«الرواق السعودي» أيقونة معمارية تاريخية في توسعة المسجد الحرام

المسجد الحرام
المسجد الحرام
TT

«الرواق السعودي» أيقونة معمارية تاريخية في توسعة المسجد الحرام

المسجد الحرام
المسجد الحرام

يُعدّ الرواق السعودي، بشكله الجديد، أيقونة معمارية متميزة، ونقلة حديثة وتاريخية في توسعة المسجد الحرام، تعكس اهتمام القادة بعمارة الحرمين الشريفين منذ الدولة السعودية الأولى، مروراً بالملك عبد العزيز وأبنائه الذين انصبّ اهتمامهم على عمارة الحرمين بشكل لم يشهده التاريخ الإسلامي من قبل.

وكان المؤسِّس الراحل، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، دشّن تاريخ عهده بالاهتمام بالحرمين الشريفين والعناية بضيوف الرحمن، وخاض إصلاحات كبرى تمثلت في تطوير مباني المسجد الحرام القائمة وإصلاحها، إضافة إلى إصلاح سقف المسعى وتطويره.

ومع تزايد أعداد الحجاج، رأى حاجة إلى إنشاء «رواق سعودي» بحلة جديدة وتوسعة حديثة في المسجد الحرام، خلف «الرواق العباسي»؛ علما بأن «الرواق السعودي» جاء ليكمل عقد «الرواق العباسي» الذي بناه محمد المهدي بين عامي 778 – 785، وبقي صامداً ويمثل بناء المسجد الحرام لنحو 1200 عام جرى خلالها بعض الترميمات والتجديد لمباني المسجد، ولكن عناصره ومواده ومساحته لم تتغير.

ووفق وكيل الرئيس العام للمشروعات والدراسات الهندسية، المهندس محمد الوقداني، فإنّ الملك عبد العزيز شدّد على الإصلاحات والترميم في المسجد الحرام، والتخطيط للتوسعة ومعرفة الحاجة إلى المساحات التي ستُستخدم لـ«الرواق السعودي»، مشيراً إلى أنّ «المسجد الحرام لقي عناية فائقة من الدولة على مدار تاريخها، متمثّلة في المشروعات الضخمة والتوسعات الكبرى حتى عهد الملك سلمان بن عبد العزيز».

«الرواق» بات أيقونة بناء لم تشهدها مدينة مكة المكرمة من قبل (الشرق الأوسط)

يضيف: «في عهد الملك سلمان، وخلال فترة وجيزة، حدثت تحولات ونقلات نوعية معمارية كبرى للمسجد الحرام، تمثلت في توسعات عملاقة؛ حيث تُعد المباني التي أُنشئت من الأكبر على مستوى العالم لجهة الحجم والمساحة والطاقة الاستيعابية والعناصر المعمارية المكتملة والخدمات المساندة، من ضمنها (الرواق السعودي)، إضافة إلى الخدمات المتطوّرة والتقنيات الحديثة التي أُدخلت في المسجد الحرام وسهّلت على ضيوف الرحمن أداء مناسكهم».

كذلك يوضح أنّ العمل بدأ فعلياً على «الرواق السعودي» في عهد الملك الراحل سعود عام 1955، الذي أعلن عن تحقيق رغبة الملك عبد العزيز في البدء بتوسعة المسجد الحرام، واستمر بناء «الرواق» في عهود الملوك الراحلين سعود وفيصل وخالد بين أعوام 1955 و1976، ليتواصل تطويره حتى اليوم.

ويرى الوقداني أنّ «الرواق السعودي» بشكله الجديد يُعدّ استكمالاً لعقد «الرواق العباسي»، ويتكوّن من 4 أدوار؛ فيما بلغ عدد الأعمدة في التوسعة نحو 1500 عامود مكسوة بالرخام الأبيض، إلى عدد من القباب على سطح الأروقة.

«الرواق السعودي» بشكله الجديد يُعدّ استكمالاً لعقد «الرواق العباسي» (الشرق الأوسط)

ووفق معلوماته، أصبحت مساحة المسجد الحرام نحو 365 ألف متر مربع والطاقة الاستيعابية نحو مليون مصلٍّ، في عهد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، وتضمن «الرواق السعودي» بعد هذا الامتداد باباً جديداً هو باب الملك فهد.

وامتدت مساحته من الجهة الشمالية، بإضافة جديدة بدأت في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، واكتملت في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز؛ حيث أصبحت مساحة المسجد الحرام نحو مليون متر مربع، بطاقة استيعابية نحو مليوني مصلٍّ، وتضمن عدداً كبيراً من الأعمدة وباباً يحمل اسم باب الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وعلى مدار الأعوام السابقة، أكمل الملوك بناء «الرواق» الذي حوّل مساحة المسجد الحرام من نحو 12 ألف متر مربع إلى أكثر من مليون متر مربع، وارتفعت الطاقة الاستيعابية أضعاف ما كانت عليه سابقاً.

«الرواق السعودي» حوّل مساحة المسجد الحرام من حوالى 12 ألف متر مربع إلى أكثر من مليون متر مربع (الشرق الاوسط)

وعدَّ الوقداني «الرواق» من مآثر العمارة السعودية للمسجد الحرام، مشيراً إلى أنه يمثل هوية خاصة بالمسجد تُرسّخ اهتمام القادة بعمارة الحرمين الشريفين، موضحاً أنّ «الرواق» بات أيقونة بناء لم تشهدها مدينة مكة المكرمة من قبل، ولا المسجد الحرام؛ حيث اهتمت حكومات المملكة المتعاقبة بأن يكون بناء المسجد من أفضل التصاميم، وأن تُستخدم فيه أفضل المواد، فبات أعجوبة معمارية. وقد أنير بثريات خاصة وأعمدة ملبّسة بالرخام وألوان زاهية في السقف؛ كذلك بُلِّط بالرخام بألوان مختلفة ورُبط به «الرواق العباسي» أيضاً بعد تبليطه، فأصبح لـ«الرواق السعودي» عدد من البوابات، أشهرها باب الملك عبد العزيز وباب العمرة وباب الفتح.

ويُقصد بـ«الرواق» في العمارة الإسلامية، المساحة الواقعة بين عامودين، وتحتوي على عقود عامودية أو موازية لجدار القبلة، وعلى صفوف من الأعمدة. وقد تكون هذه العقود متقاطعة، أي تتجه بشكل موازٍ وعامودي في اتجاه القبلة. كما أنّ «الرواق» يُقصد به لغوياً: ما أحاط بالشيء، فـ«الرواق العباسي» يحيط بالكعبة، و«الرواق السعودي» يحيط بـ«الرواق العباسي».

حقائق

1200 عام

«الرواق العباسي» بناه محمد المهدي بين عامي 778 - 785 وبقي صامداً لنحو 1200 عام



الفنان العراقي ضياء العزاوي يفوز بجائزة «نوابغ العرب» عن فئة الآداب والفنون

محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب» خلال الاتصال المرئي مع الفنان ضياء العزاوي لإبلاغه بالفوز بالجائزة (الشرق الأوسط)
محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب» خلال الاتصال المرئي مع الفنان ضياء العزاوي لإبلاغه بالفوز بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

الفنان العراقي ضياء العزاوي يفوز بجائزة «نوابغ العرب» عن فئة الآداب والفنون

محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب» خلال الاتصال المرئي مع الفنان ضياء العزاوي لإبلاغه بالفوز بالجائزة (الشرق الأوسط)
محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب» خلال الاتصال المرئي مع الفنان ضياء العزاوي لإبلاغه بالفوز بالجائزة (الشرق الأوسط)

تُوج الفنان العراقي ضياء العزّاوي بجائزة «نوابغ العرب 2024» عن فئة الآداب والفنون، وهي الجائزة التي تسلط الضوء على الإنجازات العربية والتعريف بأثرها في مسيرة التنمية والحضارة الإنسانية.

وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: «نهنئ الفائز بجائزة (نوابغ العرب) عن (فئة الأدب والفنون)، الفنان ضياء العزاوي، من العراق، حيث استلهم تراث بلاد الرافدين ليقدّم العديد من الأعمال الفنية التي عُرضت في أبرز متاحف ومعارض العالم. وتناولت أعماله قضايا إنسانية عربية، ودمجت بين الخط والشعر والتراث بأسلوب فني معاصر».

وأضاف: «نبارك للفنان ضياء العزّاوي فوزه، ونحتفي بإبداعاته التي ألهمت الأجيال وجعلت من الفن العربي رسالة عالمية مؤثرة».

ووفق ما صدر اليوم، فإن «الفنان ضياء العزّاوي، للفن العربي المعاصر، شكل على مدى أكثر من نصف قرن من مسيرته الفنية والإبداعية نموذجاً للفنان الشمولي الذي حمل الثقافة العربية والإرث العربي إلى جهات العالم الأربع عبر أعمال فنية مختلفة ومتنوعة».

وتسعى جائزة «نوابغ العرب» إلى إبراز الدور الحضاري والإنساني الريادي للقامات العربية المتميزة وإبداعاتها التي تشكل محطات ملهمة، في 6 فئات حيوية هي: الأدب والفنون، والعمارة والتصميم، والطب، والاقتصاد، والعلوم الطبيعية، والهندسة والتكنولوجيا.

وذكر البيان الصادرة عن إدارة الجائزة أن الفنان العراقي ضياء العزّاوي «يمثّل عن جدارة واقتدار صورة الفنان الشمولي المبدع الذي جمع التشكيل والنحت والحرف العربي والثقافة وعلم الآثار في أعماله التي أنجزها طوال أكثر من نصف قرن».

وهو فنان تشكيلي رائد في الفن العربي الحديث، «قدّم مساهمات استثنائية في تطوير الفن العربي المعاصر على مدى أكثر من 5 عقود، ويتميز بتوظيف الخط العربي والشعر والثقافة العربية في أعمال فنية حديثة، فقد قدّم الفنان ضياء العزّاوي أعمالاً فنية أحدثت تأثيراً نوعياً على الفن العربي المعاصر، وعُرضت في معارض عالمية كبرى، مما رسخ مكانته رمزاً للفن العربي الحديث».

وأعمال العزاوي الفنية متوفرة ضمن مجموعات عالمية بارزة في متاحف مثل، «متحف فيكتوريا وألبرت» في لندن، و«تيت مودرن» في لندن، و«متحف مقاطعة لوس أنجليس للفنون»، كما عُرضت أعمال له في «المتحف البريطاني» و«متحف الفن العربي الحديث».

وشارك الفنان ضياء العزاوي على مدى عقود في معارض فنية أقيمت بمتاحف عالمية، مثل «المتحف الوطني للفن الحديث» في بغداد، و«متحف الفن الحديث» في تونس، و«المتحف العربي المعاصر» في لندن، و«المتحف الوطني للفن المعاصر» في سيول، و«متحف بيكاسو» في برشلونة، و«متحف أشموليان» في المملكة المتحدة، و«متحف هوسبيس سان روش» في فرنسا، و«متحف آغا خان» في كندا، و«متحف موما» في نيويورك.

درس العزّاوي علم الآثار في جامعة بغداد والفنون الجميلة في معهد الفنون ببغداد، وأضفى من خلال رؤاه الفنية الجديدة عمقاً تاريخياً وثقافياً على إبداعاته، وأسس العزاوي حركة فنية باسم «الرؤية الجديدة» في العاصمة العراقية بغداد عام 1969، وكانت آنذاك من أبرز الحركات الفنية الحديثة في العالم العربي، كما شارك على مدى عقود في فعاليات فنية دولية مثل «بينالي البندقية» في إيطاليا عام 1976، و«بينالي ساو باولو» بالبرازيل عام 1979، و«البينالي الطباعي الدولي» في برادفورد بالمملكة المتحدة عام 1984، و«البينالي الدولي للطباعة» في تايوان عام 1987.

وأقام الفنان ضياء العزاوي خلال مسيرته الفنية الحافلة كثيراً من المعارض الفنية التي جمعت بين فنون الرسم والتشكيل والتجريد والشعر والحرف والنحت والطباعة، ومن أبرزها «تخيلات متحققة» عام 2023، و«رسم الشعر» عام 2022، و«حلمي» عام 2017، و«نظرة استرجاعية» عام 2016، و«شيء مختلف: النحت والنسيج» عام 2015، «وشغف للمشاركة» و«أعمال مختارة» عام 2014، و«أطفال غزة» عام 2013.

ومن معارضه البارزة التي أقامها أيضاً «الرسائل في الفن» عام 2012 في دبي، و«لوحات جديدة» عام 2005 في باريس، و«فلسطين ومحمود درويش» عام 2003.

وقال محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»: «(نوابغ العرب) مشروع استراتيجي عربي يترجم رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتوفير مبادرة عربية جامعة لأبرز العقول العربية المبدعة، والاحتفاء بدورها الحضاري والإنساني الريادي الملهِم للمواهب الواعدة في المنطقة، والمحفز للشباب العربي الطامح إلى المساهمة الإيجابية في تقدم الإنسانية».