Âbid es-Suheymî
يستبطن الفكر الإلحادي مسلَّمة أساسية، هي أن الاعتقاد الديني نتاج وعي بدائي، وأن تطور العقل ينطوي بالضرورة على تجاوز الإيمان، حيث يسود تصوُّر عن مباراة صفرية تدور رحاها بين الدين والعلم؛ فلا بد أن يختفي الأول تماماً مع التطور الفائق للثاني، ونجاحه في تأسيس سلطته الواسعة على مفهوم الحقيقة. وفي اعتقادنا أن ذلك الفهم لا يعدو أن يكون اختزالاً يضيِّق من أفق الوعي الإنساني، لأن المفاهيم المجردة والقضايا المعنوية، كالإيمان الروحي، هي ثمرة عقل متطور بالفعل، على عكس العقل البدائي الذي يقتصر إدراكه على الخرافي والمحسوس.
نعم... لدينا حلم قديم ومتجدد دوماً، في أن نكون شيئاً آخر غير ما نحن عليه. ولعل هذا هو أحد أسباب جاذبية الحركات العابرة للإنسانية اليوم، لا سيما حركة «ما بعد الإنسانية»، التي تلقي اهتماماً كبيراً على المستوى الشعبي والنخب الفكرية والعلمية ورجال المال والأعمال في مناطق مختلفة من العالم**.
تتوق روح البليد إلى الشعور بأنه مخدوم وألا حاجة إلى التفتيش والبحث العلمي، وأن كل شيء على ما يرام ومُحكم، وأن ما عنده كله، دِقه وجلّه، صحيح لا شك فيه. ولهذا؛ لا يريد أن يطرح حول ذلك سؤالاً، وقد يكره من يطرح السؤال. وحده الحكيم هو من يدرك في قرارة نفسه، أن الحقيقة غالية وأن الوصول إلى الحقائق، الخاصة والعامة، يحتاج إلى كثير من التمزق والألم. قراءة هذا المقال تحتاج إلى شيء من هذا من قِبل القارئ؛ فالحديث هو عن تاريخنا وكيف تمت كتابته. بدأ التدوين الحقيقي متأخراً جداً في منتصف القرن الهجري الثاني؛ فالعرب قبل الإسلام وخلال قرنه الأول وبعض الثاني لم يكونوا أهل كتب، بل أصحاب ثقافة شفهية.
ثمة ظاهرة ثقافية عربية يمكن ملاحظتها بالعين المجردة، تتمثل في التحولات الفكرية التي خاضها آباء الفكر النهضوي وأرباب مشروعات التجديد الثقافي، خصوصاً من الجيلين الثاني والثالث (يمكن نسبة الجيل الأول إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والجيل الثاني إلى الفترة بين أوائل القرن العشرين وأربعيناته، أما الجيل الثالث فيمتد بين أربعيناته وتسعيناته).
غيرت جائحة «كورونا» أموراً كثيرة في المجتمعات الإنسانية، خلال العامين الماضيين، بما في ذلك الطريقة التي نتواصل بها ونعتني بالآخرين ونعلم أطفالنا ونعمل وغير ذلك. لكن بعض هذه التغييرات قد تكون وقتية، مثل ارتداء الكمامات في الأماكن العامة، والتباعد الاجتماعي، وغير ذلك، وبعضها قد يبقى معنا بشكل دائم.
تحمل مُدنُنا الإنسانيّة المعاصرة سماتِ التراث الذي نشأت عليه، وبه انطبعت انطباعاً عميقاً، وفيه اختبرت ضروباً شتّى من النموّ والتطوّر. ولكنّنا نراها اليوم تُشرّع أبوابَها لاستضافة أفرادٍ يأتون إليها من كلّ حدب وصوب، إما للسياحة، وإما للتجارة، وإما للتقابس الفكريّ، وإما للإقامة الموقّتة أو الدائمة. لا شكّ في أنّ لكلّ مدينة من مُدننا طابعها التراثي المقترن بهويّتها الثقافيّة الخاصّة. لذلك يلاحظ المرءُ الإرباك الذي ينتاب الضيوف حين يَطؤون أرض الغربة، سواء في الشرق أو في الغرب.
في تقديمه لكتابه «نهاية المجتمع التقليدي»، كتب دانييل ليرنر، إن المجتمع التقليدي يحتضر في كل القارات، وإنه لا يوجد ركن واحد في العالم يستعصي على الحداثة، التي رغم أنها تاريخياً منتوج غربي، فإنها ذات صلاحية عالمية.
حبة رمل على طرف إبهامك على مد ذراعك... تلك هي المساحة المتناهية صغراً المكافئة للصورة التي التقطها التليسكوب الكوني «جيمس ويب» التي حملت تفاصيل بلايين المجرات التي تحوي بلايين الشموس والنجوم الآتي قبس نورها من زمان مضى... أو هكذا نتوهم أنه مضى...! كل ذلك على مرمى لمحة بصر من لحظة نشأة الكون منذ ثلاثة عشر بليون سنة ضوئية... هكذا سبرنا غور الزمان ونحن على همل من المكان في ذاك الكون المترامي نسمه كوكباً...! كوكب يتواقت فيه - حال ما اصطلحنا على أن نسميه - الفجر والسحر والشروق والغروب... يتتام فيه ليله الدامس ونهاره البَين... شروق الشمس في بعضه هو عين غروبها في بعضه الآخر...
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة