«حراك رئاسي» لبناني داخلي وخارجي.. والبحث «يتجاوز» الأسماء المتداولة

تكتل عون يرجح التغيب عن جلسة الانتخاب الخميس.. والراعي يجدد تحذيره من الفراغ

رئيس الحكومة اللبناني الأسبق سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لدى لقائهما في باريس أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبناني الأسبق سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لدى لقائهما في باريس أمس (دالاتي ونهرا)
TT

«حراك رئاسي» لبناني داخلي وخارجي.. والبحث «يتجاوز» الأسماء المتداولة

رئيس الحكومة اللبناني الأسبق سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لدى لقائهما في باريس أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة اللبناني الأسبق سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لدى لقائهما في باريس أمس (دالاتي ونهرا)

تكثّف الحراك على خط الانتخابات الرئاسية في لبنان داخليا وخارجيا، وذلك قبل موعد انعقاد المجلس النيابي اللبناني الخميس المقبل لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس الحالي ميشال سليمان الذي تنتهي ولايته الأحد المقبل. وكانت العاصمة الفرنسية، أمس، محطّة لقاءات عدّة جمعت كلا من رئيس تيار المستقبل رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، ورئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية ومرشّح قوى 14 آذار سمير جعجع. كما توجّه إلى فرنسا، أمس، رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، ووزير الصحة وائل أبو فاعور، للقاء الحريري أيضا.
وأشارت مصادر في قوى 14 آذار إلى أن اللقاءات المكثفة التي تحصل لا سيما تلك التي جمعت جعجع والحريري، أمس، تهدف إلى التأكيد على تحالف 14 آذار، ووضع خطة للعمل في المرحلة المقبلة لا سيما على صعيد الانتخابات الرئاسية. وأكدت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن دعم ترشيح النائب ميشال عون، زعيم التيار الوطني الحر وتكتل التغيير والإصلاح النيابي، يعد «خارج هذا الطرح، وما يحكى عن موافقة الحريري على انتخابه رئيسا هو أمر غير صحيح». وأوضحت أنه على العكس من ذلك فهناك «مشاورات حول التوافق على شخصية من خارج الأسماء المتداولة (جعحع وعون)، وبعيدا عن تلك التي تحتاج إلى تعديل الدستور»، في إشارة إلى تداول ترشيح قائد الجيش عماد جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على اعتبار أنّهما من موظفي الفئة الأولى الذين لا يحق لهم الترشّح للرئاسة قبل أن تمر ستة أشهر على استقالتهم من منصبهم.
وكانت مصادر دبلوماسية غربية في بيروت أخبرت «الشرق الأوسط» أن فرنسا لا تضع فيتو على أي من المرشحين لغاية الآن، كما أنها لا تدعم أيا منهم، وهي تأمل أن ينسحب التوافق بين الأفرقاء اللبنانيين، الذي أدى إلى تشكيل حكومة برئاسة تمام سلام، على انتخاب رئيس، محذّرة من الفراغ، وداعية إلى احترام الدستور. ورأت المصادر أن لبنان ليس بحاجة إلى مبادرة خارجية على غرار «اتفاق الطائف» أو «اتفاق الدوحة»، وأن «اللبنانيين إذا قرّروا يستطيعون التوافق».
من جانبه، أكد النائب آلان عون عن «تكتّل التغيير والإصلاح» الذي يتزعمه عون، لـ«الشرق الأوسط»، أنه لغاية الآن لا شيء حاسم، والمشاورات مكثفة بين الجميع، والمؤكد أن اللقاءات في باريس تصب في خانة الانتخابات الرئاسية لكن تبقى نتائجها رهن الأيام المقبلة.
وعما إذا كان زعيم تكتّل التغيير والإصلاح أمّن حصوله على النصاب المطلوب لفوزه بالانتخابات، قال آلان عون لـ«الشرق الأوسط»: «الموضوع ليس مشكلة أرقام لا سيما أن كلا الفريقين يملك القدرة على تعطيل النصاب المطلوب بـ86 نائبا». وأضاف «إذا بقيت المعطيات على حالها على الأرجح فإننا سنقاطع الجلسة كما في الجلسات الثلاث الماضية».
لكن مصادر قوى 14 آذار توقعت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» مشاركة عون ونواب كتلته في جلسة الخميس «بعدما باتوا في موقع محرج جدا إثر الحملات التي شنّت على عون نتيجة مخالفته ما اتفق عليه في اجتماع الأقطاب المسيحيين في البطريركية المارونية، والتي التزم خلالها الجميع بحضور جلسات الانتخاب، إضافة إلى الدعوات المتكرّرة من قبل البطريرك الماروني بشارة الراعي التي دعا فيها الكتل النيابية إلى الالتزام بواجبها الدستوري. لكن المصادر لم تستبعد أن يكون المشهد في جلسة الخميس مشابها للجلسة الأولى التي عقدها المجلس النيابي في 23 أبريل (نيسان) الماضي لانتخاب الرئيس، مع بعض الاختلافات البسيطة.
وكان نواب «حزب الله» و«التغيير والإصلاح» قاطعوا جلسات الانتخاب الثلاث الأخيرة، وبالتالي عطّلوا النصاب، فيما تأمّن نصاب الجلسة الأولى بحضور ثلثي نواب المجلس، أي 86 نائبا، من دون أن تنتج عن انتخاب رئيس، ونال خلالها جعجع 48 صوتا من قبل فريق «14 آذار»، فيما اقترعت قوى 8 آذار بورقة بيضاء، علما بأنه يفترض بالمرشح نيل ثلثي أصوات أعضاء البرلمان الـ128 لينتخب من الدورة الأولى، بينما يتطلب انتخابه في الدورات التي تليها النصف زائدا واحدا من أصوات النواب.
وفي غضون ذلك، كرر البطريرك الراعي، أمس، تحذيره من الفراغ، معتبرا أن انتخاب رئيس للجمهورية قبل 25 مايو (أيار) الحالي «باب للخروج من الأزمات التي نتخبط بها». وجدد في عظة الأحد نداءه إلى النواب للنهوض بواجبهم الوطني وانتخاب رئيس جديد «وإلا لحقهم العار وإدانة الشعب والدول الصديقة، إذا رموا سدة الرئاسة في الفراغ». وأضاف «لا يمكن أن نرضى بالفراغ في سدة الرئاسة ولو ليوم واحد، لأنه انتهاك صارخ ومدان للميثاق الوطني، لكونه يقصي المكون الأساسي في الحكم الميثاقي في لبنان، وهو المكون المسيحي، ولأنه انتهاك صارخ ومدان للدستور، وليتذكر الساعون إلى الفراغ في سدة الرئاسة، والذين لا يرون فيه أي مشكلة، النتائج الوخيمة التي خلفها الفراغ ما بين عامي 1988 و1990، وليتحملوا نتائج الفراغ، إذا حصل». وتابع «على الجميع أن يدركوا أن الرئاسة الأولى هي بمثابة الرأس من الجسد، تعطي الشرعية للمجلس النيابي والحكومة وسائر المؤسسات، وتضمن الاستقرار في البلاد، وتعطيها شرعيتها الدولية. فلا أحد أعلى من الرئاسة، ولا أحد يحل محلها. وأمام استحقاقها تسقط كل الاعتبارات الشخصية والفئوية والحزبية والسياسية».



المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
TT

المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)

تبحث أميرة الطويل في صيدليات قطاع غزة عن حليب لإطعام طفلها يوسف، الذي يحتاج إلى علاج وغذاء، لكن كل محاولاتها لتأمينه باءت بالفشل. يستلقي يوسف بجسده النحيل على السرير في مستشفى الأقصى في دير البلح وقد ربطت رجله بحقن وريدية.

تقول الطويل لوكالة الصحافة الفرنسية: «يوسف يحتاج إلى علاج وغذاء جيد، الحليب غير متوفر نهائياً». وتضيف الأم: «أُطعمه حالياً بعض القمح، لكن لا حليب. هذا ما يجعله يعاني من الانتفاخ، طلبوا مني أن أجري له فحصاً لحساسية القمح».

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 32 شخصاً بسبب سوء التغذية.

وقالت «منظمة الصحة العالمية»، السبت، إن أكثر من 4 من أصل 5 أطفال أمضوا يوماً كاملاً من دون تناول الطعام مرة واحدة على الأقل خلال 3 أيام.

وقالت المتحدثة باسم «منظمة الصحة العالمية» مارغريت هاريس، في بيان، إن «الأطفال يتضورون جوعاً».

وبحسب منظمات الإغاثة، فإن ارتفاع معدلات سوء التغذية بين أطفال غزة دون الخامسة سببه عدم وصول المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة إلى من يحتاجون إليها.

إغلاق المعابر

بدأت الحرب في قطاع غزة مع شنّ «حماس» هجوماً غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر تسبّب بمقتل 1189 شخصاً، معظمهم مدنيون.

وردّت إسرائيل متوعدة بـ«القضاء» على «حماس»، وهي تشنّ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة، تترافق مع عمليات برية، ما تسبب بسقوط 36439 قتيلاً، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

بعد فحص أجراه مكتب «الأمم المتحدة» لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لأكثر من 93400 طفل دون الخامسة في غزة للتأكد من سوء التغذية، خلصت النتائج إلى أن 7280 منهم يعانون سوء تغذية حاداً.

وينتشر سوء التغذية في شمال قطاع غزة بشكل خاص حيث لم يتلقَّ من بقوا هناك من السكان سوى قليل من المساعدات في الأشهر الأولى من الحرب.

في الأسابيع الأخيرة تم تحويل جزء كبير من المساعدات الغذائية عبر المعابر، وذلك بعد تحذيرات من مجاعة وشيكة.

أما الطفل سيف فقد بدا منهكاً للغاية وبالكاد يستطيع التنفس.

وتقول والدته نهى الخالدي: «طوال الليل وهو يتألم ويعاني المغص والانتفاخ، تم تأجيل العملية التي كانت مقررة له، وهذا يمكن أن يسبب له انفجاراً في الأمعاء».

وتضيف الأم: «نعتمد على ما يأتي من مساعدات لإعطاء الأولاد، وهذا يؤثر كثيراً على صحتهم لأنهم اعتادوا على حليب يتناسب مع أجسادهم».

لكنها تتدارك وهي تحاول حبس دموعها «لا يتوفر أي نوع حليب في الأسواق».

ويؤكد طبيب الأطفال في مستشفى الأقصى، حازم مصطفى، أن إغلاق إسرائيل للمعابر أدى إلى تفاقم الوضع.

ويعدّ معبر رفح المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات إلى قطاع غزة من مصر، قبل أن تقوم إسرائيل في 7 مايو (أيار) المنصرم بعملية برية وتسيطر على المعبر الحدودي.

ومنذ ذلك الوقت، لم تسمح إسرائيل بدخول أي مساعدات إلى قطاع غزة، كما لم يتمكن أي من الجرحى والمرضى من الخروج للعلاج.

ويقول الطبيب مصطفى، وخلفه على شاشة الحاسوب صورة أشعة لقفص صدري لأحد المرضى، إن الأخير يعاني «ضعفاً شديداً في جسمه وسوء نمو بسبب منع الاحتلال دخول الأغذية، وخصوصاً الحليب للأطفال».

ويطالب بـ«إدخال كميات وافرة من الحليب حتى تتمكن الأمهات من إعطاء أطفالهن الغذاء المناسب ليكونوا بصحة جيدة».