذٍ من الصحافة والجمهور إلى أيقونة الأغنية الفرنسية وسفيرها إلى العالم. لم يؤمن بالحظّ بل بالعمل 17 ساعة يومياً. لم ينم على الحرير بل حاك ثوبه بخيوط المثابرة. حتى الرمق الأخير، ألّف شارل أزنافور الأغاني وجال بها العواصم. لكنّ البداية لم تكن مفروشةً بالورد، فهو غنّى أمام قاعاتٍ شبه خالية، وأصدرَ أسطوانات لم تحقق أي مبيعات، وتعرّض للشتيمة من النقّاد. وسط ذلك كله، تسلّح بصبره وبعشقٍ للنجاح أفرطَ الفيلم في تجسيده، إلى درجة أنه كاد يصوّره رجلاً مهووساً بالشهرة والمال.

يصوّر الفيلم جزءاً من رحلة الصعود المتعثّرة في بدايات أزنافور (باتيه فيلم)

من بين الهفوات التي قد يُلام عليها الفيلم كذلك، أنه غيّب بعض الوقائع مثل زواج أزنافور الثاني، وتفاصيل سنوات الفقر الطويلة، إضافةً إلى شراكته مع مدير أعماله ليفون سايان والتي امتدّت 40 عاماً.

في المقابل، أضاء «Monsieur Aznavour» على نواحٍ أخرى من حياته مثل زواجه الثالث من حبيبته السويدية أوللا، وعلاقته العميقة بشقيقته عايدة، ليبقى الجزء الأكثر تأثيراً وفاة ابنه باتريك في سن الـ25، الأمر الذي حمّل أزنافور أحزاناً ثقيلة وأسئلةً وجوديّة رافقته إلى آخر العمر، وإلى آخر سطر من أغانيه الـ1300.