فشل جديد في مسار «جنيف» : النظام يتمسك بأولوية «الإرهاب» والمعارضة تنشغل بتوحيد صفوفها

دي ميستورا لدى وصوله إلى مقر استضافة المفاوضات السورية في جنيف أمس (أ. ب)
دي ميستورا لدى وصوله إلى مقر استضافة المفاوضات السورية في جنيف أمس (أ. ب)
TT

فشل جديد في مسار «جنيف» : النظام يتمسك بأولوية «الإرهاب» والمعارضة تنشغل بتوحيد صفوفها

دي ميستورا لدى وصوله إلى مقر استضافة المفاوضات السورية في جنيف أمس (أ. ب)
دي ميستورا لدى وصوله إلى مقر استضافة المفاوضات السورية في جنيف أمس (أ. ب)

فشلت الجولة السابعة من مفاوضات جنيف في تحقيق أي خرق يُذكر في مسار الحل السياسي، تماماً كما فشلت قبلها الجولة الأخيرة من محادثات آستانة في التوصل إلى خطة لتحديد أربع مناطق «خفض تصعيد» وتقرير من سيتولى مهمة حفظ الأمن فيها، بما بدا رضوخاً لمرجعية الثنائي الأميركي – الروسي بتقرير مصير الأزمة في سوريا، خاصة بعد نجاح الاتفاق الأخير بينهما فيما يتعلق بالهدنة في المنطقة الجنوبية.
وفيما أعلن وفد المعارضة في اختتام «جنيف 7» أمس أن «المفاوضات لا تتقدم كما نريد ونرغب، وتستمر دون ثمرة تذكر؛ لأن النظام وحلفاءه وداعميه يعرقلون استمرارها ونجاحها لرفضهم الحل السياسي»، نفى رئيس وفد النظام بشار الجعفري التوصل إلى أي اتفاق لعقد مفاوضات مباشرة مع المعارضة، وقال إن وفده ركز في المباحثات على موضوع مكافحة «الإرهاب» واجتماعات الخبراء القانونيين والدستوريين. ولفت إلى أن محادثات هؤلاء الخبراء تطرقت بشكل رئيسي للمبادئ ذات الصلة بالعملية الدستورية التي وردت بورقة المبادئ الأساسية للحل السياسي، وتعرف بورقة «12 نقطة». وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا قد قدم في جولات سابقة ورقة غير رسمية «تتضمن 12 نقطة حول أسس الحل السياسي في سوريا، تستند إلى القرار الأممي رقم 2254، والمرجعيات الدولية».
ونقلت مرح البقاعي، مستشارة «الهيئة العليا للمفاوضات» في ملفي الأمن ومكافحة الإرهاب وعضو وفد المعارضة في جنيف، عن المبعوثين الفرنسي والبريطاني شعوراً بـ«الإحباط» من بطء العملية السياسية والمراوحة التي تشهدها، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «إحباط المعارضة كان أكبر، وخاصة بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي عن الملف السوري، والتي بدا من خلالها أكثر تطرفاً من مارين لوبان». وأضافت: «نحن كمعارضة قدمنا كل الأوراق التي طُلبت منا وآخرها يوم أمس، ملف مكافحة الإرهاب وبناء الثقة وملف الإعلان الدستوري، لكننا للأسف لم نلق التجاوب المطلوب من قبل دي ميستورا الذي لم يتلق على ما يبدو بعد الإشارات المطلوبة لتفعيل مهمته».
واتهمت «الهيئة العليا للمفاوضات» في بيان، المجتمع الدولي والأمم المتحدة بعدم القيام بـ«الضغط اللازم على النظام للانخراط بجدية في العملية السياسية»، مجددة تمسكها بـ«رحيل بشار الأسد وزمرته، ورفض أن يكون له أي دور في المرحلة الانتقالية وفي مستقبل البلاد»، مشددة على أن «القتلة والمجرمين يذهبون إلى مكانهم الطبيعي تحت قوس العدالة».
وقال رئيس وفد المعارضة إلى جنيف نصر الحريري، في مؤتمر صحافي في اختتام الجولة السابعة أمس: «لنكن صريحين، النظام السوري يرفض الدخول الجدي في المفاوضات، ونحن نسعى إلى التقدم عبر الجانبين التقني والعسكري»، معتبراً أن «الطرف الآخر دائماً يستخدم الإرهاب لتخطي عملية الانتقال السياسي، والحقيقة أننا نحن من نحارب الإرهاب».
وكان المنسق العام لـ«الهيئة العليا للمفاوضات» رياض حجاب، الذي التقى أيضاً أمس في جنيف دي ميستورا، اعتبر خلال اجتماعه ببعثة الهيئة، أن العملية السياسية تسير ببطء شديد، مرجعاً السبب إلى عدم رغبة النظام وحلفائه في الوصول إلى الحل السياسي، وسعيهم إلى سد كافة الطرق المؤدية إلى ذلك. وأكد حجاب تمسك الهيئة بالعملية السياسية، على الرغم من تقدمها البطيء، مشدداً على أن التركيز هو على «الحل السياسي وإنجازه وانتقال السلطة المنظم بهدف منع الفوضى أو تقسيم البلاد أو إقامة مناطق نفوذ دولية». وتابع حديثه قائلاً: «نريد لبلادنا أن يكون فيها قانون عادل، ومواطنة متساوية، وديمقراطية ناجزة».
ولعل الخرق الوحيد الذي تم تسجيله في هذه الجولة من مفاوضات جنيف، وإن كان قد أتى من خارج السياق، هو التقارب الذي سُجل بين وفود المعارضة الثلاثة المتمثلة في وفد الهيئة العليا، ومنصة القاهرة، ومنصة موسكو. وفي هذا السياق، أكدت الهيئة أن «الحوار مع زملائنا السوريين في منصتي القاهرة وموسكو سيجري بعيداً عن الأمم المتحدة وخارج جولات التفاوض الرسمية، بهدف استكشاف إمكانية العمل المشترك في وفد موحد مستقبلاً».
وقال مصدر معارض في جنيف لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتفاق لتوحيد صفوف المعارضة لم ينجز، وهو أصلاً لا يمكن أن يتم في ليلة وضحاها، كاشفاً أن البند الأساسي الذي لا يزال يؤخر التفاهم هو مستقبل الحكم في سوريا وموضوع الانتقال السياسي. وأضاف المصدر: «عدم التوصل لاتفاق خلال الأسبوع الماضي لا يعني أننا استسلمنا. سنواصل اجتماعاتنا خارج إطار جنيف، عسى أن نتوصل إلى التفاهم المنشود قبل مفاوضات (جنيف 8)».
ولم يستغرب المتابعون عن كثب للحركة الدولية بخصوص سوريا «فشل (جنيف 7)» بعد فشل اجتماعات آستانة مطلع الشهر. واعتبر سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة أنه «طالما الأرضية التي تنتج الحل المطلوب غير متوافرة، والظروف الدولية لم تنضج بعد، فأي اجتماع يُعقد لن يكون منتجاً». وقال طبارة لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف الأميركي من الأزمة السورية لا يزال في بداياته ولم يتبلور تماماً بعد، وإن كان العنصر الأبرز فيه هو محاولة الضغط على روسيا لإبعاد إيران من الصورة، لاقتناع واشنطن بأن استمرار طهران بحركتها في سوريا ستكون نهايته حربا مذهبية». وأضاف: «لا يجب التعويل على أي مفاوضات إقليمية أو دولية، طالما ليس هناك اتفاق أميركي – روسي، ولو مبدئي، بخصوص سوريا».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.