الجيش اللبناني فكّك ما يفوق 90 % من بنية «حزب الله» جنوب الليطاني

آليات عسكرية للجيش اللبناني في قانا بجنوب لبنان بعد دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ 27 نوفمبر 2024 (رويترز)
آليات عسكرية للجيش اللبناني في قانا بجنوب لبنان بعد دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ 27 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

الجيش اللبناني فكّك ما يفوق 90 % من بنية «حزب الله» جنوب الليطاني

آليات عسكرية للجيش اللبناني في قانا بجنوب لبنان بعد دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ 27 نوفمبر 2024 (رويترز)
آليات عسكرية للجيش اللبناني في قانا بجنوب لبنان بعد دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

فكّك الجيش اللبناني «ما يفوق 90 في المائة» من البنى العسكرية العائدة لجماعة «حزب الله» في منطقة جنوب نهر الليطاني المحاذية للحدود مع إسرائيل منذ سريان وقف إطلاق النار، بحسب ما أفاد مصدر أمني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» الأربعاء.

وقال المصدر، طالباً عدم ذكر اسمه: «أنجزنا تفكيك ما يفوق 90 في المائة من البنية في منطقة جنوب الليطاني. من المحتمل وجود مواقع قد لا نعلم بوجودها، لكن في حال اكتشفناها فسنقوم بالإجراءات اللازمة حيالها»، مضيفاً: «(حزب الله) انسحب وقال افعلوا ما تريدون... لم تعد ثمة تركيبة عسكرية للحزب في جنوب الليطاني».

ويسري منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) اتفاق بين إسرائيل والتنظيم المدعوم من إيران، بعد نزاع امتد لأكثر من عام تكبد خلاله الحزب ضربات قاسية في البنية العسكرية والقيادية.

ونصّ الاتفاق على انسحاب مقاتلي الحزب من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كلم من الحدود) وتفكيك بناه العسكرية، في مقابل تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة (يونيفيل).

وأكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن الجيش بات يسيطر على أكثر من 85 في المائة من مساحة الجنوب.

وقال عون الذي زار الإمارات، الأربعاء، في مقابلة مع قناة «سكاي نيوز عربية»: «في موضوع الجنوب حصل اتفاق على وقف إطلاق النار برعاية الولايات المتحدة وفرنسا... وعلى كل من الطرفين احترام توقيعه. بالنسبة إلى الجيش اللبناني، أصبح مسيطراً على أكثر من 85 في المائة من الجنوب، ونظّف الجنوب».

وأضاف: «يقوم الجيش بواجبه من دون أي مشاكل ودون أي اعتراض»، موضحاً أن سبب عدم استكمال انتشاره جنوباً «هو احتلال إسرائيل لخمس نقاط» حدودية.

ونصّ الاتفاق كذلك على انسحاب إسرائيل من كل المناطق التي توغلت إليها خلال الحرب. لكن الدولة العبرية أبقت على وجود عسكري في خمسة مرتفعات تتيح لها الإشراف على جانبي الحدود. كما تشنّ ضربات شبه يومية ضد ما تقول إنها أهداف عسكرية أو عناصر من الحزب.

وردّاً على سؤال عن اتهام الحزب للسلطات بأنها «الدولة الناعمة» بسبب عدم تحرّكها إزاء استمرار الغارات، قال عون: «لدينا لغة الحرب ولغة الدبلوماسية»، معتبراً أن «الشعب اللبناني تعب من الحرب، لذلك... نريد الذهاب إلى الخيار الدبلوماسي».

وأقرّ بأن «الخيار الدبلوماسي يأخذ وقتاً طويلاً لكن ليس لدينا خيار»، معتبراً أن المواجهة مع إسرائيل تتطلّب «توازناً عسكرياً واستراتيجياً، وهذا غير موجود» في ظل ضعف العتاد المتوافر للجيش اللبناني.

صورة ملتقطة في 17 يناير 2025 في قصر بعبدا في لبنان تظهر الرئيس اللبناني جوزيف عون يتحدث خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

الحزب «متعاون جداً»

وتشدد إسرائيل على أنها لن تسمح للحزب بإعادة بناء قدراته.

وأوضح المصدر الأمني اللبناني: «لن نسمح لأحد بإعادة تأهيل البنية العسكرية في جنوب الليطاني، وقمنا بردم العديد من الأنفاق وإغلاقها. وأحكمنا إقفال القطاع لمنع نقل الأسلحة من شمال النهر إلى جنوبه، وسنضبط وسائل القتال على الحواجز».

أضاف: «طبّقنا ما علينا من (قرار مجلس الأمن) 1701، وليطبق العدو الإسرائيلي ما عليه. ثمة مراكز عسكرية كانت للجيش سابقاً لا يزال العدو يسيطر عليها» في البلدات الحدودية.

وأنهى القرار 1701 حرباً بين «حزب الله» وإسرائيل في 2006، وشكّل أساساً لاتفاق وقف إطلاق النار الأخير بينهما. ويدعو القرار لنزع سلاح كل المجموعات المسلحة على كل الأراضي اللبنانية.

واكتسب النقاش بشأن سحب ترسانة الحزب و«حصر السلاح بيد الدولة» زخماً مع تصاعد الضغوط الأميركية على لبنان. وأكد عون في وقت سابق من أبريل (نيسان)، أن القرار بهذا الشأن اتخذ، لكن الموضوع «حساس» ويبقى تنفيذه رهن توافر «ظروف» ملائمة.

وأكد المصدر الأمني أن الجيش صادر أسلحة من مناطق خارج جنوب الليطاني.

وأوضح: «الجيش ينفّذ قرار السلطة السياسية ومجلس الوزراء. منطقة جنوب الليطاني مشمولة باتفاق وقعته الحكومة ونحن ملزمون بتنفيذه».

أضاف: «في شمال الليطاني صادرنا مخازن ولم نجد ممانعة من الحزب؛ لأنها كانت تشكل خطراً على السكان، والحزب كان متعاوناً جداً»، متابعاً: «طالما وجدنا أسلحة سنصادرها، لكن قضية السلاح في شمال الليطاني مرتبطة بالحوار السياسي الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية».

وقال «حزب الله» إنه لن يسمح بـ«نزع سلاحه»، لكنه أبدى استعداده لحوار بشأن «الاستراتيجية الدفاعية» للبنان، شرط انسحاب إسرائيل، ومباشرة الدولة عملية إعادة إعمار ما دمّرته الحرب.


مقالات ذات صلة

شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

خاص عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)

شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

لم تتبدد الصدمة عن وجوه أفراد عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني أحمد شكر، وذلك بعد ترجيحات أمنية وقضائية لبنانية بأن إسرائيل خطفته

حسين درويش (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)

عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

أكّد الرئيس جوزيف عون أن «عودة الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم هي الأولوية بالنسبة إلى لبنان، للمحافظة على كرامتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة حتى اليوم».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

دشّنت إسرائيل مرحلة جديدة من القصف في جنوب لبنان، تتركز بمنطقة شمال الليطاني، قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني الانتهاء من المرحلة الأولى لـ«حصرية السلاح»

«الشرق الأوسط» (لبنان)
المشرق العربي نواف سلام متحدثاً عن «مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع» بحضور وزير المالية ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد الأسبوع الماضي (رئاسة الحكومة)

«مصرف لبنان» ينسف المشروع الحكومي لرد الودائع قبل إقراره

اختزل حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد النزاع المرافق لمناقشات مجلس الوزراء الخاصة بمشروع قانون استرداد الودائع (الفجوة المالية)

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي متداولة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد مصافحاً اللواء السابق سهيل الحسن

مقتل ضابط مخابرات سوري سابق... والجيش اللبناني يوقف القاتل

عثرت الأجهزة الأمنية اللبنانية في الساعات الماضية، على جثة المواطن السوري غسان نعسان السخني، قرب المنزل الذي كان يقيم فيه في منطقة كسروان.

يوسف دياب (بيروت)

شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

شقيق الضباط اللبناني يروي تفاصيل استدراجه واختفائه

عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في دورية مشتركة قرب الناقورة في جنوب لبنان (أرشيفية - رويترز)

لم تتبدد الصدمة عن وجوه أفراد عائلة النقيب المتقاعد من «الأمن العام» اللبناني أحمد شكر، المخطوف منذ أيام، وذلك بعد ترجيحات أمنية وقضائية لبنانية بأن المخابرات الإسرائيلية اختطفته على خلفية صلات مشبوهة باختفاء الطيار الإسرائيلي رون آراد في جنوب لبنان عام 1986.

ويقول شقيقه عبد السلام شكر، إن قصة أحمد بدأت بعدما تواصل معه المغترب اللبناني في كينشاسا (ع. م.)، طالباً منه استئجار شقته في منطقة الشويفات (جنوب بيروت)، وبالفعل اتفقا قبل أشهر، ودفع 500 دولار إيجار الشقة. تكررت زيارات المغترب إلى لبنان، والتقى في إحداها بشكر في منزله، ولاحقاً، اتصل بالنقيب المتقاعد أحمد شكر ليبلغه بأن هناك متمولاً كبيراً في أفريقيا يُدعى سليم كساب (تبين لاحقاً أنه اسم وهمي) يبحث عن قطعة أرض لشرائها في زحلة، طالباً مساعدتهما.

يضيف عبد السلام: «نزل المغترب وعاين قطعة الأرض، وبعد أسبوعين على مغادرته، اتصل ليبلغ بأن المتمول كساب وافق على شراء الأرض، وهو سيزور لبنان، وعليه أن يلاقيه فيها في الساعة 4 والنصف من بعد ظهر يوم اختفاء أحمد»، مشيراً إلى أن المغترب «أصرّ على أن يكون هذا الموعد؛ لأنه يناسب الشاري، رغم تأكيد أحمد أن هذا الوقت تكون العتمة قد حلّت في المنطقة، ولن تظهر طبيعة الأرض». وقال إن المغترب «اعتذر عن عدم الحضور، متذرعاً بأن قدمه قد كُسِرت، وأن المتمول سيزور المكان وحده، برفقة أحمد».

في تلك الساعة من اللقاء، اختفى شكر. يقول عبد السلام: «لا نعلم عنه أي شيء سوى من التسريبات الأمنية والقضائية»، مضيفاً: «ما علمناه أن الخاطفين كانوا استأجروا منزلاً في زحلة، وأزالوا كل بصماتهم منه بعد اختطاف أحمد»، وأن «كاميرات المراقبة رصدت تحرك السيارة باتجاه بلدية الصويرة في البقاع الغربي حيث اختفت الأدلة بعدها»، علماً بأن الصويرة كانت تُستخدم كخط تهريب من جنوب دمشق الغربي، باتجاه لبنان.

ولاء للدولة

ويضيف عبد السلام: «أخي قضى أربعين عاماً في السلك العسكري، لم يكن ولاؤه إلا للدولة والمؤسسات، ولم يرتبط طوال حياته بأي من الأحزاب... نحن عائلة لا تتعاطى السياسة».

وشكر، تعرّض قبل أسبوع لعملية استدراج محكمة انطلقت من مسقط رأسه في بلدة النبي شيت (البقاع الشمالي بشرق لبنان)، قبل أن يُفقد أثره في نقطة قريبة جداً من مدينة زحلة.

الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)

في دارة مختار بلدة النبي شيت عباس شكر، يتوافد أبناء البلدة والأصدقاء الذين أعربوا عن احتجاجهم واستنكارهم لعملية الخطف والاختفاء.

تقول العائلة إن أحمد شكر تقاعد قبل 9 سنوات، بعد أربعين عاماً من الخدمة في الأمن العام، وتنقل خلالها بأكثر من موقع، بينها نقطة المصنع الحدودية مع سوريا، ونقطة القاع الحدودية مع سوريا أيضاً في شمال شرقي لبنان.

ويقول شقيقه عبد السلام لـ«الشرق الأوسط»: «شقيقي دخل الخدمة العسكرية في 1979، ما يعني أنه كان (ابن دولة) حين اختفى آراد في عام 1986... ومن المعروف أن ابن الدولة، لا يتعاطى الأحزاب».

ويردّ على محاولات ربط العائلة بنسب إلى فؤاد شكر، القيادي في «حزب الله» الذي اغتالته إسرائيل في يوليو (تموز) 2024 في الضاحية الجنوبية، بالقول: «لم يكن أحد من أبناء البلدة يعرف فؤاد شكر أصلاً... منذ مطلع الثمانينات خرج من البلدة ولم يعد إليها، وكان بعيداً عن أقربائه»، مشدداً على أن شقيقه، ومنذ تقاعده من الخدمة العسكرية، «لم يخرج خارج البقاع. التزم بيته، ويلعب الورق مع أصدقائه ليلاً».

عبد السلام شكر شقيق المخطوف أحمد شكر يتحدث لـ«الشرق الأوسط» من بلدة النبي شيت (الشرق الأوسط)

ويخيم الذهول على العائلة وزائري المنزل. هو مشهد متواصل منذ اختفائه في الأسبوع الماضي، ولم يتسارع الملف بمنحى رسمي، إلا حين اتصل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، بالرئيس اللبناني جوزيف عون، وبوزير الداخلية أحمد الحجار، حسبما يقول عبد السلام، مضيفاً أن عون «تعهّد بطلب من الأجهزة الأمنية والقضائية التوسع في التحقيقات وكشف الملابسات». وقال إن المسؤولين في «حركة أمل» كانوا على اتصال دائم مع رئيس البرلمان نبيه بري، لمتابعة الملف.

لغز الاختفاء

وقال عبد السلام: «نطالب القضاء والأجهزة الأمنية بتأكيد أو نفي التسريب حول صلة مزعومة باختفاء رون آراد، هذا التسريب الذي حصل لا يعنينا، ما يعنينا هو ما تقوله الأجهزة الأمنية والأمن العام الذي ينتمي له شكر، وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي التي تتولى التحقيق».

وأكد عبد السلام شكر أن «لغز الاختفاء موجود لدى (ع. م) ابن بلدة قانا الجنوبية الذي يقيم في كينشاسا ويتهرب من اتصالاتنا، وعلى الدولة اللبنانية أن تطلب عبر الإنتربول توقيفه وإحضاره إلى لبنان للتحقيق معه»، لافتاً إلى أن أرقام هواتفه «لم يعد يرد عليها»، وأن جميع المعلومات المتوفرة عنه، بما فيها مقاطع فيديو له، باتت بحوزة الأجهزة الأمنية.

ويعرب شكر عن اعتقاده بأن المغترب (ع. م.) «هو من رتب القصة مع الموساد، وأوصلهم إلى هذه المرحلة، ونفذوا العملية بطريقة دقيقة واحترافية»، لافتاً إلى أن ما فهمته العائلة من الأجهزة الأمنية اللبنانية، أن الخاطفين لم يتركوا أي بصمات، لا في شقة ضهور زحلة، ولا في الشويفات، ولم يتم العثور على أي دليل، كما أن سيارة الخاطفين ما زالت مجهولة».


عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)
TT

عون: عودة سكان جنوب لبنان إلى ديارهم أولوية

الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون يستقبل الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي (الرئاسة اللبنانية)

شهد المشهد الرسمي اللبناني عشية الأعياد حركة سياسية ودبلوماسية لافتة، تمحورت حول ملف عودة الجنوبيين إلى قراهم وبلداتهم، واستمرار الدعم العربي لإعادة الإعمار، إلى جانب متابعة الملفات التشريعية والاقتصادية.

وفي هذا الإطار، أكّد الرئيس اللبناني جوزيف عون أن عودة الجنوبيين تمثل أولوية وطنية، فيما ثمّن رئيس مجلس النواب نبيه برّي وقوف العراق إلى جانب لبنان واستعداده للمساهمة في إعادة إعمار ما خلّفته الاعتداءات الإسرائيلية.

وأكّد عون أن «عودة الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم هي الأولوية بالنسبة إلى لبنان، للمحافظة على كرامتهم ووضع حد لمعاناتهم المستمرة حتى اليوم».

ورأى عون، خلال استقباله الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والوفد المرافق، أن المبادرة التي أعلنها رئيس الوزراء العراقي خلال القمة العربية التي انعقدت في بغداد في مايو (أيار) الماضي، بتخصيص مبلغ 20 مليون دولار لإعادة الإعمار في لبنان، «شكّلت منطلقاً لمساعدات عربية ودولية لإعمار ما هدمته الاعتداءات الإسرائيلية المتتالية على لبنان».

وشدّد على متانة العلاقات اللبنانية - العراقية، معتبراً أن «قواسم مشتركة عدة تجمع بين الشعبين اللبناني والعراقي»، شاكراً ما قدّمه العراق من دعم للبنان وللشعب اللبناني منذ سنوات، ولا يزال.

وكان الموفد الشخصي لرئيس الوزراء العراقي، السيد حسان العوادي، قد نقل إلى الرئيس عون تحيات رئيس الوزراء العراقي، مؤكداً «استمرار الدعم العراقي للبنان وتأمين ما يحتاج إليه من مساعدات».

وقال إن زيارة الوفد «تهدف إلى إطلاع المسؤولين اللبنانيين على أن الحكومة العراقية ماضية في تنفيذ التزاماتها تجاه لبنان، ولا سيما تلك التي أعلن عنها في قمة بغداد، ًوأنه تقرر فتح مكتب في السفارة العراقية في بيروت لمتابعة تنفيذ هذه المساعدة، وتنظيم العلاقة مع الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وتحديد الأولويات».

بري

من جهته، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري وفداً عراقياً برئاسة الموفد الخاص لرئيس الوزراء العراقي إحسان العوادي، وتناول اللقاء تطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية، حيث حمّل الرئيس بري الوفد العراقي «شكر وتقدير الشعب اللبناني للعراق حكومة وشعباً على وقوفهم ودعمهم للبنان في مختلف الظروف، ولا سيما استعداد العراق للمساهمة في إعادة إعمار ما خلّفه العدوان الإسرائيلي».


إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)
عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تدشن مرحلة جديدة من القصف بجنوب لبنان

عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)
عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

دشّنت إسرائيل مرحلة جديدة من القصف في جنوب لبنان، تتركز في منطقة شمال الليطاني، قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني عن الانتهاء من المرحلة الأولى لتنفيذ «حصرية السلاح» في منطقة جنوب الليطاني، وسط تهديد إسرائيلي بمواصلة العمل لإلزام الحكومة اللبنانية بنزع سلاح «حزب الله».

وشن الطيران الحربي الإسرائيلي، الأربعاء، سلسلة غارات استهدفت وديان تقع بين قضائي الزهراني والنبطية في جنوب لبنان، كما استهدفت إحدى الغارات ساحل الزهراني في منطقة تبنا، حسبما أفادت مصادر محلية في الجنوب.

ووفق «الوكالة الوطنية للإعلام»، الرسمية اللبنانية، «نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي صباح الأربعاء عدواناً جوياً مستهدفاً وادي النميرية في منطقة النبطية بسلسلة غارات، ملقياً خلالها عدداً من صواريخ جو - أرض أحدث انفجارها دوياً تردد في أرجاء المنطقة».

وأشارت إلى أن «الطيران الحربي المعادي شن بعدها بدقائق غارة جوية مستهدفاً وادي حومين»، لافتة إلى أن «العدوان الجوي تزامن مع تحليق مكثف للطيران المسير في أجواء بلدات الدوير، الشرقية، النميرية، تول، النبطية، زبدين وجبشيت وعلى علو متوسط».

بدوره، أعلن الجيش الإسرائيلي مهاجمة مواقع إطلاق تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان. وقال إن الغارات استهدفت مواقع لـ«حزب الله»، وأنه «تم تدمير مبانٍ عسكرية وبنى تحتية إرهابية إضافية عمل منها عناصره في الفترة الأخيرة»، لافتاً إلى أن «وجود مواقع الإطلاق التي تم استهدافها يشكل خرقاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان».

شمال الليطاني

وتقع جميع المناطق التي تعرضت للغارات، شمال نهر الليطاني، وهي من المرات النادرة التي تكون الغارات محصورة في منطقة شمال النهر، بعدما تركزت الغارات في الأشهر الماضية في نطقة جنوب النهر أو على ضفافه والمناطق الممتدة له. وتركزت غارات الأربعاء على مجرى نهر الزهراني الواقع إلى العمق في جنوب لبنان، ويبعد عن الحدود مسافات تصل إلى 40 كيلومتراً.

عنصر من الجيش اللبناني يقف قرب سيارة مستهدفة في بلدة عقتنيت بقضاء الزهراني استهدفتها غارة إسرائيلية الثلاثاء (إ.ب.أ)

وجاءت هذه الغارات والتهديدات قبل نحو أسبوع على إعلان الجيش اللبناني عن الانتهاء من مرحلة تنفيذ «حصرية السلاح» في جنوب الليطاني، وهي المرحلة الأولى من خمس مراحل تتضمنها خطة الجيش اللبناني، ووافقت عليها الحكومة اللبنانية في 5 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس في تصريح، الأربعاء: «نواصل العمل لتنفيذ التزام حكومة لبنان بنزع سلاح (حزب الله) وإبعاده عن الحدود».

كما نقلت «القناة 13» الإسرائيلية عن مصادر قولها إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «سيطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب (خلال لقائهما المتوقع بعد أيام) ضوءاً أخضر لشن عملية واسعة النطاق ضد (حزب الله)».

تقرير قائد الجيش

ومن المتوقع أن يقدم قائد الجيش العماد اللبناني رودولف هيكل، التقرير الرابع والنهائي لمرحلة تنفيذ السلاح جنوب الليطاني، في أولى جلسات الحكومية اللبنانية في العام الجديد، ويطلع مجلس الوزراء على الإنجازات التي تحققت لجهة مصادرة الأسلحة، وتفكيك الأنفاق والبنية التحتية العسكرية لـ«حزب الله» في المنطقة، ويقدم أرقاماً على هذا الصعيد.

وكان رئيس الحكومة نواف سلام أبلغ «الشرق الأوسط» في الأسبوع الماضي، أن المرحلة الثانية من تنفيذ «حصرية السلاح»، ستكون في المنطقة الواقعة بين شمال نهر الليطاني وجنوب نهر الأولي.

انتقادات «حزب الله»

وتتعرض خطة الحكومة، لانتقادات من قِبل «حزب الله» الذي أعلنت كتلته النيابية (الوفاء للمقاومة)، الأربعاء، أن لبنان «يستصرخ همم أبنائه ‏واهتمامات مسؤوليه ليسلكوا المسار الوطني الصحيح الذي يفضي ‏إلى وقف العدو لأعماله العدائيّة وانسحابه الكامل ‏وغير المشروط من بقية أرض وطننا المحتل، ‏وقطع الطريق أمام ألوان المطالب التي يستدرج عبرها السلطة لتقديم ‏التنازل تلو الآخر دون أي التزامٍ ‏منه لا بوقف إطلاق النار والاعتداء، ولا بالانسحاب وإنهاء احتلاله الغاشم».‏

وقالت، في بيان بعد اجتماعها الأسبوعي، إن «الأولويّة الوطنيّة اليوم هي إنهاء الاحتلال الصهيوني للمناطق والمساحات التي لم ينسحب ‏منها العدو ‏الصهيوني حتى الآن، رغم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أي منذ ما يزيد على عامٍ بأكمله».

أضافت: «ليعلم العدو وحُماته الدوليون أن حق اللبنانيين بمقاومة الاحتلال إذا ما استمرَّ لأرضهم هو ‏حقٌّ مشروع بكل المعايير ‏والاعتبارات والمواثيق الدوليّة ولا يحتاج إلى شرعنة من المتخاذلين ‏أو المتواطئين».‏

وقالت الكتلة: «على الحكومة، بدل أن تتبرع مسبقاً ‏للمسارعة إلى استئناف ما يرتاح له العدو من خطوات، أن تقوم ‏بإجراءٍ حازمٍ يدفعه لتنفيذ ما ‏عليه، دون مراوغةٍ أو ابتزاز».