شهدت ثمانينات وتسعينات القرن الماضي تألّق الفنان المصري صلاح عبد الله على المسرح، حيث قدّم عروضاً متنوّعة، حقّقت نجاحاً لافتاً، ما حمّس «المهرجان القومي للمسرح المصري» لتكريمه في دورته المقرّرة إقامتها من 29 يوليو (تموز) الحالي إلى 14 أغسطس (آب) المقبل.
لكن عبد الله اعترض على التكريم بداية، مبرراً ذلك بالقول: «تنتمي مسيرتي المسرحية التي يعرفها الجمهور، بغالبيتها، إلى القطاع الخاص، لذلك اعتذرت عن فكرة التكريم من الأساس».

وفي حواره مع «الشرق الأوسط»، يوضح سبب اعتذاره الذي تراجع عنه لاحقاً: «أشعر بالخجل خلال حضور الحفلات الفنية والسير على السجادة الحمراء، لذلك لا أحبذّ الظهور كثيراً في المهرجانات. على عكس الممثل في داخلي الذي يتحلّى بجرأة لافتة خلال التمثيل. ثمة فارق شاسع بين التمثيل وحياتي الشخصية، لكن إصرار رئيس المهرجان محمد رياض على تكريمي كان دافعاً للعدول عن قراري».
يتابع: «ثمة أعمال لا يعرفها الجمهور لعدم عرضها على الشاشة الصغيرة، وهي كانت المغزى وراء تكريمي، فقد قدّمتها هاوياً قبل احتراف التمثيل، بجانب إخراج عروض للثقافة الجماهيرية في فرقة الجامعة ونادي وفرقة (بولاق الدكرور)، وجامعة القاهرة والمحافظات أيضاً».

يَعُدُّ عبد الله عدم تصوير المسرحيات تلفزيونياً «طمساً للعمل»، ويشرح: «لدي أعمال حقّقت نجاحاً كبيراً، إلا أنها لم تصل جميع الناس، مثل مسرحيتَيْ (امسك حكومة) و(شباب روش)؛ على عكس مسرحية (حمري جمري) مثلاً. فرغم عدم بثّها تلفزيونياً بشكل متكرّر، فإنّ انتشارها عبر شرائط الفيديو أفادها كثيراً».
وعن رصيده المسرحي، يعلّق: «أقدِّر أنه يتجاوز الـ50 عرضاً. فقد قدّمتُ أعمالاً عُرضَت على مدار سنوات متتالية، من بينها مسرحيتا (فيما يبدو سرقوا عبده) و(حودة كرامة) التي ظلّت تُعرض لـ6 سنوات. الأمر لا يقاس بالعدد إنما بسنوات العرض والانتشار».
ويؤكد أنّ أعماله مع الفنان محمد صبحي والكاتب لينين الرملي شكّلت علامة فارقة في مشواره المسرحي، خصوصاً العروض التي بُثّت تلفزيونياً، منها مسرحية «الهمجي» وعروض قدّمها مع الفنان أحمد آدم الذي وصفه بـ«رفيق الدرب».

كذلك ذكر سبب ابتعاده عن المسرح منذ 20 عاماً: «توقفتُ في عام 2003 لضعف الإقبال بشكل ملحوظ. فمن المتعارف عليه أنّ حركة السينما مع المسرح هي حركة عكسية، فعندما تنتعش السينما ينكمش المسرح، والعكس صحيح. خلال هذه الفترة، انتعشت السينما ودور العرض، مقابل ارتفاع أسعار ارتياد المسرح، هذا بجانب شعوري بالاكتفاء وتكاثُر العروض السينمائية والتلفزيونية، فوجدتُ صعوبة في الاستمرار المسرحي، ولا نية لدي للعودة إلى الخشبة مجدداً. في الوقت عينه، لا أعرف ماذا تخبئ الأيام، فلربما أجد عرضاً يجذبني».
ينوّه صلاح عبد الله بالعلامات الفارقة في مسيرته، منها فيلم «مواطن ومخبر وحرامي»، ومسلسلات «سنبل بعد المليون» و«ذئاب الجبل»، و«الملك فاروق»، و«الدالي»، و«عائلة الحاج نعمان»، و«الريان»، و«ريا وسكينة» الذي جمعته من خلاله ذكريات وصفها بالرائعة مع الراحل سامي العدل، مشيداً بكواليسه الزاخرة بالمناقشات الفنية.
يُكمل حديثه باستعادة ذكرياته مع نور الشريف: «يمثّل لي بوصلة الفن، فقد عملتُ معه منذ البدايات، ولا أنسى وقوفه إلى جانبي. معاً، تشاركنا أفلام (131 أشغال)، و(في قلب الليل)، و(كتيبة الإعدام)، وجمعنا فيلما (دم الغزال) و(مسجون ترانزيت) ومسلسل (الدالي)، وغيرها...».
عن مشاركته في مسلسل «ليه لأ 3» (شاهد)، يعلّق: «العمل صنع حالة خاصة، وأحدث تفاعلاً كبيراً بطرحه قضايا حساسة شعرنا سابقاً بالحرج عند مناقشتها، وكانت خطاً أحمر لا يمكن الاقتراب منه. اللافت أننا نحصد ردود أفعال رائعة ومبشّرة».







