مندوب فلسطين بــ«اليونسكو»: إسرائيل تعمدت استهداف 200 موقع تراثي وأثري في غزة

 طفل وسط أنقاض مبان دمرها القصف الإسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة  (ا.ف.ب)
طفل وسط أنقاض مبان دمرها القصف الإسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة (ا.ف.ب)
TT
20

مندوب فلسطين بــ«اليونسكو»: إسرائيل تعمدت استهداف 200 موقع تراثي وأثري في غزة

 طفل وسط أنقاض مبان دمرها القصف الإسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة  (ا.ف.ب)
طفل وسط أنقاض مبان دمرها القصف الإسرائيلي في رفح بجنوب قطاع غزة (ا.ف.ب)

اتهم منير انسطاس المندوب الدائم لفلسطين لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، إسرائيل، بتعمد استهداف نحو 200 موقع أثري وتراثي منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رغم علمها بإحداثيات تلك المواقع.

وقال انسطاس: «الاستهداف متعمد، ليس فقط للمواقع الأثرية كالمساجد والكنائس والمتاحف والمنازل الأثرية وغيرها من مواقع التراث، لكن أيضاً للمدارس والجامعات والمستشفيات».

وأضاف أن المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي، أبلغت السلطات الإسرائيلية بإحداثيات مواقع التراث العالمي الموجودة في غزة بعد اندلاع الحرب كي لا تستهدفها، ومن ثم فإن إسرائيل «تضرب المواقع وهى لديها إحداثياتها مسبقاً».

وأكد على أن القصد من وراء هذا التعمد هو «مسح البنية التحتية لغزة كي تصبح غزة أرض صحراوية غير قابلة للحياة»، مشيراً إلى أن المواقع التراثية والأثرية في القطاع واضحة مثل «المسجد العمري الكبير الذي يمكن رؤيته على بعد كيلو مترات وكذلك قصر الباشا الذى تم تدميره وكنيسة بروفيريوس».

وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قال في وقت سابق، اليوم، إن إسرائيل استهدفت أكثر من 200 موقع أثري وتراثي من أصل 325 موقعاً في القطاع، من بينها «مساجد أثرية وكنائس ومدارس ومتاحف ومنازل أثرية قديمة ومواقع تراثية مختلفة».

وذكر المكتب في بيان، أن من بين أبرز تلك المواقع كنيسة جباليا البيزنطية والمسجد العمري في جباليا، بالإضافة إلى مركز المخطوطات والوثائق القديمة في مدينة غزة.

ولفت انسطاس بحسب وكالة أنباء العالم العربي، إلى أنه كخطوة استباقية، «طلبنا في الاجتماع الأخير للمنظمة قبل أسبوعين إدراج موقع تل إم عامر، أو دير القديس هيلاريون، الموجود في غزة تحت الحماية المعززة، ومع ذلك تم استهدافه جزئياً».

وأشار إلى أن مسؤولية اليونسكو لا تندرج تحتها حماية مواقع التراث العالمي فحسب، بل كذلك المدارس والجامعات والمراكز الثقافية ومراكز الصحافة والإعلام وأيضاً حماية الصحافيين الذين قتل منهم أكثر من 100 صحافي حتى الآن.

وعبر المندوب الفلسطيني عن أسفه لعدم قدرة اليونسكو على اتخاذ إجراءات عقابية تجاه إسرائيل كونها ليست عضوا في المنظمة، وإن كانت لا تزال طرفاً في الاتفاقية المؤسسة لها.

وعن تحريك دعوات جنائية ضد إسرائيل بشأن استهداف المواقع التاريخية ، قال «الدعوات يتم تقديمها من قبل الدول المعنية أو الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، لكن اليونسكو لا يمكنها رفع دعوى أمام الجنائية الدولية بهذا الشأن».

وعن أهمية المواقع التي استهدفتها إسرائيل، قال انسطاس، إن هناك ثلاثة منها مدرجة على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي لليونيسكو، وهى ميناء غزة القديم وتل أم عامر ومحمية طبيعية في وادي غزة.

وأضاف: «هناك مواقع تراثية أخرى مدرجة على لائحة فلسطين القومية مثل المسجد العمري الكبير، وقصر الباشا، وكنيسة بروفيريوس، كذلك متاحف ومراكز ثقافية تم تدميرها كليا كمتحف جباليا، وأحدث هذه المباني التي دمرتها إسرائيل يعود تاريخها إلى 200 عام».

وبشأن حماية القانون الدولي للمواقع الأثرية، أوضح انسطاس أن اتفاقية 1954 لحماية الممتلكات الثقافية تكفل حماية تلك المواقع في حالة الصراعات المسلحة، وأن سرائيل طرف في هذه الاتفاقية «لكنها كالعادة تضرب بها عرض الحائط».

وكشف انسطاس أيضا عن أن الجانب الفلسطيني طلب من اليونيسكو "فتح صندوق خاص لإعادة إعمار غزة في المستقبل، ليس فقط للمواقع الأثرية، لكن أيضا للمدارس والجامعات، وطلبنا كذلك تفعيل برنامج مساعدة طارئة» خلال الأيام المقبلة.

وأشار المندوب الفلسطيني إلى أنه سيتم تفعيل تقنية مراقبة المواقع عبر الأقمار الاصطناعية في غزة خلال الأيام القادمة مما يتيح متابعة ما يحدث بشكل فوري.

وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد دعا في بيانه اليوم المنظمات الدولية إلى «التدخل الفوري» لوقف استهداف إسرائيل للمواقع الأثرية وإعادة ترميم المواقع المدمرة.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تتوعد عائلتين في غزة وتتهمهما بقتل أسرة بيباس

شؤون إقليمية شابة تعبر برسم جداري لعائلة بيباس في وسط تل أبيب (إ.ب.أ) play-circle

إسرائيل تتوعد عائلتين في غزة وتتهمهما بقتل أسرة بيباس

اتهمت مصادر استخبارية، في إفادات نقلتها وسائل إعلام عبرية، تنظيم «كتائب المجاهدين»، الذراع العسكرية للحركة التي تحمل الاسم ذاته بـ«خطف أفراد عائلة بيباس» في…

شؤون إقليمية نتنياهو يقول إن بلاده جاهزة لاستئناف القتال ضد «حماس» (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن رفع مستوى «الاستعداد» حول غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، رفع مستوى «الاستعداد العملياتي» حول غزة، بعدما قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن بلاده جاهزة لاستئناف القتال ضد «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا طفل فلسطيني يقف بالقرب من القمامة والمياه الراكدة بمخيم للنازحين في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»: «مصير مهدد» للاتفاق بعد إرجاء خروج أسرى فلسطينيين

وسط مشهد متأرجح بين التهدئة والتصعيد، بات اتفاق «هدنة غزة» على المحك بعد خطوة إسرائيلية مفاجئة بتأجيل الإفراج عن أسرى فلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية مقاتلون من «حماس» يحمون منطقة تسليم رهائن إسرائيليين لفريق الصليب الأحمر بخان يونس في جنوب قطاع غزة السبت (أ.ف.ب) play-circle

استعراضات «حماس» تستفزه... ما كواليس تعطيل نتنياهو لصفقة الأسرى؟

جاء قرار بنيامين نتنياهو تعطيل تحرير الأسرى الفلسطينيين، رغم اتفاق الهدنة مع «حماس»، عقب مناقشات طويلة وبشكل مفاجئ حتى لقادة الجيش والمخابرات ومعاكساً لتوصياتهم

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

نتنياهو يطالب بجعل جنوب سوريا «منزوع السلاح بالكامل»... ومستعد لاستئناف القتال في غزة

طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم (الأحد)، بجعل «جنوب سوريا منزوع السلاح بالكامل».

«الشرق الأوسط» (القدس)

إسرائيل «تشاغب» خلال تشييع نصر الله

طائرات حربية إسرائيلية تحلق فوق بيروت خلال تشييع نصر الله (أ.ب)
طائرات حربية إسرائيلية تحلق فوق بيروت خلال تشييع نصر الله (أ.ب)
TT
20

إسرائيل «تشاغب» خلال تشييع نصر الله

طائرات حربية إسرائيلية تحلق فوق بيروت خلال تشييع نصر الله (أ.ب)
طائرات حربية إسرائيلية تحلق فوق بيروت خلال تشييع نصر الله (أ.ب)

نفذت إسرائيل، الأحد، بالتزامن مع تشييع جثمانَي الأمينَين العامَّين السابقين لـ«حزب الله»، حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، سلسلة غارات على مناطق في جنوب لبنان والبقاع (شرقاً)، كما حلّقت طائراتها الحربية على علوّ منخفض جداً فوق مكان التشييع بالعاصمة بيروت، ما بدا أشبه بـ«مشاغبة» واستعراض أرادت عبرهما إيصال رسائل عدة، لعل أبرزها أنها تتمتع بحرية الحركة في لبنان، وأنها قادرة على استهداف أي شخصية أو موقع أو تجمع ساعة تريد، بما يشكل انقلاباً واضحاً على اتفاق وقف النار الذي كان قد أعلن الطرفان (تل أبيب و«الحزب») الموافقة عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

التطورات الميدانية

وبعد تراجع عمليات القصف الإسرائيلية في الآونة الأخيرة رغم مواصلة الجيش الإسرائيلي احتلال 5 مواقع على الأقل في الجنوب اللبناني، تقصدت تل أبيب التصعيد الميداني بالتزامن مع التشييع، فنفذ الطيران الحربي الإسرائيلي منذ ساعات صباح الأحد سلسلة غارات في الجنوب استهدفت منطقة مريصع في أطراف بلدة أنصار، وبلدة معروب بقضاء صور، ومنطقة النهر الواقعة بين بلدتي الحلوسية والزرارية، ومنطقة العاقبية، وتبنا قرب البيسارية، وجبل الريحان بمنطقة جزين، ووادي العزية جنوب صور، إضافة إلى المنطقة الواقعة بين بلدتَي زبقين ومجدل زون في القطاع الغربي من الجنوب.

وطالت الغارات مناطق شرق لبنان، وبالتحديد منطقة بريصا في جرود الهرمل وخراج بلدة بوداي بين محلة الجداوي وتلة الحفير غرب بعلبك.

وبالتزامن مع انطلاق مراسم التشييع وترداد المشيعين عبارة: «الموت لإسرائيل»، حلّقت طائرات حربية إسرائيلية على علوّ منخفض جداً فوق «المدينة الرياضية» في بيروت حيث أقيم التشييع. وصوّر المشيعون الطائرات مباشرة فوق رؤوسهم. وبدت في أحد الفيديوهات 4 طائرات تستعرض في سماء بيروت.

نعشا نصر الله وصفي الدين على شاحنة وسط الجموع داخل «المدينة الرياضية» في بيروت (أ.ب)
نعشا نصر الله وصفي الدين على شاحنة وسط الجموع داخل «المدينة الرياضية» في بيروت (أ.ب)

الموقف الإسرائيلي

وسارع وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إلى التعليق على هذا المشهد، فقال إن «طائرات سلاح الجو الإسرائيلي الّتي تحلّق الآن في سماء بيروت خلال جنازة الأمين العام الأسبق لـ(حزب الله) حسن نصر الله، تنقل رسالةً واضحةً مفادها بأن من يهدّد بتدمير إسرائيل ويهاجم إسرائيل، فهذه هي نهايته». وأضاف: «ستتخصّصون في الجنازات، ونحن في الانتصارات».

وفي حين أفيد بأن معظم الغارات التي نفذتها إسرائيل طالت أودية ومواقع غير مسكونة، ادعى الجيش الإسرائيلي قصف «مواقع عسكرية تحتوي منصات صواريخ في بعلبك ومناطق أخرى بجنوب لبنان».

وتحدث الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عن «إغارة جيش الدفاع بشكل دقيق على موقع عسكري احتوى قذائف صاروخية ووسائل قتالية داخل لبنان، تم رصد أنشطة لـ(حزب الله) في داخله». كما أشار في تغريدات على موقع «إكس» إلى أنه «تمت مهاجمة عدة منصات صاروخية لـ(حزب الله) في منطقة جنوب لبنان، شكلت تهديداً على مواطني دولة إسرائيل»، عادّاً أن «هذه الأنشطة الإرهابية التي يقوم بها (حزب الله) تشكّل خرقاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان، وتشكل تهديداً لإسرائيل ومواطنيها، حيث سيواصل جيش الدفاع العمل لإزالة أي تهديد على دولة إسرائيل».

4 طائرات إسرائيلية تحلق فوق «المدينة الرياضية» حيث جرت مراسم تشييع نصر الله وصفي الدين (رويترز)
4 طائرات إسرائيلية تحلق فوق «المدينة الرياضية» حيث جرت مراسم تشييع نصر الله وصفي الدين (رويترز)

تبادل رسائل

وعدّ مدير «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، أن هذا الأداء من إسرائيل خلال التشييع كان متوقعاً، وأنه يندرج ضمن إطار «الحرب النفسية»، لافتاً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الغارات التي استهدفت الجنوب طالت منطقة قريبة من موقع دفن السيد هاشم صفي الدين».

وأشار جابر إلى أن «ما حدث يندرج في إطار تبادل الرسائل بين الطرفين، حيث أرادت إسرائيل أن تقول: (أنا موجودة، وبالمرصاد)، فيما أراد (حزب الله)، ومن خلال الجماهير الغفيرة التي شاركت في التشييع القول: (لا تزال شعبيتي على ما هي عليه، ولا أزال قوياً».