ليبيا: خلاف سياسي ـ عسكري جديد بين حفتر والسراج يهدد اتفاق باريس

TT

ليبيا: خلاف سياسي ـ عسكري جديد بين حفتر والسراج يهدد اتفاق باريس

برزت أمس خلافات جديدة بين المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي وفائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، حول حقيقة السيطرة على قاعدة غات العسكرية الواقعة في جنوب غربي ليبيا، بالإضافة إلى الموقف من الدستور الجديد للبلاد.
وعقب ساعات من إعلان منتسبين لمطار غات العسكري انضمامهم رسمياً إلى قيادة حفتر، اجتمع السراج في طرابلس مع آمر قاعدة غات الجوية العميد عبه مغار، بحضور عضو مجلس النواب عن غات صالح همه. وقال مكتب السراج، في بيان، إن الاجتماع تناول الترتيبات الخاصة بالقاعدة والاحتياجات اللازمة والمهمات المسندة إليها، مشيراً إلى أن آمر القاعدة قدّم إيجازاً عن الوضع الأمني فيها، نافياً ما يتردد عن قيام بعض العناصر بالاستيلاء عليها، وأكد استمرار التنسيق والمتابعة مع رئاسة الأركان الجوية ووزارة الدفاع في حكومة الوفاق في الأمور كافة.
وأكد السراج، في المقابل، اهتمامه البالغ بالمؤسسات العسكرية في الجنوب، وحرصه على توفير كل ما يدعم هذه المؤسسات لتؤدي عملها على أكمل وجه، على حد تعبيره.
لكن العقيد أحمد المسماري الناطق باسم الجيش الوطني الليبي قال لـ«الشرق الأوسط»، في تصريح مقتضب، إن قاعدة غات الجوية وكل الوحدات العسكرية في منطقة الجنوب الغربي تتبع القيادة العامة للقوات المسلحة و«الآن حان وقت المجاهرة بالانضمام والانضواء تحت القيادة العامة». وأضاف أن السراج «يتخبط في قراراته وانعدام التوازن لديه بين الواقع والحلم، فلجأ إلى الدعاية الإعلامية. وأعتقد أنه لم يعد شريكاً فاعلاً في إنهاء حالة الفوضى وعدم الاستقرار في ليبيا».
لكن الخلاف بين الطرفين لا يزال أعمق مما يبدو على السطح بسبب الصعوبات التي تكتنف مسألة إعادة توحيد الجيش، إذ يقود حفتر الجيش الوطني من الشرق، في حين يسعى السراج إلى إنشاء جيش معتمداً بالأساس على عناصر ميليشيات مسلحة تناصب حفتر العداء.
وتدور الحرب في ليبيا على جبهات عدة. ويقاتل حفتر في الشرق ضد تحالف من الإسلاميين المتشددين والمعارضين السابقين في بنغازي ويشن ضربات جوية على جماعات مسلحة في درنة. واكتسب حفتر زخماً وحقق انتصارات على حساب خصومه الإسلاميين في بنغازي، وسيطر على موانئ نفطية رئيسية بمزيج من القوة العسكرية والمفاوضات مع القبائل.
إلى ذلك، أعلنت حكومة عبد الله الثني الانتقالية في شرق ليبيا إعفاء منير عصر وزير العدل من منصبه. وقالت في بيان إنها اتخذت القرار بناء على طلبه بإعفائه من مهامه، علما بأنه تولى منصبه وزيراً للعدل في يونيو (حزيران) من العام الماضي.
ودعا بيان باسم «شباب قبائل المنطقة الشرقية» أمس المشير حفتر إلى التدخل لوقف عمل «هيئة صياغة الدستور» الجديد، واعتبر المسودة الأخيرة لمشروع الدستور «مهزلة دستورية»، علما بأن السراج كان قد رحّب بإقرار مسودة الدستور يوم السبت الماضي، مثمناً جهود أعضاء هيئة الصياغة في التغلب على المصاعب التي واجهت عملهم منذ تكليفهم بهذا الاستحقاق الوطني. ودعا السراج، في بيان، الأطراف المعنية إلى تهيئة الظروف لإصدار دستور جديد لليبيا بما في ذلك عرضه على استفتاء شعبي، مؤكداً ثقته في أن الجميع سيدركون أن الدستور «قاعدة بناء الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، التي يتطلع جميع الليبيين إلى تحقيقها».
إلى ذلك، اعتبر أنطونيو تاياني، رئيس البرلمان الأوروبي، أن أي مبادرة لتجاوز الأزمة الليبية، إيطالية أم فرنسية كانت، ينبغي أن تحظى بالدعم الأوروبي، مضيفاً أنه «من دون ذلك فلن نتمكن أبدا من بسط الاستقرار في ليبيا».
من جهته، لفت وزير الخارجية الإيطالي، أنجيلينو ألفانو، الذي أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره الفرنسي جان إيف لودريان، إلى أهمية أن يعقب اتفاق باريس بين حفتر والسراج «وقائع وأحداث ملموسة»، تقاس من جانب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومن طرف الشعب الليبي نفسه. ونقلت عنه وكالة «آكي» الإيطالية أنه «من الضروري ضمان أقصى قدر من الدعم للممثل الخاص الجديد للأمين العام للأمم المتحدة، غسان سلامة». وأوضح ألفانو أنه شرح لنظيره الفرنسي قرار بلاده الاستجابة لطلب حكومة السراج الحصول على مزيد من الدعم للبحرية الليبية العاملة في مجال مكافحة تهريب المهاجرين. ومن المنتظر أن يصوّت البرلمان الإيطالي اليوم على قرار الحكومة الإيطالية بإرسال بوارج إلى سواحل ليبيا الإقليمية. وكان السراج قد قال إن طلبه الحصول على المساعدة الإيطالية لا يتعارض مع مبدأ السيادة الوطنية.
وفي القاهرة، انطلقت أمس للمرة الأولى محادثات ترعاها اللجنة المصرية الرسمية المكلفة بملف الأزمة الليبية، بين ممثلين عن مدينتي مصراتة في غرب البلاد وبنغازي في شرقها. وبدأ وفد من مصراتة يضم 28 مسؤولاً زيارة للعاصمة المصرية بدعوة رسمية من اللجنة التي يرأسها رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمود حجازي رئيس اللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي.
وبعيداً عن وسائل الإعلام، سيجتمع ممثلو بنغازي ومصراتة برعاية مصرية لمدة ثلاثة أيام على أمل التوصل إلى نقاط اتفاق تنهي الاحتقان السياسي بين الطرفين.
وعقدت لجنة حجازي سلسلة من الاجتماعات على مدى الأشهر القليلة الماضية بين مختلف طوائف الشعب الليبي لتسهيل الاتفاق على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بحلول الربيع المقبل، في مسعى لإنهاء الأزمة التي تعرفها ليبيا منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.



المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
TT

المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)

تبحث أميرة الطويل في صيدليات قطاع غزة عن حليب لإطعام طفلها يوسف، الذي يحتاج إلى علاج وغذاء، لكن كل محاولاتها لتأمينه باءت بالفشل. يستلقي يوسف بجسده النحيل على السرير في مستشفى الأقصى في دير البلح وقد ربطت رجله بحقن وريدية.

تقول الطويل لوكالة الصحافة الفرنسية: «يوسف يحتاج إلى علاج وغذاء جيد، الحليب غير متوفر نهائياً». وتضيف الأم: «أُطعمه حالياً بعض القمح، لكن لا حليب. هذا ما يجعله يعاني من الانتفاخ، طلبوا مني أن أجري له فحصاً لحساسية القمح».

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 32 شخصاً بسبب سوء التغذية.

وقالت «منظمة الصحة العالمية»، السبت، إن أكثر من 4 من أصل 5 أطفال أمضوا يوماً كاملاً من دون تناول الطعام مرة واحدة على الأقل خلال 3 أيام.

وقالت المتحدثة باسم «منظمة الصحة العالمية» مارغريت هاريس، في بيان، إن «الأطفال يتضورون جوعاً».

وبحسب منظمات الإغاثة، فإن ارتفاع معدلات سوء التغذية بين أطفال غزة دون الخامسة سببه عدم وصول المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة إلى من يحتاجون إليها.

إغلاق المعابر

بدأت الحرب في قطاع غزة مع شنّ «حماس» هجوماً غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر تسبّب بمقتل 1189 شخصاً، معظمهم مدنيون.

وردّت إسرائيل متوعدة بـ«القضاء» على «حماس»، وهي تشنّ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة، تترافق مع عمليات برية، ما تسبب بسقوط 36439 قتيلاً، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

بعد فحص أجراه مكتب «الأمم المتحدة» لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لأكثر من 93400 طفل دون الخامسة في غزة للتأكد من سوء التغذية، خلصت النتائج إلى أن 7280 منهم يعانون سوء تغذية حاداً.

وينتشر سوء التغذية في شمال قطاع غزة بشكل خاص حيث لم يتلقَّ من بقوا هناك من السكان سوى قليل من المساعدات في الأشهر الأولى من الحرب.

في الأسابيع الأخيرة تم تحويل جزء كبير من المساعدات الغذائية عبر المعابر، وذلك بعد تحذيرات من مجاعة وشيكة.

أما الطفل سيف فقد بدا منهكاً للغاية وبالكاد يستطيع التنفس.

وتقول والدته نهى الخالدي: «طوال الليل وهو يتألم ويعاني المغص والانتفاخ، تم تأجيل العملية التي كانت مقررة له، وهذا يمكن أن يسبب له انفجاراً في الأمعاء».

وتضيف الأم: «نعتمد على ما يأتي من مساعدات لإعطاء الأولاد، وهذا يؤثر كثيراً على صحتهم لأنهم اعتادوا على حليب يتناسب مع أجسادهم».

لكنها تتدارك وهي تحاول حبس دموعها «لا يتوفر أي نوع حليب في الأسواق».

ويؤكد طبيب الأطفال في مستشفى الأقصى، حازم مصطفى، أن إغلاق إسرائيل للمعابر أدى إلى تفاقم الوضع.

ويعدّ معبر رفح المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات إلى قطاع غزة من مصر، قبل أن تقوم إسرائيل في 7 مايو (أيار) المنصرم بعملية برية وتسيطر على المعبر الحدودي.

ومنذ ذلك الوقت، لم تسمح إسرائيل بدخول أي مساعدات إلى قطاع غزة، كما لم يتمكن أي من الجرحى والمرضى من الخروج للعلاج.

ويقول الطبيب مصطفى، وخلفه على شاشة الحاسوب صورة أشعة لقفص صدري لأحد المرضى، إن الأخير يعاني «ضعفاً شديداً في جسمه وسوء نمو بسبب منع الاحتلال دخول الأغذية، وخصوصاً الحليب للأطفال».

ويطالب بـ«إدخال كميات وافرة من الحليب حتى تتمكن الأمهات من إعطاء أطفالهن الغذاء المناسب ليكونوا بصحة جيدة».