«مؤتمر القاهرة» للقوى السودانية يطرح رؤى لإنهاء الحرب

مصر تشدد على حل سياسي شامل

حضور لافت خلال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة (الخارجية المصرية)
حضور لافت خلال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة (الخارجية المصرية)
TT

«مؤتمر القاهرة» للقوى السودانية يطرح رؤى لإنهاء الحرب

حضور لافت خلال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة (الخارجية المصرية)
حضور لافت خلال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة (الخارجية المصرية)

استضافت العاصمة المصرية القاهرة، السبت، فعاليات مؤتمر «القوى السياسية والمدنية السودانية»، تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، بهدف «تقديم رؤى لإنهاء النزاع»، وذلك بحضور ممثلين لمنظمات إقليمية ودولية، ودبلوماسيين من دول أفريقية وعربية وأوروبية. في حين دعت مصر إلى «التوصل لحل سياسي شامل للأزمة السودانية».

ووسط غياب ممثلين لطرفي الصراع في السودان (الجيش وقوات الدعم السريع)، اجتمع ممثلو القوى السياسية والمدنية السودانية الفاعلة، في المؤتمر الذي دعت له مصر؛ لإجراء مشاورات حول ثلاثة ملفات لإنهاء النزاع، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية للحل. وقال سياسيون سودانيون مشاركون في المؤتمر إن المناقشات «تستهدف بناء الثقة بين الأطراف السياسية»، وأشاروا إلى أن «المؤتمر يضع خريطة طريق لحوار سياسي أوسع وأشمل في السودان لعلاج الأزمة».

ودعت مصر إلى مؤتمر يجمع القوى السياسية السودانية بهدف «الوصول لتوافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني - سوداني يتأسس على رؤية سودانية خالصة»، وذلك «بالتعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين».

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

مؤتمر «القوى السياسية والمدنية السودانية» في القاهرة (الخارجية المصرية)

وضع كارثي

ورأى وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، في افتتاح المؤتمر، السبت، أن «مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية في القاهرة تاريخي»، مشيراً إلى أن «الوضع الكارثي في السودان يتطلب الوقف الفوري والمستدام للحرب، وتسهيل عمليات الاستجابة الإنسانية الجادة والسريعة من أطراف المجتمع الدولي كافة؛ لتخفيف معاناة السودانيين، والتوصل لحل سياسي شامل».

وقال عبد العاطي إن «أي حل سياسي حقيقي للأزمة في السودان لا بد أن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم، ودون إملاءات أو ضغوط خارجية»، موضحاً أن «أي عملية سياسية مستقبلية ينبغي أن تشمل الأطراف الوطنية الفاعلة كافة بالسودان، وفي إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية».

كما شدد الوزير المصري على «أهمية وحدة القوات المسلحة السودانية لدورها في حماية السودان، والحفاظ على سلامة مواطنيه». وأشار في الوقت نفسه إلى معاناة السودانيين الذين فروا من الحرب لدول الجوار، داعياً «المجتمع الدولي للوفاء بتعهداته التي أعلن عنها في مؤتمري جينيف وباريس لإغاثة السودان، لسد الفجوة التمويلية القائمة والتي تناهز 75 في المائة من إجمالي الاحتياجات».

حضور مؤتمر القوى السياسية السودانية في القاهرة (الخارجية المصرية)

مشاركة حمدوك

وشارك في فعاليات مؤتمر القوى السودانية في القاهرة، ممثلو عدد من الأحزاب والكيانات السياسية السودانية، أبرزهم مكونات تجمع «الميثاق الوطني» (يضم تجمعي الكتلة الديمقراطية وقوى الحراك الوطني)، بجانب «مكونات تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم).

وضم المؤتمر مجموعة من الشخصيات السودانية المؤثرة، بينهم نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، ورئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، ووزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، ورئيس «حركة تحرير السودان»، مني أركو ميناوي، وعدد من رؤساء الأحزاب السودانية مثل «حزب الأمة» و«الحزب الاتحادي».

وقال حمدوك إن «مؤتمر القاهرة نقطة فارقة في الحل السياسي للأزمة السودانية». وأرجع ذلك إلى «اجتماع مختلف القوى السياسية والمدنية السودانية للمرة الأولى بهذا الشكل للتشاور حول الأزمة السودانية». وحول تفاصيل مشاورات القوى السودانية، أوضح حمدوك لـ«الشرق الأوسط» أن «أُولى القضايا التي ناقشتها القوى السياسية، كانت ضرورة وقف الحرب اليوم قبل الغد». وأضاف أنهم ناقشوا «سبل معالجة الأزمة الإنسانية التي تعد الأكبر في العالم»، إضافة إلى «مبادئ وأجندة العملية السياسية في السودان».

وناقشت القوى والكيانات السياسية السودانية المشاركة في المؤتمر، ثلاثة ملفات أساسية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية». ولفت رئيس الوزراء السوداني السابق إلى أن «السودان يمر بأزمة وجودية»، قائلاً إن «مشاورات القوى السياسية في القاهرة يمكن البناء عليها، لصياغة حل متوافق عليه من القوى السودانية».

دبابة مدمَّرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)

ورأى رئيس قوى «الحراك الوطني» السوداني، التيجاني السيسي، أن «المؤتمر خطوة مهمة لبناء الثقة بين الأطراف السياسية السودانية». وقال إن «الخطوة الأولى التي تستهدفها مشاورات القوى السياسية، هي استعادة الثقة قبل الحديث عن حلول سياسية للأزمة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «اجتماع القوى السياسية خطوة إيجابية يُمكن البناء عليها في وضع رؤية سياسية شاملة للحل في السودان».

ولفت التيجاني إلى أن «المشاورات ناقشت خطة محددة لإجراء حوار سوداني شامل، تشارك فيه كل الأطراف والقوى السودانية، بما فيها القوى التي لم تحضر مؤتمر القاهرة الحالي، وبما يساهم في وقف النزاع، والوصول لتحقيق سلام مستدام في السودان».

وشهد المؤتمر أيضاً حضور دبلوماسيين من دول جوار السودان، وممثلين عن منظمات دولية وإقليمية، بينها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، ومنظمة (إيغاد)»، بالإضافة لأطراف «منبر جدة»، ومبعوث الولايات المتحدة الأميركية للسودان، توم بيريلو.

وأشارت ممثلة الاتحاد الأفريقي، نائبة رئيس اللجنة الأفريقية المعنية بالسودان، سبشيوزا وانديرا، إلى أهمية «توحيد الجهود الإقليمية والدولية للوصول لحل عاجل في السودان». وأوضحت أن «مؤتمر القاهرة خطوة مهمة تمهد لاجتماع الاتحاد الأفريقي من أجل السودان، المقرر عقده الأسبوع المقبل في أديس أبابا»، مشيرة في كلمة لها بالمؤتمر إلى «انعقاد الحوار السوداني على مرحلتين؛ الأولى تخطط للحوار وأهدافه وقواعده ومعايير المشاركة فيه، والثانية تشمل حواراً موسعاً لجميع الأطراف والقوى».

كما لفت مدير «إدارة السودان» بالجامعة العربية، زيد الصبان، إلى أن مؤتمر القاهرة «فرصة للعمل على وقف الحرب في السودان». وأكد محددات الجامعة العربية للحل في السودان، والتي تتضمن «الحفاظ على وحدة وسيادة الدولة السودانية، ورفض التدخل الأجنبي، ودفع جهود الإغاثة الإنسانية».


مقالات ذات صلة

«الحوار الوطني» المصري يناقش إعادة هيكلة الدعم الحكومي

شمال افريقيا الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)

«الحوار الوطني» المصري يناقش إعادة هيكلة الدعم الحكومي

يعتزم «الحوار الوطني» المصري، خلال الأيام المقبلة، مناقشة قضية الدعم الحكومي المقدم للمواطنين، في ضوء قرار الحكومة بإعادة هيكلته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا يوسف بطرس غالي (أرشيفية)

ساويرس يجدد الجدل حول تعيين بطرس غالي بمنصب اقتصادي في مصر

جدد رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، الجدل حول تعيين وزير المالية الأسبق، يوسف بطرس غالي، عضواً في «المجلس التخصصي للتنمية الاقتصادية».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا بنايات على النيل في أسوان (محافظة أسوان)

مصر: اتهامات لـ«الإخوان» بترويج «شائعة» تلوث مياه الشرب

لاحقت اتهامات في مصر جماعة «الإخوان» التي تحظرها سلطات البلاد، وذلك عقب ترويج عناصرها «شائعة» تلوث مياه الشرب.

وليد عبد الرحمن (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان المصري محمود حميدة (صفحته على «فيسبوك»)

«الجونة السينمائي» يكرّم محمود حميدة بجائزة الإنجاز الإبداعي

أعلن مهرجان «الجونة السينمائي» في مصر عن تكريم الفنان محمود حميدة بمنحه جائزة الإنجاز الإبداعي في الدورة السابعة من المهرجان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري يشارك في اجتماع وزاري حول السودان على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بـ«إنهاء سريع» للقتال الدامي في السودان

طالبت مصر بالعمل سريعاً على إنهاء «القتال الدامي» في السودان، مع السماح بمرور المساعدات الإنسانية للمدنيين الأبرياء، مؤكدةً «ضرورة الحفاظ على كل مؤسسات الدولة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«حرب الجسور» تشل العاصمة السودانية

الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا في العاصمة السودانية (أرشيفية -رويترز)
الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا في العاصمة السودانية (أرشيفية -رويترز)
TT

«حرب الجسور» تشل العاصمة السودانية

الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا في العاصمة السودانية (أرشيفية -رويترز)
الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا في العاصمة السودانية (أرشيفية -رويترز)

عاش سكان العاصمة السودانية، الخرطوم، شللاً مفاجئاً أمس، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش شنّ قصفاً مدفعياً وجوياً لاستعادة العاصمة، هو الأكبر من نوعه منذ بداية الحرب بينه وبين «قوات الدعم السريع». وتركز الصراع، أمس، على 3 جسور استراتيجية في العاصمة المثلثة، هي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا».

ومنذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، تسيطر «قوات الدعم السريع» بالكامل على مدينة الخرطوم، بما في ذلك المواقع العسكرية والسيادية، وتحاصر مقر القيادة العامة للجيش الواقع شرق المدينة.

وذكر شهود أن قصفاً عنيفاً واشتباكات اندلعت عندما حاول الجيش عبور جسور فوق نهر النيل تربط المدن الثلاث المتجاورة التي تشكل منطقة العاصمة الكبرى، فيما ادعى كل من طرفي النزاع أنه تمكن من السيطرة على الجسور.

وقال سكان إن الجيش يقوم بقصف عنيف على منطقتَي الحلفايا وشمبات، في حين يحلق الطيران بكثافة، خاصة في مناطق المزارع المحيطة بجسر الحلفايا من جهة بحري. كما أظهرت مقاطع فيديو دخاناً أسود اللون يتصاعد في سماء العاصمة، وسط دوي أصوات المعارك في الخلفية.