فاضل السلطاني

فاضل السلطاني
محرر الثقافة والكتب في «الشرق الأوسط» منذ عام 1997. نشر عدة كتب شعرية وترجمات. وفي الدراسات له «خمسون عاماً من الشعر البريطاني» و«الأرض اليباب وتناصها مع التراث الإنساني». وأصدر بالانجليزية «فيليب لاركن شاعراً منتمياً» و«ثلاثة شعراء محدثون». مُجاز في الآداب من جامعة بغداد، وحاصل على درجة الماجستير في الأدبين الأوروبي والأميركي من جامعة لندن.

حقائق مخيفة

شكا وزير التعليم البريطاني قبل فترة من تدني نسبة القراءة عند الأطفال والشباب البريطانيين. والأسباب أصبحت معروفة: انصراف هؤلاء إلى عالم الإنترنت، ووسائل الاتصال الاجتماعي، وألعاب الفيديو، وأخيرا الأجهزة الذكية الساحرة، التي اختزلت العالم كله، وقلبته أيضا، في جهاز بحجم الكف، سرعان ما تحول إلى أداة هوس عند الكبار أيضا.

كتب.. وكتب

هل قراءة كتب كثيرة تجعلك شخصا أفضل، أو أكثر حكمة؟ يتساءل البروفسور جون كيري، أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة أكسفورد، في كتابه الجديد «حياة في أكسفورد مع الكتب»، ويجيب صائبا: نعم، ولا. وجون كيري، أولا، مؤهل لإطلاق حكم. فقد استعرض، لمدة أربعين سنة، كتبا لجريدة «صنداي تايمز» البريطانية. وأجرى لقاءات كثيرة مع أبرز شعراء جيله مثل و.هـ. أودن، وروبرت غريفز، وشيموس هيني، وفيليب لاركن. وهو مؤلف كتب كثيرة كفلت له مكانة مرموقة في النتاج الثقافي البريطاني، وخاصة كتابه «المثقفون والجماهير». ولنعد إلى «نعم» و«لا». الكتب، بالطبع، أنواع. فهناك كتب ترتفع بك إلى سماء المعرفة، وكتب أخرى تهبط بك إلى الحضيض.

ما الذي فعلته بنا «قصيدة النثر»؟

قد يكون رحيل أنسي, أحد رواد قصيدة النثر العربية, الحاج قبل أيام قليلة مناسبة لنعيد النظر، أو لنتأمل، في المغامرة الشعرية الكبرى التي بدأها الحاج وزملاؤه توفيق صايغ، ويوسف الخال، ومحمد الماغوط، ونعني بها قصيدة النثر، قبل أكثر من نصف قرن، وهي مسافة زمنية ليست بقليلة في عمر التجارب الأدبية. أين وصلت هذه القصيدة؟

لننس الترجمة

يبدو أن الكتاب العربي ما يزال غير جذاب في الغرب. وما نقرأه هنا وهناك بأن هذا الكتاب أو ذاك قد ترجم إلى الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية، وغيرها من لغات العالم، لا يعني في الحقيقة شيئا، وإنما وهم نسوقه لإيهام أنفسنا إننا أصبحنا كتابا «عالميين». فأغلب هذه الترجمات، التي إما أن تكون مدفوعة الأجر، وإما أن تكون قد صدرت عن دور نشر صغيرة جدا، لا تستطيع حتى أن تسوق كتبها الموضوعة إلا في حالات نادرة جدا. ما نسبة قراءة كتبنا المترجمة؟

يخافون الشعراء أكثر من «الشيطان الأكبر»

نعم، إنهم يقتلون الشعراء. إنهم ينحرون الشعر في وضح النهار ونحن صامتون. الشعراء والكتاب، شرقا وغربا، صامتون. نعم، إنهم يعلقون الشعراء فوق أعواد المشانق في أمة صاغ الشعراء نجمتها الأكثر سطوعا في كل تاريخها البهي حتى حاضرها الكئيب، وكانوا في القلب من حضارتها الكبرى، بل هم قلبها.

الفاشية ليست وجهة نظر

امتلأ التاريخ العربي والعالمي بشعراء وكتاب كبار، علموا البشرية فن الجمال، وزرعوا فينا القيم الإنسانية الكبرى، لكنهم في الحياة قد يكونون من أقبح من يدب على ظهر الأرض. أهي لحظة الإلهام التي لا يفهم أحد أسرارها، حين «تتطهر» الذات من أدرانها، وتتسامى عن الواقع النثري البغيض، وتنتصب الذات عارية أمام لحظة الإبداع الكبرى في ما يسميه المتصوفة «الانخطاف»، ثم تعود بعدها إلى واقعها.. وحقيقتها البغيضة أحيانا؟

السياب وتوماس بين احتفالين

حسنا فعل اتحاد الأدباء والكتاب العرب بتخصيص 2014 عاما للسياب لمناسبة الذكرى الخمسين لرحيله المفجع في ديسمبر (كانون الأول) عام 1964، وهي مبادرة غير مسبوقة عربيا على حد علمنا، رغم أنها تقليد شائع في الأمم الحية. وعسى أن تتحول هذه المبادرة إلى تقليد سنوي نستعيد فيه كتابنا الكبار، قدماء ومحدثين، ونرد شيئا من جميلهم علينا، ونعرف بهم الأجيال اللاحقة التي ربما لم تسمع بهم، أو لم تقرأ لهم في الأقل. ولكن ماذا سنفعل بهذه المناسبة؟

نحتاج إنسانية أكثر وآيديولوجيا أقل

كتبنا في استفتاء ««الشرق الأوسط» حول أهم الأحداث الثقافية عام 2011 عن حيرة المثقف العربي أمام الزلزال الذي لا يزال يجتاح العرب، فهذا المثقف، كغيره من البشر، يبدو وكأنه أخذ على حين غرة بقوة هذا الزلزال وما يحدثه من عملية هدم هائلة لبنى ثقافية تصورناها راسخة لكثرة مكوثها في الأرض.. وشاهدناها تتهاوى أمام أعيننا في أكثر من مكان، وقد تتهاوى قريبا أو بعيدا في أمكنة أخرى.

في يوم تكريم اللغة العربية.. اليتيمة التي فقدت قاموسها

سيكون الثامن عشر من هذا الشهر يوما عالميا للغة العربية، الذي أقرته الهيئة الاستشارية لتنمية الثقافية العربية (أرابيا).. وهذا اليوم يصادف الذكرى السادسة والثلاثين لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبار اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية لها، ولكل المنظمات الدولية التابعة لها.

أحفاد ابن بطوطة

يبدو أن أدب الرحلة ما يزال مطرودا من خارطة السرد العربي، بعدما عرف ازدهارا في موروثنا الثقافي القديم، وما يزال محبوسا في كتبنا المدرسية في مادتي الجغرافيا أو التاريخ. لقد تعرض هذا الجنس الأدبي البالغ الأهمية، أكثر من كل الأجناس الأدبية الأخرى، لظاهرة الاستمرار والانقطاع طوال تاريخ الأدب العربي، كما أنه اتخذ أشكالا مختلفة ربما ساعدت على نفيه من أرض الأدب، منذ رحلة ابن فضلان في القرن العاشر الميلادي، وهي من أقدم الرحلات المكتوبة، إلى بلاد الصقالبة بتكليف من الخليفة العباسي المقتدر لطلب المعونة منهم، فاعتبرت رحلة سياسية أو دبلوماسية على الرغم من احتوائها على الكثير من عناصر السرد الأدبي.