الـ«سي آي إيه» تستخدم المسيّرات لتعقب كارتيلات المخدرات

راتكليف للإفادة من برامج مخصصة لمكافحة الإرهاب

أفراد من الحرس الوطني المكسيكي خلال دورية قرب معبر حدودي مع الولايات المتحدة كجزء من رد الحكومة المكسيكية على طلب الرئيس دونالد ترمب اتخاذ إجراءات حازمة ضد الهجرة وتهريب المخدرات (رويترز)
أفراد من الحرس الوطني المكسيكي خلال دورية قرب معبر حدودي مع الولايات المتحدة كجزء من رد الحكومة المكسيكية على طلب الرئيس دونالد ترمب اتخاذ إجراءات حازمة ضد الهجرة وتهريب المخدرات (رويترز)
TT

الـ«سي آي إيه» تستخدم المسيّرات لتعقب كارتيلات المخدرات

أفراد من الحرس الوطني المكسيكي خلال دورية قرب معبر حدودي مع الولايات المتحدة كجزء من رد الحكومة المكسيكية على طلب الرئيس دونالد ترمب اتخاذ إجراءات حازمة ضد الهجرة وتهريب المخدرات (رويترز)
أفراد من الحرس الوطني المكسيكي خلال دورية قرب معبر حدودي مع الولايات المتحدة كجزء من رد الحكومة المكسيكية على طلب الرئيس دونالد ترمب اتخاذ إجراءات حازمة ضد الهجرة وتهريب المخدرات (رويترز)

وسَّعت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) نطاق رحلاتها السرية بالمسيّرات فوق الأراضي المكسيكية؛ بحثاً عن معامل الفنتانيل، بوصفها جزءاً من الحرب التي تخوضها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد عصابات المخدرات، التي تتخذ من المكسيك مقراً لها.

وبدأ البرنامج السرّي للمسيَّرات في عهد الرئيس السابق جو بايدن، ولكن «سي آي إيه» تستعد الآن لتولي دور أكثر شراسة في المعركة ضد الكارتيلات، التي تهرِّب الفنتانيل وغيره من المخدرات إلى الولايات المتحدة، في مهمة محفوفة بالمخاطر لوكالة التجسس، التي ركَّزت اهتمامها خلال السنوات الأخيرة على الصين، وعمليات مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وأفريقيا، ودعم أوكرانيا بعد غزو روسيا عام 2022.

جنود من الحرس الوطني يفحصون محرك قارب عقب العودة من دورية في نهر ريو غراندي على الحدود مع المكسيك (رويترز)

وأفاد شخص مطلع، بأن مدير «سي آي إيه»، جون راتكليف، يعتزم تحويل موارد الوكالة إلى مكافحة المخدرات، وتطبيق الرؤى المستفادة من عقدين من تعقب الشبكات الإرهابية والتسلل إليها وتعطيلها؛ لمحاربة الكارتيلات. وقال: «العبر في مجال مكافحة الإرهاب تنطبق على مهمة مكافحة المخدرات ومهمة مكافحة الكارتيلات. لم يتم استخدام كامل ثقل تلك العبر في هذه المشكلة».

صورة نشرها الجيش المكسيكي لجنوده يرتدون بدلات الأمان البيولوجي وهم يفككون مختبراً لإنتاج المخدرات في كوسالا بولاية سينالوا بالمكسيك (أ.ف.ب)

وقال ناطق باسم الوكالة، في بيان: «مكافحة عصابات المخدرات في المكسيك وعلى المستوى الإقليمي تُشكِّل أولوية (...) بوصفها جزءاً من الجهود الأوسع التي تبذلها إدارة ترمب لإنهاء التهديد الخطير، المتمثل في الاتجار بالمخدرات»، مضيفاً أن «راتكليف عازم على وضع الخبرة الفريدة للوكالة، في مواجهة هذا التحدي المتعدد الأوجه».

وسرَّب مطلعون على الخطة الجديدة، أن التركيز سيكون على زيادة الدعم الأميركي لقوات مكافحة المخدرات داخل المكسيك وأماكن أخرى في النصف الغربي من الكرة الأرضية. ولا يزال من غير الواضح مدى مشاركة أفراد أميركيين مسلحين، سواء من قوات العمليات الخاصة العسكرية، أو وكالة الاستخبارات المركزية، باتخاذ إجراءات مباشرة ضد زعماء الكارتيلات على الأراضي المكسيكية، في مسألة حذَّر مسؤولون استخباريون وعسكريون سابقون من أنها قد تؤدي إلى رد فعل عنيف وتضر بالعلاقات الأميركية - المكسيكية، بما في ذلك التعاون في مكافحة المخدرات.

نفور مكسيكي

ونبه مسؤولون سابقون في الاستخبارات والجيش والدبلوماسية الأميركية إلى أن نهج ترمب يرجح أن ينفر المكسيك، التي تعاني من تاريخ طويل من التدخل الأميركي. ورأوا أن تبادل المعلومات الاستخبارية والتدريب الإضافي سيساعدان، لكن لا يرجح أن يؤديا إلى نتائج سريعة وملموسة يسعى إليها ترمب.

جنود في الجيش المكسيكي خلال الإعداد لحرق مخدرات في المنطقة العسكرية السابعة في إسكوبيدو بولاية نويفو ليون في المكسيك... 31 يناير 2025 (أ.ف.ب)

وفي قرار تنفيذي وقَّعه في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، كلف ترمب وكالات التجسس التابعة لمكتب مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، مساعَدة وزير الخارجية ماركو روبيو، في تحديد الكارتيلات المكسيكية، والمجموعات في السلفادور وفنزويلا، التي يجب تصنيفها منظمات إرهابية أجنبية. وبينما حدد ترمب مهلة 14 يوماً لتلقي توصيات، لم يعلن أي إجراء حتى الآن.

لكن الرئيس ترمب وراتكليف وعدا مراراً باتخاذ إجراءات أكثر كثافة ضد عصابات المخدرات المكسيكية. وتعدّ زيادة رحلات الطائرات المسيّرة خطوةً أوليةً سريعةً. وقال المسؤولون، إن «سي آي إيه» لم تفوَّض باستخدام المسيّرات لاتخاذ إجراءات مميتة، مستبعدين استخدام هذه الطائرات لتنفيذ غارات جوية. وفي الوقت الحالي، ينقل ضباط وكالة الاستخبارات في المكسيك المعلومات التي تجمعها المسيّرات إلى المسؤولين المكسيكيين.

واتخذت الحكومة المكسيكية خطوات لمعالجة مخاوف إدارة ترمب من الفنتانيل، ونشرت 10 آلاف جندي على الحدود هذا الشهر لإحباط التهريب. لكن إدارة ترمب تريد من المكسيك أن تبذل مزيداً من الجهد لتدمير أو تفكيك معامل الفنتانيل، والاستيلاء على مزيد من المخدرات.

وأثبتت المسيَّرات كفاءتها في تحديد المعامل، التي تنبعث منها مواد كيميائية تجعل من السهل العثور عليها من الجو.

ومع ذلك، خلال إدارة بايدن، كانت الحكومة المكسيكية بطيئةً في اتخاذ إجراءات ضد المعامل التي حدَّدها الأميركيون، على الرغم من أنها استخدمت المعلومات لتنفيذ اعتقالات. وتسببت رحلات المراقبة بالفعل في إثارة الذعر في المكسيك، التي كانت حذرة منذ فترة طويلة من جارتها الشمالية بعد غزوات أميركية متعددة، واستيلاء على الأراضي.

أرشيفية للرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال جولة على الحدود الأميركية - المكسيكية في أريزونا (أ.ف.ب)

وبالإضافة إلى جهود وكالة الاستخبارات المركزية، تعمل القيادة الشمالية للجيش الأميركي أيضاً على توسيع نطاق مراقبتها للحدود. ولكن الجيش الأميركي، على عكس وكالة التجسس، لا يدخل المجال الجوي المكسيكي.

حتى الآن، أجرت القيادة الشمالية أكثر من 20 رحلة استطلاعية فوق الحدود الجنوبية باستخدام مجموعة متنوعة من طائرات المراقبة، بما في ذلك طائرات الطرازات «يو 2»، و«آر سي 135 ريفات جوينتس»، و«بي 8»، فضلاً عن المسيَّرات، حسبما قال مسؤول عسكري أميركي، كبير طلب عدم نشر اسمه.

وأضافت القيادة الشمالية، في بيان لها هذا الشهر، أن الجيش أنشأ أيضاً قوة مهام استخبارية خاصة تضم 140 محللاً، وتقع قرب الحدود؛ لتحليل المعلومات التي تُجمَع من خلال رحلات المراقبة وغيرها من المصادر.


مقالات ذات صلة

هيغسيث وروبيو يدافعان عن ضربات واشنطن في الكاريبي

الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث يسير في مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن 16 ديسمبر 2025 (رويترز)

هيغسيث وروبيو يدافعان عن ضربات واشنطن في الكاريبي

دافع وزيرا الدفاع والخارجية الأميركيان أمام الكونغرس، الثلاثاء، عن الضربات الجوية التي استهدفت سفناً تشتبه واشنطن بتهريبها المخدرات في منطقة الكاريبي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (إ.ب.أ)

واشنطن تصنّف عصابة مخدرات كولومبية «منظمة إرهابية أجنبية»

أعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء تصنيف عصابة «كلان ديل غولفو» لتهريب المخدرات في كولومبيا على أنّها «منظمة إرهابية أجنبية».

الولايات المتحدة​ الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في كاراكاس بفنزويلا (رويترز)

الفنتانيل سلاح دمار شامل عند ترمب… وبيلاروسيا تفتح أبوابها لمادورو

صنّف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الفنتانيل سلاح دمار شامل، بينما رحب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاتشينكو بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إذا لجأ لبيلاروسيا.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة من مقطع نشره ترمب بمنصة «تروث سوشيال» في 2 سبتمبر 2025 وصفه بأنه قارب يحمل مخدرات من فنزويلا

مقتل 8 بضربات أميركية على ثلاثة قوارب في شرق المحيط الهادئ

أسفرت غارات على ثلاثة قوارب يشتبه في تهريبها المخدرات في شرق المحيط الهادئ عن مقتل ثمانية أشخاص الاثنين وفق ما أفاد الجيش الأميركي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي خلال توقيعه الأمر التنفيذي في البيت الابيض (رويترز)

يقتل 200 ألف سنويا... ترمب يصنف مخدر الفنتانيل «سلاح دمار شامل»

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الإثنين تصنيف مادة الفنتانيل المخدّرة سلاح دمار شامل، معززا حملة إدارته ضد كارتيلات تهريب المخدرات في أميركا اللاتينية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«البنتاغون» بين إعادة هيكلة القوة العسكرية وتحولات الاستراتيجية الأميركية

ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في قاعدة كوانتيكيو يوم 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)
ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في قاعدة كوانتيكيو يوم 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)
TT

«البنتاغون» بين إعادة هيكلة القوة العسكرية وتحولات الاستراتيجية الأميركية

ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في قاعدة كوانتيكيو يوم 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)
ترمب ووزير الدفاع بيت هيغسيث في قاعدة كوانتيكيو يوم 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)

بينما كانت استراتيجية الأمن القومي الأميركي الجديدة لا تزال تثير أصداءها في العواصم العالمية، كشفت صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير خاص عن أن وزارة الحرب الأميركية (البنتاغون) تعمل على إعداد خطة طموحة ومثيرة للجدل تستهدف هدم الهياكل التقليدية العسكرية العليا، وإحداث تغييرات جذرية في موازين القوى داخل الجيش الأميركي.

وإذا ما أُقرت هذه الخطة، فإنها ستُعد من أعمق التحولات في بنية القيادة العسكرية منذ عقود، وستنسجم ليس فقط مع التوجهات العامة لإدارة الرئيس دونالد ترمب الرامية إلى تقليص الانخراط الأميركي في الشرق الأوسط وأوروبا، بل وإلى تقليص النفقات وإعادة صياغة موازين القوى العسكرية بما يتماشى مع عقيدة «أميركا أولاً» وتحويل الموارد والاهتمام الاستراتيجي نحو نصف الكرة الغربي.

قيادات عسكرية في قاعدة كوانتيكو يوم 30 سبتمبر 2025 (أ.ب)

تقليص وتوحيد القيادات

حسب مصادر مطلعة تحدثت للصحيفة، يقترح كبار مسؤولي «البنتاغون» خفض عدد القيادات القتالية من 11 إلى 8، مع تقليص عدد الجنرالات والأدميرالات من رتبة أربع نجوم الذين يرفعون تقاريرهم مباشرة إلى وزير الدفاع بيت هيغسيث. جوهر الخطة يتمثل في تقليص مكانة قيادات مركزية لطالما كانت محورية في السياسة العسكرية الأميركية، وعلى رأسها القيادة الوسطى (سنتكوم)، والقيادة الأوروبية (يوركوم)، والقيادة الأفريقية (أفريكوم)، عبر وضعها تحت مظلة قيادة جديدة يُقترح أن تُسمّى «القيادة الدولية الأميركية».

في المقابل، تتضمن الخطة دمج القيادة الشمالية (نورثكوم) والقيادة الجنوبية (ساوثكوم)، المسؤولتين عن العمليات العسكرية في الأميركيتين، ضمن قيادة موحدة جديدة تحت اسم «القيادة الأميركية» (أميركوم). ويعكس هذا التوجه أولوية واضحة لتعزيز الوجود والجاهزية العسكرية في نصف الكرة الغربي، على حساب مسارح عمليات اعتُبرت لعقود مركز الثقل الاستراتيجي الأميركي.

انسجام مع استراتيجية الأمن القومي الجديدة

تتلاقى هذه المقترحات مع ما ورد في استراتيجية الأمن القومي التي أعلنتها إدارة ترمب مؤخراً، والتي نصت بوضوح على أن «أيام تحمّل الولايات المتحدة عبء النظام العالمي بأكمله قد انتهت». هذه العبارة تختصر فلسفة سياسية - عسكرية تسعى إلى تقليص الالتزامات الخارجية، وإعادة تعريف دور الولايات المتحدة من «شرطي العالم» إلى قوة تركز مواردها حيث ترى مصالحها المباشرة مهددة.

ومن هذا المنظور، تبدو إعادة هيكلة القيادات العسكرية أداة تنفيذية لترجمة هذا التوجه السياسي. فخفض مستوى القيادات المعنية بالشرق الأوسط وأوروبا لا يعني انسحاباً فورياً، لكنه يحدّ من استقلاليتها ونفوذ قادتها، ويمنح القيادة السياسية قدرة أكبر على التحكم بتوزيع الموارد والقرارات العملياتية.

يبرر مسؤولو «البنتاغون» هذه الخطة بالحاجة إلى تسريع عملية اتخاذ القرار وتحسين آليات القيادة والسيطرة. ويقول أحد كبار المسؤولين إن «تآكلاً» أصاب قدرة المنظومة الحالية على التكيف السريع مع التهديدات المتغيرة، مضيفاً أن «الوقت ليس في صالحنا». ويأتي ذلك في سياق أوسع من سياسات وزير الحرب هيغسيث، الذي تعهد بكسر «الوضع القائم» وتقليص عدد كبار الضباط، وقد باشر فعلياً بإقالة أو دفع أكثر من 20 ضابطاً رفيع المستوى إلى مغادرة مناصبهم.

مبنى «البنتاغون» (أ.ب)

تحفظات الكونغرس

غير أن هذه التحركات لم تمر من دون اعتراضات. فقد أبدى أعضاء بارزون في لجان القوات المسلحة في مجلسي «الشيوخ» و«النواب»، وكلاهما بقيادة جمهورية، امتعاضهم من محدودية المعلومات التي شاركها «البنتاغون» مع «الكونغرس». وذهب المشرِّعون إلى حد اشتراط تقديم مخطط تفصيلي يوضح الكلفة المحتملة لإعادة الهيكلة وتأثيرها على التحالفات الأميركية، مع تجميد التمويل اللازم لتنفيذ الخطة لمدة لا تقل عن 60 يوماً بعد تسليم هذا المخطط.

وتعكس هذه الخطوة قلقاً عميقاً من أن يؤدي تقليص القيادات الإقليمية إلى إضعاف العلاقات العسكرية مع الحلفاء، ولا سيما في أوروبا والشرق الأوسط، حيث تقوم الشراكات الأمنية الأميركية على وجود قيادات ميدانية ذات خبرة إقليمية وعلاقات متشعبة.

تحذيرات من التداعيات العميقة

من خارج الإدارة، عبّر مسؤولون سابقون عن تشككهم في جدوى هذا التوجه. فقد حذّر وزير الدفاع الأسبق تشاك هيغل من أن العالم «لا يصبح أقل تعقيداً»، وأن توحيد أو دمج القيادات قد يقلل من القدرة على استشراف الأزمات قبل تفاقمها. ويرى منتقدو الخطة أن فقدان «الحس الميداني» والخبرة الإقليمية قد يضعف فعالية الرد الأميركي في مناطق مضطربة.

وللوقوف على حجم «الثورة» التي تعتزم إدارة ترمب إحداثها، ينبغي الإشارة إلى أن العقيدة العسكرية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية بنيت على مبدأ «الوجود الأمامي»، أي نشر القوات والقيادات في قلب الأقاليم الساخنة لمنع نشوب الصراعات قبل وصولها للأراضي الأميركية.

في الإدارات السابقة، كانت القيادة المركزية (سينتكوم) تُعامل بوصفها دولة داخل دولة نظراً لأهمية النفط ومكافحة الإرهاب. في الخطة الجديدة، يتم خفض رتبة هذه القيادة ووضعها تحت إشراف «القيادة الدولية»، مما يعني سياسياً أن الشرق الأوسط لم يعد أولوية استراتيجية عليا، بل مجرد ملف إداري ضمن ملفات أخرى.

وفي حين ان الاستراتيجيات السابقة ركزت على «التحول نحو آسيا» لمحاصرة الصين مع البقاء في أوروبا لردع روسيا، تركز خطة ترمب، من خلال إنشاء «أميركوم»، على نقل الثقل العسكري للتعامل مع قضايا الهجرة، وتجارة المخدرات، والنفوذ الصيني في أميركا اللاتينية، وهو تحول من «الدفاع الهجومي» في الخارج إلى «الدفاع عن العمق».

وبينما كانت الإدارات السابقة تقدس «رأي القادة الميدانيين»، تعكس خطة هيغسيث الحالية عدم ثقة في «النخبة العسكرية»، حيث ترى الإدارة أن كثرة القيادات تؤدي إلى «ترهل» في اتخاذ القرار. لذا، يتم استبدال الخبرة الإقليمية المتراكمة بهيكل مركزي ينفذ أوامر البيت الأبيض بسرعة أكبر.

وهو ما قد يؤدي إلى تداعيات من إحداث فراغ أمني، عبر الانسحاب من الهياكل القيادية في أوروبا وأفريقياـ الأمر الذي قد يغري روسيا والصين لملء هذا الفراغ بسرعة أكبر مما حدث في الفترات السابقة. كما قد يؤدي إلى صدام مع «الكونغرس»، الذي كان تاريخياً يفضل «تعدد القيادات» لضمان الرقابة، فيما المركزية التي يسعى إليها ترمب قد تؤدي إلى مواجهة دستورية حول مَن يسيطر على قرار الحرب. كما أن تغيير وجه الحلف الأطلسي عبر تحويل «يوروكوم» إلى مجرد فرع تحت قيادة دولية، يرسل رسالة واضحة بأن «الناتو» لم يعد محور الارتكاز العسكري الأميركي.

في المحصلة، تمثل خطة «البنتاغون» المقترحة أكثر من مجرد تعديل إداري؛ فهي تعكس تحولاً عميقاً في نظرة الولايات المتحدة إلى دورها العالمي، وتعيد تعريف العلاقة بين السياسة والقيادة العسكرية. وبينما تسعى الإدارة إلى جيش «أكثر رشاقة وأقل كلفة»، يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كان هذا الترشيد سيعزز فعلاً القدرة الأميركية على الردع، أم أنه سيترك فراغات استراتيجية في عالم يزداد اضطراباً.


تقرير: أميركا تستعد لعقوبات جديدة على روسيا إذا رفضت إبرام اتفاقية سلام

دونالد ترمب وفلاديمير بوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا أغسطس الماضي (رويترز)
دونالد ترمب وفلاديمير بوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا أغسطس الماضي (رويترز)
TT

تقرير: أميركا تستعد لعقوبات جديدة على روسيا إذا رفضت إبرام اتفاقية سلام

دونالد ترمب وفلاديمير بوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا أغسطس الماضي (رويترز)
دونالد ترمب وفلاديمير بوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب في أوكرانيا أغسطس الماضي (رويترز)

تستعد الولايات المتحدة لفرض جولة جديدة من العقوبات على قطاع الطاقة الروسي لزيادة الضغط على موسكو في حال رفض الرئيس فلاديمير بوتين إبرام اتفاقية سلام مع أوكرانيا، حسبما ذكرت وكالة «بلومبرغ» في تقرير، الأربعاء، نقلاً عن أشخاص مطلعين.

وقال التقرير إن الولايات المتحدة تدرس خيارات مثل استهداف سفن ما يُسمى أسطول الظل الروسي المكون من ناقلات تستخدم لنقل نفط موسكو، والمتعاملين الذين يسهلون المعاملات.

وذكر التقرير أن الإجراءات الجديدة ربما يعلن عنها هذا الأسبوع. وأضاف أن وزير الخزانة سكوت بيسنت ناقش هذه الخطوة عندما التقى مجموعة من السفراء الأوروبيين في وقت سابق من هذا الأسبوع.


ترمب مازحاً: ميريام أديلسون عرضت عليّ «250 مليون دولار» للترشح لولاية ثالثة

دونالد ترمب وميريام أديلسون (إ.ب.أ)
دونالد ترمب وميريام أديلسون (إ.ب.أ)
TT

ترمب مازحاً: ميريام أديلسون عرضت عليّ «250 مليون دولار» للترشح لولاية ثالثة

دونالد ترمب وميريام أديلسون (إ.ب.أ)
دونالد ترمب وميريام أديلسون (إ.ب.أ)

قالت مجلة فوربس الأميركية إن الرئيس دونالد ترمب قال مازحاً إن المليارديرة ميريام أديلسون عرضت عليه 250 مليون دولار للترشح لولاية ثالثة.

وأضافت المجلة أن التصريح جاء خلال حفل استقبال عيد الأنوار اليهودي (حانوكا) في البيت الأبيض، مساء الثلاثاء، بعد أن قالت المتبرعة الجمهورية الكبيرة عبارة «أربع سنوات أخرى» لترمب؛ في إشارة للولاية الثالثة، وهو أمرٌ طالما لمّح إليه ترمب وحلفاؤه رغم أن التعديل الثاني والعشرين للدستور الأميركي يمنع الترشح لولاية رئاسية ثالثة.

وكانت أديلسون قد ذكرت أنها ناقشت مع المحامي آلان ديرشوفيتز «الجانب القانوني المتعلق بأربع سنوات أخرى»، وقالت: «آلان، أنا أتفق معك»، ثم التفتت إلى الرئيس الأميركي الذي كان يقف بجانبها، وأضافت: «إذن، يمكننا فعل ذلك، فكِّر في الأمر».

دونالد ترمب وميريام أديلسون (أ.ب)

وقد أثار هذا هتافاً قصيراً من بعض الحاضرين «أربع سنوات أخرى»، بينما ابتسم ترمب وأشار إليهم، ثم همست أديلسون بشيء لترمب، فمازح قائلاً: «قالت: فكّر في الأمر، سأمنحك 250 مليون دولار أخرى»، مما أثار ضحك الحضور، ثم أجابت المليارديرة، على الفور: «سأفعل».

وأشاد الرئيس الأميركي بزوج المليارديرة الراحل، شيلدون أديلسون، الذي كان أيضاً من كبار المتبرعين للحزب الجمهوري، قائلاً: «كان شيلدون رجلاً رائعاً، وكان يأتي إلى المكتب، ولم يكن هناك أحد أكثر حماساً منه».

وتحدّث ترمب كيف كان أديلسون يلحّ على عقد اجتماعات معه في البيت الأبيض، وأضاف: «كان دائماً يقول 10 دقائق، لكنها كانت تمتد إلى ساعة ونصف الساعة تقريباً، وما فعله هو أنه دافع عن إسرائيل... كان يريد فقط رعاية إسرائيل».

وقال ترمب: «إذا عدنا عشر سنوات أو اثنتي عشرة أو خمس عشرة سنة على الأكثر، لوجدنا أن أقوى جماعات الضغط في واشنطن كانت جماعات الضغط اليهودية؛ أي إسرائيل. هذا لم يعد صحيحاً»، ثم أردف أن الكونغرس «يتجه نحو معاداة السامية».

ولفتت «فوربس» إلى أن ترمب منذ تولّيه منصبه في يناير (كانون الثاني) الماضي، روّج وبعض مؤيديه البارزين لفكرة ترشحه لولاية ثالثة، على الرغم من القيود الدستورية على عدد الولايات الرئاسية.

ويبيع متجر مؤسسة ترمب الإلكتروني قبعات تحمل شعار «ترمب 2028» منذ أبريل (نيسان) من هذا العام.

ومع ذلك، ادعى بعض قادة الحزب الجمهوري، مثل رئيس مجلس النواب مايك جونسون، أن ترمب «يستفزّ» الديمقراطيين، وأنه يدرك أنه لا يستطيع الترشح مرة أخرى.

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أقر الرئيس الأميركي نفسه بأن الدستور «واضح تماماً». وأضاف: «لا يُسمح لي بالترشح، هذا مؤسف... أعني، إنه مؤسف حقاً»، ثم أشار إلى أن الحزب الجمهوري يضم «كثيراً من الأشخاص المميزين»، الذين يمكنهم الترشح بدلاً منه في عام 2028.

دونالد ترمب وميريام أديلسون (أ.ب)

ووفقاً لتقديرات «فوربس»، تبلغ ثروة أديلسون الإجمالية 41.6 مليار دولار، وهذا يجعلها في المرتبة 42 ضمن قائمة أغنى أغنياء العالم على موقع «ريل تايم بليونير».

وكانت قد تبرعت بـ111 مليون دولار للجان العمل السياسي الداعمة لترمب، خلال الحملة الرئاسية لعام 2024، مما يجعلها ثاني أكبر داعم مالي لحملته في تلك الانتخابات.