«مؤتمر القاهرة» للقوى السودانية يطرح رؤى لإنهاء الحرب

مصر تشدد على حل سياسي شامل

حضور لافت خلال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة (الخارجية المصرية)
حضور لافت خلال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة (الخارجية المصرية)
TT

«مؤتمر القاهرة» للقوى السودانية يطرح رؤى لإنهاء الحرب

حضور لافت خلال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة (الخارجية المصرية)
حضور لافت خلال مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة (الخارجية المصرية)

استضافت العاصمة المصرية القاهرة، السبت، فعاليات مؤتمر «القوى السياسية والمدنية السودانية»، تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، بهدف «تقديم رؤى لإنهاء النزاع»، وذلك بحضور ممثلين لمنظمات إقليمية ودولية، ودبلوماسيين من دول أفريقية وعربية وأوروبية. في حين دعت مصر إلى «التوصل لحل سياسي شامل للأزمة السودانية».

ووسط غياب ممثلين لطرفي الصراع في السودان (الجيش وقوات الدعم السريع)، اجتمع ممثلو القوى السياسية والمدنية السودانية الفاعلة، في المؤتمر الذي دعت له مصر؛ لإجراء مشاورات حول ثلاثة ملفات لإنهاء النزاع، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية للحل. وقال سياسيون سودانيون مشاركون في المؤتمر إن المناقشات «تستهدف بناء الثقة بين الأطراف السياسية»، وأشاروا إلى أن «المؤتمر يضع خريطة طريق لحوار سياسي أوسع وأشمل في السودان لعلاج الأزمة».

ودعت مصر إلى مؤتمر يجمع القوى السياسية السودانية بهدف «الوصول لتوافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني - سوداني يتأسس على رؤية سودانية خالصة»، وذلك «بالتعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين».

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

مؤتمر «القوى السياسية والمدنية السودانية» في القاهرة (الخارجية المصرية)

وضع كارثي

ورأى وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، في افتتاح المؤتمر، السبت، أن «مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية في القاهرة تاريخي»، مشيراً إلى أن «الوضع الكارثي في السودان يتطلب الوقف الفوري والمستدام للحرب، وتسهيل عمليات الاستجابة الإنسانية الجادة والسريعة من أطراف المجتمع الدولي كافة؛ لتخفيف معاناة السودانيين، والتوصل لحل سياسي شامل».

وقال عبد العاطي إن «أي حل سياسي حقيقي للأزمة في السودان لا بد أن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم، ودون إملاءات أو ضغوط خارجية»، موضحاً أن «أي عملية سياسية مستقبلية ينبغي أن تشمل الأطراف الوطنية الفاعلة كافة بالسودان، وفي إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية».

كما شدد الوزير المصري على «أهمية وحدة القوات المسلحة السودانية لدورها في حماية السودان، والحفاظ على سلامة مواطنيه». وأشار في الوقت نفسه إلى معاناة السودانيين الذين فروا من الحرب لدول الجوار، داعياً «المجتمع الدولي للوفاء بتعهداته التي أعلن عنها في مؤتمري جينيف وباريس لإغاثة السودان، لسد الفجوة التمويلية القائمة والتي تناهز 75 في المائة من إجمالي الاحتياجات».

حضور مؤتمر القوى السياسية السودانية في القاهرة (الخارجية المصرية)

مشاركة حمدوك

وشارك في فعاليات مؤتمر القوى السودانية في القاهرة، ممثلو عدد من الأحزاب والكيانات السياسية السودانية، أبرزهم مكونات تجمع «الميثاق الوطني» (يضم تجمعي الكتلة الديمقراطية وقوى الحراك الوطني)، بجانب «مكونات تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم).

وضم المؤتمر مجموعة من الشخصيات السودانية المؤثرة، بينهم نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، ورئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، ووزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، ورئيس «حركة تحرير السودان»، مني أركو ميناوي، وعدد من رؤساء الأحزاب السودانية مثل «حزب الأمة» و«الحزب الاتحادي».

وقال حمدوك إن «مؤتمر القاهرة نقطة فارقة في الحل السياسي للأزمة السودانية». وأرجع ذلك إلى «اجتماع مختلف القوى السياسية والمدنية السودانية للمرة الأولى بهذا الشكل للتشاور حول الأزمة السودانية». وحول تفاصيل مشاورات القوى السودانية، أوضح حمدوك لـ«الشرق الأوسط» أن «أُولى القضايا التي ناقشتها القوى السياسية، كانت ضرورة وقف الحرب اليوم قبل الغد». وأضاف أنهم ناقشوا «سبل معالجة الأزمة الإنسانية التي تعد الأكبر في العالم»، إضافة إلى «مبادئ وأجندة العملية السياسية في السودان».

وناقشت القوى والكيانات السياسية السودانية المشاركة في المؤتمر، ثلاثة ملفات أساسية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية». ولفت رئيس الوزراء السوداني السابق إلى أن «السودان يمر بأزمة وجودية»، قائلاً إن «مشاورات القوى السياسية في القاهرة يمكن البناء عليها، لصياغة حل متوافق عليه من القوى السودانية».

دبابة مدمَّرة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)

ورأى رئيس قوى «الحراك الوطني» السوداني، التيجاني السيسي، أن «المؤتمر خطوة مهمة لبناء الثقة بين الأطراف السياسية السودانية». وقال إن «الخطوة الأولى التي تستهدفها مشاورات القوى السياسية، هي استعادة الثقة قبل الحديث عن حلول سياسية للأزمة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «اجتماع القوى السياسية خطوة إيجابية يُمكن البناء عليها في وضع رؤية سياسية شاملة للحل في السودان».

ولفت التيجاني إلى أن «المشاورات ناقشت خطة محددة لإجراء حوار سوداني شامل، تشارك فيه كل الأطراف والقوى السودانية، بما فيها القوى التي لم تحضر مؤتمر القاهرة الحالي، وبما يساهم في وقف النزاع، والوصول لتحقيق سلام مستدام في السودان».

وشهد المؤتمر أيضاً حضور دبلوماسيين من دول جوار السودان، وممثلين عن منظمات دولية وإقليمية، بينها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، ومنظمة (إيغاد)»، بالإضافة لأطراف «منبر جدة»، ومبعوث الولايات المتحدة الأميركية للسودان، توم بيريلو.

وأشارت ممثلة الاتحاد الأفريقي، نائبة رئيس اللجنة الأفريقية المعنية بالسودان، سبشيوزا وانديرا، إلى أهمية «توحيد الجهود الإقليمية والدولية للوصول لحل عاجل في السودان». وأوضحت أن «مؤتمر القاهرة خطوة مهمة تمهد لاجتماع الاتحاد الأفريقي من أجل السودان، المقرر عقده الأسبوع المقبل في أديس أبابا»، مشيرة في كلمة لها بالمؤتمر إلى «انعقاد الحوار السوداني على مرحلتين؛ الأولى تخطط للحوار وأهدافه وقواعده ومعايير المشاركة فيه، والثانية تشمل حواراً موسعاً لجميع الأطراف والقوى».

كما لفت مدير «إدارة السودان» بالجامعة العربية، زيد الصبان، إلى أن مؤتمر القاهرة «فرصة للعمل على وقف الحرب في السودان». وأكد محددات الجامعة العربية للحل في السودان، والتي تتضمن «الحفاظ على وحدة وسيادة الدولة السودانية، ورفض التدخل الأجنبي، ودفع جهود الإغاثة الإنسانية».


مقالات ذات صلة

مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

شمال افريقيا علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)

مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

رفع النائب العام المصري، محمد شوقي عياد، السبت، اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قوائم «منع السفر» استجابة لطلب قدمه محاميه في وقت سابق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)

مصر وروسيا… «شراكة استراتيجية» تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية

أعرب الرئيس المصري خلال لقاء لافروف، السبت، عن «تقديره لمسار العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وموسكو، التي تشهد نمواً متواصلاً في مختلف المجالات»

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا ناخبون في محافظة بورسعيد المصرية خلال المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (تنسيقية شباب الأحزاب)

«النواب» المصري يواجه «طعوناً» جديدة على نتائج الدوائر الملغاة

تواجه نتائج انتخابات مجلس النواب المصري «طعوناً» جديدة أمام القضاء الإداري، تخص نتائج دوائر سبق إلغاؤها وإعادة الاقتراع بها.

علاء حموده (القاهرة)
تحليل إخباري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)

تحليل إخباري ما تأثير التوترات بين مصر وإسرائيل على استدامة «اتفاقية الغاز»؟

قال رئيس «هيئة الاستعلامات» المصرية، ضياء رشوان، إن الحديث عن الترتيب للقاء بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن «شائعة لا أساس لها».

أحمد جمال (القاهرة )
شمال افريقيا بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية جمهورية الكونغو في القاهرة السبت (الخارجية المصرية)

مصر والكونغو لتعميق التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتنمية

أكد عبد العاطي «أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري مع الكونغو وزيادة حجم التبادل التجاري بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

TT

10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وضع وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تحدد فيها الإدارة الأميركية مواقيت زمنية أمام طرفي النزاع؛ الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ إعلان تدخل واشنطن بقوة في هذا الملف.

وذكر روبيو في تصريحات صحافية، الجمعة، أن «هدف واشنطن الفوري وقف الأعمال القتالية في السودان قبل بداية العام الجديد». وقال إن بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية عديدة، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في السعودية والإمارات ومصر، بالتنسيق مع المملكة المتحدة، في إطار الدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وأكد روبيو في مؤتمر صحافي أن «99 في المائة من تركيزنا ينصب على هذه الهدنة الإنسانية والتوصل إليها في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «نعتقد أن العام الجديد والأعياد المقبلة تمثل فرصة عظيمة لكلا الجانبين للاتفاق على ذلك، ونحن نبذل قصارى جهدنا في هذا الصدد».

وقال روبيو إن كلا الجانبين انتهك التزاماته، وأعرب عن قلقه إزاء التقارير الجديدة التي تفيد بتعرض قوافل مساعدات إنسانية لهجمات. وأضاف: «ما يحدث هناك مروع، إنه فظيع». وتابع: «سيأتي يوم تُعرف فيه القصة الحقيقية لما حدث هناك، وسيبدو كل من شارك في الأمر بمظهر سيئ».

ضغوط على السودان

وفي هذا الصدد، قال مصدر سوداني مطلع لــ«الشرق الأوسط»، إن رئيس «مجلس السيادة»، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اطلع خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض على دعوة عاجلة للامتثال لخريطة الرباعية للموافقة على تهدئة القتال، وإنه طلب أسبوعاً للرد عليها بعد إجراء مشاورات مع حلفائه في الداخل.

وأوضح المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الخطة التي طرحت على البرهان، لا تخرج عن إطار خريطة الرباعية المتفق عليها بين الدول الأربع؛ الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر. وفي حين لم يشر وزير الخارجية الأميركي إلى أي خطة جديدة، لكنه ألمح إلى أن الإدارة الأميركية قد تلجأ لممارسة المزيد من الضغوط من أجل الوصول إلى المرحلة الأولى، التي تشمل الهدنة الإنسانية، وربطها في الوقت نفسه بإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في مناطق النزاع.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

وربط المصدر السوداني حديث روبيو في هذا التوقيت، بزيارة البرهان إلى السعودية، وتزامنها مع وجود كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، الذي عاد إلى واشنطن بعد جولة طويلة شملت السعودية والإمارات ومصر.

تدخل سعودي حاسم

وصعد ملف الحرب في السودان إلى سلم أولويات الإدارة الأميركية، بعد التدخل السعودي الحاسم، وطلب ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان من الرئيس دونالد ترمب التدخل لوقف الحرب. ووفقاً لوزارة الخارجية السودانية، أكد البرهان خلال زيارته إلى الرياض الأسبوع الماضي، حرصه على العمل مع السعودية والرئيس دونالد ترمب ومبعوثه للسلام مسعد بولس لوقف الحرب في السودان.

وبحسب المصدر نفسه، تعكس تصريحات البرهان تحولاً كبيراً في موقف الحكومة السودانية التي سبق أن رفضت مقترح «الآلية الرباعية» بهدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، مشيراً إلى أن دول الرباعية أكدت مراراً وتكراراً التزامها بالعمل في إطار هذه المبادرة لوقف الحرب عبر الحل السلمي المتفاوض عليه.

من جهته، قال مستشار «قوات الدعم السريع»، محمد المختار، إن «موقفنا المبدئي هو الترحيب بأي مبادرة لوقف الحرب ومعالجة جذور الأزمة في السودان». وأضاف أن «الدعم السريع وتحالف تأسيس (المرجعية السياسية لحكومة السلام) في نيالا، على اتفاق تام بالتعاطي مع أي جهود أو تسوية تؤدي إلى إحلال السلام في البلاد... وظللنا منذ اندلاع الحرب نستجيب لكل المساعي الإقليمية والدولية في هذا الصدد».

التحركات الأميركية

وقال دبلوماسي سوداني سابق، إن الإدارة الأميركية لا تلجأ في العادة لتحديد سقف زمني لأي ملف تتحرك فيه دون مؤشرات واضحة أو حصولها على ضوء أخضر، مضيفاً: «صحيح أن القيد الزمني الذي وضعته ضيق جداً، لكنها قد تنجح في اقتلاع موافقة نهائية من طرفي الحرب بخصوص الهدنة الإنسانية في الأيام القليلة المقبلة».

وأشار الدبلوماسي السوداني إلى أن وقف إطلاق النار يتوقف على كلا الجانبين، من حيث الوفاء بالتزاماتهما في تنفيذ المقترح المطروح من قبل «الآلية الرباعية». وأضاف الدبلوماسي، الذي طلب أيضاً عدم ذكر اسمه، أن إدارة ترمب تركز في الوقت الحالي على جمع الطرفين في مفاوضات مباشرة للاتفاق على تنفيذ المرحلة الأولى للهدنة الإنسانية التي تمهد الانتقال إلى مرحلة إيقاف دائم لإطلاق النار، يعقب ذلك تنفيذ الرؤية المضمنة في خريطة الرباعية بخصوص العملية السياسية والانتقال إلى الحكم المدني.وتوقع الدبلوماسي أن تتسارع وتيرة تحركات الرباعية بكثافة في الأيام المقبلة، بعد حديث روبيو، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مع طرفي الصراع للالتزام بتنفيذ الهدنة فوراً دون تأخير.

وتنص خريطة «الرباعية» على التنفيذ السريع لمقترح الهدنة الإنسانية لمدة 3 أشهر، وإيقاف فوري لإطلاق النار دون قيد أو شرط، وتطويره إلى وقف إطلاق نار دائم، ثم البدء في مفاوضات سياسية.

ترحيب إماراتي

من جهته، جدّد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، التأكيد على أن الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وضمان وصول إنساني آمن من دون عوائق إلى المدنيين، يمثلان أولوية قصوى في ظل تفاقم الاحتياجات الإنسانية واتساع دائرة المعاناة في السودان.

ورحّب الشيخ عبد الله بن زايد بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن السودان، التي شدد فيها على أن الهدف العاجل لواشنطن يتمثل في وقف الأعمال العدائية مع دخول العام الجديد بما يسمح للمنظمات الإنسانية بإيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد.

الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي (وام)

وأثنى وزير الخارجية الإماراتي على ما تضمنته التصريحات الأميركية من تركيز على دفع مسار التهدئة الإنسانية والتخفيف من وطأة الأزمة، مؤكداً أن أي تقدم عملي يبدأ بوقف إطلاق النار على نحو عاجل، بما يوفر حماية للمدنيين ويؤسس لتهيئة بيئة سياسية أكثر قابلية للحل.

كما رأى أن تثبيت الهدنة الإنسانية وفتح الممرات أمام الإغاثة «يمهدان الطريق» لمسار سياسي يفضي إلى انتقال مدني مستقل يحقق تطلعات السودانيين إلى الأمن والاستقرار والسلام.

وفي هذا السياق، أكد الشيخ عبد الله بن زايد التزام دولة الإمارات بالعمل مع المجموعة الرباعية بقيادة الولايات المتحدة، ضمن جهود تستهدف دعم مسار سياسي مدني مستدام يضع مصلحة الشعب السوداني فوق كل اعتبار.

إدريس إلى نيويورك

من جهة ثانية، توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك، السبت، للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ووقف محتمل لإطلاق النار، وفق ما أفاد مصدران في الحكومة السودانية.

وتأتي هذه الزيارة في ظلّ احتدام المعارك بين الجيش السوداني و«قوّات الدعم السريع» في جنوب كردفان، ما يثير مخاوف من فظائع جديدة شبيهة بتلك التي ارتكبت في مدينة الفاشر في أواخر أكتوبر (تشرين الأول). وترافقت سيطرة «قوّات الدعم السريع» على آخر معقل للجيش في إقليم دارفور (غرب) مع تقارير عن عمليات قتل جماعي واغتصاب واختطاف.


مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
TT

مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)

رفع النائب العام المصري، محمد شوقي عياد، السبت، اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قوائم «منع السفر»، استجابةً لطلب قدمه محاميه في وقت سابق.

وبموجب قرار النائب العام الذي ستجري مخاطبة الجهات المختصة به، سيكون من حق علاء عبد الفتاح، الحاصل على الجنسية البريطانية بجانب جنسيته المصرية، القدرة على مغادرة البلاد بعد نحو 3 أشهر من الإفراج عنه بعفو رئاسي استجابة لمناشدات عدة قدمتها أسرته، ومخاطبة قدمها «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر.

وصدر حكم قضائي على علاء عبد الفتاح في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بالسجن 5 سنوات بتهمة «الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، ونشر وبث أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها».

وجاء الحكم بعد أكثر من عامين على توقيف الناشط، الذي أُلقي القبض عليه في سبتمبر (أيلول) 2019.

وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قررت رفع اسم علاء عبد الفتاح من «قوائم الإرهاب» في القضية رقم 1781 لسنة 2019 في يوليو (تموز) الماضي، مستندة إلى التحريات التي أفادت بـ«عدم استمراره في أي نشاط لصالح جماعة إرهابية»، وهو القرار الذي ترتّب عليه إنهاء جميع الآثار القانونية المترتبة على الإدراج، بما في ذلك المنع من السفر وتجميد الأموال وغيرهما من العقوبات.

وحصل علاء عبد الفتاح على الجنسية البريطانية خلال وجوده في السجن، بعدما تقدمت شقيقتاه بطلب للسلطات البريطانية على خلفية حصول والدته على الجنسية لولادتها هناك، وهو ما جعل موقفه القانوني محل نقاش مستمر بين المسؤولين المصريين ونظرائهم البريطانيين خلال السنوات الماضية.


مصر وروسيا… «شراكة استراتيجية» تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية

محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)
محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)
TT

مصر وروسيا… «شراكة استراتيجية» تحمل أبعاداً اقتصادية وسياسية

محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)
محادثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الخارجية الروسي في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)

استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، السبت، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي يزور القاهرة للمشاركة في منتدى الشراكة الروسي– الأفريقي، ما عدّه خبراء تفعيلاً لاتفاقية «الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي» الموقعة بين البلدين، ما يعزز تقارب المواقف بين القاهرة وموسكو بشأن عدد من القضايا الإقليمية.

ووقع الرئيس المصري ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2018 «اتفاقية بشأن الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي بين البلدين»، التي تشمل العلاقات التجارية والصناعية وتستمر لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد.

وأعرب الرئيس المصري خلال لقاء لافروف، السبت، عن «تقديره لمسار العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وموسكو، التي تشهد نمواً متواصلاً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية»، مشيراً إلى أهمية «مواصلة تعزيز التعاون المشترك، لا سيما ما يتعلق بمشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومشروع محطة الضبعة النووية، إلى جانب ملفات التعاون الاستراتيجي الأخرى بين البلدين»، بحسب بيان للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي.

وأعرب وزير الخارجية الروسي عن «تطلع بلاده لمواصلة العمل مع الجانب المصري للارتقاء بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين لآفاق أرحب، ومواصلة البناء على ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين من تفاهمات لتطوير العلاقات خلال زيارة السيسي لروسيا في مايو (أيار) الماضي»، وفق متحدث الرئاسة المصرية.

وتعمل مصر على إنشاء أول محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر الأبيض المتوسط على بعد نحو 289 كيلومتراً شمال غربي القاهرة، بتمويل وتكنولوجية روسيين.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شارك الرئيس المصري، ونظيره الروسي عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» في مراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بمحطة الضبعة النووية، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي.

وأكدت عضو مجلس الشيوخ المصري، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، الدكتورة نورهان الشيخ، «أهمية زيارة لافروف للقاهرة لا سيما أنها تأتي في إطار اللقاءات الدورية لتفعيل الشراكة الشاملة بين البلدين». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الطاقة تعد أبرز ملامح التعاون الروسي- المصري من خلال مشروع محطة الضبعة النووية».

وأشارت إلى «شراكة متميزة بين البلدين في مختلف المجالات، على رأسها الاقتصاد، الذي يشمل إنشاء المنطقة الصناعية الروسية بعدّها نقلة في العلاقات، إلى جانب التعاون في مجال الأمن والتكنولوجيا، والتعاون العسكري والأمني بين البلدين والتنسيق بينهما في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، والمناورات العسكرية المتكررة بين البلدين».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أثناء استقباله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في القاهرة السبت (الرئاسة المصرية)

وبحسب مراقبين، فإن مشروع «الضبعة» يعزز التقارب بين مصر وروسيا لسنوات مقبلة، وإن التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين يتطور بصورة سريعة وستكون المنطقة الصناعية الروسية محطة مهمة في هذا التعاون.

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد أكد في مؤتمر صحافي مشترك، الجمعة، مع لافروف، على أهمية «تسريع وتيرة التعاون في المنطقة الصناعية الروسية». وعدّ مشروع «الضبعة» «لحظة تاريخيّة تؤكد عمق العلاقات بين البلدين». بينما أوضح لافروف خلال المؤتمر أن حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا وصل العام الماضي إلى 9.3 مليار دولار بزيادة 31 في المائة مقارنة بعام 2023.

وأشار متحدث الرئاسة المصرية، السبت، إلى أن لقاء الرئيس السيسي ووزير الخارجية الروسي تناول عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الأوضاع في قطاع غزة والسودان وليبيا، حيث «جرى التأكيد على ضرورة وقف الحرب في غزة، وتثبيت وقف إطلاق النار، ومنع التصعيد في المنطقة، مع الحفاظ على سيادة الدول وسلامة أراضيها ومقدرات شعوبها».

وفي هذا الإطار «ثمن وزير الخارجية الروسي التنسيق والتشاور السياسي القائم بين القاهرة وموسكو»، مؤكداً أهمية تكثيف هذا التشاور بشأن القضايا محل الاهتمام المشترك، وفق متحدث الرئاسة.

وعلى صعيد الأزمة الروسية - الأوكرانية، أكد السيسي «دعم مصر لكل الجهود الرامية لإنهاء الأزمة عبر الحلول السياسية»، لافتاً إلى «استعداد القاهرة لتقديم كل الدعم اللازم للجهود الدولية في هذا الإطار».

وأوضحت عضو مجلس الشيوخ المصري أن «موقف روسيا قريب من الموقف المصري في كثير من القضايا، ويقترب من التطابق بالنسبة لغزة»، مشيرة إلى أن «الأزمة الأوكرانية لها درجة من الخصوصية، فالتوازن المصري في العلاقات الخارجية أتاح للقاهرة لعب دور وساطة في الإطار العربي والأفريقي، لكن تعقيدات الأزمة لم تسمح لأي جهود وساطة بالنجاح».

وكان لافروف قد أشار في المؤتمر الصحافي مع نظيره المصري، الجمعة، إلى «الاتفاق على توسيع التنسيق السياسي بين مصر وروسيا في المحافل الدولية وفي إطار الحوارات بين روسيا والدول العربية».