أحزاب كردية تدعم احتجاجات المزارعين على تسعيرة القمح شمال شرقي سوريا

غضب من خفض الثمن في ظل تدهور الظروف المعيشية

اعتصام أهالي بلدة عامودا بمحافظة الحسكة رفضاً لتسعيرة القمح التي حددتها الإدارة الذاتية (الشرق الأوسط)
اعتصام أهالي بلدة عامودا بمحافظة الحسكة رفضاً لتسعيرة القمح التي حددتها الإدارة الذاتية (الشرق الأوسط)
TT

أحزاب كردية تدعم احتجاجات المزارعين على تسعيرة القمح شمال شرقي سوريا

اعتصام أهالي بلدة عامودا بمحافظة الحسكة رفضاً لتسعيرة القمح التي حددتها الإدارة الذاتية (الشرق الأوسط)
اعتصام أهالي بلدة عامودا بمحافظة الحسكة رفضاً لتسعيرة القمح التي حددتها الإدارة الذاتية (الشرق الأوسط)

أيّدت أحزاب كردية و«المجلس الوطني الكردي» مطالب الفلاحين والمزارعين بتعديل قرار تسعيرة القمح المتدنية التي حددتها «الإدارة الذاتية» في مناطق نفوذها شمال شرقي سوريا، الأحد، وأدت إلى إشعال موجة من الاحتجاجات، الاثنين، في وقفات احتجاجية مفتوحة منددة باعتماد التسعيرة دون الرجوع لأصحاب الأراضي والمساحات المزروعة.

وحددت «الإدارة الذاتية» سعر شراء كيلو القمح الواحد من المزارعين بـ31 سنتاً أميركياً (تعادل 4600 ليرة سورية)، بسعر أقل من العام الماضي (43 سنتاً)، ما دفع الكثير من أبناء المنطقة ونشطاء محليين للخروج بوقفات احتجاجية واعتصم المئات من أبناء مدينة الرقة أمام مقر المجلس التنفيذي لـ«الإدارة الذاتية»، بعدما أشعلت التسعيرة موجة من الغضب بين الأهالي بسبب تدني سقف الرواتب وتدهور الظروف المعيشية.

وطالبت أحزاب كردية وجهات سياسية «الإدارة الذاتية» بتعديل قرارها، منعاً لعدم إجبار الفلاحين والمزارعين على ترك أراضيهم والبحث عن طرق للهجرة، ما سيلحق ضرراً بمستقبل الزراعة واليد العاملة فيها.

القمح محصول استراتيجي لـ«الإدارة الذاتية» في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

«المجلس الوطني الكردي» المعارض شدد، في بيان نشر على موقعه الرسمي، على ضرورة الضغط على هذه الإدارة لإعادة النظر في التسعيرة، «وتحديد سعر عادل يتناسب مع تكلفة الإنتاج وضمان هامش ربح للمزارعين والفلاحين، وضمان حصولهم على أسعار أفضل وتحفيزهم على الاستمرار في الإنتاج».

وانتقد حزبا «التقدمي الكردي» و«الوحدة الكردي»، في بيان مشترك، نُشر الاثنين، قرار الإدارة «المجحف والظالم» بحق الفلاحين والمزارعين، و«أن ما حصل هو ضربة مؤلمة للقطاع الزراعي برمته ومحاولة لإفقار الفلاحين والمزارعين في هذا المجال، ويتسبب في ازدياد وتيرة الهجرة إلى خارج البلاد». وطالب البيان بتعديل التسعيرة بما لا يقل عن تسعيرة موسم 2023، «لإنصاف المزارعين وتأمين حياة حرة وكريمة لهم ولعوائلهم وتحقيق متطلبات ومبدأ العدالة الاجتماعية».

اعتصام أهالي بلدة عامودا بمحافظة الحسكة رفضاً لتسعيرة القمح التي حددتها الإدارة الذاتية (الشرق الأوسط)

وذكرت الإدارة، في بيان على موقعها الرسمي، الأحد 26 من الشهر الحالي، أن التسعيرة الجديدة جاءت بناءً على اجتماع مشترك ضم رئاسة المجلس التنفيذي وهيئة الزراعة والري ومنسقية اتحاد الفلاحين، بعد يوم واحد من «ملتقى الوحدة الوطنية للعشائر والمكونات السورية» الثاني، الذي نظمته الإدارة في مدينة الحسكة، وتعهد البيان الختامي بإيلاء الأهمية للقطاع الزراعي والثروة الحيوانية والقطاعات الأخرى المهمة.

وقالت مسؤولة كردية بارزة في «الإدارة الذاتية»، طلبت عدم الإفصاح عن اسمها، إن «الإدارة» لديها مخزون استراتيجي كافٍ من قمح العام الماضي، وليست لديها الإمكانات المادية هذا العام لشراء محصول القمح كاملاً وبسعر تحفيزي أعلى من حكومة دمشق التي حددت سعر الكيلو بـ5500 ليرة.

وأوضحت المسؤولة أن «اقتصاد الإدارة العام الماضي لا يُقارن بهذا العام، بسبب الهجمات التركية التي أنهكت ودمرت البنية التحتية، وليس من الضروري أن تكون الإدارة هي الجهة الوحيدة التي تشتري القمح، والسوق مفتوحة للجميع»، في إشارة إلى المنافسة بين إدارة القامشلي وحكومة دمشق على شراء محصول القمح.

اعتصام أهالي بلدة عامودا بمحافظة الحسكة رفضاً لتسعيرة القمح التي حددتها الإدارة الذاتية (الشرق الأوسط)

المحتجون طالبوا سلطات الإدارة والجهات المختصة بتعديل تسعيرة القمح، وإصدار قرار لصالح المزارعين والفلاحين، الذين ينتظرون منذ شهور جني محصولهم الذي يعد المصدر الرئيسي لأبناء المنطقة.

وقال جميل حسو، أحد المزارعين المشاركين بالاعتصام في عامودا، لـ«الشرق الأوسط»، إن اعتصامهم سيكون مفتوحاً حتى تحقيق مطالبهم، مضيفاً: «نحن ضد تسعيرة (الإدارة) المجحفة لأن القمح مصدر رزقنا الوحيد، فبعد رفع أسعار المحروقات وبينها المازوت، ورفع جميع تكاليف الإنتاج لثلاثة أضعاف، يجب شراء القمح بسعر يتناسب مع هذه الزيادات وليس العكس».

ويرى الخبير الزراعي عبد الكريم درباس، أحد المشاركين في اعتصام عامودا، أن تسعيرة «الإدارة» غير منصفة ومتدنية مقارنة مع العام الماضي، «سعر الكيلو لن يغطي التكاليف والمصاريف الإنتاجية الأولية، فالدونم الواحد المروي من الأرض يكلّف أكثر من 200 دولار، أما البعل (سقي الأمطار) فإنتاجه ضعيف نظراً للتغير المناخي وتأثيره على محاصيل الحبوب».

صفحات محلية تحدثت عن مغادرة نحو 250 شاحنة محملة بالقمح مركزاً في شمالي ريف دير الزور الشرقي، دون تفريغ حمولتها رفضاً للتسعيرة الصادرة عن الإدارة.

لافتة لمزارع احتج على تسعيرة القمح في مناطق شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

ونقلت وكالة «سانا» الرسمية عن مدير فرع المؤسسة السورية للحبوب، المهندس عمار الأحمد، تسلم أول كمية من الأقماح في مركز الطواريج بريف مدينة القامشلي بالحسكة، وأفاد في تصريحاته بأن «لجان التسويق المتخصصة تقوم بعمليات التسلم، وصومعة الطواريج تم تجهيزها وتتسع لكمية تصل إلى 12 ألف طن من القمح دوكمة، ويتم فحص نسبة الشوائب بالمحصول عبر أجهزة مخبرية دقيقة»، منوهاً بأن المؤسسة «اتخذت كل الإجراءات اللازمة لتسهيل عملية تسويق وتسلم المحصول من الفلاحين».

يذكر أن «الإدارة الذاتية» رفعت سعر ربطة الخبز الأسبوع الماضي من 1000 ليرة إلى 1500 ليرة، في جميع المناطق التي تسيطر عليها شمال شرقي البلاد، وكانت قد رفعت أسعار المازوت الديزل في سبتمبر (أيلول) 2023 إلى 4700 ليرة (30 سنتاً أميركياً) بزيادة تجاوزت 300 في المائة، الأمر الذي قوبل بالرفض الشعبي وبخروج مظاهرات واعتصامات مماثلة، احتجاجاً على قرارات «الإدارة»؛ أبرزها رفع أسعار مادة المازوت التي أثرت سلباً على جميع قطاعات الحياة.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

مخاوف اللاجئين السوريين في تركيا تدفعهم للبحث عن مآوٍ أخرى

المشرق العربي اللاجئون السوريون في تركيا يخشون الاتفاق مع دمشق على صفقة لترحيلهم رغم تطمينات أنقرة (أرشيفية)

مخاوف اللاجئين السوريين في تركيا تدفعهم للبحث عن مآوٍ أخرى

تتصاعد مخاوف اللاجئين السوريين في تركيا يوماً بعد يوم مع ما يبدو أنه إصرار من جانب أنقرة على المضي قدماً في تطبيع العلاقات مع دمشق، فضلاً عن موجة العنف ضدهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي سوري يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع بدمشق رغم انقطاع التيار الكهربائي (رويترز)

السوريون يصوتون في الانتخابات البرلمانية... ولا مفاجآت متوقعة

يُقبل السوريون في مناطق سيطرة الحكومة على صناديق الاقتراع من أجل انتخاب أعضاء مجلس الشعب في استحقاق هو الرابع من نوعه منذ اندلاع النزاع عام 2011

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي يتحدث خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة حلف «الناتو» في واشنطن (أ.ف.ب)

ماذا يريد إردوغان من التطبيع مع الأسد؟

كشفت تقارير عن خطة تركية من شقين لحل مشكلة اللاجئين السوريين بُنيت على التطبيع المحتمل للعلاقات مع سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي فراس الجهام

إيران تعزز أذرعها في سوريا عبر انتخابات مجلس الشعب

هل تستفيد إيران فعلاً من دعم مرشحين في انتخابات برلمانية لا يعدّها كثيرون جادة أو شفافة، أم إنها بحاجة إلى «وجوه سورية» واجهةً محليةً لها؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي العشرات تجمعوا في حديقة المشتل بإدلب للتنديد بالتعليقات التركية حول التقارب مع النظام (الشرق الأوسط)

التقارب التركي السوري المحتمل يثير مخاوف سكان مناطق «المعارضة»

بعد أسبوعين على بدء دعوات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للتصالح مع نظيره السوري بشار الأسد، ما زال سكان مناطق شمال غربي سوريا يحتجون بمظاهرات ضد الخطوة.

«الشرق الأوسط» (إدلب)

تقرير: إسرائيل ناقشت مع مصر سحب قواتها من محور فيلادلفيا

الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)
TT

تقرير: إسرائيل ناقشت مع مصر سحب قواتها من محور فيلادلفيا

الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)

ناقشت إسرائيل ومصر بشكل خاص انسحاباً محتملاً لقواتها من حدود غزة مع مصر، وفقاً لمسؤولين اثنين إسرائيليين ودبلوماسي غربي كبير، وهو تحول قد يزيل إحدى العقبات الرئيسية أمام اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس».

ووفق تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، تأتي المناقشات بين إسرائيل ومصر ضمن موجة من الإجراءات الدبلوماسية في قارات متعددة تهدف إلى تحقيق هدنة ووضع القطاع على الطريق نحو حكم ما بعد الحرب. وقال مسؤولون من «حماس» و«فتح»، أمس (الاثنين)، إن الصين ستستضيف اجتماعات معهم الأسبوع المقبل في محاولة لسد الفجوات بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة. كما ترسل إسرائيل مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي إلى واشنطن هذا الأسبوع لعقد اجتماعات في البيت الأبيض، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ويبدو أن المفاوضات بشأن الهدنة اكتسبت زخماً في الأيام الأخيرة، ولكن لا تزال هناك عدة نقاط خلافية أبرزها يتعلق بطول مدة وقف إطلاق النار: «حماس» تطالب بأن يكون وقفاً دائماً، في حين تريد إسرائيل وقفاً مؤقتاً.

وقالت «حماس» إن الانسحاب الإسرائيلي من المناطق التي تشمل الحدود بين مصر وغزة هو شرط أساسي لوقف إطلاق النار.

وسيطر الجيش الإسرائيلي على الحدود الجنوبية لغزة خلال شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران). وأجبرت هذه العملية «حماس» على الابتعاد عن محور ذي أهمية استراتيجية للحركة، ويقول الجيش الإسرائيلي إنه اكتشف ودمر العديد من الأنفاق هناك. لكن السيطرة الإسرائيلية على الحدود أدت أيضاً إلى توتر علاقات إسرائيل مع مصر، التي حذرت من أن هذا الإجراء سيسبب ضرراً كبيراً ويمكن أن يهدد الأمن القومي المصري.

وتتردد الحكومة الإسرائيلية في الانسحاب، قائلة إن القيام بذلك من شأنه أن يسهل على «حماس» إعادة تخزين ترسانتها وإعادة بسط سلطتها على غزة. وقال نتنياهو في بيان، يوم الجمعة الماضي، إنه «يصر على بقاء إسرائيل على ممر فيلادلفيا». لكن في مناقشات خاصة أجريت الأسبوع الماضي مع الحكومة المصرية، أشار مبعوثون إسرائيليون كبار إلى أن إسرائيل قد تكون مستعدة للانسحاب إذا وافقت مصر على إجراءات من شأنها منع تهريب الأسلحة على طول الحدود، وفقاً للمسؤولين الثلاثة.

وقال المسؤولون إن الإجراءات المقترحة تشمل تركيب أجهزة استشعار إلكترونية يمكنها اكتشاف الجهود المستقبلية لحفر الأنفاق، بالإضافة إلى بناء حواجز تحت الأرض لمنع بناء الأنفاق. وطلب الثلاثة عدم الكشف عن هويتهم من أجل التحدث بحرية أكبر عن فكرة لم تؤيدها إسرائيل علناً.

وفي العلن، كانت إسرائيل ومصر مترددتين في تأكيد وجود المحادثات. ويحتاج الائتلاف الحاكم الذي يتزعمه نتنياهو إلى دعم المشرعين الذين يعارضون أي هدنة قد تترك «حماس» في السلطة، وقد تنهار حكومته إذا اعترف بما يناقشه مبعوثوه على انفراد.

عندما نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية ووكالة «رويترز» التقارير عن المحادثات لأول مرة الأسبوع الماضي، سارع نتنياهو إلى وصفها بأنها «أخبار كاذبة تماماً». لكن وزير دفاع نتنياهو، يوآف غالانت، كان قد اقترح في بيان منفصل في وقت سابق من الأسبوع أن إسرائيل يمكن أن تنسحب في ظل ظروف معينة. وأضاف: «المطلوب حل يوقف محاولات التهريب ويقطع الإمدادات المحتملة عن (حماس)، ويمكّن من انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي».

ومع إعراب المسؤولين الأميركيين عن تفاؤلهم المتجدد خلال الأسبوع الماضي بأن المفاوضات المتوقفة منذ فترة طويلة لوقف إطلاق النار تتقدم الآن، أصبحت المناقشات حول مستقبل غزة أكثر إلحاحاً، بما في ذلك احتمال عمل «حماس» و«فتح» معاً.

وفشلت المحاولات السابقة للوساطة بين المجموعتين - بما في ذلك اجتماع في بكين في أبريل (نيسان) - في تحقيق نتائج ملموسة، وأعرب العديد من المراقبين عن تشاؤمهم الشديد من أن المحادثات في العاصمة الصينية ستحقق انفراجة.

وسيترأس إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، وفد الحركة إلى بكين. ومن المقرر أن توفد «فتح» ثلاثة مسؤولين، بينهم محمود العالول، نائب رئيس الحركة، إلى العاصمة الصينية، بحسب عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، عزام الأحمد.

وقال الأحمد إن وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، سيجتمع مع الفصائل الفلسطينية في 21 يوليو (تموز) ومرة ​​أخرى في 23 منه، على أن تجتمع المجموعتان على انفراد بينهما. وقال أحمد في مكالمة هاتفية: «نحن متفائلون دائماً، لكننا نقول ذلك بحذر».

عاجل صحة غزة: مقتل 13 فلسطينيا وإصابة 26 آخرين في قصف إسرائيلي على خان يونس