محمود أبو عواد
عشر دقائق مرت هادئة على قطاع غزة، بعد أن أعلن الاحتلال الإسرائيلي عن «هدنة إنسانية» من طرف واحد تبدأ الساعة العاشرة بالتوقيت المحلي، لكن الدقائق الأولى من الهدنة كانت مسمومة بالغدر حين دوى انفجار قريب من بيتنا وهز مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة بأكمله، وانبعث الدخان من المكان المستهدف. عجلت بالنظر من نافذة غرفتي نحو المكان، فوجدت أن منزلا قريبا أصابه الصاروخ الذي سمعت صفير إطلاقه وانفجاره في ثوان معدودة، وما لبثت أن ركزت ناظري نحو المنزل حتى عرفت أنه منزل جارنا أبو خالد البكري الذي يؤوي العشرات من أفراد عائلته وبعض أقربائه النازحين من بلدة بيت لاهيا، كانوا يعتقدون أنه في أمان بعيدا عن القتل الذي يط
تمر أيام عصيبة جدا على الفلسطينيين في قطاع غزة، وكوني أحدهم فيمكنني القول: إننا عدنا إلى ما أشبه الحياة في العصر الحجري بعد أن اكتفينا بالقراءة عنه في كتب التاريخ ولكن سكان غزة لم يعرفوا أن بعد آلاف السنين سيعيشونه واقعا بعد أن دمرت الحرب الإسرائيلية المتواصلة كل شيء يحيا به الإنسان في الألفية الثالثة «ألفية التطور التكنولوجي الهائل». يوم بأكمله وعدة ساعات أخرى عشت فيها من دون هاتف بعد أن خلا هاتفي الجوال من الشحن بسبب انقطاع التيار الكهربائي وعدم وجود أي بديل لشحن احتياجاتي، بل إن كل سكان غزة يعيشون في ذات المعاناة وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة، ومهما تحدثنا عما تتسبب به الكهرباء من أزمات خانقة
ما إن سمع نبيل المقيد عبر وسائل الإعلام المختلفة بسماح القوات الإسرائيلية للفلسطينيين في منطقة بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، بالعودة إلى منازلهم بزعم انتهاء العملية العسكرية هناك، حتى أسرع إلى محل إقامته المؤقت في الصف «د» في مدرسة «أبو حسين»، حيث يقطن إلى جانب عائلته بعد أن فر من منزله في منطقة السلاطين شمال بيت لاهيا، ليجمع ما لديه من بعض الأمتعة طالبا من زوجته وأطفاله الستة بالتجهز للعودة إلى منزلهم بعد أكثر من 18 يوما من النزوح. وبعد نحو ثلاث ساعات وصل المقيد إلى منطقته وهو يتدرج بين المنازل بحثا عن الشوارع الفرعية التي اختفت معالمها تحت الأنقاض.
انتظرت كما سكان قطاع غزة أن تمر الليلة الماضية سريعا بعد أن أعلن عن توافق فلسطيني - إسرائيلي برعاية دولية عن «هدنة إنسانية» تستمر 72 ساعة، ليتنفس الفلسطينيون في غزة الصعداء بحثا عن شيء يهدئ من روعهم ويخفف من آلامهم القاتلة بعد كل هذا البحر من الدم المنتشر في الشوارع كما سيول المطر وبعد كل هذا العدد من الضحايا الذين فاق عددهم الألف. دقت عقارب الساعة المحلية عند الثامنة صباحا، فتحت نافذة غرفتي التي كنت أتحسب عند فتحها من صاروخ يباغتني، لكني فتحتها وسط كل هذا الهدوء لأستنشق هواء البحر المتوسط الذي يطل على مخيم الشاطئ وحرمت من هوائه كما الآلاف من المواطنين الذين يقطنون قبالة هذا الساحل الذي لم تغا
على غير العادة مقارنة بالأيام الماضية، استطعت كما سكان قطاع غزة استغلال ساعات الهدوء المريبة التي خادعتنا حتى صباح اليوم للنوم في سبات عميق بعيدا عن أصوات الصواريخ والقذائف التي كانت تسمع بشكل محدود جدا. خرجت هذا الصباح، رغم القصف الذي تجدد على القطاع، لشراء بعض الخضار والمواد الغذائية اللازمة من سوق مخيم الشاطئ القريب من منزلنا، لعائلتي الذي يقطن في منزلها حاليا أكثر من 300 شخص بعد أن تكدست عائلات من أقربائي المشردين من الشجاعية وجباليا، ورافقني شقيقي الأصغر في رحلتي القصيرة جدا ونحن نرى القليل من المواطنين الذين يستطيعون التحرك بحذر عائدين بخفي حنين من السوق، وبعضهم يحدث الآخر «كيف بدنا نعيش
يُعد فندق الديرة غرب مدينة غزة، أحد أبرز معالم المدينة، وأكثرها إقبالا من الصحافيين الأجانب والعرب الذين يزورون قطاع غزة في مهام صحافية محددة لعدة أيام، وخصوصا في العمليات العسكرية الإسرائيلية على القطاع. وبرز الفندق الذي جرى بناؤه على مساحة 800 متر على شاطئ بحر غزة، بعد أن التقطت الصحافة الأجنبية والعالمية المختلفة صورا مفاجئة لحادثة قتل البحرية الإسرائيلية أربعة أطفال فلسطينيين من عائلة واحدة كانوا يلعبون على شاطئ البحر قبالة الفندق تماما؛ حيث التقطت بعض الصور قبيل وأثناء وبعد الحادثة التي هزت العالم بسبب وقوعها أمام أعين الصحافيين الأجانب الذين لم ينتظروا طويلا حتى كتبوا أقسى العبارات في «ج
مرت ليلة أخرى من الليالي الأكثر دموية وأكثرها غارات على غزة، كنت كما الآخرين من سكان القطاع أنتظر المصير الذي سألقاه إلى حين أن تضع الحرب أوزارها، هذه الحرب التي لم ترحم طفلا أو امرأة، وحولت غزة إلى كتلة من اللهب بفعل الصواريخ التي تزن أطنان المتفجرات وتطال كل حي ومخيم وشارع وزقاق في غزة. ساعات طويلة..
بعد خمسة أيام من إنقاذها بمعجزة ربانية، ما زالت الرضيعة شيماء تنام في حضانة للخدج، في مستشفى ناصر الطبي في خان يونس، وتتلقى رعاية خاصة بعد أن نجح الأطباء بانتشالها حية من جثة والدتها التي قتلت فجر الجمعة الماضية بصواريخ إسرائيلية دمرت منزلها الواقع شمال منطقة دير البلح جنوب قطاع غزة وحولته إلى ركام. وترقد الحاجة ميرفت قنن، وهي والدة شيماء الأم التي قتلت في بيت زوجها إبراهيم الشيخ علي، إلى جانب حفيدتها الصغيرة التي سمتها الجدة شيماء أيضا، تيمنا بوالدتها التي «كانت تعد الأيام بالثواني والدقائق من أجل أن تصل للحظة التي ترى فيها طفلها الأول بعد أن طال الانتظار». وتقول الحاجة قنن إن ابنتها، التي دخ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة