الجيش اللبناني يرفض التنسيق مع دمشق في معركة «داعش»

يمهد لانطلاق العمليات البرية بتكثيف القصف المدفعي على مواقع التنظيم

TT

الجيش اللبناني يرفض التنسيق مع دمشق في معركة «داعش»

بدأ عمليا العد العكسي لانطلاق معركة الجيش اللبناني بوجه تنظيم داعش الذي يحتل أراضي لبنانية عند الحدود الشرقية مع سوريا. وبعد انتهاء تنفيذ بنود الصفقة بين جبهة «النصرة» و«حزب الله» والتي أفضت إلى خروج عناصر «النصرة» من جرود عرسال إلى منطقة إدلب السورية، صعّد الجيش من عمليات القصف المدفعي لمواقع التنظيم المتطرف تمهيدا لانطلاق العمليات البرية خلال وقت، يُجمع خبراء عسكريون أنّه بات قريبا.
وكان لافتا أمس، تأكيد الجيش اللبناني أنه «لن ينسق مع النظام السوري لقتال التنظيم» الذي ينتشر على ضفتي الحدود بين البلدين، نافيا في المقابل مشاركة قوات أميركية في المعركة المنتظرة.
وكثفت وحدات الجيش المنتشرة عند الحدود الشرقية أمس قصفها على مواقع «داعش»، وأشار بيان صادر من القيادة العسكرية إلى «استهداف مراكز تنظيم داعش الإرهابي في جرود رأس بعلبك، براجمات الصواريخ والمدافع الثقيلة، حيث تم تدمير عدد من التحصينات والآليات، وإيقاع إصابات مؤكدة في صفوف الإرهابيين».
ونشر الإعلام الحربي التابع لـ«حزب الله» مشاهد صورت من مواقع الحزب لقصف نفذه الجيش اللبناني طال تجمعات ومواقع «داعش» في قرنة الكاف والمخيرمة بجرود رأس بعلبك، ولفت إلى أن القصف براجمات الصواريخ طال أيضا مواقع التنظيم في جرد الفاكهة وجرود القاع، «ما أدّى إلى سقوط قتلى وجرحى بصفوف مسلحي داعش».
ويعول الجيش على أن يؤدي تكثيف عمليات القصف كما الحصار الخانق المفروض على عناصر التنظيم من كل الاتجاهات، إلى إعلان جهوزيتهم للتفاوض شرط أن يكون الكشف عن مصير العسكريين الـ9 المختطفين منذ العام 2014، بندا أول في أي مفاوضات. وهذا ما عبّر عنه حسين يوسف، والد العسكري المخطوف محمد يوسف مشددا على أنهم كأهالٍ للعسكريين المختطفين يرفضون دخول الدولة في أي مفاوضات مع التنظيم المتطرف لا يكون الكشف عن مصير أبنائهم بندا أول على جدول أعمالها، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الملف دخل في المرحلة الأخيرة وهناك ضغوط كبيرة تمارس وجهود أكبر تُبذل لحله». وأضاف يوسف: «نحن على ثقة بقائد الجيش وحكمته ويتبين بوضوح أنه يعطي مزيدا من الوقت لفتح باب التفاوض وللحل السلمي الذي نتوق إليه لضمان سلامة أبنائنا»، لافتا إلى أنه وبما يتعلق بموضوع التواصل مع التنظيم، «فالملف بعهدة مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي نعول كل آمالنا عليه، خاصة أننا نشعر بأن هناك خيوطا ما يتم العمل عليها وبتكتم لكشف مصير أبنائنا».
وتؤكد مصادر أمنية أن الاستعدادات للمعركة تسير بالتوازي مع إمكانية التوصل لحل سلمي يفضي لخروج عناصر «داعش» من لبنان بعد الكشف عن مصير العسكريين، لافتة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الإعلان عن انتهاء المهل وتحديد ساعة الصفر مسألة محصورة بالقيادة العسكرية التي تحظى بغطاء كامل من القيادة السياسية».
وأظهرت خريطة أعدها «الإعلام الحربي» وضعية السيطرة على الحدود الشرقية بين الجيش اللبناني والقوات السورية و«داعش»، موضحة أن التنظيم يحتل ما يقارب الـ141 كلم مربع من الأراضي اللبنانية الحدودية مقابل سيطرته على 155 كلم مربع من الأراضي السورية، حيث يصل منطقة سيطرته بين لبنان وسوريا. ويُعقّد هذا التداخل في المناطق مسألة القضاء على التنظيم خاصة في ظل تمسك السلطات اللبنانية برفض التنسيق مع النظام السوري، رغم كل المساعي التي يبذلها «حزب الله» في هذا الاتجاه والتي أعلن عنها صراحة أمينه العام حسن نصر الله في إطلالته الأخيرة لافتا إلى أن الجيش اللبناني سيهاجم «داعش» من الجانب اللبناني للحدود، «بينما سيهاجمه حزب الله والجيش السوري في نفس الوقت من الجهة السورية».
وفي هذا السياق، أكد مصدر عسكري لوكالة «رويترز» أمس أن الجيش اللبناني لن يتعاون مع القوات السورية النظامية لقتال «داعش» في منطقة على الحدود بين البلدين، نافيا بذلك ما أوردته تقارير صحافية عن وجود اجتماعات وتنسيق عسكري مباشر بين الطرفين اللبناني والسوري. وقال المصدر إن الجيش اللبناني «لديه من القدرة العسكرية ما تمكنه من مواجهة التنظيم المتشدد وهزيمته دون أي دعم إقليمي أو دولي».
وقال وزير الدفاع اللبناني يعقوب رياض الصراف أمس خلال دردشة مع إعلاميين بأن «الخوف على مصير العسكريين عنصر أساسي في كل ما هو حاصل»، معتبرا أنه «إن لم يحصل ضغط معين لإعادة فتح المفاوضات فلن نتمكن من استرجاع عسكريينا، أضف أنّه علينا أن نفكر أيضا بأنه لنا شعب ودولة واقتصاد وأرض من الواجب حمايتها ومصير العسكريين يدخل في الحسبان كما مصير الأرض». وإذ شدد الصراف على أن «الجيش هو مؤسسة مستقلة تكلف بقرار سياسي ولكن لها حق تحديد الساعة والمكان والزمان والأسلوب والإمكانيات اللازمة»، أكد أنّه «ليس لأي فريق سياسي الحق بالضغط على الجيش كما أنّه ليس هناك قوى محلية أو إقليمية أو دولية بإمكانها أن تضغط عليه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».