أرباح وخسائر في لقاء نتنياهو وماسك

ضربة لبايدن واليهود الأميركيين مقابل استثمارات غير مؤكدة

جانب من الاحتجاجات ضد نتنياهو إبان زيارته إلى كاليفورنيا ولقائه مع إيلون ماسك في 18 سبتمبر (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات ضد نتنياهو إبان زيارته إلى كاليفورنيا ولقائه مع إيلون ماسك في 18 سبتمبر (إ.ب.أ)
TT

أرباح وخسائر في لقاء نتنياهو وماسك

جانب من الاحتجاجات ضد نتنياهو إبان زيارته إلى كاليفورنيا ولقائه مع إيلون ماسك في 18 سبتمبر (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات ضد نتنياهو إبان زيارته إلى كاليفورنيا ولقائه مع إيلون ماسك في 18 سبتمبر (إ.ب.أ)

عندما قطع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الولايات المتحدة طولاً وعرضاً حتى يصل إلى سان فرنسيسكو للقاء الملياردير إيلون ماسك، في مكتبه في مصانع سيارات «تيسلر»، كانت توقعات رجاله أنه سيأتي بكنز يعينه في مواجهة خصومه الذين يفزعونه بمظاهراتهم الضخمة.

فقد أثارت هذه الزيارة غضب قادة يهود الولايات المتحدة، ليس الجناح اليساري أو الليبرالي فحسب، بل اليمين أيضاً الذين يتخذون موقفاً سلبياً جداً من ماسك؛ حيث يتهمونه بمعاداة السامية، بسبب إطلاقه الحرية لمنشورات تهاجم إسرائيل واليهود. وخبراء السياسة الأميركية في تل أبيب تحدثوا عن غضب في إدارة الرئيس جو بايدن، الذي لا يطيق ماسك ويعده صديقاً لخصمه اللدود، دونالد ترمب.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يقدم كرة للرئيس التنفيذي لشركة «تسلا» إيلون ماسك خلال لقائه به في نيويورك (رويترز)

لقاء إردوغان وماسك

وحتى في محيط أصدقاء نتنياهو استغربوا لماذا قرر أن يبدأ زيارته إلى الولايات المتحدة بلقاء ماسك في مكتبه، كما لو أنه رئيس الولايات المتحدة، قائلين: «الرئيس التركي أيضاً رغب بلقاء ماسك، لكنه لم يسافر إليه، بل إن ماسك هو الذي سافر من الشاطئ الغربي إلى الشاطئ الشرقي من الولايات المتحدة، واستقبله في فندقه في نيويورك». وفي ختام اللقاء أعلن ماسك أن المصنع القادم الذي سيقيمه لشركة سياراته، سيكون في تركيا.

إذن، لا بد أن هناك إنجازاً كبيراً ينتظر نتنياهو يستحق التضحية، وسيكون أهم من غضب يهود الولايات المتحدة وانزعاج بايدن. وراحوا ينتظرون نتائج اللقاء، خصوصاً الجانب العلني منه، الذي ظهر فيه نتنياهو وماسك في لقاء صحافي ودي بالبث المباشر على الشبكة. وفي البداية، راحا يتحدثان عن المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتوافقهما على أن بالإمكان استنباط الفوائد منه ولا حاجة للانزعاج منه، على الرغم من المخاطر التي ينطوي عليها. وظهر كما لو أن نتنياهو خبير في المجال، لا يقل عن ماسك، وراح يمتدحه بشكل زائد لدرجة اتهامه بالنفاق. وقال له إنه يرى فيه إديسون (مخترع الكهرباء) العصر الحديث.

احتجاجات ضد نتنياهو إبان زيارته إلى كاليفورنيا ولقائه مع إيلون ماسك في 18 سبتمبر (إ.ب.أ)

التودد لماسك

ولأن نتنياهو يعرف أنه سيلتقي بعد يومين مع قادة يهود الولايات المتحدة وعليه أن يعطيهم جواباً عن أسئلتهم بخصوص هذا التودد لماسك، فقد قرر أن يفتح موضوع السامية، و«يا ليته لم يفتحه!»، كما يقول أحد قادة منظمة يهودية؛ فقد صاغ الكلمات بطريقة الإطراء على ماسك قائلاً: «أنا أعرف أنك لست معادياً للسامية وأنك متعاطف مع قضية اليهود، وأرجو أن تستمر في ذلك، وآمل أن تتمكنوا من إيجاد القدرة على وضع حد لمعاداة السامية عبر (إكس) أو خفضها قدر الإمكان».

ورد إيلون ماسك بأنه لا يستطيع الحيلولة دون نشر كل رسائل الكراهية والحقد عبر منصة «إكس» التي باتت تضم «550 مليون مستخدم شهري»، مؤكداً أنه «ضد كل الهجمات على أي مجموعة من الأشخاص مهما كانت هذه المجموعة».

وحتى لا يبقى ماسك مديناً لنتنياهو بشيء، اختار أن يذكر ضيفه بخطته للانقلاب على منظومة الحكم والقضاء، خصوصاً أن مظاهرات الاحتجاج على الخطة وصلت أيضاً إلى مقر الاجتماع، وسمعا معاً هتافات المتظاهرين القائلة: «عار... عار».

وخلال اللقاء ظهرت في السماء طائرة تجارية تحمل صورة تظهر نتنياهو بلباس سجين، دليلاً على أن هدف خطته الانقلابية هو الإفلات من الحكم عليه بالسجن بسبب قضايا الفساد. وراح يتهرب من مسؤوليته عن الخطة بالقول إن «الخطة كما جلبها وزير القضاء في حكومتي، ياريف لفين، كانت سيئة جداً، ولكنني رفضتها وجمدتها، وعندما أعود إلى البلاد سأقوم بتعديلها كما يجب للحفاظ على الديمقراطية». وقال له ماسك، بالبث المباشر: «عليك أن تعرف أنني واجهت معارضة في شركتي لاستقبالك، بسبب هذه الخطة. وهذه أول مرة أواجه معارضة كهذه لقرار أتخذه».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبدأ زيارة للولايات المتحدة على وقع احتجاجات ضد سياساته في إسرائيل (أ.ب)

الاستثمار في إسرائيل

وكان السؤال يحوم في الأفق: ماذا أراد نتنياهو من هذا اللقاء؟ وجاء الجواب عندما قال نتنياهو له: «إنك تشق طريقاً سيغير وجه البشرية، وكذلك وجه دولة إسرائيل». وقال لماسك: «أظن أننا نجد أنفسنا اليوم عند منعطف للبشرية جمعاء، وعلينا الاختيار بين النعمة أو النقمة». فقد أفصح نتنياهو عن رغبته في إقناع مضيفه بالاستثمار في إسرائيل؛ فهو جاء إلى هنا لغرض أساسي هو: التعويض عن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي بسبب خطة نتنياهو الانقلابية.

فالاستثمارات الأجنبية في «الهاي تك» (صناعة التقنيات المتطورة) هبطت بنسبة 60 في المائة، والعملة الإسرائيلية هبطت بنسبة 13 بالمائة؛ لأن رأس المال لا يستطيع العمل في ظل عدم اليقين. وخطة حكومة نتنياهو غمرت إسرائيل بعدم اليقين.

لكن ماسك، الذي لم يستثمر في إسرائيل مليماً واحداً، والذي وعد إردوغان قبل يوم واحد فقط ببناء مصنع سيارات «تيسلر» في تركيا، لم يحرر أي تصريح يعد فيه نتنياهو بتغيير سياسته والاستثمار في إسرائيل خلال السنوات المقبلة.

وانتقل نتنياهو إلى نيويورك ليجري لقاءات أخرى مع زعماء العالم، على أساس أنه «فنان في مهارة الخطابة والعلاقات الدولية» وعلى أمل أن يحقق هناك مكاسب تخفف قليلاً من أثر إخفاقاته في السياسة الداخلية، وتقلل أضرار لقائه مع ماسك. لكن ردود فعل حزبه على ما حدث في اليوم الأول للزيارة، دل على غضب هستيري. وراح رفاقه يهاجمون قادة الاحتجاج، ويحملونهم مسؤولية أي إخفاق ويتهمونهم بالخيانة الوطنية.


مقالات ذات صلة

تقرير: الإجراءات العسكرية الإسرائيلية كان لها «تأثير على قتل حماس» 6 رهائن

شؤون إقليمية رجلان يسيران أمام جدار مغطى بصور لرهائن إسرائيليين في غزة (أ.ف.ب)

تقرير: الإجراءات العسكرية الإسرائيلية كان لها «تأثير على قتل حماس» 6 رهائن

كشف تحقيق عسكري نُشر، اليوم الثلاثاء، عن أن أنشطة للجيش الإسرائيلي كان لها «تأثير» على قرار «حماس» قتل ستة رهائن في غزة في أغسطس (آب).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية امرأة تظهر أمام صور لرهائن إسرائيليين في غزة (رويترز)

فريق تفاوض إسرائيلي يعود من قطر لإجراء «مشاورات داخلية» بشأن الرهائن

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن فريق تفاوض إسرائيلياً سيعود إلى إسرائيل، مساء اليوم، من قطر لإجراء «مشاورات داخلية» بشأن صفقة الرهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري (موقع جيش الدفاع الإسرائيلي)

هاغاري: نتنياهو طلب التركيز على جهود الإغاثة بغزة ضمن الإحاطات باللغة الإنجليزية

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري إن رئيس الوزراء طلب منه التأكيد على جهود المساعدات الإنسانية التي تقدمها إسرائيل في غزة في تصريحات إنجليزية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي نتنياهو في قاعة المحكمة بتل أبيب للإدلاء بشهادته في محاكمته بتهم الفساد (أ.ب)

نتنياهو في الجلسة السادسة لمحاكمته: الاتهامات الموجهة ضدي واهية

انطلقت محاكمة نتنياهو قبل نحو أسبوعين، في حدث استثنائي في إسرائيل باعتباره أول رئيس وزراء (في منصبه) يقف متهما في قاعة محكمة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية الرهينة الإسرائيلية المفرج عنها حنا كاتسير (متداولة)

إسرائيل تقول إن رهينة توفيت بعد الإفراج عنها هي «ضحية إرهاب حماس»

اعتبرت الحكومة الإسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، رهينة توفيت بسبب مرض أصابها بعد الإفراج عنها جراء اختطافها في غزة، ضحية لهجوم السابع من أكتوبر 2023.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

تقرير: الإجراءات العسكرية الإسرائيلية كان لها «تأثير على قتل حماس» 6 رهائن

رجلان يسيران أمام جدار مغطى بصور لرهائن إسرائيليين في غزة (أ.ف.ب)
رجلان يسيران أمام جدار مغطى بصور لرهائن إسرائيليين في غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: الإجراءات العسكرية الإسرائيلية كان لها «تأثير على قتل حماس» 6 رهائن

رجلان يسيران أمام جدار مغطى بصور لرهائن إسرائيليين في غزة (أ.ف.ب)
رجلان يسيران أمام جدار مغطى بصور لرهائن إسرائيليين في غزة (أ.ف.ب)

كشف تحقيق عسكري نُشر، اليوم الثلاثاء، عن أن أنشطة للجيش الإسرائيلي كان لها «تأثير» على قرار مسلحي «حماس» قتل ستة رهائن في غزة في أغسطس (آب)، وفقاً لوكالة «رويترز».

أثارت عملية استعادة جثث ست رهائن إسرائيليين في سبتمبر (أيلول)، منها جثة الأميركي الإسرائيلي هيرش غولدبرغ بولين، صدمة عميقة في إسرائيل، مما دفع نصف مليون شخص إلى تنظيم احتجاجات في الشوارع لمطالبة الحكومة بإبرام صفقة رهائن مع «حماس».

تم إطلاق النار على الستة الذين خطفهم مسلحون فلسطينيون خلال الهجوم الذي قادته «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، قبل ما بين 48 و72 ساعة من عثور القوات الإسرائيلية عليهم، وفقاً لتقديرات وزارة الصحة.

وخلص التحقيق إلى أن الرهائن قُتلوا على يد خاطفيهم، وأن نشاط الجيش الإسرائيلي «في المنطقة، على الرغم من كونه تدريجياً وحذراً، كان له تأثير في حينه» على قرار المسلحين بتنفيذ عمليات القتل.

وأوضح التحقيق أن الجيش لم يكن لديه معلومات مخابراتية مسبقة عن وجود الرهائن الستة في المنطقة.

وقال منتدى الرهائن والعائلات المفقودة في بيان اليوم: «يثبت التحقيق الذي نُشر الليلة مرة أخرى أن عودة جميع الرهائن لن تكون ممكنة إلا من خلال صفقة».

وتتواصل المحادثات بين إسرائيل و«حماس» لإطلاق سراح 100 رهينة ما زالوا محتجزين لدى «حماس» في غزة.

وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن فريق تفاوض إسرائيلياً يعتزم العودة إلى إسرائيل من قطر، مساء اليوم، لإجراء «مشاورات داخلية» بشأن صفقة الرهائن، بعد أسبوع مهم من المحادثات بشأن غزة.