محسن المحمدي
معروفة هي تلك الهجمات التي تلقاها «التحليل النفسي» وذلك منذ نشأته بزعامة فرويد، ويبقى أهم نقد له هو ذلك الذي كان من طرف الإبستمولوجي الشهير «كارل بوبر» الذي أخرج التحليل النفسي من دائرة العلمية لأنه بحسبه نظرية غير قابلة للتكذيب وتدعي أنها تجيب على كل المآزق، لهذا فهي من «أشباه العلم» أو لنقل إنها علم مزيف مثلها مثل التنجيم.
صدر خلال هذه الأيام الأخيرة كتاب جديد للدكتور سعيد شبار بعنوان: «حوارات من أجل الذكرى والذاكرة» عن مركز دراسات المعرفة والحضارة. وهو يجمع بين دفتيه حوارات أنجزها المؤلف مع بعض كبار الفكر العربي، منهم من قضى نحبه كعبد الوهاب المسيري ومحمد عابد الجابري ومحمد أركون، ومنهم من هو على قيد الحياة، الدكتور طه عبد الرحمن. وقد سبق نشر بعض هذه الحوارات في تسعينات القرن الماضي في بعض الصحف المغربية.
تنتاب المتأمل، في العادة، مشاعر متضاربة تجاه العلم ومنجزاته، فتارة التفاؤل والإعجاب والفخر بقدرة الإنسان وشجاعته في كشف اللثام عن خبايا الطبيعة وأسرارها، بل إقدامه على مواجهة الحتميات وتعديلها وتصويبها (تسخير المادة، تصحيح النظر، تعديل وراثي، تجميل...)، وتارة أخرى يحس المرء بالتشاؤم، وأن الأمور تسير إلى الهاوية؛ إذ لم تعد مغامرة العلم مريحة كما الأول، بل أصبحت مثار نقد واتهام. فعموماً، هناك فريقان: واحد يرى في العلم الخلاص، على أساس أنه المنقذ الذي ينبغي التعويل عليه للتخفيف من معاناة البشر وقسوة الطبيعة؛ ففهم حركيتها وعللها القريبة يسمح بالتحكم فيها، ومن ثم التحرر من قبضتها وخطورتها علينا.
إن أي باحث يريد أن يستوعب منظومة التفكير الحداثية، عليه ألا يكتفي بالكتب المدرسية، أو ببعض التعريفات التي تكون في الغالب اختزالية ولا تعطي الصورة الحقيقية، بل وخلافا لذلك عليه أن يخوض في الفكر الغربي على الأقل من القرن السادس عشر إلى حدود الساعة، قارئا عينات من المفكرين والفلاسفة الذين طبعوا هذه المرحلة، ناهيك عن الوقوف عند المذاهب والتيارات الفكرية التي انتشرت وتناسلت ولا تزال... ومع شيء من الصبر والتؤدة، سيكتشف هذا الباحث بداية أنه أمام الشتات والضياع، إلى حد انفلات الأمر منه، ولربما لن يقدر على القبض على دلالة جامعة ومانعة للحداثة.
تشبه أطروحة أمين معلوف التي اقترحها في كتابه المشهور «الهويات القاتلة»، تشبه إلى حد كبير أطروحة الفيلسوفة البلغارية «جوليا كريستيفا»، من مواليد 1941، صاحبة كتاب عنوانه «غرباء بدواخلنا»، الذي كتبته لتبرز أن من نسميه: الغريب الأجنبي»، الذي نراه غصة خانقة في الحلق، والعدو المباشر الذي ينبغي محوه لضمان سلامة الجماعة، هو في حقيقة أمره الوجه الخفي لهويتنا. إنه يستوطن الذات ويقبع في أعماقها بشكل غريب، فالآخر كما تؤكد جوليا كريستيفا ينطلق غريبا في بدايته عن ذواتنا، ليصبح بعد ذلك جزءا لا يتجزأ منها. والأمثلة على ذلك لا حصر لها.
لقد تم اكتشاف بنية الحمض النووي، أو ما يسمى اختصارا بـ«DNA» سنة 1953 من طرف كل من جيمس واطسن، الذي كان عمره 25 سنة فقط، وهو المتخصص في علم الوراثة، وفرنسيس كريك المتخصص في الفيزياء، وذلك بعد نشر عملهما الحاسم في مجلة «Nature». وكان عبارة عن صياغة لنموذج الحمض النووي، الذي ما هو إلا شريط لولبي كدرجات السلم، مكون من قواعد كيميائية يرمز لها (A - T - G - C).
صدرت في شهر مارس (آذار) الماضي ترجمة لكتاب بعنوان: «الثورة بلا قيادات» للمؤلف كارن روس، قام بها فاضل جتكر ضمن سلسلة «عالم المعرفة» الكويتية.
بعض الباحثين حينما يريدون تناول مفكر أو فيلسوف بالدرس، يجهدون أنفسهم في البحث عن سيرته والغوص في تفاصيل دقيقة عن حياته، وذلك من منطلق أن ذلك سيضيء فهمهم لمواقفه، وستتضح لهم بعض ما استغلق من أطروحاته، فالحياة التي عاشها تلقي بظلها على تفكيره وتلون قناعاته... لكن الأمر في الحقيقة ليس كذلك إلا بنسبة ضعيفة جداً، ولا يمكن اعتمادها أبداً كقاعدة، وهو ما سنحاول بيانه: إنك مثلا حينما تقرأ كتاباً مرموقاً من قبيل «نقد العقل الخالص» لصاحبه الفيلسوف إيمانويل كانط، فأنت لا يهمك هل تزوج أم لا؟ هل أقام علاقات غرامية أم لا؟ هل كان عفيفاً طاهراً أم كان ماجناً فاسقاً؟هل كان نبيلاً أم خسيساً؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة