واشنطن تحمل مستوطنات إسرائيل مسؤولية تخريب المفاوضات

أوباما مستاء لفشل محاولته الثانية في عملية السلام

ارشيفية
ارشيفية
TT

واشنطن تحمل مستوطنات إسرائيل مسؤولية تخريب المفاوضات

ارشيفية
ارشيفية

بعد أسبوع من انهيار مباحثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، أدلى دبلوماسيون أميركيون رفيعو المستوى بحديث إلى صحافي إسرائيلي بارز، صرحوا فيه بأن سعي إسرائيل العدائي لبناء مستوطنات يهودية جديدة تسبب في تخريب المفاوضات.
وعلى الرغم من عدم الإفصاح عن هوية هؤلاء المسؤولين، فإنه يُفترض، على نطاق واسع، أن أحدهم هو مارتين إنديك، مبعوث إدارة أوباما لعملية السلام. وقد يكون أيضا الرئيس أوباما نفسه، وفقا لتصريحات مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية، حيث إن البيت الأبيض وافق على نشر الحوار والملاحظات الانتقادية تعكس بصدق آراء الرئيس شخصيا.
قرر أوباما، الذي ساءه فشل محاولته الثانية في التوسط لعقد اتفاق سلام، أن يحصل على راحة معلنة من عملية السلام في الشرق الأوسط. وأوضح المسؤول، أن القرار جاء «حتى يترك كلا الطرفين ليستوعبا أسباب الفشل الذي لحق بالمفاوضات، ويرى إن كانا سيعيدان التفكير».
وفي حين يعتقد الرئيس، أن هناك فرصة لمبادرة سلام بقيادة الولايات المتحدة قبل مغادرته المنصب، يقول المسؤول، إن الرئيس يعتزم الانتظار حتى يقدم الإسرائيليون والفلسطينيون أفكارهم إلى الولايات المتحدة حول كيفية إحياء العملية المتعثرة، في دائرة معتادة من انعدام الجدوى منذ أكثر من ثلاثة عقود.
يعني ذلك أنه من غير المرجح أن يضع أوباما مبادئ لحل الصراع، كما فعل في مايو (أيار) عام 2011، بعد فشل مساعيه الكبرى الأخيرة لإتمام اتفاق سلام. في الوقت ذاته، اقترح صيغة للتفاوض حول حدود دولة فلسطينية جديدة.
وقال أوباما علانية، إن كلا الطرفين يتحمل مسؤولية الانهيار الأخير، ولكنه يعتقد أن أهم العوامل كان ما نتج عن إصرار إسرائيل على الإعلان عن إقامة المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية من تسميم الأجواء وإفساد أي فرصة لحدوث انفراجة مع الفلسطينيين.
وصرح المسؤول الذي اشترط عدم ذكر اسمه، بسبب حساسية القضية قائلا: «في كل مرحلة كان هناك إعلان عن إقامة مستوطنات. وكان ذلك يضع العراقيل أمام تقدم العملية».
في الفترة الحالية، أصدر الرئيس أوباما توجيهاته إلى وزير الخارجية جون كيري بتحويل الاهتمام إلى المباحثات النووية مع إيران، والتي تتجه إلى مرحلة حاسمة، والأزمة في أوكرانيا، والتغيير الاستراتيجي الأميركي طويل الأجل تجاه آسيا، وهي السياسة التي اكتسبت أولوية بعد زيارة الرئيس الأخيرة إلى المنطقة.
في أثناء زيارة سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي، إلى إسرائيل أخيرا، ركزت المسؤولة الأميركية على العملية الدبلوماسية الخاصة بالشأن النووي، الذي يمثل أولوية للحكومة الإسرائيلية.
وأضاف المسؤول رفيع المستوى، أن البيت الأبيض لم يجر مراجعة لمساعيه في عملية السلام؛ نظرا لأن أسباب فشل العملية واضحة. وتريد الإدارة الأميركية أيضا، أن توضح لكلا الطرفين، أن «هناك بابا مفتوحا أمامهما». وأوضح المسؤول: «إنهما إذا أرادا العبور منه، فسوف نكون هناك لمساعدتهما».
يذكر أن ذلك ترك إنديك وفريق المفاوضات الصغير في وزارة الخارجية في حالة من الشك، وصرح مسؤولون بأنه من المرجح أن يعود إلى معهد بروكينغز، حيث كان يعمل نائبا للرئيس ومدير السياسات الخارجية، في الأسابيع المقبلة، ولكن من المحتمل أيضا أن يظل «مستعدا»، إذا ما جرى إحياء المباحثات.
أما بالنسبة لجون كيري، الذي جعل عملية السلام على رأس أجندته الدبلوماسية، فالسؤال هو: هل سيعلن عن إطار العمل الذي توصل إليه في فترة المباحثات التي استغرقت تسعة أشهر؟ يجيب المسؤول بأنه لم يُتخذ قرار في هذا الشأن حتى الآن.
وعقد كيري اجتماعا يوم الأربعاء الماضي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في لندن. وصرح مسؤولو وزارة الخارجية بأن الاجتماع لم يكن محاولة لإعادة البدء في المباحثات، ولكنه على سبيل التواصل، وذلك من أجل الحد من التوترات التي أثيرت منذ بدأت السلطة الفلسطينية مباحثات المصالحة مع حركة حماس المسلحة.
كما اجتمع كيري أيضا مع تسيبي ليفني، وزيرة العدل الإسرائيلية، التي قادت فريق المفاوضين الإسرائيليين، وكانت في لندن لحضور اجتماعات مع مسؤولين بريطانيين. ولكن يقول المسؤول الأميركي، إن وزير الخارجية لا يخطط لزيارة المنطقة، ويركز على القيام بزيارتين إلى آسيا في الصيف الحالي.
ودفعت مباحثات المصالحة الفلسطينية الإسرائيليين إلى تعليق مفاوضات السلام. ومنذ ذلك الحين يلقي كلا الطرفين باللوم على الآخر بسبب انهيار المفاوضات: يشير الفلسطينيون إلى المستوطنات، بينما يصر المسؤولون الإسرائيليون على أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قدم تنازلات كبيرة، ولكن عباس هو الذي أوقف العملية في الأساس.
من جانبه، يتفق البيت الأبيض مع تلك الانتقادات. وفي اجتماع جرى في شهر مارس (آذار) مع عباس في المكتب البيضاوي، حاول أوباما أن يقنعه بإطار العمل الذي يقدمه كيري. ولكن صرح مسؤلوون بأن الرئيس الفلسطيني لم يستجب، مفضلا تأكيد رفضه لطلب إسرائيل باعتراف الفلسطينيين بها كدولة يهودية.
وقال المسؤول أيضا: «كان الرئيس متشككا في الوصول إلى اتفاق بعد ذلك الاجتماع، وكان عباس أكثر اقتناعا باختيار المطالب العلنية بدلا من التركيز على التفاوض السري».
وفي خطاب ألقاه إنديك الأسبوع الماضي في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ميَّز بين الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو الذي قال إنه خاض مخاطر كبيرة. قال إنديك: «لقد تحرك وأبدى مرونة. وأعتقد أننا وصلنا به في نهاية تلك العملية إلى إمكانية إبرام اتفاق».
ولكن، وفقا لتصريحات إنديك، تعرض نتنياهو لعراقيل من أعضاء تحالفه الذين كانوا يضغطون من أجل إعلان إقامة المستوطنات، مما كان له «تأثير ضار للغاية».
أضاف إنديك، أن هذا التأثير الضار كان مقصودا، حيث إن «مشجعي عملية إقامة المستوطنات هم المعارضون بقوة للمفاوضات، حتى على الرغم من وجودهم داخل حكومة ملتزمة بإجراء المفاوضات».
ويتخذ هذا التحليل منحى التصريحات التي أدلى بها مسؤولون أميركيون إلى ناحوم بارنياع، مراسل صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية الذي يحظى بنسبة قراءة كبيرة، وكان لذلك الحوار أصداء في إسرائيل انتشرت منذ خطاب إنديك.
وأعرب مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى لم يذكر اسمه يوم الجمعة الماضي لوكالة «رويترز» عن استيائه من أن إنديك لم يقدم الكثير لتحقيق تقدم في المباحثات الإسرائيلية – الفلسطينية، وأنه يعاني من النفاق، حيث كان يعلم بأن إسرائيل ستستكمل إقامة المستوطنات أثناء المفاوضات.
وفي الرابع من مايو (أيار)، بعد يومين من نشر الحوار، اصطحب إنديك فريق عمله لمشاهدة «كامب ديفيد»، وهي مسرحية جديدة تتناول 13 يوما من المساعي الدبلوماسية المكثفة التي توسط فيها الرئيس جيمي كارتر ونتج عنها معاهدة كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر.
قال أحد الأفراد في فريق العمل، إنه من الغريب وجود أوجه تشابه بين تلك المفاوضات والمباحثات التي انتهت للتو، مضيفا: «تتغير الشخصيات، ولكن لا تتغير القضايا».
* خدمة «نيويورك تايمز»



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.