لقاء فني يسبق «آستانة ـ 6» نهاية الشهر... والتركيز على إدلب

TT

لقاء فني يسبق «آستانة ـ 6» نهاية الشهر... والتركيز على إدلب

أكدت الخارجية الكازاخية أن الجولة السادسة من اجتماع آستانة، ستعقد نهاية أغسطس (آب) الحالي، في وقت اجتماع خبراء من الدول الضامنة الثلاث، روسيا وإيران وتركيا، في طهران.
وقالت مصادر من موسكو إن المحادثات بين مختلف الأطراف تبحث بشكل عام كثيراً من جوانب التسوية السورية، لكن يجري التركيز حالياً على الوضع في محافظة إدلب، وأشارت إلى احتمال إعلان موعد آخر للقاء «آستانة - 6» في وقت مبكر، في حال تم التوصل إلى تفاهمات حول القضايا التي بقيت عالقة خلال الجولة السابقة من المفاوضات.
وقال وزير الخارجية الكازاخي خيرات عبد الرحمنوف أمس: «لا تغيرات بالنسبة لموعد اللقاء في آستانة. ونجري استعداداتنا لنهاية أغسطس». وأضاف أن «جدول أعمال اللقاء سيتم تحديده بموجب نتائج المحادثات التي يجريها حالياً الخبراء من الدول الضامنة في طهران».
وقال مصدر مواكب للتحضيرات للقاء «آستانة - 6» إن مسألة موعد اللقاء ليست قضية مبدئية، وقد يتم إعلان موعد قبل نهاية أغسطس، وربما إذا تطلب الأمر يتم التأجيل لأيام قليلة، ولفت في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «كل شيء رهن بنتائج المشاورات التمهيدية والتحضيرات، إذ لا بد من إنجاز وثائق لتقوم الدول الضامنة بتوقيعها أثناء اللقاء المقبل»، وأعاد إلى الأذهان أن «لقاء (آستانة - 5) انتهى دون توقيع أي وثيقة ودون الاتفاق على أي أمر، وأحالت الدول الضامنة كل القضايا إلى لجان الخبراء بغية التوصل إلى تفاهمات ومن ثم عقد لقاء جديد في العاصمة الكازاخية».
وقال مصدر إن الفترة الحالية تشهد بشكل عام اتصالات ومشاورات مكثفة بين عدد كبير من الدول المعنية بتسوية الأزمة في سوريا، نظراً لاقتراب موعد «آستانة - 6»، وجولة جديدة من المفاوضات في جنيف، والترابط بينهما. وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «نتائج اللقاء الحالي في آستانة سيكون لها تأثير مباشر على الجولة المقبلة من المفاوضات في جنيف، وبصورة أكبر بكثير من تأثير لقاءات آستانة السابقة». ووصف الأجواء بأنها «إيجابية بشكل عام وهناك ما يدعو للتفاؤل»، غير أنه أبدى بعض القلق إزاء الوضع المعقد حول إقامة منطقة التصعيد في إدلب، ولمح إلى أن «الوضع في هذه المنطقة الرابعة من مناطق خفض التصعيد واحد من أهم المواضيع التي يجري بحثها الآن على مستوى الخبراء من الدول الضامنة»، موضحاً أن «العقدة الرئيسية تكمن في كيفية ضمان وقف إطلاق النار هناك، ومن هي الدول التي ستشارك قواتها في المراقبة والعمل على الحواجز، وكيف سيتم التعامل مع موضوع الوجود الكثيف لإرهابيي (جبهة النصرة)»، وختم قائلاً: «الوضع في إدلب قد يتطلب مشاركة دول أخرى فاعلة إلى جانب الدول الضامنة، أو تقسيم المنطقة إلى أجزاء وفقاً لتوزيع المساحات بحسب كثافة وجود (النصرة). كما لا يمكننا إغفال المخاوف التركية من موضوع توسع الأكراد وتأثير ذلك على الدور التركي في منطقة شمال وشمال غربي سوريا».
وكان ممثلو الدول «الضامنة» وقعوا في ختام لقاء «آستانة - 4» في الرابع من مايو (أيار) الماضي مذكرة إقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا، وتحديداً في محافظة إدلب، وأجزاء من أرياف اللاذقية وحلب وحماة، والمنطقة الثانية في ريف حمص الشمالي والثالثة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، والرابعة في أجزاء معينة من جنوب سوريا وريفي درعا والقنيطرة. وبعد توقيع المذكرة، باشرت لجان الخبراء من الدول الضامنة عملها لإعداد الخرائط التي ترسم حدود تلك المناطق، وللاتفاق على تفاصيل التنفيذ ومن هي القوات التي ستقوم بأعمال المراقبة وغيره. وكان من المفترض أن ينهي الخبراء عملهم ويتوصلوا لاتفاق حول كل تلك النقاط بحلول الرابع من يونيو (حزيران)، لعقد لقاء «آستانة - 5».
ورغم المحادثات والاتصالات المكثفة على مدار شهرين، لم ينجح الخبراء في إنجاز مهمتهم بسبب تباينات جدية بقيت عالقة بين الدول الضامنة حول حدود بعض مناطق خفض التصعيد ومن سيشرف عليه.
وفي نهاية المطاف وبعد تأجيل الموعد عدة مرات، تم تحديد 4 - 5 يوليو (تموز) موعداً للقاء «آستانة - 5»، وانتهى ذلك اللقاء دون أي نتيجة. لكن في 7 يوليو، أعلنت موسكو عن اتفاق روسي - أميركي - أردني على إقامة منطقة خفض التصعيد جنوب غربي سوريا، ومن ثم أعلنت يوم 22 من الشهر نفسه عن التوصل لاتفاق في القاهرة على إقامة منطقة خفض التصعيد في غوطة دمشق.
وفي 3 أغسطس، أعلنت روسيا عن اتفاق ثانٍ برعاية مصرية حول إقامة منطقة خفض التوتر في ريف حمص. وجرت الاتفاقات من دون مشاركة الضامنين التركي والإيراني، وبعيداً عن عملية آستانة. وتحاول الدول الضامنة حالياً الاتفاق بشأن المنطقة الرابعة والأخيرة في إدلب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.