لماذا ترى جماهير مصرية انتقال اللاعبين بين الأهلي والزمالك «خيانة»؟

«زيزو» الحلقة الأحدث بين القطبين… و«حجازي» أقدمها

لاعب الزمالك المصري «زيزو» وأنباء عن انتقاله إلى النادي الأهلي (حسابه على فيسبوك)
لاعب الزمالك المصري «زيزو» وأنباء عن انتقاله إلى النادي الأهلي (حسابه على فيسبوك)
TT

لماذا ترى جماهير مصرية انتقال اللاعبين بين الأهلي والزمالك «خيانة»؟

لاعب الزمالك المصري «زيزو» وأنباء عن انتقاله إلى النادي الأهلي (حسابه على فيسبوك)
لاعب الزمالك المصري «زيزو» وأنباء عن انتقاله إلى النادي الأهلي (حسابه على فيسبوك)

في ساحة كرة القدم المصرية، لا تقتصر المنافسة بين الأهلي والزمالك على البطولات، بل تتعدى ذلك لاستقطاب اللاعبين المميزين في صفوفهما لارتداء قميص الغريم؛ ما يجعلها «مسألة حساسة»، وأحياناً تُعدّ «خيانة»، وفق تصوّر بعض الجماهير، عقاباً لمن يتجرأ ويعبر الخط الفاصل بين القطبين.

وهو الاتهام الذي يلاحق حالياً لاعب الزمالك المصري، أحمد السيد (زيزو)، بعد أنباء عن انتقاله إلى الأهلي، الذي تُرجم في مشهد غاضب تضمن إسقاط صورته من ملعب نادي الزمالك، في ظل مؤشرات تشير إلى توقيعه فعلياً عقود انتقاله إلى الأحمر.

وعلى مدار عقود، تبقى بعض الانتقالات محفورة في ذاكرة الجماهير، ليس لقيمتها الفنية فحسب، بل لما أثارته من عواصف وغضب عارم، فالمشجعون يرون أن اللعب للمنافس يمثل تجاوزاً غير مقبول، وإهداراً لقيمة «الانتماء»، بعد سنوات من العشق والتشجيع.

أولى صفقات الانتقالات بين الغريمين كان بطلها حسين حجازي، مع انتقاله من الأحمر إلى الأبيض عام 1923، والمفارقة أن اللاعب عاد مرة أخرى إلى الأهلي عام 1928، وقضى موسمين، قبل أن يعود مجدداً إلى الزمالك، ليلعب بين صفوفه حتى اعتزاله عام 1931.

التوأم حسام وإبراهيم حسن أثار انتقالهما من الأهلي إلى الزمالك زلزالاً في المدرجات الحمراء (حساب حسام حسن على إكس)

ثم كانت تجارب عبد الكريم صقر، وزكي عثمان، ويكن حسين وألدو. وبعد عقود، كان انتقال التوأم حسام وإبراهيم حسن من الأهلي إلى الزمالك في مطلع الألفية الجديدة بمثابة الشرارة الأقوى في تاريخ هذه «الخيانات»، حيث كان حسام، الهداف التاريخي للأهلي وقائده المحبوب، وأحدث انتقاله المفاجئ واللعب بالقميص الأبيض زلزالاً في المدرجات الحمراء، ولا يزال حتى اليوم يُنظر إليه بصفته «خائناً» من قِبل قطاع من عشاق الأهلي.

مثّل انتقال رضا عبد العال من الزمالك إلى الأهلي في حقبة التسعينات قصة أخرى من قصص «الخيانة» بنكهة مختلفة، كان عبد العال يمتلك موهبة فذة عشقته جماهير الزمالك، لكن قراره بالانضمام إلى الغريم التقليدي قوبل بغضب واستنكار شديدين.

لم تقتصر «الخيانات» على هؤلاء النجوم البارزين، بل شهدت السنوات اللاحقة والسابقة انتقالات أخرى أقل ضجيجاً، لكنها تركت بصمتها في ذاكرة الجماهير.

وتضم قائمة اللاعبين الذين لعبوا في صفوف الأهلي ثم انتقلوا إلى الزمالك: جمال عبد الحميد، وزكريا ناصف، وأيمن شوقي، ومحمد عبد الجليل، وأحمد فيليكس، وإبراهيم سعيد، وشريف أشرف، وهاني سعيد، وحسن مصطفى، وحسين ياسر المحمدي، وعصام الحضري، وأحمد حسن، وعبد الله السعيد، وأحمد حمدي وناصر ماهر.

في المقابل، من أبرز اللاعبين الذين لعبوا للأبيض ثم انتقلوا إلى الأحمر: مجدي طلبة، وإسلام الشاطر، ونادر السيد، وطارق السعيد، ومحمد صديق، ومعتز إينو، وهاني العجيزي، وصبري رحيل، ومؤمن زكريا، ومحمود كهربا، وإمام عاشور وأشرف بن شرقي.

رئيس الاتحاد المصري للثقافة الرياضية، أشرف محمود، قال إن ما تراه بعض الجماهير «خيانة»، بانتقال اللاعبين بين الأهلي والزمالك «يعكس حالة تعصب متأصلة في الرياضة المصرية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الحساسية المفرطة تجاه انتقالات اللاعبين تتعارض مع منطق الاحتراف السائد في عالم كرة القدم، الذي لا يعترف بالعواطف؛ فاللاعب يقدم خدماته للنادي الذي يقدم عقداً يرضيه مادياً، وهنا لا يجب أن يغضب الجمهور، بل يجب أن يعي أن النادي أكبر من أي لاعب».

ويرى محمود أن الإعلام الرياضي «غير المحايد» ووسائل التواصل الاجتماعي ساهما بشكل كبير في تضخيم هذه المشاعر، والتعبير عنها أصبح متاحاً للجميع عبر قنواتهم ومنشوراتهم الخاصة، فأي شخص يستطيع أن يصف لاعباً بالخيانة ويجد من يتبعه ويؤيده في هذا الرأي؛ ما يخلق حالة من الشحن السلبي للجمهور.

بدوره، قال الناقد الرياضي المصري، محمد البرمي، إن مظاهر الحساسية بين الناديين زادت خلال السنوات التالية لانتقال التوأم حسام وإبراهيم حسن من الأهلي للزمالك، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الأمر شكّل صدمة، ثم كانت محاولة انتقال عبد الله السعيد من الأهلي للزمالك عام 2018 – وإن لم تتم وقتها - بمثابة ضربة قوية لمجلس إدارة الأهلي، ومن وقتها تحولت فكرة جذب الصفقات بين الناديين هدفاً، خصوصاً لو كان هؤلاء اللاعبون نجوماً».

لاعب الزمالك المصري «زيزو» يحيي الجمهور في أحد اللقاءات (حسابه على فيسبوك)

ويتوقع الناقد أن يواجه «زيزو» في حالة إتمام انتقاله إلى الأهلي موجة عنيفة من الانتقاد، وهي ظاهرة جماهيرية لا يمكن السيطرة عليها، وتحدث في كل ملاعب العالم، لكن ما لا يمكن القبول به هو أن تصدر هذه التصرفات من شخصيات مسؤولة، كإسقاط صورة «زيزو» من ملعب الزمالك.

على الرغم من أن ظاهرة انتقال اللاعبين بين الأهلي والزمالك أصبحت أمراً معتاداً في كرة القدم، فإن السنوات الأخيرة شهدت تصاعداً ملحوظاً لهذه الظاهرة في «ألعاب الصالات» أيضاً. وهو ما تشير إليه الناقدة الرياضية المصرية، هبة الله محمد، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «جاء انتقال لاعب كرة اليد مصطفى مكاوي (كيجو) من الزمالك إلى الأهلي عام 2023 ليثير ضجة واسعة. وبالمثل، أثار دعم الزمالك فريق سيدات الكرة الطائرة عام 2022 بضم رباعي الأهلي البارز فريدة العسقلاني، ومريم متولي، ومايا ممدوح ودانا شوقي، ولاحقاً مريم مصطفي، ومن بعدهن قائدة الأهلي السابقة، شروق فؤاد، موجة غضب مماثلة من الجماهير الحمراء».

هذا الشعور العميق بالرفض – بحسب الناقدة - يتجلى بوضوح في تعليقات الجمهور الغاضبة ورسائلهم الحادة على صور وأخبار اللاعبين واللاعبات عبر منصات التواصل الاجتماعي. في المقابل، وجهة نظر اللاعبين تختلف جذرياً، حيث يرون أن هذه الانتقالات تأتي في إطار الاحتراف، وخوض تجربة جديدة، وبعرض مادي أفضل، بمعزل عن الانتماء العاطفي ومفهوم «الخيانة» الذي تتبناه الجماهير.

من جانب آخر، قال الدكتور وائل الرفاعي، أستاذ علم النفس الرياضي بكلية علوم الرياضة بجامعة حلوان، المعد النفسي للمنتخبات الوطنية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الغضب المحيط بمسالة انتقال اللاعبين بين الأندية الكبرى، حولت الرياضة من قيمها الإيجابية إلى ساحة صراع نفسي».

عبد الله السعيد أحد اللاعبين الذين لعبوا للغريمين الأهلي والزمالك

ويوضح أن «الرياضة في جوهرها تهدف إلى الاستمتاع، وتعزيز الثقة بالنفس، والقدرة على التحدي، لكن التنافس الشديد بين أندية القمة، خصوصاً الغريمين التقليديين الأهلي والزمالك، حوّل هذا المفهوم (صراعاً نفسياً) بدلاً من التنافس الشريف، وهذا التحول جعل المنافس يُنظر إليه بصفته (خصماً)، واللاعب الذي ينتقل إليه يُعدُّ (خائناً)؛ لأنه (يتعاون مع عدو). هذا المنطق الخاطئ يُحول القيمة الإيجابية للتنافس صراعاً سلبياً، يقلل من التحكم في الانفعالات لدى الجماهير المتعصبة».

ولفت أستاذ علم النفس الرياضي إلى أن الإعلام غير الواعي، والثقافة المجتمعية السائدة، والحماس المفرط، كلها عوامل ساهمت في تكوين ثقافة سلبية تجاه المنافسين، وهذا يفسر لماذا يرى الجمهور المتعصب فريقه دائماً على صواب والآخر على خطأ.


مقالات ذات صلة

غوارديولا: لا يمكنني تدريب 24 لاعباً... إذا أصروا سأرحل

رياضة عالمية غوارديولا: ربما أرحل عن مانشستر سيتي (رويترز)

غوارديولا: لا يمكنني تدريب 24 لاعباً... إذا أصروا سأرحل

ألمح جوسيب غوارديولا، المدير الفني لفريق مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم، إلى أنه قد يرحل عن تدريب الفريق إذا حصل على تشكيلة كبيرة الموسم المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية بيلينغهام (رويترز)

ريال مدريد يخطط لإجراء جراحة لبلينغهام بعد مونديال الأندية

يُخطّط نادي ريال مدريد لإجراء عملية جراحية في الكتف للاعبه الإنجليزي الشاب جود بلينغهام، وذلك عقب مشاركته في كأس العالم للأندية 2025.

The Athletic (مدريد)
رياضة عالمية قررت محكمة في الأرجنتين تعليق محاكمة الفريق الطبي المسؤول عن رعاية مارادونا (أ.ف.ب)

تعليق محاكمة الطاقم الطبي في قضية وفاة مارادونا أسبوعاً

علّقت المحكمة الأرجنتينية التي تُحاكم الفريق الطبي لأسطورة كرة القدم الراحل دييغو مارادونا في قضية وفاته، الثلاثاء، جلسات المحاكمة لمدة أسبوع.

«الشرق الأوسط» (بوينوس ايرس)
رياضة عربية صورة لفديو تم تداوله للحادثة في مباراة البرج (منصة إكس)

الدوري اللبناني: طعن لاعب بسكين!

تعرض أحد اللاعبين لطعنة سكين في مباراة في الدوري اللبناني «سداسية الأواخر».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
رياضة عالمية عمر مرموش أحرز هدفا رائعا وقاد سيتي للفوز (إ.ب.أ)

«البريمرليغ": مرموش يحرز هدفاً «مذهلا"... وسيتي يضع قدماً في الأبطال

سجل المهاجم المصري عمر مرموش هدفا في غاية الروعة، ليمهد طريق الفوز لفريقه مانشستر سيتي على ضيفه بورنموث 3-1.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

الدوري اللبناني: طعن لاعب بسكين!

صورة لفديو تم تداوله للحادثة في مباراة البرج (منصة إكس)
صورة لفديو تم تداوله للحادثة في مباراة البرج (منصة إكس)
TT

الدوري اللبناني: طعن لاعب بسكين!

صورة لفديو تم تداوله للحادثة في مباراة البرج (منصة إكس)
صورة لفديو تم تداوله للحادثة في مباراة البرج (منصة إكس)

شهدت المباراة بين البرج ومضيفه الرياضي العباسية التي انتهت بفوز الفريق الزائر 1-0 على ملعب الثاني في بلدة العباسية الجنوبية، ضمن المرحلة السابعة من الدور الثاني لبطولة لبنان لكرة القدم «سداسية الأواخر» حادثة خطيرة، إذ تعرض أحد اللاعبين لطعنة سكين.

وبحسب بيان أصدره نادي البرج عبر صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك»، فإن لاعبه محمد السباعي «وارطان" قد تلقى طعنة بسكين في ظهره بعدما اقتحم الجمهور الملعب فور نهاية اللقاء، وجاء في البيان «بشكل مفاجئ وغير مبرر، تم فتح بوابات الملعب، ما أدى إلى دخول جماهير الرياضي العباسية واعتدائهم على لاعبي فريق البرج بالأسلحة البيضاء والهراوات، مما أسفر عن إصابات متعددة في صفوف اللاعبين. وقد تعرّض اللاعب وارطان محمد السباعي لطعنة سكين خطيرة استدعت نقله بشكل عاجل إلى المستشفى لتلقي العلاج».

واضاف البرج في بيانه «ما يجعل الأمر أكثر خطورة هو أن الهجوم كان منسقًا ومدروسًا بعناية، من لحظة اقتحام الملعب إلى طريقة انسحاب المعتدين من دون أي تدخل يُذكر».

واردف «هذا ليس انفلاتًا عفويًا بل اعتداء منظم ومخطط له، يطرح علامات استفهام كبيرة حول النوايا والجهات التي تقف خلفه».

وكشف الفريق ان المباراة أجريت من دون حضور فرق إسعاف والقوى الأمنية إذ بقي الفريق محتجز في غرفة الملابس 45 دقيقة بعد الاعتداء عقب المباراة، مشيراً الى أن ما جرى «يشكّل سابقة تهدد أمن اللعبة واللاعبين في لبنان»، وأنه وسيُتابع هذه الحادثة حتى تتحمّل كل جهة مسؤولياتها الكاملة.

وتقدم النادي الجنوبي باعتذار رسمي عبر صفحته من البرج «على الأحداث المؤسفة وغير مبررةر، وقال في بيان إن لاعبيه وأعضاء إدارته «قاموا بالدفاع عن جميع اللاعبين والجهاز الفني والاداري لحماية لاعبي نادي البرج، وتم اصابة عدد من والاداريين جراء ذلك».

وتوجه العباسية برسالة للاتحاد اللبناني لكرة القدم بعدم اقامة اي مباراة من دون وجود القوى الأمنية. وختم «إن نادي الرياضي العباسية يرفض ويدين العمل الجبان الذين قاموا به بعض الموتورين من جمهور الفريق».