مع توجيه اتهامات جنائية فيدرالية (اتحادية)، للمرة الأولى بحق رئيس أميركي سابق أو حالي - هو في الوقت نفسه المرشح الأول على قائمة حزبه - دخل السباق الرئاسي في الولايات المتحدة لانتخابات 2024، الذي بالكاد انطلق، منعطفاً غير مسبوق. ومع بدء محاكمة دونالد ترمب بقضايا تمسّ «الأمن القومي»، واحتمال فوزه بالسباق، لا يستبعد كثيرون أن يقود البلاد من «داخل سجنه».
ترمب، الذي أدين مرتين كرئيس، ووجهت إليه مرتين، تهماً جنائية منذ مغادرته البيت الأبيض، كان قد مثُل يوم الثلاثاء أمام محكمة فيدرالية في مدينة ميامي بولاية فلوريدا، بتهمة تعريض «أسرار الأمن القومي» للخطر و«عرقلة» المحققين.
جلسة الاستماع التي استغرقت 50 دقيقة، كانت بداية لعملية ستبدأ بعد نحو شهر لمحاكمة الرئيس السابق دونالد ترمب، حين يكون السباق الرئاسي التمهيدي للجمهوريين، قد دخل مرحلة متقدمة، مع تزايد عدد المرشحين إلى أكثر من 12 شخصاً، الذين انضم إليهم أخيراً رئيس بلدية ميامي نفسها.
كل هؤلاء طامحون لنيل ترشيح الحزب، ومواجهة خصمهم مرشح الحزب الديمقراطي، في الانتخابات العامة. بيد أن انتخاب الرئيس، لن يكون الورقة الوحيدة التي سيلقي بها الناخبون الأميركيون في صناديق الاقتراع، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. إذ، كالعادة، سيُجدد انتخاب كل أعضاء مجلس النواب، وأكثر من ثلث أعضاء مجلس الشيوخ، فضلاً عن عشرات حكام الولايات.
ومع احتدام القضايا التي يتصارع عليها الحزبان الديمقراطي والجمهوري، كشفت بعض المؤشرات «الواعدة» للديمقراطيين، و«المقلقة» للجمهوريين، عن منحى ينبغي مراقبته جيداً. ورجّح البعض أن تكون بداية لاحتمال حصول تغيير عميق أكثر «اعتدالاً»، في نظرة الأميركيين في بعض الولايات الأكثر تأييداً للجمهوريين، من قضية الإجهاض إلى تقسيم الدوائر الانتخابية. والفضل هنا، يعود إلى المحكمة الأميركية العليا، التي تسبّبت قراراتها «المتناقضة» في هاتين القضيتين بمنح الديمقراطيين الأمل في الفوز بولايات كانت حكراً على الجمهوريين لعقود، وقلق الأخيرين من تأثيرات إحكامها على سيطرتهم تلك.
يقول مراقبون وسياسيون أميركيون: إن حملة إعادة انتخاب ترمب، تعرّضت لضربة كبيرة بعد الكشف عن لائحة الاتهام في قضية الوثائق السرّية. لكن، ومن أجل تقدير هذا الضرر، قد يكون من المجدي إلقاء نظرة على تداعياتها وتأثيراتها، على قادة الحزب الجمهوري، وقاعدته.
تحالف جمهوري ضد ترمب
وفق تقارير صحافية، فإن العدد الذي يؤيد ترمب في مجلس الشيوخ، يتساوى مع عدد الذين يقولون إنهم يريدون مرشحاً آخر، من بينهم من صوّت لعزله مرتين. لا، بل يرى البعض أن تحالفاً مناهضاً لترمب، يتشكل بين أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، خصوصاً بعد صدور لائحة الاتهام، التي فاقمت «الانزعاج» منه. وعلى الرغم من تقدمه على باقي منافسيه الجمهوريين، فإن عددهم الكبير، مؤشر على الأقل، إلى خوف الحزب من تداعيات الاتهامات على «مرشحهم الأساسي»، ورغبتهم في الاعتراض على سياساته.
صحيفة «بوليتيكو» ترى أن بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين يتخذون خطوات «هادئة» في هذا الاتجاه: أربعة أيّدوا مرشحين من غير ترمب، وقال آخران إنهما يريدان مرشحاً مختلفاً. وكثيرون آخرون متشائمون عند سؤالهم عن آفاقه الانتخابية، بمن فيهم بعض المدافعين المخلصين الذين ما زالوا «محايدين» رسمياً حتى الآن.
ونقلت «بوليتيكو» عن السيناتور مايك براون من ولاية إنديانا الجمهورية، وحليف ترمب منذ فترة طويلة، قوله إنه «اعتباراً من الآن سأقول فقط لقد أيّدت سياساته». ثم تابع براون «أنا لم أمنح تأييدي الرسمي بعد. كنت واضحاً تماماً أنني أود أن أرى شخصاً ما يوضح للحزب الجمهوري ما سنفعله في السياسات». وبينما يعد براون للترشح لمنصب حاكم الولاية، أردف إنه لن يؤيد أحد منافسي ترمب، بل ينتظر نهج الرئيس السابق في «التبلور».
وعلى الرغم من أن الفوز في الانتخابات التمهيدية الجمهورية، لا يقرّره التوازن بين مؤيدي هذا المرشح أو معارضيه من أعضاء مجلس الشيوخ. غير أن منتقدي ترمب هناك، يمثلون شريحة كبيرة من قاعدة الحزب، بما في ذلك المانحون، الذين يريدون أن يتغلب «جمهوري مختلف» على الرئيس جو بايدن.
ومع تحييد سيناتور ولاية إنديانا نفسه عن تأييد ترمب «الآن»، خسر الرئيس السابق دعم سيناتورَي ولاية ساوث داكوتا، جون ثون ومايك راوندز، وسيناتورَي ولاية نورث داكوتا، كيفن كرامر وجون هوفن، لمصلحة منافسيه تيم سكوت ودوغ بورغوم، على التوالي. ويترافق هذا التحول أيضاً، مع تصاعد الأصوات التي تعتقد أن أي مرشح جمهوري غير ترمب، يستطيع الفوز في الانتخابات العامة، مع الاعتراف بأنه المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات التمهيدية.
هذا الموقف يعكس رفض زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، أن يقول يوم الثلاثاء، بعد مثول ترمب أمام المحكمة، عما إذا كان سيدعمه إذا حصل على ترشيح الحزب الجمهوري، أو ما إذا كان ترمب قد ارتكب أي خطأ. فقد قال ماكونيل، الذي لم يتحدث أو يتواصل مع ترمب، منذ أحداث الهجوم على الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، «ببساطة، لن أبدأ في التعليق على المرشحين المختلفين لدينا للرئاسة». لكن السيناتور الجمهوري السابق والنافذ جون كورنن، المقرب من ماكونيل، قال: إن الحزب الجمهوري في حاجة إلى «أداء أفضل» من ترمب كي يفوز في الانتخابات العامة. وعكست تصريحات العديد من الجمهوريين، اختيارهم بعناية لكلماتهم، سواءً في انتقاد ترمب أو الإشادة بمنافسيه، في محاولة لتفادي إغضاب قاعدته الشعبية. وبدلاً من ذلك، على سبيل المثال، قالت السيناتور سينثيا لوميس من ولاية وايومينغ، إن رسالة تيم سكوت التطلعية «مرتفعة» في الانتخابات التمهيدية، وأن رون دي سانتيس، حاكم فلوريدا - الذي لم يحصل بعد - على تأييد أي عضو في مجلس الشيوخ «طرح قضايا يريد الناس معالجتها في هذه الدورة الانتخابية».
الاتهامات رفعت
شعبية ترمب
من جهة ثانية، مع شبه الإجماع، على أن ترمب في طريقه للفوز بالانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، بدا أن كل الاتهامات التي يتعرّض لها، ترفع من نسبة تأييده بين ناخبي الحزب الجمهوري لا العكس. وفي استطلاع أخير، ارتفع هذا التأييد إلى أكثر من 60 في المائة. في حين أن من بين 12 مرشحاً جمهورياً يتنافسون معه، يحظى دي سانتيس فقط بنسبة قبول تصل تقارب الـ20 في المائة، في حين حظي مايك بنس، نائب ترمب السابق، بنسبة 4 في المائة، والباقون حصلوا على نسبة 1 في المائة.
العديد من المراقبين يرون أن مشكلة المرشحين المنافسين لترمب، ليست فقط، أنهم «رهائن» بيد قاعدة ترمب الشعبية الضخمة، بل هم مكبّلون بضرورة الدفاع عن «جمهوري» يتعرض لهجوم الديمقراطيين.
أيضاً، المشكلة قد تكون أبعد من ذلك. فغالباً ما واجه الجمهوريون هذا النوع من التحديات، مع قضايا خطيرة تعرّض لها رؤساء جمهوريون سابقون، حاولوا - بحسب بعض المراقبين - الانقضاض على سيادة القانون وتخطي المؤسسات والقيم الديمقراطية. وهنا نذكر فضيحة «ووترغيت» مع ريتشارد نيكسون، إلى فضيحة «إيران كونترا» مع رونالد ريغان، إلى تلفيق جورج بوش «الابن» الحجج لاجتياح العراق، ووصولاً إلى ترمب والقضايا المرفوعة ضده... من الوثائق السرية إلى قلب نتائج الانتخابات!
غير أن امتناع قادة الحزب عن التعليق مباشرة ضد ترمب، واصطفاف عدد كبير منهم - بمن فيهم جميع المرشحين المنافسين له - وراء خطاب إدانة قرار الاتهام، ومهاجمة القضاء، والنظام السياسي برمّته، في تناغم مع خطاب ترمب الذي رفعه منذ ترشحه للرئاسة عام 2015، أظهر أن الحزب قد حسم قراره في اختيار مرشحه للانتخابات العامة.
هكذا صمت ميتش ماكونيل، ووقف كيفن ماكارثي (رئيس مجلس النواب) وستيف سكاليز (الرقم 2 في المجلس) ورون دي سانتيس ومايك بنس وراء ترمب، متهمين الإدارة بأنها «تسلح إنفاذ القانون»، وتهدد «المجتمع الحر»، والتعهد «بتنظيف» وزارة العدل، في حال فاز أحدهم.
فقط جمهوري واحد بارز في الكونغرس أدان ترمب بالفعل، هو السيناتور ميت رومني. إذ قال في بيان: «في جميع المراحل، أبدت وزارة العدل والمستشار الخاص العناية الواجبة، ومنحت السيد ترمب الوقت والفرصة لتجنب الاتهامات التي لم تكن متاحة بشكل عام للآخرين». وأضاف «لقد وجّه ترمب هذه التهم لنفسه، ليس فقط بأخذ وثائق سرّية، بل أيضاً برفض إعادتها عندما أتيحت له فرص عديدة لفعل ذلك». وكان لافتاً موقف وليم بار، وزير العدل السابق إبان رئاسة ترمب، الذي وصف الاتهامات، بأنها «جدية جداً وخطيرة» على رئيس سابق يطمح للعودة إلى البيت الأبيض. واعتبر أنها «تشكل تهديداً حقيقياً لفرص الجمهوريين في الفوز بالانتخابات العامة»، محذراً من أن شريحة واسعة من المستقلين قد تميل للتصويت إلى أي شخص آخر غير ترمب.
انقسام ديمقراطي يبحث عن بديل
في المقابل، بينما يكاد يجمع الديمقراطيون على أن ترمب يستحق لائحة الاتهام، فإنهم كانوا أكثر انقساماً، حيال ما إذا كان هذا الأمر جيداً للبلاد ولحزبهم، وعلى تأثيرها على الانتخابات. وفي حين التزم الرئيس جو بايدن وكبار مسؤولي إدارته وقيادات الحزب الكبرى، الصمت إلى حد كبير، بشأن لائحة اتهام ترمب، كان الديموقراطيون العاديون أكثر حرصاً على الكلام بمزيج من الابتهاج والتخوف العميق، من أن تؤدي الملاحقة الفيدرالية لرئيس سابق ومرشح حالي للبيت الأبيض، إلى «إفساد» السياسة الأميركية.
ومع صدور الاتهامات في بداية الحملة الرئاسية لعام 2024، التي يتوقع فيها العديد من الديمقراطيين، إعادة المباراة بين بايدن وترمب، يشعر بعض الديمقراطيين بالسعادة لمحاسبة ترمب «أخيراً» على أفعاله المخالفة للمعايير. غير أن آخرين يخشون أن يختار ترمب التحدي مرة أخرى، وأن يستجيب أنصاره بالعنف - في حالة إدانته ومحاكمته - كما حصل عام 2021، وهو أمر يمكن أن يتكرّر عام 2024، في حال خسر الانتخابات مرة أخرى.
ولكن على الرغم من ذلك، يقول البعض إن «الضرر الطويل الأمد الذي قد يلحق بالأمة وبنظام العدالة من اللافعل يفوق بكثير الأخطار السياسية والأمنية». ووفق ديفيد والترز، حاكم ولاية أوكلاهوما الديمقراطي السابق، «لدينا قوة شريرة في وسطنا يجب مواجهتها».
حافز للتساؤلات
في مطلق الأحوال، كانت لائحة الاتهام حافزاً للديمقراطيين، من جميع ميولهم، لطرح الأسئلة، عما إذا كانت ستؤدي إلى انفصال مؤيديه عنه، أم ستجعله مرشح الجمهوريين... وماذا سيحدث إذا أدين وكان لا يزال مرشحاً؟
كثيرون من الديمقراطيين يعتقدون أن الضرر اللاحق بفرص ترمب في الحصول على فترة رئاسية أخرى سيطغى على ترشيحه. إذ قال جاي جاكوبس، رئيس الحزب الديمقراطي لولاية نيويورك: «كثيرون من الأميركيين الوطنيين يتسمون بالفطرة السليمة والوطنية بحيث لن يمر هذا بأي طريقة أخرى». ولكن ديمقراطيين يشعرون بالقلق مما سيحدث إذا بُرّئت ساحة ترمب، وقد يوجه ضربة قوية للثقة المنخفضة أصلاً، بالحكومة والمحاكم ونظام العدالة ككل.
من جانب آخر، يخشى ديمقراطيون آخرون من أن تعزّز إدانة ترمب فُرص أحد منافسيه الجمهوريين، فتضر بفرص إعادة انتخاب بايدن، لا سيما وسط عجز الحزب الديمقراطي عن اتخاذ قرار جريء يطالب الرئيس «الثمانيني»، بالتنحي من الحملة لمصلحة مرشح ديمقراطي آخر أصغر سناً، ليس بالضرورة أن يكون نائبة الرئيس كامالا هاريس، بحسب العديد من الاقتراحات والتمنيات المتداولة في الأروقة الخلفية.
المحكمة العليا الأميركية تخلط الأوراق... مؤقتاً!
* يرى عدد كبير من المراقبين الأميركيين، وبالأخص من الحزب الديمقراطي، أنه يمكن الدفع بشخصية ديمقراطية، تعمل على استثمار «الإيجابيات» التي ترتبت عن قرارات المحكمة العليا، في قضيتَي الإجهاض العام الماضي، وتقسيم الدوائر الانتخابية الأسبوع الماضي. فقد تحوّل حظر الإجهاض، إلى رافعة للديمقراطيين، حتى في بعض الولايات الأكثر ولاءً للجمهوريين. وانعكس هذا في انتخابات 2022 النصفية، حين فشل الجمهوريون في السيطرة على مجلس الشيوخ، وحققوا سيطرة باهتة على مجلس النواب. أيضاً يمكن طرح قضية أخرى ذات مصداقية، تتصل بقرار المحكمة العليا الذي أُعلِن عنه الأسبوع الماضي، وقضى بلا دستورية التقسيم الإداري الذي صوّت عليه مجلس نواب ولاية آلاباما الجمهورية للحد من تصويت الناخبين السود. إذ يمكن أن يكون القرار حاسماً لانتصار الديمقراطيين، ليس فقط في هذه الولاية الجنوبية، بل في ولايات أخرى وربما الانتخابات الرئاسية أيضاً. البعض رجّح أن ينتج من هذا القرار، إبدال ما يصل إلى خمس مقاطعات ذات غالبية من البيض الجمهوريين، بمقاطعات ديمقراطية ذات غالبية من الأقلية، بعدما طلب من ولاية آلاباما على وجه التحديد، إنشاء دائرة ثانية في مجلس النواب، من أجل توفير فرصة لمرشح أسود للفوز. ويُعد القرار تأكيداً غير متوقع للمادة 2 من قانون حقوق التصويت لعام 1965. هذا التطور أدى فوراً إلى تغيير الحسابات الجارية حول السباقات الرئيسة في مجلس النواب على امتداد الولايات الأميركية. فتقسيم الدوائر الانتخابية في غالبية الولايات الجمهورية، مصمم منذ عقود لضمان نجاح المرشحين الجمهوريين «البيض»، بحسب «انتقادات تاريخية». ويرى خبراء أن أصداء قرار المحكمة العليا يمكن أن تتردد عبر ولايات الجنوب العميق والوسط؛ ما يؤدي إلى إنشاء مقاعد جديدة ذات غالبية أصوات سوداء وديمقراطية قوية في ولايات متعددة». ويرى كثرة من الديمقراطيين، أنه مع إمكانية إضافة المزيد من المقاطعات في ولايات أخرى، اعتماداً على المزيد من الدعاوى القضائية، في ولايات أخرى مثل لويزيانا ونورث كارولينا وجورجيا وتكساس وفلوريدا، قد يتمكن الديمقراطيون ليس فقط من الحصول على المقاعد الخمسة الضرورية لاستعادة السيطرة على مجلس النواب، عام 2024، بل والتأثير بشكل حاسم على ميزان القوى السياسي في واشنطن. ومع احتمال صدور قانون جديد لحقوق التصويت في آلاباما ولويزيانا وجورجيا قبل عام 2024، كحد أدنى، وجدت المحاكم الأدنى بالفعل أن الخرائط الحالية في تلك الولايات من المحتمل أن تنتهك قانون 1965، وكذلك في تكساس وفلوريدا، بحيث يمكن إنشاء منطقة أو أكثر من المناطق ذات الغالبية اللاتينية. عموماً، وفي حين أن معظم الباحثين القانونيين يتفقون على أن قرار المحكمة العليا، يشكل نصراً لحركة الحقوق المدنية التقليدية وللديمقراطيين الذين يسعون لاستعادة السيطرة على مجلس النواب، فإنهم يجادلون أيضاً، بأن الانتصار كان متواضعاً نسبياً من الناحية القانونية، وقد يكون مؤقتاً. إذ انضم اثنان من الأعضاء المحافظين الذين يسيطرون على المحكمة، هما رئيسها جون روبرتس والقاضي بريت كافانو، إلى القضاة الليبراليين الثلاثة، ليعطوا الغالبية للقرار. واختار روبرتس وكافانو، تجنب الضغط على القضية، ضد إعادة تقسيم الدوائر على أساس العرق، جزئياً بسبب «الجدل الذي أطلقته المحكمة في حكمها المثير لحظر الإجهاض، إلى جانب الصدمات الأخرى التي أحدثتها قراراتها في القضايا التاريخية المتعلقة بالبنادق وتغير المناخ. ولذا؛ سعيَا بشكل متزايد إلى إبعاد نفسيهما عن اليمين المتشدد، وفق مراقبين، لكنهما لم يغيّرا رأييهما بشأن استخدام العرق من قِبل الجهات الحكومية، بما في ذلك الكونغرس. وبدلاً من ذلك، وضعا جانباً السؤال الدستوري للمستقبل. هذا، وكانت قد تصاعدت الدعوات للحزب الديمقراطي إلى استغلال هذا التطور، الذي عُد أول حدث مهم منذ عقود للدفع بمرشح رئاسي آخر، وتحويل المعركة، من معركة شخصية مع ترمب... إلى معركة على مستقبل النظام السياسي والديمقراطية الأميركية.