«دولة القانون» تفوز في أهم معاقل التيار الصدري جنوب العراق

معادلة الرقم «أربعة» الأبرز في نتائج انتخابات محافظة ذي قار

«دولة القانون» تفوز في أهم معاقل التيار الصدري جنوب العراق
TT

«دولة القانون» تفوز في أهم معاقل التيار الصدري جنوب العراق

«دولة القانون» تفوز في أهم معاقل التيار الصدري جنوب العراق

مع قرب إعلان نتائج الانتخابات العراقية لمجلس النواب المقبل، بدت الصورة في جنوب العراق وخصوصا محافظتي ذي قار وميسان مختلفة عن سابقاتها، حيث بينت التسريبات فوز دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي على منافسيه وخصوصا تيار الأحرار بزعامة السيد مقتدى الصدر في أهم معاقل الأخير (مدينة العمارة)، فيما شهدت مدينة الناصرية، بروز الرقم «أربعة» واضحا «رابع أكبر محافظة بحسب عدد المقاعد البرلمانية، وأربعة برلمانيين وثمانية أعضاء من مجلس المحافظة السابق والحالي إلى مجلس النواب المقبل».
وفي الوقت الذي أكد فيه مراقبون أن خسارة كتلة مقتدى الصدر لحساب كتلة المالكي في مدينة العمارة جاءت بسبب سوء التخطيط من الأولى بعد أن قرر عدم مشاركة محافظ ميسان (علي دواي) الأكثر شعبية في المدينة، الأمر الذي أثر على نتائجه، فيما بين آخرون أن محافظة ذي قار شهدت أشد المنافسات بين المرشحين لقوتهم من جهة وأهمية المحافظة لأنها رابع أكبر محافظة عراقية بعدد المقاعد الانتخابية بـ«19» مقعدا.
وقال الكاتب السياسي الميساني أحمد الفرطوسي لـ«الشرق الأوسط»، إن: «النتائج الأولية للانتخابات في محافظة ميسان تبدو مثيرة للاستغراب لدى أغلب المراقبين وخصوصا بعد تفوق ائتلاف دولة القانون بأربعة مقاعد على تيار الأحرار والذي حصل على ثلاثة مقاعد رغم أن مدينة العمارة هي المعقل الرئيس للتيار الصدري وهذه النتائج تعتبر صدمة كبيرة».
وأضاف أن «الخطأ - وبحسب اعتقادي - الذي ارتكبه التيار الصدري هو عدم السماح لمحافظ ميسان علي دواي أو كما هو معروف بـ(خادم ميسان) للمشاركة في الانتخابات، رغم أنه حصل في انتخابات مجالس المحافظات قبل عام على أعلى الأصوات في المحافظة»، مبينا أن «بهذا الأمر ضيعوا من أيديهم الأصوات غير المتحزبة والتي تحب من يعمل كمحافظ ميسان لتذهب لدولة القانون التي استغلت الكثير من الأمور وأبرزها المال السياسي وتوزيع قطع الأراضي للفقراء».
يذكر أن عدد المرشحين عن محافظة ميسان بلغ 206 يمثلون 14 كيانا تتوزع بين ثمانية ائتلافات وستة كيانات سياسية فيما يبلغ عدد مقاعد المحافظة عشرة مقاعد، منها ثلاثة للنساء من مجموع المرشحات البالغ عددهن 51 امرأة من مختلف الكيانات السياسية.
وفي محافظة ذي قار، بدا الأمر أكثر اختلافا، حيث برز الرقم «أربعة»، وكان حاضرا بقوة في حسابات الانتخابات، حيث المحافظة التي تعد رابع أكبر محافظة عراقية بحسب عدد المقاعد بعد كل من بغداد والموصل والبصرة بـ«19» مقعدا، فيما بينت النتائج الأولية فوز أربعة برلمانيين وثمانية أعضاء من مجلس المحافظة السابق والحالي في الانتخابات وذهابهم إلى مجلس النواب المقبل.
وقال محافظ ذي قار يحيى الناصري، إن: «محافظة ذي قار لها أهمية كبيرة وخصوصا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة من جهة قوى التنافس والشخوص حيث تعد رابع أكبر محافظة عراقية في عدد المقاعد والبالغة 19 مقعدا».
وأضاف أن «المدينة شهدت التنافس وبأعداد كبيرة من قبل المرشحين وأسماء بعضهم ووزراء حاليين وسابقين وأعضاء مجلس نواب لهم ثقلهم وكل هذا بسبب عدد المقاعد التي سوف تؤثر في المعادلة السياسية».
من جهته، قال الكاتب والصحافي حيدر حسن، إن: «ذي قار لم يكن التغيير بها واضحا وخصوصا بعد أن لجأت أكبر الكتل البرلمانية للزج بأقوى مرشحيها في الانتخابات البرلمانية».
وأضاف أن «المفارقة كانت بالرقم أربعة؛ حيث - وبحسب النتائج المسربة - هناك أربعة برلمانيين وثمانية أعضاء من مجلس المحافظة السابق والحالي فازوا وذهبوا إلى مجلس النواب المقبل».
وتابع أن «صادق الركابي وعادل فهد وخالد الأسدي وأمل عطية فازوا للمرة الثانية وهم أعضاء في الدورة السابقة، فيما فاز أيضا حسين العواد ورزاق محيبس وأحمد طه ووافق ناصر من مجلس المحافظة السابق، فيما فاز أيضا أعضاء حاليون في مجلس المحافظة وهم هلال السهلاني وعبد الهادي موحان ومنى الغرابي ونوال جمعة، فيما فاز أيضا وزير العدل حسن الشمري ومحافظ ذي قار الأسبق عزيز كاظم وهذا خير دليل لعدم وجود أي تغيير وإنما أناس جرى تجديد الثقة بهم مجددا».
يذكر أن عدد الكيانات والائتلافات في محافظة ذي قار بلغ 23 كيانا وعدد المرشحين 673 بينهم أكثر من 190 امرأة وتنافسوا على 19 مقعدا.



مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

صعّدت مصر في نزاعها مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة» على نهر النيل، مجددة شكواها إلى مجلس الأمن الدولي، ضد ما وصفته بـ«السياسات الأحادية» لأديس أبابا، والتي اعتبرتها «تهدد استقرار الإقليم».

ومصر وإثيوبيا على خلاف منذ سنوات بسبب السد، الذي تبنيه إثيوبيا منذ عام 2011 بداعي توليد الطاقة الكهرومائية على النيل الأزرق (الرافد الأساسي لنهر النيل) بالقرب من الحدود مع السودان.

ووجّه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي حول المرحلة الخامسة من ملء «سد النهضة»، والتي بدأت في يوليو (تموز) الماضي.

وشدد الخطاب على «رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي»، والتي اعتبرها «تُشكل خرقاً صريحاً لاتفاق (إعلان المبادئ) الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر (أيلول) 2021».

وأضاف الخطاب أن «تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية، وتمثل استمراراً للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم الذي تطمح أغلب دوله لتعزيز التعاون والتكامل فيما بينها، بدلاً من زرع بذور الفتن والاختلافات بين شعوب تربطها وشائج الأخوة والمصير المشترك».

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، الاثنين الماضي، أن «بناء (سد النهضة) سينتهي بشكل كامل بحلول شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وكشف في مقابلة مع التلفزيون الإثيوبي من موقع السد، أن إجمالي المياه المحتجزة في بحيرة السد بلغ «62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن يصل في ديسمبر المقبل إلى ما بين 70 و71 مليار متر مكعب من إجمالي السعة الكلية للسد؛ 74 مليار متر مكعب.

وتطالب مصر ومعها السودان بـ«اتفاق قانوني ملزم» ينظم عمليتَي الملء والتشغيل، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي تخاطب مصر فيها مجلس الأمن بشأن نزاع «سد النهضة»؛ فقد سبق أن قدمت شكوى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقب انتهاء إثيوبيا من الملء الرابع للسد. كما اعتمد مجلس الأمن في سبتمبر عام 2021، بياناً رئاسياً دعا فيه أطراف «سد النهضة» إلى استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي.

جانب من آخر جولة مفاوضات بين وزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا العام الماضي (وزارة الموارد المائية المصرية)

واعتبر أستاذ القانون الدولي المصري الدكتور محمد محمود مهران، لجوء مصر إلى مجلس الأمن «خطوة ضرورية»، مطالباً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» المجلس بـ«أن يتحرك لاتخاذ قرار حاسم بعد أن فشل البيان الرئاسي الصادر في سبتمبر 2021 في الوصول إلى تسوية ودية».

وأكد مهران ضرورة «أن يتدخل مجلس الأمن بقرارات جدية، تفرض عقوبات على إثيوبيا وفق القانون الدولي»، داعياً مصر إلى «المزيد من الضغط الدبلوماسي في المحافل الدولية، مع إمكانية اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وطرح تصويت على قرار يؤكد الانتهاكات الإثيوبية لحقوق مصر والسودان، كما يمكن طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن شرعية التصرفات الأحادية لإثيوبيا».

وفشلت آخر جولة تفاوض بين مصر والسودان وإثيوبيا في الوصول إلى حل في ديسمبر الماضي.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب تصاعد التوترات السياسية بين مصر وإثيوبيا على خلفية إرسال مصر معدات ووفوداً عسكرية إلى الصومال للمشاركة في بعثة الدعم التابعة للاتحاد الأفريقي، التي من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية بحلول يناير (كانون الثاني) 2025.

وأعربت إثيوبيا عن «قلقها» إزاء انتقال بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إلى بعثة جديدة لدعم السلام، وعدّ متحدث الخارجية الإثيوبية، نبيو تاديلي، أن هذه الخطوة «تشكل مخاطر على المنطقة»، وأكدت أديس أبابا أنها «لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي».

وفي خطابه لمجلس الأمن أكد وزير الخارجية المصري أن «السياسات الإثيوبية غير القانونية سيكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتَي المَصبّ مصر والسودان»، موضحاً أنه «بالرغم من أن ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة، وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية، قد أسهما في التعامل مع الآثار السلبية للتصرفات الأحادية لـ(سد النهضة) في السنوات الماضية»، فإن «مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كافة التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه».

وتوقعت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، أن يتفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر بشكل أكثر جدية من مجرد بيان، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر يجب أن يتزامن مع ترتيبات إقليمية ودولية؛ إذ يوجد بالوقت الراهن متغيرات دولية وإقليمية غيرت معادلة وموازين القوى بالمنطقة، مثل توترات البحر الأحمر، وهو ما يوفر لمصر فرصة للتحرك لحشد التأييد لإلزام إثيوبيا بتوقيع اتفاق ملزم».

وأشارت الطويل إلى أنه «من بين المتغيرات الإقليمية التي تعزز موقف مصر، أن الرهان على الدور الإثيوبي كلاعب إقليمي ضعف كثيراً، هذا بجانب مشكلات أديس أبابا الداخلية، وما يمكن اعتباره فشل المشروع السياسي لآبي أحمد»، حسب وصفها.

وبشأن إمكانية استئناف مفاوضات «سد النهضة»، يرى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، أن «بعض التفاصيل الفنية لم تعد مطروحة للتفاوض بسبب اكتمال بناء السد، مثل التصميمات الهندسية للإنشاءات، ودراسات عوامل الأمان».

وقال شراقي لـ«الشرق الأوسط» إنه في حال تم الاتفاق على عودة المفاوضات، فإن أبرز ما يجب أن يُطرح هو «الاتفاق على قواعد محددة للتشغيل والملء المتكرر كل عام، ووضع آلية لفض المنازعات؛ بمعنى أنه إذا حدث خلاف بعد توقيع اتفاق ملزم يجب أن توضع قواعد للتعامل مع ذلك، كما يجب الاتفاق على قواعد تتعلق بأمان السد، مثلاً يجب أن تلتزم أديس أبابا بعدم تخزين كميات كبيرة قد تؤدي لانهيار السد».