ترمب يُعِد أوامر تنفيذية لإيران تصدر في يومه الأول بالبيت الأبيض

تتعلّق ببرنامجها النووي ووقف تمويل الوكلاء الإقليميين

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)
TT

ترمب يُعِد أوامر تنفيذية لإيران تصدر في يومه الأول بالبيت الأبيض

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

تردّدت أنباء عن أن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ستُعيد استخدام سياسة «الضغوط القصوى» لكبح قدرة إيران على تمويل وكلائها الإقليميين، وتطوير الأسلحة النووية، وإجبار طهران على توقيع اتفاق نووي جديد وتغيير سياساتها الإقليمية. وأفادت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، يوم السبت، بأن ترمب سوف يسعى إلى تشديد العقوبات على طهران، منها عقوبات متعلقة بصادرات النفط، وأن فريقه يعمل حالياً على صياغة أوامر تنفيذية ضد طهران قد تصدر في اليوم الأول لدخول الرئيس المنتخب البيت الأبيض، في يناير (كانون الثاني) المقبل. ونقلت الصحيفة عن خبير في الأمن القومي الأميركي قوله: «إنه (ترمب) عازم على إعادة استخدام سياسة الضغوط القصوى لتقليص قدرة إيران المالية في أسرع وقت ممكن». لكن الخبير عبّر عن تشكّكه في إمكانية قبول إيران شروط ترمب. وقال الخبير: «نأمل أن يكون ذلك حافزاً، كي يوافقوا على إجراء مفاوضات تؤدي إلى استقرار العلاقات (بين البلدين) بل حتى تطبيعها، لكنني أعتقد أن شروط ترمب قد تكون أصعب من أن تقبلها إيران».

وستشكّل الخطة تحولاً في السياسة الخارجية الأميركية في وقت من الاضطرابات في الشرق الأوسط، بعد الهجوم الذي شنّته حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والذي أثار موجة من العداءات الإقليمية كشفت عن الحرب الخفية بين إسرائيل وإيران.

التوصل إلى اتفاق

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

وأشار ترمب، خلال حملته الانتخابية، إلى أنه يريد التوصل إلى اتفاق مع إيران، إذ قال في سبتمبر (أيلول) الماضي: «يجب أن نتوصل إلى اتفاق (مع إيران)، لأن العواقب لا يمكن تحمّلها». وقالت مصادر قريبة من ترمب إن تكتيك الضغوط القصوى سيُستخدم لمحاولة إجبار إيران على الدخول في محادثات مع الولايات المتحدة، رغم أن الخبراء يعتقدون أن هذا احتمال ضعيف.

وكان الرئيس المنتخب أطلق حملة «الضغوط القصوى» في ولايته الأولى، بعد انسحابه من الاتفاق النووي الذي وقّعته إيران مع القوى العالمية في عام 2015، بالإضافة إلى فرض مئات العقوبات عليها. ورداً على ذلك، زادت طهران من نشاطاتها النووية؛ بحيث أصبح تخصيب اليورانيوم قريباً من المستوى المستخدم في إنتاج الأسلحة النووية.

واستمرت العقوبات خلال إدارة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، لكن المحللين يقولون إنها لم تُنفّذ بالشدة نفسها التي كانت عليها في عهد ترمب؛ إذ سعت إدارة بايدن إلى إحياء الاتفاق النووي مع إيران لتخفيف الأزمة.

سنوات بايدن

إدارة بايدن تقول إن قرار ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015 مكّن إيران من تسريع أنشطتها النووية (رويترز)

وخلال السنوات الأربع الماضية، تضاعفت صادرات النفط الخام الإيراني أكثر من ثلاث مرات؛ إذ كانت تبلغ 400 ألف برميل يومياً في عام 2020، ثم ارتفعت إلى أكثر من 1.5 مليون برميل يومياً حالياً، مع ذهاب جميع الشحنات تقريباً إلى الصين، وفقاً لوكالة معلومات الطاقة الأميركية.

ويُعِد فريق ترمب أوامر تنفيذية يمكنه إصدارها في يومه الأول في البيت الأبيض لاستهداف طهران، بما في ذلك تشديد العقوبات عبر إضافة عقوبات جديدة على صادرات النفط الإيرانية، وفقاً للأشخاص المطلعين على الخطة.

ونقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» عن رئيس شركة الاستشارات «رابيدان إنرجي»، مستشار الطاقة السابق لإدارة جورج بوش الابن، بوب مكناي، قوله: «إذا نفّذوا ذلك بشكل كامل، فقد يتمكّنون من تقليص صادرات النفط الإيرانية إلى بضع مئات من آلاف البراميل يومياً». وأضاف: «إنها المصدر الرئيسي لإيرادات إيران، فضلاً عن أن اقتصادها بالفعل أكثر هشاشة مما كان عليه في السابق؛ مما يضعها في زاوية أسوأ بكثير مما كانت عليه حتى في الولاية الأولى... وستكون وضعيتهم سيئة جداً».

التحرّك بسرعة

وحثّ مستشارو ترمب على التحرك بسرعة تجاه طهران، وقال أحد الأشخاص المطلعين على الخطة، إن ترمب سيُظهر «أن الإدارة الجديدة سوف تتعامل مع تنفيذ العقوبات ضد إيران بجدية كبيرة». وساعد مستشار الأمن القومي القادم لترمب، مايك والتز، في تمرير تشريع عندما كان عضواً في مجلس النواب يفرض عقوبات ثانوية على شراء الصين النفط الإيراني، لكن لم يتم تمرير المشروع في مجلس الشيوخ.

وتم تصميم حملة «الضغوط القصوى» لحرمان إيران من الإيرادات اللازمة لبناء قوتها العسكرية أو تمويل وكلائها في المنطقة، ولكن الهدف النهائي هو دفعها إلى التفاوض على اتفاق نووي جديد وتغيير سياساتها الإقليمية، وفقاً للأشخاص المطلعين على خطط ترمب.

وتدعم إيران الجماعات المسلحة في المنطقة التي كانت تطلق النار على إسرائيل خلال العام الماضي. كما تبادلت إيران وإسرائيل الهجمات الصاروخية المباشرة ضد بعضهما. وقال خبير الأمن القومي المطلع على الخطة: «نأمل أن يكون ذلك حافزاً لجعلهم يوافقون على التفاوض بحسن نية من شأنه استقرار العلاقات وربما تطبيعها يوماً ما، لكنني أعتقد أن شروط ترمب لذلك ستكون أكثر صعوبة مما يستعد الإيرانيون له».

«الحكمة الأقصى»

برنامج إيران للصواريخ الباليستية يسبّب ازعاجاً لواشنطن (أ.ف.ب)

ومن بين أعضاء فريق الأمن القومي لترمب، هناك اختيارات رفيعة المستوى تشمل مرشحه لمنصب وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، اللذين دافعا عن نهج متشدد تجاه إيران.

وقال والتز، خلال حدث في «مجلس الأطلسي» في أكتوبر: «قبل أربع سنوات فقط كانت عملتهم تنهار، وكانوا فعلاً في موقف ضعيف، نحن بحاجة للعودة إلى تلك الوضعية».

هذا الأسبوع، حثّ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي فريق ترمب على عدم محاولة سياسة «الضغط الأقصى» مجدداً. وقال على منصة «إكس» إن «محاولة الضغط الأقصى للمرة الثانية، ستؤدي فقط إلى الهزيمة القصوى للمرة الثانية». وأضاف، موجهاً حديثه إلى الإيرانيين: «الفكرة الأفضل هي أن تجربوا الحكمة الأقصى... من أجل مصلحة الجميع».

وقد صرّحت الحكومة الإيرانية الجديدة التي يقودها الرئيس مسعود بزشكيان، بأنها ترغب في إعادة الانخراط مع الغرب بشأن أزمة البرنامج النووي، في محاولة لتأمين تخفيف العقوبات وتعزيز اقتصاد البلاد. وبعد إجراء محادثات مع رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في طهران يوم الخميس، نشر عراقجي على منصة «إكس»، قائلاً إن طهران مستعدة للتفاوض، «استناداً إلى مصلحتنا الوطنية وحقوقنا غير القابلة للتصرف، لكننا غير مستعدين للتفاوض تحت الضغط والترهيب».

«السؤال الكبير»

غير أن كريم سجادبور، من مؤسسة «كارنيغي» للسلام الدولي، قال إن «السؤال الكبير هو ما إذا كان المرشد الإيراني علي خامنئي سيكون مستعداً لإجراء صفقة نووية وإقليمية مع الرجل الذي قتل قاسم سليماني». وأضاف: «من الصعب تصوّر صفقة نووية أو إقليمية ستكون مقبولة لكل من رئيس وزراء إسرائيل والمرشد الإيراني معاً».

وقد تعرّض ترمب ومسؤولو إدارته السابقون إلى تهديدات متزايدة من إيران منذ أن أمر ترمب باغتيال القائد الإيراني قاسم سليماني في يناير 2020. كما اتهمت وزارة العدل الأميركية، الأسبوع الماضي، الحكومة الإيرانية بتوظيف رجل لوضع خطط لاغتيال أعداء النظام المزعومين، بمن فيهم ترمب. ونفت طهران تورطها في أي مؤامرة لقتل ترمب.

لقاء ماسك والسفير

صورة كاريكاتيرية لإيلون ماسك على الصفحة الأولى لصحيفة «فرهختيغان» الإيرانية (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، نفت إيران بصورة «قاطعة»، السبت، حصول أي لقاء بين رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك، وسفيرها لدى الأمم المتحدة، معربة عن «استغرابها» لنقل وسائل إعلام هذا الخبر، وفق ما نقلت وكالة «إرنا» عن المتحدث باسم «الخارجية» إسماعيل بقائي.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ماسك المقرّب من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التقى، يوم الاثنين الماضي، السفير أمير سعيد إيرواني، سعياً إلى «تخفيف التوتر» بين طهران وواشنطن. ونقلت الصحيفة عن مسؤولَين إيرانيين، رفضا الكشف عن هويتهما، القول إن «الاجتماع الذي كان سرياً استمرّ ساعة كاملة، وكان إيجابياً، وأسفر عن أنباء طيبة». وأكد بقائي أن إيران «تنفي قطعاً مثل هذا اللقاء، وتبدي استغرابها إزاء التغطية الإعلامية الأميركية»، حسب «إرنا». ولم يؤكد فريق ترمب أو بعثة إيران لدى الأمم المتحدة اللقاء على الفور.

وسلّطت الصحافة الإيرانية الضوء على تقرير صحيفة «نيويورك تايمز» عن اجتماع بين سفير طهران لدى الأمم المتحدة والملياردير إيلون ماسك؛ إذ اختارت صحيفة «فرهختيغان» الإيرانية اليومية في صدارة صفحتها الأولى رسماً كاريكاتيرياً لإيلون ماسك. وأكد بقائي أن إيران «تنفي قطعاً مثل هذا اللقاء، وتبدي استغرابها إزاء التغطية الإعلامية الأميركية»، حسب «إرنا».

ولا تقيم الولايات المتحدة حالياً علاقات دبلوماسية مع طهران، لكن اجتماعاً خاصاً مع ماسك قدّم حلاً؛ مما سمح لإيران بتجنّب الاجتماع مع مسؤول أميركي، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى، انسحب من الاتفاق النووي الإيراني الذي جرى التوصل إليه عام 2015 خلال رئاسة باراك أوباما، وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية القاسية التي تحظر إلى حد كبير على الشركات الأميركية ممارسة الأعمال التجارية في إيران، كما أنه كان من أَمَرَ بالغارة الجوية التي قتلت قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني عام 2020.

من جهة أخرى، قالت وكالة «أسوشييتد برس» إن مسؤولاً إيرانياً أكد لقاء ماسك في خطوة محتملة لتخفيف التوترات مع ترمب، مضيفاً أنه أُبلغ بأن المناقشة تناولت مجموعة متنوعة من الموضوعات، وأبرزها البرنامج النووي الإيراني، ودعمها للجماعات المناهضة لإسرائيل في جميع أنحاء الشرق الأوسط وآفاق تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

طهران ومينسك تتفقان على خريطة طريق للتعاون خلال عام

شؤون إقليمية لوكاشينكو يستقبل عراقجي الاثنين (الرئاسة البيلاروسية)

طهران ومينسك تتفقان على خريطة طريق للتعاون خلال عام

أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي التوصل إلى اتفاق بين إيران وبيلاروسيا على إعداد خريطة طريق للتعاون خلال العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (مينسك - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية من لقاء رئيسها محمد إسلامي ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في طهران منتصف الشهر الماضي

إيران: الوكالة الذرية لا تملك حق تفتيش مواقع تعرضت لهجمات

قالت طهران إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية «لا يحق لها المطالبة بتفتيش المراكز النووية التي تعرضت لهجمات عسكرية»، مشددة على ضرورة وجود «بروتوكولات واضحة».

شؤون إقليمية صورة الحائزة على جائزة «نوبل للسلام» نرجس محمدي على واجهة فندق «غراند» قبيل مأدبة «نوبل» بأوسلو في ديسمبر 2023 (إ.ب.أ)

أسرة نرجس محمدي: السلطات تتهمها بـ«التعاون مع إسرائيل»

قالت الحائزة على جائزة «نوبل للسلام»، نرجس محمدي، خلال أول اتصال هاتفي لها بعد ثلاثة أيام من توقيفها، إن القوات الأمنية الإيرانية تتهمها بـ«التعاون مع إسرائيل».

«الشرق الأوسط» (لندن-طهران)
شؤون إقليمية عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)

طهران تعقد اجتماعاً يناقش تطورات أفغانستان بغياب كابل

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن الاستقرار في أفغانستان لن يتحقق عبر «وصفات مستوردة» أو «قرارات عابرة للأقاليم».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي تجمع في موقع هجوم بطائرة من دون طيار ببلدة بزاعة في ريف حلب حيث قتلت غارة أميركية زعيم تنظيم «داعش» بسوريا في يوليو 2023 (أ.ف.ب)

المبعوث الأميركي لسوريا: هجوم تدمر يؤكد استمرار خطر «داعش»

قال المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم براك، إن الهجوم الذي أودى بحياة جنديَين أميركيَين ومترجم مدني في مدينة تدمر وسط سوريا، يؤكد استمرار خطر تنظيم «داعش» المتطرف

«الشرق الأوسط» (لندن)

توم براك حاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
TT

توم براك حاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

تطابقت التقارير العبرية، حول لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمبعوث الأميركي الخاص لسوريا سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، توم برّاك، الاثنين، في القدس، على تلقّي الأول «رسائل حادة وخاصة» من إدارة الرئيس دونالد ترمب، قبل قمة أميركية - إسرائيلية مرتقبة، نهاية الشهر، في فلوريدا. وتركز الاجتماع بين برّاك ونتنياهو على 3 محاور هي: غزة، وسوريا، واللقاء مع ترمب.

تصريحات غير مقبولة في غزة

وفي ملف غزة، والانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي بدأ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أفادت بأن «برّاك حاول تبديد مخاوف نتنياهو من الدور التركي وإقناعه بمشاركتها في القوات الدولية في قطاع غزة، موضحاً أن تركيا هي الدولة الأكثر تأثيراً على (حماس)، والأكثر قدرة على إقناعها بنزع سلاحها».

وأفادت الصحيفة بأن براك ذكّر نتنياهو بأن تركيا «وقّعت على خطة ترمب (بشأن وقف إطلاق النار في غزة)، وتعهدت باسم (حماس) ببند تسليم الأسلحة، وستؤدي مشاركتها إلى تحفيز العديد من الدول المترددة حالياً بالمشاركة في القوة الدولية».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال توقيعه على إعلان شرم الشيخ حول السلام بالشرق الأوسط (الرئاسة التركية)

وحسبما نقلت الصحيفة، فإن برّاك قال «إن عدم مشاركة تركيا يجعل تلك الدول تتراجع عن المشاركة، والرئيس ترمب لن يسمح بفشل هذه الفكرة، موضحاً أن تصريحات نتنياهو التي قال فيها إنه لا يثق بأن (حماس) ستتخلى عن أسلحتها، وتهديده بأن إسرائيل هي التي ستستطيع ذلك، هي تصريحات غير مقبولة، وتشكل تهديداً للخطة».

وتوافقت الإفادات السابقة، مع ما نقلته «القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي»، الاثنين، أن «البيت الأبيض نقل رسالة (خاصة وحادة) إلى نتنياهو، شددت على أن اغتيال القيادي العسكري البارز في حركة (حماس)، رائد سعد، يشكّل خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة ترمب».

كما أكدت القناة وجود «توتر متصاعد بين إدارة ترمب وحكومة نتنياهو، على خلفية الخلاف حول الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق لإنهاء الحرب على غزة، إضافة إلى السياسات الإسرائيلية الأوسع في المنطقة».

وقال مسؤولان أميركيان للقناة إن وزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي، باتوا «محبطين للغاية» من سلوك نتنياهو.

ونقل التقرير عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن فحوى الرسالة التي وُجّهت إلى نتنياهو كان واضحاً: «إذا كنت تريد تدمير سمعتك وإظهار أنك لا تلتزم بالاتفاقات فهذا شأنك، لكننا لن نسمح لك بتدمير سمعة الرئيس ترمب بعد أن توسط في اتفاق غزة».

وفي الضفة الغربية، قال مسؤول أميركي كبير ومصدر مطّلع إن البيت الأبيض يشعر بقلق متزايد إزاء عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وما يراه «استفزازات إسرائيلية» تضر بالجهود الأميركية لتوسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)، وأضاف المسؤول الأميركي: «الولايات المتحدة لا تطلب من نتنياهو المساس بأمن إسرائيل، بل تطلب منه عدم اتخاذ خطوات تُفسَّر في العالم العربي على أنها استفزازية».

وقال مسؤول أميركي: «نتنياهو تحوّل خلال العامين الماضيين إلى شخصية منبوذة دولياً. عليه أن يسأل نفسه لماذا يرفض (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي لقاءه، ولماذا، بعد خمس سنوات على اتفاقيات أبراهام، لم تتم دعوته لزيارة الإمارات».

وأضاف: «إدارة ترمب تبذل جهداً كبيراً لإصلاح الوضع، لكن إذا لم يكن نتنياهو مستعداً لاتخاذ خطوات لخفض التصعيد، فلن نضيّع وقتنا في محاولة توسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)»

شتائم لنتنياهو في البيت الأبيض

وبدا لافتاً أن ترمب أوفد براك إلى نتنياهو، رغم الهجوم الذي شنه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضد الدبلوماسي الأميركي خلال الآونة الأخيرة، إلى حد تصريحه بأنه يرى فيه «سفيراً تركياً لدى أمريكا، وليس سفيراً أميركياً لدى تركيا».

كما ازدادات حمى غضب نتنياهو من براك، عندما شكك بالديمقراطية الإسرائيلية قبل أسبوعين، ما دعا برّاك للاعتذار، قبل زيارته، عن التصريح مع مطالبة نتنياهو بعدم تضخيم الأزمة على حساب القضايا الكبرى التي جاء لبحثها.

ونقل الصحافي ناحوم بارنياع في «يديعوت أحرونوت»، الاثنين، عن مصدر مطلع، أن «الأمريكيين بدؤوا يكتشفوا أن نتنياهو ليس جاداً في التقدم نحو تطبيق خطة ترمب للسلام، وأنه يعمل كل ما بوسعه كي تبقى إسرائيل في حرب الى الأبد».

وقال بارنياع: «روى لي مصدر مطلع، بأن وابلاً من الشتائم في البيت الأبيض نزلت على رأس رئيس وزراء إسرائيل؛ قيلت كلمات تمتنع صحيفة شريفة عن كتابتها. ولا ينبغي استبعاد إمكانية أن شيئاً من هذا قيل لنتنياهو مباشرة في أثناء نهاية الأسبوع»، وفق ما أفاد الكاتب الإسرائيلي.

خطوط حمراء في سوريا

وتذهب التقديرات الإسرائيلية إلى أن برّاك حدد في اجتماعه مع نتنياهو «خطوطاً حمراء» بشأن النشاط الإسرائيلي في سوريا، عبر التأكيد على رغبة ترمب التي عبّر عنها سابقاً، في أن الرئيس السوري أحمد الشرع يمثل حليفاً لواشنطن، يجب دعمه في مساعيه لاستقرار الدولة ودفعها إلى الأمام، ولذلك يرغب الأميركيون في تجنب أي إجراءات يرونها تقوض حكمه.

ونقلت التقارير العبرية أن برّاك نقل أن الأمريكيين يخشون من أن تؤدي كثرة العمليات الإسرائيلية إلى انهيار النظام في سوريا، بالإضافة إلى رغبتهم في التوصل إلى اتفاق أمني.

وفي شأن لبنان، فإن ترمب يريد من إسرائيل استمرار ممارسة الضغوط على «حزب الله» من خلال عمليات محدودة، لكنه لا يوافق حالياً على عمليات حربية موسعة.

ووذهب محللون إسرائيليون إلى أن نتنياهو لن يرفض كل طلبات برّاك، بل يحاول الانسجام معها ولكن من دون التزام قاطع، وهدفه في ذلك هو أن يمهد الطريق لإنجاح لقائه مع ترمب في فلوريدا، يوم 29 ديسمبر (كانون الاول) الحالي.

ولكن نتنياهو في الوقت نفسه، لم يفوت فرصة الظهور كمن يتخذ قرارات مستقلة، فأرسل قواته لقصف جوي في سوريا، قبل لحظات من وصول براك إلى مكتبه.

جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

وفي إطار الاستفزاز لتركيا ورئيسها رجب طيب اردوغان، قرر استضافة قمة ثلاثية تجمعه مع رئيس وزراء اليونان ورئيس قبرص، في لقاء مشترك وُصف في إسرائيل بأنه يحمل رسالة سياسية مباشرة ضد تركيا. بيد أن براك قال في ختام لقائه مع نتنياهو إن الاجتماع كان «حواراً بناءً يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين».


طهران ومينسك تتفقان على خريطة طريق للتعاون خلال عام

لوكاشينكو يستقبل عراقجي الاثنين (الرئاسة البيلاروسية)
لوكاشينكو يستقبل عراقجي الاثنين (الرئاسة البيلاروسية)
TT

طهران ومينسك تتفقان على خريطة طريق للتعاون خلال عام

لوكاشينكو يستقبل عراقجي الاثنين (الرئاسة البيلاروسية)
لوكاشينكو يستقبل عراقجي الاثنين (الرئاسة البيلاروسية)

أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي التوصل إلى اتفاق بين إيران وبيلاروسيا على إعداد خريطة طريق للتعاون خلال العام المقبل.

وقال عراقجي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البيلاروسي ماكسيم ريجنكوف في إطار زيارته الرسمية إلى مينسك، إنه أجرى «مباحثات جيدة وبناءة ومثمرة» مع ريجنكوف، وكذلك مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، أسهمت في دفع العلاقات الثنائية قدماً، حسبما أفادت وسائل إعلام إيرانية.

وأشار إلى وجود تقارب في وجهات النظر بين البلدين حيال عدد من القضايا الدولية والإقليمية، لافتاً إلى أن طهران ومينسك تتعاونان بشكل وثيق في المحافل الدولية، ولديهما مواقف متقاربة إزاء القضايا الإقليمية.

وقال عراقجي إن زيارة رئيس بيلاروسيا إلى إيران العام الماضي، وكذلك زيارة الرئيس الإيراني إلى بيلاروسيا في أغسطس (آب) الماضي، شكّلتا محطتين مهمتين في مسار العلاقات الثنائية، وأسهمتا في تحقيق قفزة ملحوظة في التعاون السياسي والاقتصادي.

وأشار إلى انعقاد اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين الأسبوع الماضي في طهران، موضحاً أن الاجتماع أسفر عن اتفاقات «مهمة وقيمة» تعكس إرادة جادة لدى الطرفين لمواصلة التعاون والاستفادة من القدرات الاقتصادية المتاحة.

وأضاف أن إيران وبيلاروسيا تخضعان لعقوبات أحادية الجانب، وأنهما تتعاونان في مجال مواجهة هذه العقوبات، مشيراً إلى أن البلدين عضوان في مجموعة «أصدقاء ميثاق الأمم المتحدة».

وأوضح أن المشاورات التي جرت خلال الزيارة انتهت إلى الاتفاق على وضع خريطة طريق للتعاون للعام المقبل، تحدد خطوات عملية لتعزيز الاستفادة من إمكانات البلدين.

من جهتها، أفادت وزارة الخارجية البيلاروسية بأن الوزير ريجنكوف أبلغ نظيره الإيراني أن بلاده ستبذل أقصى الجهود لجعل الزيارة الرسمية «مفيدة ومثمرة قدر الإمكان».

ومن مينسك، سيتوجه عراقجي إلى موسكو في إطار زيارة عمل، حيث سيجري، الأربعاء، محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.

وقالت الخارجية الروسية، في بيان، إن الوزيرين يعتزمان مناقشة القضايا الدولية الراهنة بتفصيل، بما في ذلك الوضع المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، إلى جانب تبادل وجهات النظر حول ملفات إقليمية ذات اهتمام مشترك.

ونقلت وكالة «تاس» الروسية، عن البيان، أن لقاء الوزيرين سيجري إيلاء اهتمام خاص للقضايا الراهنة في جدول العلاقات الثنائية الروسية - الإيرانية، بما في ذلك سبل تنفيذ اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة لمدة 25 عاماً، التي دخلت حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


إضراب في يافا بعد اعتداء مستوطنين على سيدة حامل مُحجبة

مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل (أغسطس 2023) احتجاجاً على انتشار الجريمة بالبلدات العربية (أ.ف.ب)
مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل (أغسطس 2023) احتجاجاً على انتشار الجريمة بالبلدات العربية (أ.ف.ب)
TT

إضراب في يافا بعد اعتداء مستوطنين على سيدة حامل مُحجبة

مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل (أغسطس 2023) احتجاجاً على انتشار الجريمة بالبلدات العربية (أ.ف.ب)
مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل (أغسطس 2023) احتجاجاً على انتشار الجريمة بالبلدات العربية (أ.ف.ب)

شهدت مدينة يافا إضراباً عاماً، الاثنين، احتجاجاً على الاعتداء العنصري الذي قام به 3 مستوطنين يهود متطرفين، السبت الماضي، على امرأة محجبة في الشهر التاسع من حملها.

وتركز الاحتجاج على إدانة تصرف الشرطة الإسرائيلية، التي لم تعتقل المعتدين، وقبضت على 14 شخصاً من مواطني يافا المحتجين.

وجاء الإضراب في وقت جلبت فيه الشرطة المعتقلين، طالبة تمديد اعتقالهم لـ3 أيام لغرض التحقيق، لكن القاضي رد طلب الشرطة باستهجان، وأمر بالإفراج عن جميع المعتقلين، وقال إن ادعاءاتها بأنهم يحرضون على العنف في الدولة غير صحيحة.

كيف حدث الاعتداء؟

تعرضت عائلة الشاب فادي خيمل من مدينة يافا، مساء السبت، لاعتداء عنصري نفذه 3 من المستوطنين في حيّ العجمي، حيث رش المعتدون أفراد العائلة بغاز الفلفل المُدمِع، واعتدوا عليهم بآلات حادة، وكانت السيدة حنان (زوجة فادي خيمل)، وهي حامل في شهرها التاسع، داخل السيارة برفقة طفليهما البالغين من العمر 5 و7 سنوات، بالإضافة إلى والدته التي تجاوزت الستين من عمرها.

وتروي حنان (30 عاماً): «كنت أقود سيارتي وزوجي يقود سيارة حماتي أمامي، وراحوا يشتمونني».

وتضيف: «بصق (أحدهم) نحو ابنتي الطفلة، فنزلت حماتي من السيارة تتحدث إليهم، لكنهم لم يحترموها؛ بل دفعوها أرضاً. وهنا لاحظت أن أحدهم كان مسلحاً، فرحت أستخدم آلة تنبيه السيارة، وأصيح: إنه مسلح، احذروا، وقد حضر بعض المارة اليهود والعرب وأوقفوا الاعتداء».

ولا يزال بعض أفراد العائلة يتلقون العلاج في المستشفى، ويعاني الطفلان من آلام في جسديهما والعينين من جرّاء الاعتداء.

اعتقال المحتجين على الاعتداء

خرج عشرات المواطنين من عرب يافا يتظاهرون احتجاجاً، وراحوا يهتفون ضد المستوطنين واعتداءاتهم، ويطالبون بتطهير يافا من سمومهم، إذ إنهم قدموا قبل 20 عاماً من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية إلى يافا، لغرض تهويدها ومحاربة خطر تحولها إلى مدينة ذات أكثرية عربية، وقد فرقتهم الشرطة، بزعم أن مظاهرتهم غير قانونية، واعتقلت 4 منهم.

ثم أكملت حملة الاعتقال في ساعات الفجر من يوم الأحد، وبينهم نائب رئيس الهيئة الإسلامية المنتخبة، الشيخ عصام السطل، والشيخ محمد محاميد، عضو الهيئة وإمام مسجد النزهة، والأستاذ مجد راس، وهو مربٍّ، والمحامي عبد الفتاح زبدة، المتحدث الرسمي باسم الهيئة الإسلامية المنتخبة، وإبراهيم سوري رئيس لجنة الصيادين، والشيخ محمد عايش إمام مسجد البحر، وغيرهم.

وقال رئيس الهيئة الإسلامية في يافا، عبد القادر أبو شحادة، إن «ما حصل مع حنان خيمل لن يتوقف عندها، إنما سيستمرّ من قِبل هؤلاء المتطرّفين الذين لا يروننا بشراً».

وذكر أن «ما تعرّضت له حنان صعب، ويوضح عقلية هؤلاء المتطرفين، ويجب علينا في ظلّ هذا التطرّف، أن نكون يداً واحدة، وهذا ما نراه في يافا اليوم. ما يحصل في يافا، بدأ قبل 20 عاماً، عندما بدأت (النواة التوراتية) تدخل إلى المدينة، وهذه الجماعات خطر على الجميع، وترى الجميع أعداء، وغير آدميين».

متظاهرون من عرب إسرائيل أمام مكتب بنيامين نتنياهو في القدس (وسائل إعلام إسرائيلية)

وقالت صبحيّة أبو شحادة، وهي شقيقة ضحيّة الاعتداء، حنان خيمل: «نقف هنا لنطالب بحقّ حنان التي اعتُدي عليها في المكان الذي يفترض أنه الأكثر أماناً، وهو حارتها؛ فالمستوطنون المعتدون عليها حتى هذه اللحظة طلقاء من دون عقاب».

وقالت سُميّة صافي، والدة المعتقل محمد صافي: «قوات كبيرة من الشرطة اقتحمت منزلنا، الأحد، في مدينة يافا، واعتقلت ابني محمد، وذلك لأنه شارك، أمس، في المظاهرة بالقرب من حديقة الغزازوة، التي طالبت باعتقال المعتدين على العائلة العربية في يافا».

وأضافت: «عندما اعتقلوه كان يعتني بطفله البالغ من العمر شهراً واحداً، بينما كانت والدته تشتري أغراضاً، ولم تقبل الشرطة أن تنتظر حتى تأتي والدته، وتركت الطفل لي على الرغم من أنني أعاني من كسور في يدي».