اجتماع بروكسل لدعم مستقبل سوريا: 2.17 مليار دولار... ورفض لعودة غير آمنة للاجئين

بوريل حذر من مغبّة «نسيان سوريا» في ظل حربي وكرانيا وغزة

صورة تذكارية للمشاركين في مؤتمر بروكسل الثامن حول «دعم مستقبل سوريا والمنطقة» الاثنين (إ.ب.أ)
صورة تذكارية للمشاركين في مؤتمر بروكسل الثامن حول «دعم مستقبل سوريا والمنطقة» الاثنين (إ.ب.أ)
TT

اجتماع بروكسل لدعم مستقبل سوريا: 2.17 مليار دولار... ورفض لعودة غير آمنة للاجئين

صورة تذكارية للمشاركين في مؤتمر بروكسل الثامن حول «دعم مستقبل سوريا والمنطقة» الاثنين (إ.ب.أ)
صورة تذكارية للمشاركين في مؤتمر بروكسل الثامن حول «دعم مستقبل سوريا والمنطقة» الاثنين (إ.ب.أ)

أجمع المشاركون في المؤتمر الوزاري الثامن الذي نظّمه الاتحاد الأوروبي في بروكسل لدعم مستقبل سوريا والجوار، على التحذير من مغبّة «نسيان سوريا» وملايين النازحين فيها داخلياً واللاجئين إلى البلدان المجاورة. بينما تعهد الاتحاد، الاثنين، بأكثر من ملياري يورو (2.17 مليار دولار) لدعم اللاجئين السوريين في المنطقة، ورفض أي حديث عن عودة محتملة للاجئين إلى وطنهم؛ لأن ظروف العودة الطوعية والآمنة ليست مهيأة.

وشدد جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد مع بدء المؤتمر، إلى أن «التزامنا لا يمكن أن ينتهي بالتعهدات المالية وحدها، وعلى الرغم من الافتقار إلى تقدم في الآونة الأخيرة، فإنه لا بد أن نعيد مضاعفة جهودنا لإيجاد حل سياسي للصراع، حل يدعم تطلعات الشعب السوري لمستقبل سلمي وديمقراطي».

وللمرة الأولى منذ بداية تنظيم هذا المؤتمر السنوي، انعقد هذه السنة بُعيد اجتماع مجلس وزراء خارجية الاتحاد، الذي كان الوضع في الشرق الأوسط الطبق الرئيسي على مائدته، وبالتزامن مع يوم حواري شاركت فيه منظمات المجتمع المدني السوري، فضلاً عن فعاليات ثقافية تخللها مهرجان للسينما السورية.

الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل يتحقق من ملفاته قبل الافتتاح الرسمي لمؤتمر بروكسل الثامن حول «دعم مستقبل سوريا والمنطقة» الاثنين (إ.ب.أ)

افتتح المؤتمر جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية، ونائب رئيسة المفوضية، الذي قال إن العالم لا يمكن أن يتحمل تبعات «نسيان سوريا»، أو إهمال أزمتها في ظل حرب غزة وتداعياتها على المنطقة، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

وأضاف أن هذا المؤتمر قد أصبح على مرّ السنوات «موعداً لا غنى عنه» لتعميق الحوار بين جميع الأطراف المعنية بالوضع في سوريا، والمهتمة بمساعدة الشعب السوري على النهوض من محنته، مؤكداً أن السبيل الوحيد لإنهاء هذه المعاناة هو الحل السياسي الشامل المرسوم في القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.

نازح سوري وابنه في مخيم دير بلوط للنازحين بعفرين بمحافظة حلب بعد هطول أمطار غزيرة على شمال سوريا في 20 مايو (أ.ف.ب)

وقال بوريل إن المسؤولية الأولى في استمرار الوضع على ما هو «تقع على عاتق نظام الأسد الذي ما زال يرفض الدخول في أي حوار سياسي»، وذكّر بأن الاتحاد الأوروبي قدّم منذ بداية الأزمة السورية إلى اليوم مساعدات بقيمة 33 مليار يورو، لكن ما زال هناك احتياج كبير لمواصلة هذه المساعدات وزيادتها؛ لأن ما يزيد على 70 في المائة من السوريين بحاجة للمعونة الإنسانية.

وفي كلمة مسجلة، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن هذا المؤتمر بات حاجة ملحّة بعد 13 عاماً من معاناة السوريين الذين أصبح ثلاثة أرباعهم بحاجة ماسة إلى المساعدات، وبعد أن نزح منهم 9 ملايين داخل البلاد، ولجأ 6 ملايين إلى الأردن ولبنان وتركيا والعراق، وبلدان أخرى في المنطقة وخارجها.

نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية ديفيد كاردين يتفقد مشروع معالجة مياه الصرف الصحي في قرية بحورة بمحافظة إدلب بسوريا في 14 مايو (أ.ب)

أضاف غوتيرّيش أن 90 في المائة من اللاجئين السوريين يعجزون عن تأمين احتياجاتهم الأساسية، مذكراً بما عاينه عندما كان مفوّضاً لشؤون اللاجئين من سخاء الشعب السوري في استضافة اللاجئين والنازحين من العراق وفلسطين.

ونبّه وزير الخارجية ونائب رئيس الحكومة الأردني، أيمن الصفدي، في كلمته إلى أن بلاده عاجزة عن مواصلة تقديم الخدمات التي قدمتها حتى الآن إلى اللاجئين السوريين، بسبب عدم توافر الموارد اللازمة لذلك، وقال إن عدد اللاجئين السوريين المسجلين في الأردن يبلغ 1.3 مليون لاجئ، منهم 10 في المائة فقط في المخيمات، وينتشر الباقون في جميع أنحاء البلاد. وكرّر الصفدي دعوته إلى إنشاء الصندوق الذي وعدت به الدول المانحة لمساعدة السوريين الراغبين في العودة، مؤكداً أن عددهم يزداد، وأن هناك مناطق كثيرة أصبحت آمنة داخل سوريا، مذكراً بأن ثمّة «عقداً أخلاقياً» بين الدول المانحة والدول المستضيفة لا بد من احترامه والوفاء بشروطه قبل فوات الأوان.

سورية مع أطفالها في مخيم للاجئين خارج قرية منيارة اللبنانية في عكار الشمالية بالقرب من الحدود مع سوريا (أ.ف.ب)

وفي كلمة الوفد اللبناني، قال وزير الخارجية عبد الله بو حبيب إن لبنان يحمل إلى مؤتمر هذه السنة موقفاً جامعاً عبّر عنه مجلس النواب في توصية رفعها إلى الحكومة، مفادها أن البلد بكل أطيافه السياسية والدينية والاجتماعية قد وصل إلى نقطة اللاعودة في قضية اللاجئين، مطالباً بتسريع عودتهم الآمنة والكريمة، وبترحيل الذين تتعذر عودتهم لأسباب سياسية إلى بلدان ثالثة، وفقاً لمبدأ تقاسم الأعباء.

وقال بو حبيب إنه لم يعد ممكناً الاستمرار بمعالجة الوضع بنفس العقلية، أي بتمويل وجود اللاجئين حيث هم، وعلى الدول المانحة أن تغيّر طريقة تفكيرها.

أضاف أن «لبنان أصبح سجناً كبيراً تصدّعت جدرانه، ولم يعد باستطاعته تحمّل هذا الوضع»، وانتقد مفوضية اللاجئين، وقال إن تصرفها هو للمماطلة وشراء الوقت، وإنها أصبحت جزءاً من المشكلة لا جزءاً من الحل.

(من اليسار) مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الجوار أوليفر فارهيلي ووزيرة خارجية سلوفينيا تانيا فاجون ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل قبل التقاط الصورة الرسمية مع المشاركين بمؤتمر بروكسل الثامن حول «دعم مستقبل سوريا والمنطقة» في المجلس الأوروبي في بروكسل الاثنين (إ.ب.أ)

وشمل اليوم الحواري على هامش المؤتمر الوزاري موائد مستديرة عدة حول تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، والاستثمار في قطاع الصحي السوري، والتحديات التي تواجه قطاع التعليم، وتعزيز استدامة الخدمات الأساسية ومصادر رزق اللاجئين والمجموعات التي تستضيفهم في لبنان والأردن وتركيا والعراق، والعدالة، والسلم، وحق السوريين في معرفة الحقيقة، خصوصاً بشأن مصير المفقودين والمعتقلين بوصفه شرطاً أساسياً للمصالحة.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات جديدة على مستوطنين إسرائيليين «متطرفين»

المشرق العربي مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)

الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات جديدة على مستوطنين إسرائيليين «متطرفين»

أعلن الاتحاد الأوروبي، الاثنين، فرض عقوبات على 5 إسرائيليين بينهم من يسميهم «مستوطنين متطرفين» و3 منظمات بسبب انتهاكات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
أوروبا رئيسة وزراء إستونيا كايا كالاس (أ.ف.ب)

رئيسة وزراء إستونيا تستقيل لتولي منصب مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي

قالت الرئاسة في إستونيا، إن رئيسة الوزراء كايا كالاس قدّمت استقالتها، الاثنين، لتولي منصب مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (فيلنيوس)
العالم العربي سفينة حربية تابعة لمهمة «أسبيدس» الأوروبية في خليج عدن (إكس)

مهمة بحرية أوروبية تدمر طائرة مسيّرة في خليج عدن

قالت المهمة البحرية للاتحاد الأوروبي التي تضطلع بمهام حماية السفن في البحر الأحمر إن الفرقاطة (بسارا) التابعة لها دمرت طائرة مسيرة في خليج عدن، اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في الكرملين (أ.ب)

هل يستغل أوربان رئاسة المجر للاتحاد الأوروبي لهدم قواعد التكتل؟

منذ تولي رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان رئاسة بلاده لمجلس الاتحاد الأوروبي، تصاعدت المخاوف من استغلاله لهذا المنصب لتجاوز قواعد ومعايير الاتحاد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا شعار منصة «إكس» (تويتر سابقاً) 12 يوليو (أ.ف.ب)

المفوضية الأوروبية تتهم «إكس» بـ«تضليل» المستخدمين بشأن الحسابات الموثقة

اتهمت المفوضية الأوروبية «إكس» بـ«تضليل» المستخدمين وانتهاك قواعد الاتحاد الأوروبي من خلال العلامات الزرقاء المعتمدة أساساً لتوثيق الحسابات.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

تقرير: إسرائيل ناقشت مع مصر سحب قواتها من محور فيلادلفيا

الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)
TT

تقرير: إسرائيل ناقشت مع مصر سحب قواتها من محور فيلادلفيا

الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)
الحدود المصرية الإسرائيلية (رويترز)

ناقشت إسرائيل ومصر بشكل خاص انسحاباً محتملاً لقواتها من حدود غزة مع مصر، وفقاً لمسؤولين اثنين إسرائيليين ودبلوماسي غربي كبير، وهو تحول قد يزيل إحدى العقبات الرئيسية أمام اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة «حماس».

ووفق تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، تأتي المناقشات بين إسرائيل ومصر ضمن موجة من الإجراءات الدبلوماسية في قارات متعددة تهدف إلى تحقيق هدنة ووضع القطاع على الطريق نحو حكم ما بعد الحرب. وقال مسؤولون من «حماس» و«فتح»، أمس (الاثنين)، إن الصين ستستضيف اجتماعات معهم الأسبوع المقبل في محاولة لسد الفجوات بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة. كما ترسل إسرائيل مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي إلى واشنطن هذا الأسبوع لعقد اجتماعات في البيت الأبيض، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ويبدو أن المفاوضات بشأن الهدنة اكتسبت زخماً في الأيام الأخيرة، ولكن لا تزال هناك عدة نقاط خلافية أبرزها يتعلق بطول مدة وقف إطلاق النار: «حماس» تطالب بأن يكون وقفاً دائماً، في حين تريد إسرائيل وقفاً مؤقتاً.

وقالت «حماس» إن الانسحاب الإسرائيلي من المناطق التي تشمل الحدود بين مصر وغزة هو شرط أساسي لوقف إطلاق النار.

وسيطر الجيش الإسرائيلي على الحدود الجنوبية لغزة خلال شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران). وأجبرت هذه العملية «حماس» على الابتعاد عن محور ذي أهمية استراتيجية للحركة، ويقول الجيش الإسرائيلي إنه اكتشف ودمر العديد من الأنفاق هناك. لكن السيطرة الإسرائيلية على الحدود أدت أيضاً إلى توتر علاقات إسرائيل مع مصر، التي حذرت من أن هذا الإجراء سيسبب ضرراً كبيراً ويمكن أن يهدد الأمن القومي المصري.

وتتردد الحكومة الإسرائيلية في الانسحاب، قائلة إن القيام بذلك من شأنه أن يسهل على «حماس» إعادة تخزين ترسانتها وإعادة بسط سلطتها على غزة. وقال نتنياهو في بيان، يوم الجمعة الماضي، إنه «يصر على بقاء إسرائيل على ممر فيلادلفيا». لكن في مناقشات خاصة أجريت الأسبوع الماضي مع الحكومة المصرية، أشار مبعوثون إسرائيليون كبار إلى أن إسرائيل قد تكون مستعدة للانسحاب إذا وافقت مصر على إجراءات من شأنها منع تهريب الأسلحة على طول الحدود، وفقاً للمسؤولين الثلاثة.

وقال المسؤولون إن الإجراءات المقترحة تشمل تركيب أجهزة استشعار إلكترونية يمكنها اكتشاف الجهود المستقبلية لحفر الأنفاق، بالإضافة إلى بناء حواجز تحت الأرض لمنع بناء الأنفاق. وطلب الثلاثة عدم الكشف عن هويتهم من أجل التحدث بحرية أكبر عن فكرة لم تؤيدها إسرائيل علناً.

وفي العلن، كانت إسرائيل ومصر مترددتين في تأكيد وجود المحادثات. ويحتاج الائتلاف الحاكم الذي يتزعمه نتنياهو إلى دعم المشرعين الذين يعارضون أي هدنة قد تترك «حماس» في السلطة، وقد تنهار حكومته إذا اعترف بما يناقشه مبعوثوه على انفراد.

عندما نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية ووكالة «رويترز» التقارير عن المحادثات لأول مرة الأسبوع الماضي، سارع نتنياهو إلى وصفها بأنها «أخبار كاذبة تماماً». لكن وزير دفاع نتنياهو، يوآف غالانت، كان قد اقترح في بيان منفصل في وقت سابق من الأسبوع أن إسرائيل يمكن أن تنسحب في ظل ظروف معينة. وأضاف: «المطلوب حل يوقف محاولات التهريب ويقطع الإمدادات المحتملة عن (حماس)، ويمكّن من انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي».

ومع إعراب المسؤولين الأميركيين عن تفاؤلهم المتجدد خلال الأسبوع الماضي بأن المفاوضات المتوقفة منذ فترة طويلة لوقف إطلاق النار تتقدم الآن، أصبحت المناقشات حول مستقبل غزة أكثر إلحاحاً، بما في ذلك احتمال عمل «حماس» و«فتح» معاً.

وفشلت المحاولات السابقة للوساطة بين المجموعتين - بما في ذلك اجتماع في بكين في أبريل (نيسان) - في تحقيق نتائج ملموسة، وأعرب العديد من المراقبين عن تشاؤمهم الشديد من أن المحادثات في العاصمة الصينية ستحقق انفراجة.

وسيترأس إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، وفد الحركة إلى بكين. ومن المقرر أن توفد «فتح» ثلاثة مسؤولين، بينهم محمود العالول، نائب رئيس الحركة، إلى العاصمة الصينية، بحسب عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، عزام الأحمد.

وقال الأحمد إن وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، سيجتمع مع الفصائل الفلسطينية في 21 يوليو (تموز) ومرة ​​أخرى في 23 منه، على أن تجتمع المجموعتان على انفراد بينهما. وقال أحمد في مكالمة هاتفية: «نحن متفائلون دائماً، لكننا نقول ذلك بحذر».