مصر تؤكد اقترابها من «خط الشح المائي»

وزير الري المصري على هامش مشاركته في «الأسبوع العالمي للمياه باستكهولم» (مجلس الوزراء المصري)
وزير الري المصري على هامش مشاركته في «الأسبوع العالمي للمياه باستكهولم» (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تؤكد اقترابها من «خط الشح المائي»

وزير الري المصري على هامش مشاركته في «الأسبوع العالمي للمياه باستكهولم» (مجلس الوزراء المصري)
وزير الري المصري على هامش مشاركته في «الأسبوع العالمي للمياه باستكهولم» (مجلس الوزراء المصري)

تحدث وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، عن التحديات التي تواجه مصر في «مجال المياه نتيجة (محدودية) مواردها المائية».

وقال سويلم (الثلاثاء) إن «مصر تقترب من (خط الشح المائي) بنصيب يقترب من 500 متر مكعب للفرد سنوياً، وهو ما يستلزم اتخاذ إجراءات عديدة لتحقيق (مبادئ الحوكمة في الإدارة) للتعامل مع هذه التحديات». وأوضح سويلم أنه «جرى إصدار قانون الموارد المائية والري الجديد ولائحته التنفيذية، والذي يتضمن عدداً من البنود لتشكيل روابط مستخدمي المياه وتفعيل دورها لتحقيق المزيد من المشاركة المجتمعية في (إدارة المياه)، كما يهدف القانون لتعزيز وتسهيل التواصل بين روابط المنتفعين على الترع الفرعية والمساقي الخاصة والأجهزة التنفيذية بالوزارة وغيرها من الوزارات والجهات المعنية». جاءت تصريحات الوزير المصري على هامش مشاركته في «الأسبوع العالمي للمياه باستكهولم».

يأتي هذا في وقت تترقب فيه الأوساط المصرية جولة المفاوضات الجديدة لـ«سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا. وتخشى القاهرة والخرطوم من تأثيره على حصصهما من المياه. وتتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا منذ عام 2011 من أجل إبرام اتفاق «قانوني مُلزم»، لكن جولات ماراثونية من التفاوض، ومحاولات الوساطة الإقليمية والدولية «لم تثمر اتفاقاً حتى الآن». وكان آخر هذه الجولات منذ أكثر من عامين في العاصمة الكونغولية كينشاسا، أبريل (نيسان) 2021، و«لم تفضِ إلى شيء».

وخلال جلسة «متابعة نتائج مؤتمر الأمم المتحدة المعنيّ بالمياه» (الثلاثاء) أشار وزير الري المصري للدور البارز للمجتمعات المحلية بمصر في توفير حلول معتمدة على الطبيعة للتعامل مع التحديات التي تواجه قطاع المياه والمناطق الساحلية، مشيراً لما تحقق في مشروع «تعزيز التكيف مع آثار التغيرات المناخية على السواحل الشمالية ودلتا نهر النيل» بإجمالي أطوال تصل إلى نحو 69 كم في 5 محافظات ساحلية، حيث يتميز هذا المشروع بـ«تنفيذ تجارب رائدة في استخدام تقنيات قليلة التكلفة ومواد صديقة للبيئة من البيئة المحيطة بمنطقة المشروع في أعمال الحماية من خلال إنشاء عدد من الجسور الشاطئية لحماية المناطق المنخفضة».

جانب من جلسة «متابعة نتائج مؤتمر الأمم المتحدة المعنيّ بالمياه» (مجلس الوزراء المصري)

وأكد الوزير سويلم «أهمية الترابط بين المياه والطاقة والغذاء لتحقيق الأمن الغذائي ومواجهة التحديات الكثيرة التي تواجه قطاعي المياه والغذاء في مصر والعالم، مع تعزيز التعاون بين الدول تحت مظلة (الترابط بين المياه والطاقة والغذاء)»، موضحاً أن «المستقبل سيشهد التوسع في استخدام تحلية المياه في إنتاج الغذاء لمواجهة الزيادة السكانية، بشرط استخدام وحدة المياه بالشكل الأمثل الذي يحقق الجدوى الاقتصادية، مع أهمية التوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة والطاقة المتجددة في التحلية، ما سيسهم في تقليل التكلفة».

وجدير بالذكر أنه في الثالث عشر من يوليو (تموز) الماضي، اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على إجراء «مفاوضات عاجلة» بشأن «سد النهضة» خلال 4 أشهر، من أجل «صياغة اتفاق حول ملء وتشغيل السد».


مقالات ذات صلة

القاهرة تضغط للحل في لبنان عبر زيارة مدبولي

تحليل إخباري الرئيس اللبناني جوزف عون خلال استقبال مصطفى مدبولي في بيروت الجمعة (مجلس الوزراء المصري)

القاهرة تضغط للحل في لبنان عبر زيارة مدبولي

أكد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى لبنان هدفها اقتصادي، لكنها تحمل هدفاً استراتيجياً وسياسياً يتعلق بدعم لبنان.

هشام المياني (القاهرة )
تحليل إخباري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان بالقاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري هل تلجأ مصر إلى الخيار العسكري لدعم «وحدة السودان»؟

تمثلت المحددات المصرية للخطوط الحمراء في «الحفاظ على وحدة السودان، وعدم العبث بمقدرات الشعب السوداني، والحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية».

أحمد جمال (القاهرة )
تحليل إخباري محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية) play-circle

تحليل إخباري ماذا تعني الخطوط الحمراء المصرية لحرب السودان؟

أصدرت الرئاسة المصرية عقب زيارة البرهان للقاهرة بياناً تضمن خطوطاً حمراء للحرب في السودان، تنطلق من وحدة السودان ومؤسساته، ولوّحت بالدفاع المشترك لدعمه.

وجدان طلحة (بورتسودان)
تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره المصري على هامش اجتماع الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري ترمب يعطي إشارة تعزز فرص زيارة السيسي للولايات المتحدة

رحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب باستقبال نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في الولايات المتحدة

محمد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري خلال استقبال نظيره الروسي في القاهرة الجمعة (الخارجية المصرية)

توافق مصري - روسي على «توسيع التنسيق السياسي» في القضايا الإقليمية والدولية

لافروف أعرب عن تقدير بلاده لاستضافة مصر لـ«المنتدى الوزاري الثاني للشراكة الأفريقية - الروسية».

فتحية الدخاخني (القاهرة )

تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
TT

تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)
جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

اتَّهمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) الممثلة الخاصة للأمين العام أنطونيو غوتيريش، هانا تيتيه، أصحابَ المصلحة السياسيين الرئيسيين في هذا البلد بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية.

وأشارت تيتيه خلال تقديم إحاطتها، أمس، أمام أعضاء مجلس الأمن، إلى أنَّ الجهود مع الجهات الليبية المعنية بخصوص تنفيذ «خريطة الطريق» تمثل «تحدياً كبيراً»، لا سيما لجهة إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات، والنظر في التعديلات المقترحة على الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات. كما أكدت أنَّ الجهود المتواصلة مع لجنتَي المناصب السيادية في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة «لم تُفضِ حتى الآن إلى إعادة تشكيل الهيئة الوطنية العليا للانتخابات». ورأت تيتيه أنَّ «التأخيرات دليل على انعدام الثقة بين المؤسستين».


سودانيون يحيون ذكرى 19 ديسمبر ويطالبون بوقف الحرب

حشود قادمة من مدينة عطبرة للاحتفال بذكرى الثورة مع نظرائهم في الخرطوم ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
حشود قادمة من مدينة عطبرة للاحتفال بذكرى الثورة مع نظرائهم في الخرطوم ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
TT

سودانيون يحيون ذكرى 19 ديسمبر ويطالبون بوقف الحرب

حشود قادمة من مدينة عطبرة للاحتفال بذكرى الثورة مع نظرائهم في الخرطوم ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
حشود قادمة من مدينة عطبرة للاحتفال بذكرى الثورة مع نظرائهم في الخرطوم ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

أحيا مدنيون سودانيون ذكرى ثورة ديسمبر (كانون الأول) التي أسقطت نظام التيار الإسلامي، بوقفات احتجاجية في عدد من مدن البلاد، وإسفيرية (عبر الفضاء الإلكتروني/ الإنترنت)، طالبوا خلالها بوقف الحرب وعودة الحكم المدني، وفي غضون ذلك، أعلنت «قوات الدعم السريع» إكمال سيطرتها على بلدة «برنو» القريبة من مدينة «كادوقلي» عاصمة ولاية جنوب كردفان، وعززت انتشارها في المنطقة التي كان الجيش قد استعاد سيطرته عليها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وقالت «الدعم السريع»، في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط»، إن قواتها بعد معارك شرسة، حققت الجمعة، انتصارات ميدانية مهمة، في بلدة «برنو» التابعة لمحلية الريف الشمالي الشرقي بولاية جنوب كردفان. وأوضحت أن الجيش هاجم مواقعها القريبة من بلدة «برنو» بالمدفعية الثقيلة والمدرعات، فتصدت له قواتها المرابطة قريباً من البلدة، وألحقت به هزيمة كبيرة، وكبدته خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، ثم تقدمت وبسطت سيطرتها الكاملة على المنطقة ودخلت وسط «برنو»، وارتكزت في محيطها، معززة انتشارها وتأمين مواقعها الحيوية.

وتقع منطقة «برنو» بولاية جنوب كردفان السودانية، وهي منطقة زراعية مهمة تبعد عن عاصمة الولاية بنحو 30 كيلومتراً، وكان الجيش قد سيطر على البلدة بعد اشتباكات عنيفة مع «قوات الدعم السريع» وحليفته الحركة الشعبية - الشمال، 17 نوفمبر الماضي.

حصار مدن كردفان

وتحاصر «قوات الدعم السريع» وحليفتها الحركة الشعبية لتحرير السودان تيار عبد العزيز الحلو، معظم مدن ولاية جنوب كردفان المهمة، بما فيها العاصمة «كادوقلي» والمدينة الثانية في الولاية «الدلنج»، فيما تسيطر الحركة الشعبية على منطقة «كاودا» جنوب شرقي العاصمة كادوقلي، وتبعد عنها بنحو 96 كيلومتراً في جهة الجنوب الشرقي.

ومنذ استيلاء «قوات الدعم السريع» على الفرقة 22 بابنوسة (ولاية غرب كردفان)، كثفت «قوات الدعم السريع» حصارها على ولاية جنوب كردفان، ودأبت على قصف مدنها الرئيسية المحاصرة، بالمدفعية الثقيلة والمسيّرات، خاصة مدينتي كادوقلي والدلنج، ويرد الجيش هو الآخر بقصف مدفعي وقصف المسيّرات على تمركزات «قوات الدعم السريع».

وخلال هذا الأسبوع، واصلت «قوات الدعم السريع» شن هجمات بالطائرات المسيّرة الانتحارية والقتالية، على عدة مدن وبلدات في ولايتي شمال وجنوب كردفان، خاصة مدن كادوقلي والدلنج والأبيض، لقي خلالها العشرات مصرعهم، من بينهم 6 من جنود قوات الأمم المتحدة في بعثة حفظ السلام «يونيسفا». وقصفت مسيّرات «الدعم السريع»، الخميس، مدينة «عطبرة» بشمال السودان، بأعداد كبيرة من المسيّرات الانتحارية، أودت بحياة خمسة أشخاص على الأقل، واستهدفت محطة الكهرباء بالمدينة، ما أدى لانقطاع التيار من عدد من ولايات البلاد.

ذكرى 19 ديسمبر

وفي وقت تضيق فيه الحرب المجال العام، أحيا ناشطون سودانيون ذكرى انطلاق ثورة ديسمبر، بدعوات لمواكب ووقفات احتجاجية، و«تظاهرات إسفيرية» على منصات التواصل، جددوا خلالها دعوتهم لوقف الحرب واستعادة الحكم المدني الديمقراطي. وعلى الأرض، تداول ناشطون وتنسيقيات مرتبطة بـ«لجان المقاومة» منشورات تعبئة وتوثيق رمزي للذكرى.

بوستر نشر على موقع «فيسبوك» احتفالاً بذكرى ثورة 19 ديسمبر

وفي مدينة أم درمان، فرقت الشرطة بالغاز المسيل للدموع مئات الشباب الذين تجمعوا في بعض ميادين المدينة، وهتفوا بشعارات ديسمبر «حرية وسلام وعدالة»، و«العسكر للثكنات والجنجويد ينحل»، وطالبوا بوقف الحرب وعودة الحكم المدني.

وقال شاهد تحدث لـ«الشرق الأوسط»، إن العشرات من لجان المقاومة تجمعوا في «ميدان الخليفة» بوسط أم درمان، وهتفوا بشعار الثورة «سلمية... سلمية... حرية وسلام وعدالة... الثورة خيار الشعب»، وطالبوا بوقف الحرب وعودة الحكم المدني، وإن الشرطة تصدت لهم بالغاز المسيل للدموع والهراوات، فيما طاردت الشرطة مجموعات أخرى بساحة «الأزهري» قرب جسر شمبات.

تظاهرات في بورتسودان

وفي بورتسودان خرج العشرات من المحتجين ورفعوا لافتات طالبوا فيها بوقف الحرب، فيما ألقت الشرطة القبض على عدد من المحتجين في ولاية القضارف طالبوا بوقف الحرب. وبالتوازي مع ذلك، حضرت الذكرى على الإنترنت، وروجت مجموعات وصفحات متعددة لـ«تظاهرة إسفيرية»، وسط دعوات للنشر بالوسوم والشعارات، تؤكد أن الحرب استهدفت مكتسبات الثورة، واعتبرت إحياء ذكراها، تجديداً للتمسك بخيار الدولة المدنية وعودة العسكر للثكنات.

واعتبرت الاحتجاجات تحدياً لحملات القمع والتخوين التي يشنها أنصار النظام السابق والإسلاميون، وقال نشطاء لـ«الشرق الأوسط»، إن الوقفات الاحتجاجية المحدودة التي خرجت في بعض أنحاء البلاد، تعتبر تحدياً مباشراً لمناخ القمع والترهيب الذي يستهدف الرافضين للحرب والأصوات المدنية، وحملات التخوين والتنمر، والاتهامات بالتعاون مع «قوات الدعم السريع».

ويوافق يوم 19 ديسمبر تاريخ انطلاق موجة احتجاجات ديسمبر التي بدأت في 19 ديسمبر 2018 بمدينة عطبرة باحتجاجات طلابية على الغلاء وارتفاع أسعار الخبز، ثم تحولت لثورة شاملة في أنحاء البلاد كافة، انتهت بسقوط نظام عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019، وأصبحت بعد انقلاب أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ذكرى سنوية تستحضر مطالب السودانيين: «حرية، وسلام، وعدالة، الثورة خيار الشعب».


القاهرة تضغط للحل في لبنان عبر زيارة مدبولي

الرئيس اللبناني جوزف عون خلال استقبال مصطفى مدبولي في بيروت الجمعة (مجلس الوزراء المصري)
الرئيس اللبناني جوزف عون خلال استقبال مصطفى مدبولي في بيروت الجمعة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القاهرة تضغط للحل في لبنان عبر زيارة مدبولي

الرئيس اللبناني جوزف عون خلال استقبال مصطفى مدبولي في بيروت الجمعة (مجلس الوزراء المصري)
الرئيس اللبناني جوزف عون خلال استقبال مصطفى مدبولي في بيروت الجمعة (مجلس الوزراء المصري)

أكد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيارة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى لبنان هدفها اقتصادي؛ لكنها تحمل في جعبتها هدفاً استراتيجياً وسياسياً يتعلق بدعم لبنان ورسالة بأن مصر شريك وحليف استراتيجي له، كما تؤكد وقوف القاهرة معه لحين حل كل أزماته، فضلاً عن أن الرؤية المصرية تنطلق من أن تعاون الجميع في حل الأزمات الاقتصادية، بالقطع سينعكس على القضايا الأخرى، ويخلق أجواء إيجابية تسمح بتقريب وجهات النظر حولها».

وشدد المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، على أن «هناك تكليفات رئاسية واضحة للأجهزة المصرية والحكومة بتقديم كل سبل الدعم للأشقاء في لبنان، وتقديم الاستشارات اللازمة في كل الملفات، وهذا ينطلق من جهود القاهرة خلال الفترة الماضية، للعمل على حلحلة كل القضايا الساخنة في محيطها العربي وبمنطقة الشرق الأوسط، الذي يخلق ذرائع تدفع إلى تدخلات واعتداءات من جانب إسرائيل على وجه الخصوص، وبدعم من أميركا».

ونوه بأن «مصر في الملف اللبناني تحديداً تتمتع بقبول جميع الأطراف، وهو ما يعطيها ميزة للتحرك بقوة من أجل تحقيق الحلول التي تمنع تفجر الأوضاع، وهناك مؤشرات إيجابية ظهرت في كل المناقشات المصرية - اللبنانية على إمكانية تحقيق تقدم كبير في سياق الحل خلال الفترة المقبلة».

المصدر المصري شدد كذلك على أن القاهرة حريصة على أن «يكون الحل في لبنان نابعاً من توافق اللبنانيين أنفسهم، وبدعم مصري وعربي دون ضغوط أو تدخلات أطراف أخرى لها أغراض معروفة بالمنطقة».

وخلال اجتماعات عديدة عقدتها القاهرة على مستويات مختلفة مع مسؤولين لبنانيين منذ أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، طرحت القاهرة ما يُعرف بـ«المبادرة المصرية» لحل الأزمة اللبنانية - الإسرائيلية، وتهدف إلى تسوية شاملة للأزمة وتثبيت وقف إطلاق النار، مع انسحاب القوات الإسرائيلية من 5 نقاط في جنوب لبنان، وفق بيانات رسمية سابقة.

وقال مدبولي في تصريحات إعلامية عقب لقائه رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، في بيروت، الجمعة، إن «الرئيس عبد الفتاح السيسي كلفه بالتوجه إلى لبنان، حاملاً رسالة تؤكد دعم مصر الكامل لشقيقتها دولة لبنان في مختلف المجالات الممكنة، في ظل المرحلة الدقيقة التي تمر بها». وأوضح أنه «حرص خلال اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين اللبنانيين على نقل موقف الرئيس السيسي الداعم سياسياً ولوجيستياً واقتصادياً، والتأكيد على استعداد مصر لتلبية كل ما يطلبه الأشقاء اللبنانيون خلال هذه المرحلة».

مدبولي أكد أن هناك توجيهاً من الرئيس المصري بدعم لبنان سياسياً واقتصادياً (مجلس الوزراء المصري)

وأشار مدبولي إلى أنه في ضوء توقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان، جرى استعراض خطط واضحة لإعادة إعمار جنوب لبنان، مؤكداً «استعداد مصر للمشاركة عبر شركاتها الوطنية لتقديم الدعم والخبرات الفنية واللوجيستية؛ سواء بشكل منفرد أو بالشراكة مع الشركات اللبنانية، وأن مصر تقف بجانب لبنان بشكل كامل، وتحرص على أمنه واستقراره وسلامة أراضيه، وتدعم مؤسسات الدولة اللبنانية لبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، ووقف أي ممارسات عدوانية تهدد أمن واستقرار البلاد».

وزير خارجية لبنان سابقاً، عدنان منصور قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر لما لها من ثقلها العربي والعالمي وتقدير الجميع لها سواء في لبنان أو خارجه، فإن جهودها حالياً للعمل على حلحلة الأزمة اللبنانية المتعلقة بسلاح (حزب الله) والذرائع التي تستغلها إسرائيل للعدوان على لبنان، هي جهود مقدرة من الجميع، وتوشك على تحقيق تقدم كبير في هذا الأمر وفق ما يرشح من معلومات في الداخل اللبناني».

فيما يرى الخبير في الشؤون اللبنانية، فتحي محمود، أن «الدور المصري في لبنان يكتسب أهميته من أنه يحظى بقبول كل الأطراف اللبنانية، ويحظى أيضاً بقبول الأطراف الإقليمية والدولية، وبدأت مصر تكثيف دورها في لبنان بزيارة رئيس المخابرات العامة، حسن رشاد، إلى بيروت يوم 28 أكتوبر الماضي، عقب زيارة قام بها إلى إسرائيل، والتقى خلالها رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو».

وخلال زيارته إلى بيروت، طرح رشاد مجموعة من المقترحات والأفكار التي يمكن أن تشكل مبادرة إذا وافقت عليها كل الأطراف؛ منها «التفاهم على هدنة تمتد لأكثر من 3 أشهر، وإيجاد صيغة سياسية - أمنية برعاية دولية لمشكلة سلاح (حزب الله) شمال الليطاني، وإجراء ترسيم للحدود عبر لجنة (الميكانيزم) التي تراقب وقف إطلاق النار»، وقد استجاب لبنان لأحد المقترحات المصرية بتعيين شخصية دبلوماسية ممثلاً له في اللجنة؛ وهو السفير سيمون كرم، وفقاً لمحمود.

وأوضح محمود، وهو عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة التي واجهت هذا الدور، هي التعنت الإسرائيلي واستمرار الاعتداءات، وربط الوضع اللبناني بالملف الإيراني، وهو أمر يؤدى لإطالة أمد النزاع، ومن ثم جاءت زيارة رئيس الوزراء المصري إلى بيروت في إطار دعم التعاون الثنائي اقتصادياً لمحاولة إخراج لبنان من أزمته الاقتصادية، والتأكيد للجميع أن مصر لها مصالح مشتركة مع لبنان، مما يدفع جهود حل الأزمة قدماً».

مدبولي خلال لقاء مع رجال الاقتصاد والاستثمار في بيروت (مجلس الوزراء المصري)

أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية، ليلى نقولا، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر حالياً لما لها من علاقات طيبة تتمتع بثقة جميع اللبنانيين، وكذلك بالأطراف المتشابكة مع لبنان، فهي بما حققته من زخم بنجاحها في تحقيق اتفاق السلام بغزة، تعمل حالياً على قيادة وتزعّم جهد عربي لحل الأزمة في لبنان، لأنها ترى أن أمن لبنان مرتبط بالوضع في فلسطين وغزة الذي يؤثر بالقطع على الأمن المصري».

وأشارت إلى أن «مصر قدمت أفكاراً تتعلق بنزع السلاح على مراحل، وفيما بعد يتم نزع كامل للسلاح في جنوب الليطاني، ويكون حصراً في يد الدولة والمراقبين الدوليين، بينما في شمال الليطاني يكون هناك جهود لتجميد أو ضبط السلاح، وبذلك حفظ ماء وجه (حزب الله) بأن السلاح لم ينزع منه بالقوة، بمعنى أن يكون نزع السلاح برضا الجميع، ومقابل ذلك تنسحب إسرائيل ويستعاد الأسرى، وأن تشارك الدول الخليجية والمانحة في إعادة إعمار المناطق المتضررة، بالإضافة إلى ترسيم الحدود بشكل كامل بين إسرائيل ولبنان لينتفي الاحتلال الذي يتم التذرع به للاحتفاظ بالسلاح».

وشددت نقولا على أنه «لا يمكن القول كما يتردد، إن مصر تنقل رسائل من أميركا وإسرائيل، فأميركا على وجه الخصوص ليست في حاجة لنقل رسائل عبر وسطاء، فهي لها مبعوثوها وممثلوها التي تنقل عبرهم مباشرة ما تريد، ولكن الجانب المصري له علاقات قوية بكل الأطراف ووزن كبير أيضاً، وبالتالي يستخدم ذلك في محاولة التوصل إلى صيغة تقرب وجهات النظر وتنتهي بالحل، كما تم التوصل إلى الاتفاق بالطريقة نفسها في غزة».