أيقونة لبنان سيلين تبدأ رحلة التعافي بالتحديات بعد «غارة إسرائيلية غادرة»

عائلتها تناشد الدولة بتحمل تكاليف العلاج الباهظة

TT

أيقونة لبنان سيلين تبدأ رحلة التعافي بالتحديات بعد «غارة إسرائيلية غادرة»

سيلين محاطة بحب عائلتها التي تشجعها وتساندها وتأمل في عودتها نجمة في الملاعب من جديد (الشرق الأوسط)
سيلين محاطة بحب عائلتها التي تشجعها وتساندها وتأمل في عودتها نجمة في الملاعب من جديد (الشرق الأوسط)

داخل غرفتها في المستشفى، تحاول سيلين التعايش مع الواقع الذي فُرض عليها. رغم التحديات التي تواجهها، تستقبل زوارها بابتسامة دافئة تخفي وراءها مزيجاً من المشاعر المتناقضة، بين سعادتها برؤيتهم وحزنها العميق على حالها الصحي.

عيناها تشعان بإرادة قوية، وكأنهما تعبران عن كلمات لا تستطيع نطقها، بينما تتحرك شفتاها في محاولات مستمرة للتواصل، رغم أن قدرتها على الحديث ما زالت محدودة، وحركتها مقيدة. تعتمد بشكل أساسي على جهاز التنفس الاصطناعي، بينما تخوض معركتها بصمت وإصرار.

استيقظت سيلين من الغيبوبة بعد نحو شهرين على إصابتها الخطيرة في الرأس. ففي 16 نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت سيلين حيدر تهرب من منزلها في منطقة الشياح بالضاحية الجنوبية لبيروت بعد صدور أمر إخلاء من إسرائيل. وأصيبت في الجانب الأيمن من رأسها، ما أدى إلى وضعها في حالة حرجة ودخولها العناية الفائقة.

سيلين اليوم أصبحت قادرة على التعرف على كل من حولها والضغط على أيديهم، وحتى أن تتواصل معهم عن طريق الكتابة. ومنذ استيقاظها، بدأت سيلين رحلتها الصعبة مع العلاج، رحلة محفوفة بالأمل والتحديات. لكنها تحاول أن تبقى قوية، رغم أنها لا تعلم حقيقة ما حدث لها حتى اليوم.

«أنا حرام»، قالتها سيلين بخفوت عبر تحريك فمها، لكن أختها كارول سارعت بالرد عليها: «أنتِ لستِ كذلك، أنتِ قوية، ستخرجين من هنا وستعودين لحياتك».

كارول ليست مجرد أخت، بل هي رفيقة الدرب والسند التي لم تتركها لحظة منذ وقوع الحادث. تلازمها، تعتني بها، تواسيها، وتمنحها القوة، رغم أن الدموع تخونها كلما سُئلت عن شقيقتها الصغيرة.

سيلين، محاطة بحب عائلتها التي تشجعها وتساندها. بدأت تتفاعل مع محيطها، تميز الوجوه، تفرح بلقاء زوارها. تحدثت عن صديقاتها، وعن الملعب الذي تشتاق إليه، وعن عشقها لنادي النجمة اللبناني، وحتى أنها تسأل عن المنتخبات والمباريات القادمة. وعندما زارتها «الشرق الأوسط»، ابتسمت وطلبت التقاط صورة معنا، ما يدل على أنها بدأت تتذكر وتدرك كل ما يحصل حواليها وهو مؤشر إيجابي.

تحدثت سناء شحرور، والدة سيلين، عن التحديات التي تواجهها مع ابنتها منذ تعرضها للحادث. قالت: «فرحت جداً لأنها استيقظت وبدأت تظهر تجاوباً معنا، وهي الآن تستطيع الكتابة لنا ما تريد عبر الهاتف. في البداية، لم تكن تستطيع الكتابة إلا باستخدام الورقة والقلم، وكانت ترتجف من تعب الأعصاب، ولكن اليوم بدأت تتحسن رغم أن يدها لا تزال تؤلمها».

بين الأمل والخوف تعيش عائلة سيلين أيامها الحالية بجوار سرير ابنتهم (الشرق الأوسط)

وتضيف: «بدأ الأطباء يغلقون الجرح على عنقها، وبدأت تنطق بعض الكلمات بصعوبة، مثل الهمسات عندما يكون هناك شيء يزعجها أو عندما تحتاج إلى شيء. يجب أن أضع أذني بالقرب من فمها لأسمعها بشكل جيد».

أما والدها عباس، يقول بحزن: «لم نخبرها بعد كيف أصيبت. تعتقد أنها تعرضت لإصابة خلال لعب كرة القدم. لا نستطيع أن نصدمها بالحقيقة الآن، حالتها النفسية لا تحتمل ذلك». ويضيف: «نحاول حمايتها، لذلك لا نعطيها الهاتف حتى لا ترى الأخبار أو صورها المنتشرة بعد الحادث».

ويتابع الوالد حديثه عن مراحل علاجها: «إصابتها خطيرة جداً، وقد خضعت لعدة عمليات، أولها كانت في الرأس لتخفيف الضغط عن الدماغ، حيث أزال الأطباء جزءاً من الجمجمة لمنع النزيف. لاحقاً، ستخضع لعملية أخرى لإعادة تثبيت العظمة وإغلاق الجمجمة».

تتطلع عائلة سيلين إلى تدخل الدولة أو الاتحاد اللبناني لمساعدتهم في العلاج الباهظ (الشرق الأوسط)

ورغم أنها نجت من الخطر الأكبر، فإن طريق التعافي لا يزال طويلاً. «ما زالت بحاجة إلى علاج طبيعي مكثف، لا تستطيع تحريك يدها اليسرى بشكل طبيعي، وقدمها أيضاً تحتاج إلى تأهيل. ستحتاج إلى جلسات فيزيائية لمدة طويلة، ونحن نحاول تأمين ذلك لها»، يضيف الوالد.

خروجها من المستشفى لا يعني انتهاء المعاناة، بل بداية مرحلة جديدة من التحديات. تحتاج سيلين إلى تجهيزات خاصة في المنزل، وإلى معدات طبية تساعدها على التنقل، وإلى فريق طبي لمساعدتها. «أنا ووالدتها لن نستطيع الاعتناء بها وحدنا، نحتاج إلى مساعدة»، يقول الأب بصوت يملؤه القلق.

حتى وهي على السرير، تحاول سيلين أن تبقى متصلة بشغفها الأول: كرة القدم. يقول والدها بابتسامة ممزوجة بالحزن: «عندما تشاهد المباريات، تحرك يدها وكأنها تعترض الكرة، أو ترفع أصابعها مشيرة إلى تمريرة أو تسديدة. لا تزال تعيش اللحظة، وكأنها في الملعب».

رغم كل شيء، لا تزال تحلم بالعودة، ولو بشكل آخر. تقول لوالدتها: «كنت أدرس لأصبح مدربة كرة قدم، أريد أن أستكمل ذلك». وحتى الآن، تحرص على متابعة المباريات، تسأل عن الفرق والنتائج، وتشجع النجمة في الدوري اللبناني، وكأنها بذلك تتمسك بجزء من حياتها السابقة.

شيء من الماضي يحضر في غرفتها... صور سابقة وعبارات داعمة (الشرق الأوسط)

العائلة تعيش بين الأمل والخوف، بين الفرح بوجودها بينهم والحزن على ما أصابها. والدتها سناء تقول: «فرحنا عندما استيقظت، وبدأت تتفاعل معنا. الآن، تكتب لنا عبر الهاتف ما تريد، وبداية عبر الورقة والقلم. لكن يدها ما زالت تؤلمها، وهذا الأمر يقلقنا».

رغم أن وزارة الصحة تكفلت بعلاجها داخل المستشفى، فإن تكاليف التأهيل اللاحق تقع على عاتق العائلة، وهي تكاليف باهظة. «نحن بحاجة إلى دعم، لا يمكننا تحملها وحدنا»، يقول والدها. يأمل أن تتدخل الدولة، أو الاتحاد اللبناني لكرة القدم الذي كانت سيلين تلعب تحت رايته، لمساعدتهم في تغطية تكاليف العلاج الطويلة.

يختم الأب حديثه «الأطباء يقولون إن الأمر يعتمد على إرادة الشخص، وأنا أؤمن بأن سيلين ستتجاوز هذه المحنة. كل ما نريده الآن هو أن تحصل على الرعاية التي تحتاجها، وأن تعود لحياتها ولو تدريجياً».

تبقى عائلة سيلين حيدر ورفاقها وكل من عرفها متمسكين بالأمل في أن تعود هذه الموهبة اللبنانية إلى حياتها الطبيعية وإلى الملعب الذي طالما تألقت فيه. أيام من الانتظار والدعاء، وأحلام بأن تسجل سيلين هدفها الأكبر في هذه المعركة، وتعود إلى أحضان عائلتها وجمهورها الذي يترقب بشغف لحظة انتصارها.


مقالات ذات صلة

سلام: الدولة اللبنانية وحدها يمكنها امتلاك السلاح داخل أراضيها

المشرق العربي رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام (رويترز)

سلام: الدولة اللبنانية وحدها يمكنها امتلاك السلاح داخل أراضيها

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن لبنان يواجه انهياراً شبه كامل بعد عقود من سوء الإدارة والفساد والطائفية والحروب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج السلطان هيثم بن طارق والرئيس اللبناني العماد جوزيف عون عقدا الأربعاء جلسة خاصة بقصر العلم في مسقط (العمانية)

عُمان ولبنان ينددان بالاعتداءات الإسرائيلية ودعم الجهود الدولية لمنع التصعيد

أعربت سلطنة عُمان ولبنان، في بيان مشترك، الأربعاء، عن قلقهما الشديد إزاء استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية واحتلال الأراضي العربية.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني في بلدة علما الشعب الحدودية نوفمبر الماضي (رويترز) play-circle

هل يدفع مسار التفاوض إسرائيل إلى تبريد جبهة لبنان؟

منذ تكليف السفير السابق سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، شهد جنوب لبنان تبدّلاً لافتاً تمثل بوقف إسرائيل الاغتيالات مع تفاوت في التصعيد.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس يوم 8 نوفمبر (الرئاسة اللبنانية)

«الميكانيزم» تستعد للدخول في اختبار «تبادل نيات» بين لبنان وإسرائيل

تدخل المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية برعاية لجنة «الميكانيزم» حتى موعد انعقاد اجتماعها المقبل في 19 ديسمبر الحالي بمرحلة اختبار النيات.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تُسيّر دوريةً برفقة قوات الجيش اللبناني في مركبات تابعة لقوة «اليونيفيل» في منطقة البويضة بمرجعيون (أ.ف.ب)

الجيش اللبناني: توقيف 6 أشخاص اعتدوا على دورية لـ «اليونيفيل» في الجنوب

أعلن الجيش اللبناني، اليوم (السبت)، القبض على 6 أشخاص اعتدوا على دورية تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بطريق الطيري-بنت جبيل جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

بولبينة وبركان ضمن تشكيلة الجزائر لأمم أفريقيا

عادل بولبينة حضر في تشكيلة الجزائر للـ«كان» (رويترز)
عادل بولبينة حضر في تشكيلة الجزائر للـ«كان» (رويترز)
TT

بولبينة وبركان ضمن تشكيلة الجزائر لأمم أفريقيا

عادل بولبينة حضر في تشكيلة الجزائر للـ«كان» (رويترز)
عادل بولبينة حضر في تشكيلة الجزائر للـ«كان» (رويترز)

أعلن فلاديمير بيتكوفيتش، مدرب الجزائر، السبت، تشكيلته لكأس أمم أفريقيا لكرة القدم المقررة في المغرب في وقت لاحق هذا الشهر، التي ضمت ثنائي الهجوم المتألق في كأس العرب مع المنتخب الثاني رضوان بركان وعادل بولبينة.

كما ضمت القائمة ثنائي الفريق الثاني يوسف عطال ومحمد أمين توغاي.

وغاب عن التشكيلة الحارس أليكسيس قندوز، بسبب الإصابة، وسيعوضه أنتوني ماندريا الغائب منذ فترة طويلة.

وأقنع زين الدين بلعيد مدافع شبيبة القبائل المدرب بيتكوفيتش بضمه لتشكيلة أمم أفريقيا، بعدما تألَّق معه في معسكر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

كما حضر في التشكيلة ثنائي الدوري السعودي، رياض محرز لاعب الأهلي وحسام عوار لاعب الاتحاد، بالإضافة للحارس لوكا زيدان نجل أسطورة كرة القدم الفرنسية زين الدين زيدان، الذي اختار مؤخراً تمثيل الجزائر، وطنه الأم.

وودَّعت الجزائر حاملة لقب كأس العرب البطولة المقامة في قطر من دور الثمانية، بعدما قلبت الإمارات تأخرها بهدف لتفرض التعادل 1 - 1 بنهاية الوقتين الأصلي والإضافي، ليحتكم الفريقان إلى ركلات الترجيح التي فاز بها منتخب البلد الخليجي (7 - 6) الجمعة.

وتقام كأس أمم أفريقيا في المغرب المجاور، في الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، حتى 18 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وتلعب الجزائر، التي تأهَّلت لكأس العالم، للمرة الخامسة في تاريخها، في المجموعة الخامسة بكأس أمم أفريقيا مع بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية والسودان.


كأس العرب: رئيس الاتحاد العراقي يعتذر للجمهور بعد الخروج

عدنان درجال (الاتحاد العراقي)
عدنان درجال (الاتحاد العراقي)
TT

كأس العرب: رئيس الاتحاد العراقي يعتذر للجمهور بعد الخروج

عدنان درجال (الاتحاد العراقي)
عدنان درجال (الاتحاد العراقي)

قدّم رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال اعتذاره للجماهير العراقية بعد الخُروجِ من منافسات كأس العرب المقامة في قطر، واعداً بتحضيرات للملحق العالمي المؤهل لمونديال 2026، عبر بيان نشره موقع الاتحاد.

وتوقفت طموحات «أسود الرافدين» عند الدور ربع النهائي بعد الخسارة أمام الأردن 0-1.

وأكد رئيس اتحاد الكرة أن «لاعبي (أسود الرافدين) سيعوضون ذلك في شهر مارس (آذار) المُقبل، بتحقيق الحلم الأكبر بالوصول إلى المونديال العالمي».

ووفقاً للبيان، فقد التقى رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم، بعد الخسارة، باللاعبين، مؤكداً: «كلنا فخورون بالمُستويات المُميزة التي قدمتموها في البطولةِ، على الرغم من أن بعضكم يلعبُ للمرةِ الأولى مع المنتخبِ الوطني».

وواصل حديثه: «كنتم على قدرِ المسؤوليةِ والتحدي في تمثيلِ بلدكم. اليوم لم تستحقوا الخسارة، كنتم الأفضل بشهادة الجميع، ولكن هذه كرة القدم لا تنصفُ دوماً الأفضل».

وأوضح درجال: «حققنا فوائد كثيرة من هذه المُشاركة، في مقدمتها كسب لاعبين جدد، وهو ما سيشكّل إضافة مهمة للمنتخب الوطني في المرحلة المُقبلة».

وفاز العراق على البحرين 2-1، وعلى السودان 2-0، وخسر أمام الجزائر 0-2 في مبارياته ضمن المجموعة الرابعة ليحتل المركز الثاني برصيد ست نقاط، قبل أن يودع كأس العرب بخسارته أمام الأردن بهدف من دون مقابل في ربع النهائي.

ويملك العراق سجلاً مميزاً بإحرازه اللقب أربع مرات أعوام 1964 و1966 و1985 و1988.

وبشأن الملحق العالمي المؤهل لمونديال 2026 حيث سيواجه العراق الفائز من مباراة سورينام وبوليفيا، ذكر رئيس الاتحاد أن «لدينا ثلاثة أشهر ونصف الشهر للمُلحق العالمي. يجب أن تكونوا على استعداد تام. نريد الالتزام والانضباطَ والتدريب، والعمل الجاد، من أجل أن تحققوا حلم جماهيركم بالصعود لكأسِ العالم بعد غيابٍ لـ40 عاماً».


أمم أفريقيا: مصير الركراكي والطرابلسي وحسام حسن على المحك

وليد الركراكي (رويترز)
وليد الركراكي (رويترز)
TT

أمم أفريقيا: مصير الركراكي والطرابلسي وحسام حسن على المحك

وليد الركراكي (رويترز)
وليد الركراكي (رويترز)

صحيح أن المدربين «أبناء البلد»؛ المغربي وليد الركراكي والمصري حسام حسن والتونسي سامي الطرابلسي، قادوا منتخباتهم الوطنية إلى نهائيات كأس العالم الصيف المقبل، لكن بقاءهم في مناصبهم يتوقف بشكل كبير على نتائجهم في كأس أمم أفريقيا لكرة القدم بالمغرب.

عموماً، تضع الاتحادات الكروية الثقة في مدربين كبار أجانب من أصحاب الخبرة والباع الطويل في المجال التدريبي وبعقود باهظة، لقيادة منتخباتها في المسابقات الكبيرة من قبيل كأس الأمم وكأس العالم، لكن الإنجاز الذي حققه الركراكي مع «أسود الأطلس» بقيادتهم إلى نصف نهائي مونديال قطر 2022، أعاد ثقة المسؤولين في المدربين المحليين ومنحهم الفرصة، وهو ما حدث مع الركراكي والطرابلسي وحسام حسن.

حسام حسن (رويترز)

وبعدما كانت حظوظهم كبيرة، خصوصاً حسام حسن والطرابلسي في الوجود بالعرس العالمي قبل 6 أشهر على انطلاقه، تسببت النتائج المخيبة للمنتخبين المصري والتونسي في تضاؤلها، وبات مصيرهما على كف عفريت، وأي تعثر مخيب في الكأس القارية قد يؤدي إلى الاستغناء عن خدماتهما.

كان كل شيء على ما يرام بالنسبة للفراعنة، حتى دورة العين الدولية الودية في النافذة الدولية الأخيرة الشهر الماضي، عندما خسروا أمام أوزبكستان 0 - 2 في نصف النهائي، وتغلبوا على الرأس الأخضر بركلات الترجيح، حيث واجهوا انتقادات لاذعة بسبب الأداء الباهت.

وزاد الطين بلة تصريح لحسام نفسه بقوله إنه لا يملك سوى «محترفين اثنين وربع»، في إشارة إلى النجمين هداف ليفربول محمد صلاح وجناح مانشستر سيتي الإنجليزي عمر مرموش، بالإضافة إلى مهاجم نانت الفرنسي مصطفى محمد.

وعاد حسام ليؤكد أنه كان يقصد بتصريحاته فقط عدم مشاركة مصطفى محمد مع فريقه الفرنسي بصورة أساسية في الفترة الأخيرة، قبل أن يتدخل الاتحاد المصري بقيادة رئيسه هاني أبو ريدة، مطالباً المدرب وأعضاء الجهاز الفني بـ«ضرورة الحفاظ على الهدوء، والتركيز على المرحلة المقبلة من دون التشتت بما يثار حول مستقبله»، حسب مصدر مقرب من المهاجم الدولي السابق.

كما أوضح المصدر أن أبو ريدة أكد دعمه التام برفقة أعضاء المجلس لمدرب المنتخب في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أنه «سيجتمع بالجهاز الفني للمنتخب لتحديد خريطة الطريق قبل خوض أمم أفريقيا، وكذلك إعداد المنتخب للمشاركة في كأس العالم.

سامي الطرابلسي (إ.ب.أ)

مستقبل بيد الخالق

في المقابل، ورّط الطرابلسي نفسه بالمشاركة بمنتخب يضم لاعبين محليين وآخرين محترفين في أوروبا بكأس العرب، لأنه خرج خالي الوفاض بإنهائه دور المجموعات في المركز الثالث خلف سوريا وفلسطين.

ووجَّه كثير من النجوم السابقين لنسور قرطاج انتقادات لاذعة إلى الطرابلسي، وقال زميله السابق والمدرب الحالي للقادسية الكويتي نبيل معلول، إن النتائج المسجلة «مخيّبة للآمال بصراحة».

وأوضح أن الطرابلسي ارتكب خطأ قاتلاً حين اختار المشاركة في كأس العرب بفريق مختلط بين لاعبين من البطولة التونسية ومحترفين في أوروبا، وهو «خيار أثبت فشله لأن هذا الفريق يلعب بلاعبين يشاركون لأول مرة بعضهم مع بعض، ولا يمكن تحقيق نتائج طيبة بهذه الطريقة».

وعدَّد الطرابلسي أسباب الخيبة بالقول: «هذا هو المستوى الحقيقي والطبيعي لمنتخبنا، أعتقد أن مباريات دوري أبطال أفريقيا تسببت في ضرر للاعبين. لم نكن جاهزين من الناحية البدنية».

وأكد انّ مستقبله «بيد الخالق»، موضّحاً أنّ الأهداف التي يتضمّنها عقده لا صلة لها بمسابقة كأس العرب.

وتابع أنّ عقد الأهداف التي حددها مع الاتحاد التونسي للعبة مرتبطة بنهائيات كأس أفريقيا والتّأهّل إلى كأس العالم 2026، مبرزاً أن القرار بخصوص مستقبله يبقى من «مشمولات» الاتحاد التونسي.

فرصة ثانية وأخيرة للركراكي

تختلف الأمور بالنسبة إلى الركراكي الذي حقق 18 انتصاراً متتالياً قياسياً مع أسود الأطلس، كون مصيره مرتبطاً بإحراز اللقب الذي كان وعد به عقب المركز الرابع غير المسبوق في مونديال قطر.

وقتها تحدّث الركراكي عن ضغط وضعه على نفسه، حيث وضع حصيلة عرس عالمي أبلى فيه «أسود الأطلس» بلاء حسناً، بقوله إنه سيستقيل من منصبه إذا لم يفوزوا بلقب كأس الأمم الأفريقية في ساحل العاج، مضيفاً: «إذا لم أنجح فسأرحل، ويتعيّن على المدرب الجديد الاستمرار بالروح المعنوية نفسها. هكذا سيتقدّم المغرب».

ولم يفِ المدرب بوعده عقب الخروج المخيب من ثمن النهائي على يد جنوب أفريقيا 0 - 2، بل إن الاتحاد المغربي جدد «الثقة» به «لقيادة المرحلة المقبلة»، مانحاً إياه «كل وسائل الدعم والمؤازرة».

وواصل الركراكي نتائجه الإيجابية دون إقناع في أكثر من مناسبة، رغم الانتصارات المتتالية التي حقق بعضاً منها بشق الأنفس وبنتيجة 1 - 0، رغم الترسانة الهجومية القوية بقيادة نجم ريال مدريد الإسباني إبراهيم دياز؛ هدافه في التصفيات (7).

وواجه المدرب انتقادات من بعض وسائل الإعلام المحلية بخصوص التنشيط الهجومي والمعاناة أمام منتخبات لا تملك باعاً طويلاً في القارة، فدافع عن نفسه بأن جميع المنافسين يتكتلون أمام مرماهم رغبة في اقتناص ولو نقطة من المغرب.

وسيكون تحت ضغط كبير في المملكة أمام جماهيره التي لن ترضى بغير اللقب، ولن تقبل أن تخرج الكأس من أراضيها بعد نكسة 1988، عندما خرج المغرب من نصف النهائي على يد الكاميرون.