تراث مصر يسجل حضوره في شوارع رومانيا

انطلاقاً من معرض فوتوغرافي في قلعة «كارولي» الأثرية

عمل للفنان أحمد محمد حسن (نادي الفراعنة الدولي للتصوير الفوتوغرافي)
عمل للفنان أحمد محمد حسن (نادي الفراعنة الدولي للتصوير الفوتوغرافي)
TT

تراث مصر يسجل حضوره في شوارع رومانيا

عمل للفنان أحمد محمد حسن (نادي الفراعنة الدولي للتصوير الفوتوغرافي)
عمل للفنان أحمد محمد حسن (نادي الفراعنة الدولي للتصوير الفوتوغرافي)

تحتضن قلعة كارولي الأثرية الواقعة في مقاطعة ساتوماري بشمال غربي رومانيا المعرض الفني «كليوباترا»، وذلك بمشاركة 23 مصوراً مصرياً يقدمون نحو 70 صورة فوتوغرافية.

افتتح الحدث مساء يوم الجمعة الماضي، السفير المصري لدى رومانيا مؤيد الضلعي، وواكب ذلك عرض مقاطع فيديو تضم الأعمال المشاركة به على شاشات المواصلات العامة في رومانيا كدعاية له وفق بروتوكول تعاون بين النادي ووزارة المواصلات الرومانية بهدف جذب الجمهور للحدث، وهو ما ثمّنه بعض المشاركين بالمعرض.

عمل يعكس الحياة التقليدية للصيادين بمصر للفنان أحمد محمد حسن (نادي الفراعنة الدولي للتصوير الفوتوغرافي)

ويُعد المعرض المستمر حتى 5 يونيو (حزيران) المقبل، جزءاً من مشروع فني أطلقه «نادي الفراعنة الدولي للتصوير الفوتوغرافي»، بالتعاون مع مصورين محترفين بهدف نشر الثقافة المصرية وفق الدكتور أحمد محمد حسن، رئيس النادي، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «يجسد المعرض مفهوم الأصالة والتراث جنباً إلى جنب الحياة المعاصرة، عبر صور تنقل المتلقي إلى قلب مصر»، ويوضح: «تتناول الصور الأوجه المختلفة لثقافتنا، من حيث نمط المعيشة والطعام والملابس والحرف اليدوية والمباني والفنون والبيئة... وغير ذلك من خلال رؤى متنوعة لمصورين مبدعين تنقلوا بين أرجاء البلاد بعدستهم».

ويمثل الحدث فرصة مثالية لهؤلاء المصورين لعرض المزيد من القضايا والقصص من مصر أمام ثقافة أخرى والتعريف بها حسب حسن موضحاً: «يعدّ هذا المعرض امتداداً لمشروع بدأته العام الماضي لتحقيق التواصل مع الحضارات والشعوب الأخرى، وكان ذلك من خلال فعالية (الكرنفال الدولي للتصوير الفوتوغرافي)، الذي احتضنته (ساقية الصاوي) بالزمالك، وشهد مشاركة واسعة من جانب مصورين من دول أوروبية وعربية عدة».

عكست صور الفنانة نورا ماهر اهتماماً بتصوير الحرف اليدوية بما يسمح لها «بالجمع بين عشقها المتجذر للفنون من جهة، وشغفها بالتصوير الفوتوغرافي من جهة أخرى»، حسب تعبيرها، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «إن عالم الحرفيين في مصر ممتلئ بالفن والأصالة وأسرار المهنة والتفاصيل الدقيقة، إنهم امتداد لحضارات ممتدة عبر آلاف السنين، وذلك ما حاولت التعبير عنه من خلال الصور التي شاركت بها في المعرض».

الفخاريون لأحمد محمد حسن (نادي الفراعنة الدولي للتصوير الفوتوغرافي)

وجسدت صور الفنان وائل أنسي، لفنون العمارة والمباني المصرية الحديثة مدخلاً لفن تصوير المدن، ويقول: «لا أفكر فقط في الهندسة أو الخطوط التي توجه العين في الصورة، لكن تشغلني كذلك جماليات المبنى، وكيفية تأثير الضوء فيها وما تحمله من دلالات أو معانٍ ذات صلة».

فيما تركز المصورة منى حسن الحائزة على جوائز محلية ودولية عدة بالصورة المشاركة بها في المعرض، على الحياة اليومية للمرأة الريفية، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن التصوير لا يقتصر على عملية التقاط اللحظة بحد ذاتها، وإنما يشمل تحويلها إلى مشاهد تترك مشاعر عميقة داخل المتلقي»، وتتابع: «أهتم بالناس في كل مكان، ويشغلني تفكيرهم وعاطفتهم، وأحاول بناء جسر بين البشر في كل المجتمعات من خلال عدستي».

الحضارة المصرية القديمة بعدسة الفنان مجدي إبراهيم (نادي الفراعنة الدولي للتصوير الفوتوغرافي)

بينما أبرزت صورة المهندس عادل بيومي ولعه بالطبيعة والمساحات المحيطة بالصورة التي تلعب دوراً رئيسياً في الكثير من أعماله، واحتفت أعمال الفنان أحمد حسن بالسياحة، حيث تنقلت بين أماكن مختلفة من مصر ما بين الجنوب والقاهرة.

وجاءت أعمال الفنان جلال المسري لتعكس معاناة فئة مهمشة، وتؤكد صلابة المواطن المصري البسيط وفق الفنان، وذلك من خلال تصوير عدد من العمال في محاجر الطوب بالمنيا.

صورة للفنان محمد نجيب (نادي الفراعنة الدولي للتصوير الفوتوغرافي)

ويرى الفنان محمد ورداني أن إقامة معرض فني مصري في مكان له طبيعة تاريخية مهمة مثل قلعة كارلي تضفي على الحدث مزيداً من الخصوصية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «من المعروف أن هذه القلعة قد سميت على اسم عائلة نبيلة قديمة هي عائلة كارولي، لا سيما أنها تعود إلى القرن الخامس عشر، وذات أهمية للشعب الروماني لارتباطها بالتصدي للأتراك».

صورة للفنان محمد ورداني (نادي الفراعنة الدولي للتصوير الفوتوغرافي)

ويتابع: «عندما بدأ الأتراك يمثلون خطراً أكبر على المنطقة، تحول المسكن ذو الطراز الباروكي إلى حصن في القرن السابع عشر، ووُسّعت تحصينات القلعة لجعل المكان أكثر مقاومة في حال وقوع هجوم، ولم تنجح هجمات الأتراك اللاحقة في تدميره، لكنها تسببت في بعض الأضرار الجسيمة»، مشيراً إلى أنها «رُمّمت عام 1678 ليشهد المكان فيما بعد أحداثاً مصيرية، خصوصاً في المدة ما بين الحربين العالميتين، وتستضيف القلعة في الوقت الحالي فعاليات ثقافية وفنية حيوية برومانيا».

عمل للفنان جلال المسري (نادي الفراعنة الدولي للتصوير الفوتوغرافي)



هل تستطيع الروبوتات الجراحية تعويض نقص الأطباء في مصر؟

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
TT

هل تستطيع الروبوتات الجراحية تعويض نقص الأطباء في مصر؟

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)

أثار إعلان وزارة الصحة المصرية اعتزامها التوسع في استخدام الروبوتات الجراحية جدلاً، إذ اعتبره البعض تحركاً من الحكومة نحو تقليل الاعتماد على الأطباء، تزامناً مع الخلاف الحادث حالياً مع نقابة الأطباء حول مشروع قانون «المسؤولية الطبية».

لكن الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية، قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن سعي الوزارة للتوسع في استخدام الروبوتات الجراحية هدفه معاونة الجراحين وتسهيل مهمتهم وزيادة إنتاجيتهم، وليس من أجل تقليل الاعتماد على الأطباء أو الاستغناء عنهم.

واجتمع وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار، الثلاثاء الماضي، مع ممثلي إحدى الشركات الصينية الرائدة في مجال الروبوتات الجراحية، وكشفت الوزارة في بيان أن الاجتماع بحث آفاق التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات الجراحية بمستشفيات وزارة الصحة.

«اتجاه الوزارة للتوسع في استخدام الروبوتات الجراحية ليس له علاقة بالخلاف حول قانون أو غيره، ولا يهدف لاستبدال الأطباء»، بحسب حسام عبد الغفار، الذي أكد «أن الروبوت لا يعمل مستقلاً، لكنه يحتاج لطبيب ماهر ومحترف لتشغيله، والهدف من ذلك جعل الطبيب الجراح الماهر يجري الجراحات في أي مكان عن بعد دون أن يتحرك الطبيب من مكانه الموجود فيه».

مصر تعاني من نقص في عدد الأطباء (وزارة الصحة المصرية)

من جانبه، قال يحيى دوير، عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الروبوتات الجراحية موجودة بمصر بأعداد قليلة، ولا يتم العمل أو التدريب عليها؛ لأنها تحتاج إلى فترة تدريب طويلة».

ونوه دوير إلى أن «استبدال الطبيب المصري بالروبوت والعلاج عن بعد مسألة مستبعدة؛ نظراً لبعض العوامل، منها الخوف من عدم استقرار الإنترنت والتيار الكهربائي داخل المستشفيات، بالإضافة إلى عدم وجود الغطاء القانوني اللازم لإتمام الجراحات بالروبوت عن بعد، فنحن بالأساس ليس لدينا غطاء قانوني يسمح بمناظرة المريض عن بعد، فكيف ستتم جراحات عن بعد؟... ناهيك على التكلفة الباهظة لمثل هذه التطبيقات، وموازنة وزارة الصحة في مصر لا تسمح بذلك».

ورداً على تلك النقاط، قال متحدث الصحة: «نحن قلنا إننا منفتحون على العرض الذي قدمته لنا الشركة الصينية؛ نظراً لما سيحققه من فوائد، ولكن آليات التنفيذ على أرض الواقع ستكون في مرحلة لاحقة، وسيتم توفير اللازم، وجزء من الخطة حال تنفيذها سيكون بناء الكوادر الطبية القادرة على تشغيل الروبوتات واستخدامها بشكل صحيح».

وأوضح: «لدينا روبوتات جراحية بالفعل في معهد الأورام ومعهد ناصر، وأثبتت كفاءة عالية، أي أن الأمر ليس جديداً علينا».

وبحسب آخر رصد صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء في مصر، فقد انخفض عدد الأطباء بالبلاد إلى 97.4 ألف طبيب في عام 2022، مقابل 100.7 ألف طبيب في عام 2021، بانخفاض بلغت نسبته 3.3 في المائة.

وزير الصحة المصري في جولة تفقدية لأحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وتفيد الأرقام بأن مصر لديها طبيب لكل 1162 شخصاً، بينما المعدل العالمي، طبقاً لمنظمة الصحة العالمية، هو طبيب لكل 434 شخصاً.

وشهدت السنوات الماضية هجرة العديد من الأطباء إلى خارج مصر، بقصد العمل والاستقرار في أوروبا أو أميركا، وكذلك بعض الدول العربية وخاصة الخليجية، بحسب نقابة الأطباء المصرية.

ويقول يحيى دوير إن هجرة الأطباء من الأسباب الرئيسية لما يمكن وصفه بـ«التصحر الطبي» في مصر، والسبب في رأيه بحث العديد من الأطباء المصريين عن فرص عمل أفضل خارج البلاد؛ «نظراً لضعف الأجور مقارنة بدول أخرى، حيث لا يتجاوز راتب الطبيب بمصر بعد 10 سنوات من الخبرة 120 دولاراً أميركياً شهرياً».

ومن الأسباب الأخرى لهجرة الأطباء، بحسب دوير: «بيئة العمل غير الصحية، حيث نقص المعدات الطبية الحديثة، وغياب الدعم الإداري في عدد من المنشآت الصحية، وضعف الاستثمار في التعليم الطبي المستمر مع صعوبة التفرغ للعمل البحثي والتطوير، وتأجيج العلاقة بين المريض والطبيب، حيث ترسخ بعض المسلسلات والأفلام ثقافة خاطئة بين الطبيب والمريض وتصور الطبيب بصورة غير لائقة»؛ وفق تعبيره.

مصر تدرس الاستعانة بالروبوتات لمساعدة الجراحين (وزارة الصحة المصرية)

وعن مشروع قانون المسؤولية الطبية، يقول دوير إن «مصر تعد آخر دولة في العالم تقوم بصياغة مشروع قانون المسؤولية الطبية، حيث كان يحاكم الأطباء بقانون العقوبات مثلهم مثل المجرمين الجنائيين، وللأسف مشروع القانون الجديد لا يفرق ما بين الخطأ الطبي والخطأ الطبي الجسيم، ولا يعترف بالمضاعفات الوارد حدوثها والمنصوص عليها في أدلة العمل الإكلينيكية العالمية».

وبحسب دوير، فإن ما يقرب 62 في المائة؜ من أطباء مصر هاجروا أو يعملون خارج البلاد، فضلاً عن أعداد كبيرة داخل مصر مقيدة بالنقابة ولا تمارس الطب.

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)

في المقابل، أكد حسام عبد الغفار، متحدث وزارة الصحة، «أن مشروع قانون المسؤولية الطبية تم إعداده بناء على مطالبات الأطباء أنفسهم وليس هناك خلاف حوله سوى في نقطة واحدة تتعلق بما يقولون إنه يسمح بحبس الأطباء، وهذه النقطة تحتاج فقط للتوضيح لإنهاء الجدل، فيما عدا ذلك فنحن منفتحون على جميع مطالب الأطباء، طالما لا تخالف الدستور».